المودَّةُ لأهلِ البيت (ع) بالالتزامِ بنهجِهم وخطِّهم
قال الله سبحانه في كتابه العزيز: {ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ}[الشورى: 23]. صدق الله العظيم.
المودَّةُ في القربى
نزلت هذه الآية على رسول الله (ص) لتدعوه إلى أن يعلن للمسلمين ما يريده من من أجر منهم، ليكون مقابل كلِّ ما قام به تجاههم، عندما أخرجهم من ظلمات الجهل والتخلّف والتَّشرذم والتفرّق، إلى أن أصبحوا أمَّة هي خيرٌ أمَّة أخرجت للنَّاس.. والأجر هو المودَّة في القربى..
إنَّ هذا الإعلان دعا ويدعونا إلى التَّساؤل، أيعقل أنَّ رسول الله (ص) الَّذي كان يتجاوز في دعوته كلَّ الحسابات العائليَّة والعشائريَّة، أن يعود إليها، فيدعو الناس إلى أن يودّوا أقرباءه فقط لأنَّهم أقرباؤه، وحتَّى لو كانوا على غير ما يدعو إليه؟!
فهذا لا ينسجم مع ما تحدَّث به عليّ (ع) عنه، وهو أقرب النَّاس إليه (ص)، وهو الذي قال: “إنَّ وليَّ محمَّد من أطاع الله وإن بعدَتْ لحمتُهُ، وإنَّ عدوَّ محمَّد من عصى الله وإن قربت قرابته”.
وقد رأيناه يتبرَّأ من أبي لهب وهو عمُّه، لأنَّه على الشِّرك، فيما قرَّب إليه سلمان الفارسي وهو من بلاد فارس، وقال (ص): “سلمان منَّا أهل البيت”…
وهو من كان يدعو إلى قوله سبحانه: {لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ}.. وكان (ص) يقول: “لا يمحض رجلٌ الإيمان بالله حتَّى يكون الله أحبَّ إليه من نفسه وأبيه وأمِّه وماله ومن النَّاس كلِّهم”.
لكن لم يكن ذلك هو ما أرادته الآية، فالنبيّ (ص)، إذاً، ما كان يدعو النَّاس إلى مودَّة أقربائه لأنهم أقرباؤه، بل لأولئك الَّذين تميَّزوا بصفاتٍ أهَّلتهم لأن يكونوا في موقع المودَّة، عندما اتَّصفوا بالخلق والدِّين والعلم والحلم والبذل والعطاء والتَّضحية والفداء، ممن اصطفاهم الله بأن طهَّرهم من الرِّجس، وفيهم نزلت الآية: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}، وممن أشار إليهم رسول الله (ص) أنَّهم صمَّام أمان من الوقوع في الفتن والضَّلال، فهم من قال عنهم رسول الله: “إني تارك فيكم ما إن تمسَّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً؛ كتاب الله، وعترتي أهل بيتي”.
الارتباطُ بنهجِ أهلِ البيت (ع)
أيُّها الأحبَّة؛ نحن مدعوّون إلى ما دعا إليه رسول الله (ص) من المودَّة لذوي القربى، هذه المودَّة التي جعلها الله سبحانه وتعالى فريضة وواجباً، فلا يمكن لإنسان أن ينتمي إلى رسول الله (ص) ولا يحمل المودَّة لهؤلاء، لكنَّ الطريق إلى ذلك لن يقف عند حدود إبداء العاطفة وإبداء المشاعر لهم، بل حدَّد الله عزَّ وجلَّ معنى المودَّة وبيَّنه وأشار إليه، عندما قال: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ…
وهذا ما حرص رسول الله (ص) وأهل البيت (ع) على أن يثبتوه، عندما كانوا يقولون لمحبّيهم: “أحبُّونا حبَّ الإسلام”. فحبّهم لن يكون كاملاً إلَّا بحبّ ما نهضوا له ودعوا إليه، وقد عبَّر عن ذلك الإمام الباقر (ع) بكلِّ وضوح لأحد أصحابه، وهو جابر، عندما قال: “أَيَكْتَفِي مَنِ انْتَحَلَ التَّشَيُّعَ أَنْ يَقُولَ بِحُبِّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ؟! فَوَاللَّهِ مَا شِيعَتُنَا إِلَّا مَنِ اتَّقَى اللَّهَ وَأَطَاعَهُ، وَمَا كَانُوا يُعْرَفُونَ إِلَّا بِالتَّوَاضُعِ، وَالتَّخَشُّعِ، وَالْأَمَانَةِ، وَكَثْرَةِ ذِكْرِ اللَّهِ، وَالصَّوْمِ، وَالصَّلَاةِ، وَالْبِرِّ بِالْوَالِدَيْنِ، وَالتَّعَاهُدِ لِلْجِيرَانِ مِنَ الْفُقَرَاءِ، وَأَهْلِ الْمَسْكَنَةِ وَالْغَارِمِينَ وَالْأَيْتَامِ، وَصِدْقِ الْحَدِيثِ، وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، وَكَفِّ الْأَلْسُنِ عَنِ النَّاسِ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ، وَكَانُوا أُمَنَاءَ عَشَائِرِهِمْ فِي الْأَشْيَاءِ”.
فقال عندها جابر: يا بن رسول الله، ما نعرف أحداً بهذه الصِّفة، فقالَ (ص): يا جابر، “لا تذهبنَّ بك المذاهب، حسبُ الرَّجل أن يقول أحبُّ عليَّاً وأتولَّاه ثمَّ لا يكون مع ذلك فعَّالاً؟ فلو قال: إني أحبّ رسول الله، فرسول الله خير من عليّ، ثمَّ لا يعمل بعلمه، ولا يتبع سنَّته، ما نفعه حبّه إيّاه شيئاً. فاتقوا الله، واعملوا لما عند الله، ليس بين الله وبين أحد قرابة، أحبّ العباد إلى الله وأكرمهم عليه أتقاهم له وأعملهم بطاعته، والله ما يتقرَّب إلى الله عزّ وجلّ إلَّا بالطاعة، ما معنا براءة من النَّار، ولا على الله لأحد من حجَّة، من كان لله مطيعاً فهو لنا وليّ، ومن كان لله عاصياً فهو لنا عدوّ، ولا تنال غداً ولايتنا إلَّا بالفضل والورع”…
فأهل البيت (ع) ما كانوا يريدون للنَّاس أن يرتبطوا بأشخاصهم، أو أن يحبّوهم لذواتهم، بقدر ما أراد لهم أن يرتبطوا بمبادئهم وسلوكهم وعبادتهم وجهادهم وحسن أخلاقهم، لأنَّهم كانوا تعبيراً حقيقيّاً عن الإسلام، وكانوا يرفضون منطق الَّذين كانوا يريدون الارتباط بهم والانتماء إليهم ومحبَّتهم بدون عمل. وهذا ما عبَّر عنه الإمام الصَّادق (ع) لأحد أصحابه الَّذين كانوا على ذلك: “ما أنصفتمونا أن كُلِّفْنا بالعملِ ورُفِعَ عنْكم”.
معنى المودَّة للحسين (ع)
وهذه المودَّة هي ما ينبغي أن نعبِّر عنها في علاقتنا بالحسين (ع)، نحن الَّذين عشنا أياماً وليالي مع هذه الذّكرى، وعبَّرنا عنها بمشاعرنا وعاطفتنا له.
فتعبيرنا عن المودَّة للحسين (ع) ولكلِّ الَّذين كانوا معه، لا يقف عند حدود ما قمنا به من لبس السَّواد وإقامة المجالس وذرف الدّموع والنّدب واللَّطم على الصّدور وتقديم الطّعام… كلّ ذلك جميل، لكن لا بدَّ أن نستكمل ذلك بأن نكون معنيّين بالعمل للأهداف الَّتي لأجلها قدَّموا الأثمان الغالية، بأن نحمل الأهداف الَّتي حملوها، والَّتي عبَّر عنها الحسين (ع) عندما قال: “إنِّي لم أخرجْ أشراً ولا بطراً، ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنَّما خرجت لطلب الإصلاح في أمَّة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر”، وقال: “من رأى سلطاناً جائراً، مستحلّاً لحرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنَّة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغر عليه بفعل ولا قول، كان حقّاً على الله أن يدخله مدخله”… “ألا إنَّ هؤلاء القوم، قد لزموا طاعة الشَّيطان، وتركوا طاعة الرَّحمن، وأظهروا الفساد، وعطَّلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلّوا حرام الله وحرَّموا حلاله”، وهو لذلك قال: “وأنا أحقُّ من غيَّر”..
أن لا نساوم ونجامل على حساب مبادئنا وديننا، وأن نقول كما قال (ع)، عندما يأتي من يساومنا على قرارنا الحرّ، وعلى الحقّ والعدل والقيم الأخلاقيَّة: “لا والله، لا أعطيكم بيدي إعطاء الذَّليل، ولا أقرّ لكم إقرار العبيد”…
فأن نودّ الحسين (ع)، هو أن نكون الآمرين بالمعروف والنَّاهين عن المنكر، والسَّاعين إلى الإصلاح ومواجهة الفساد والاستئثار بالمال العام، وأن نكون مع الحقّ والعدل، مهما بذلنا من تضحيات ودفعنا لأجله الأثمان، أن نكون الصَّادقين كصدق أصحاب الحسين الَّذين كانوا معه في كربلاء، وأوفياء كوفائهم، عندما لم يتخلّوا عن الحسين (ع) في تلك اللَّحظات الصَّعبة، رغم أنَّه أجاز لهم في ليلة عاشوراء أن يتركوه، بعدما بات واضحاً أنَّ المعركة ستشتعل، عندما قال: “هذا اللَّيل قد غشيكم فاتخذوه جملاً، وليأخذ كلّ رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي، وتفرّقوا في سواد هذا اللَّيل، وذروني وهؤلاء القوم، فإنَّهم لا يريدون غيري”، وكان الصوت فيهم واحداً: “لا أرانا الله ذلك أبداً، ولكن نفديك بأنفسنا وأموالنا وأهلينا، ونقاتل معك حتى ترد موردك”.
أيُّها الأحبَّة: إنَّنا أحوج ما نكون إلى أن نكون من أولئك الَّذين صدقوا في مودَّتهم، الَّذين يحوِّلون مودتهم إلى مواقف لإصلاح ما فسد من أمور الدّين، وعلى مستوى المجتمع والدولة، وبذلك نخلص لأهل البيت (ع) ونودّهم، ونكون كما قالوا لنا: “كونوا زيناً لنا، ولا تكونوا شيناً علينا”.
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الخطبة الثَّانية
عباد الله، أوصيكم بوصيَّة الإمام الحسين (ع) لولده الإمام زين العابدين (ع) قبل استشهاده، وهي وصيَّته لنا جميعاً: “يا بنيّ، إيَّاك وظلم من لا يجد عليك ناصراً إلَّا الله”.
لقد أراد الإمام الحسين (ع) بوصيَّته أن لا يستغلَّ أحد، فرداً كان أو جماعة، قوَّته وموقعه والصلاحيات الَّتي تعطى له، لظلم من هم دونه في القوَّة أو الموقع أو المرتبة أو الصلاحيَّة، فلا يظلم الرَّئيس مرؤوسه، ولا المدير موظَّفيه، ولا ربّ العمل عمَّاله، والمعلِّم طلَّابه، ولا الزوج زوجته، ولا الأب أولاده، فهذا من أفحش الظّلم وأفظعه موقفاً، عندما يقف الإنسان بين يدي ربِّه، ولن يكون بمنأى من العقاب عنده، فهو وعد بأن يكون نصير المضطهدين والمعذَّبين والمظلومين.
وبالأخذ بهذه الوصيَّة، نعبِّر عن حبّنا وولائنا وعشقنا للحسين (ع)، وبذلك نبني مجتمعاً لا يُظلَم فيه أحد لضعفه أو لقلَّة قدراته وإمكاناته، ولا من لا يستند إلى ظهر يحميه، ونكون بالتَّالي بعين الله، وأقدر على مواجهة التحديات…
تعنُّتُ العدوِّ في المفاوضات
والبداية من غزَّة الَّتي دخلت الحرب عليها شهرها العاشر، من دون أن تبدو في الأفق بوادر لنجاح المفاوضات الَّتي تجري في الدوحة، رغم المرونة الَّتي أبداها ولا يزال يبديها المفاوض الفلسطيني، وذلك بفعل إصرار رئيس وزراء الكيان الصهيوني على المماطلة فيها، وهو يريد أن تكون بشروطه، ولتحقيق أهدافه وأهداف كيانه في هذه الحرب، والَّذي بات من الواضح مدى التّداعيات التي قد يؤدِّي إليها استمرار تعنته والَّتي لم تعد تقف عند حدود غزَّة، بل قد يتعدَّى ذلك إلى المنطقة كلِّها، وإلى حرب غير محسوبة…
في هذا الوقت، يتابع الشَّعب الفلسطينيّ، ومعه كلّ الَّذين يساندونه في معركته هذه، دوره في التصدي لهذا الكيان الذي يمارس كلَّ ألوان التدمير والتجويع والتعطيش لتحقيق أهدافه، ولكن من دون جدوى، ويشهد على ذلك حال الاستنزاف الَّتي يعانيها جيش الاحتلال في جنوده وآليَّاته، مما بات يعترف به قادته، وما أدَّى إليه من انقسامات عميقة داخل هذا الكيان.
إنَّنا نشعر بالاعتزاز بصمود هذا الشَّعب والتَّضحيات التي يقدِّمها في هذه المرحلة، والتي جعلت منه أيقونة في هذا العالم، وأنموذجاً يقتدى به، وقوَّة لا لفلسطين، بل للعالم العربي والإسلامي.
ونحيّي كلَّ الَّذين لم يتركوا هذا الشَّعب وحيداً في معركته، انطلاقاً من حسّهم القوميّ والدّيني والإنساني، رغم وعيهم بحجم التَّضحيات الَّتي يبذلونها، وها هم يربكون مخطَّطات هذا العدوّ، ويهدّدون أكبر مستوطناته ومعسكراته، ما سيجعل هذا العدوَّ عاجلاً أو آجلاً يعيد النَّظر في حساباته والاستمرار في جرائمه.
رفضٌ صهيونيٌّ للدّولة الفلسطينيّة
ونتوقَّف عند القرار الَّذي صدر أخيراً من الكنيست، والذي تمَّ بتوافق الدولة والمعارضة برفض الدولة الفلسطينيَّة بالحدود التي يتمّ الحديث عنها، أي ضمن نطاق 1967، والّذي – بالطّبع – لا يحقِّق طموح الشعب الفلسطيني ولا يعيد حقوقه، وفي حسابات العدوّ، أنَّ حقَّ العودة مرفوض، والخيار أمام هذا الشَّعب في نظر الكيان إمّا التَّهجير، أو أن يذوب في داخل كيانه، وفي ذلك ردّ على كلِّ الذين لا يزالون يراهنون على السَّلام مع هذا الكيان والتّطبيع معه مقابل إقامة دولة فلسطينيَّة، وإن لم يحصدوا من ذلك إلَّا الفشل، رغم ما قدَّموه من تنازلات كبرى للعدوّ… وهذا الموقف الصهيوني يأتي ليؤكِّد ما بات واضحاً، أن لا خيار مع هذا العدوّ إلَّا بمقاومته، والَّتي هي اللّغة الّتي يفهمها ويجعله يعيد إلى الشَّعب الفلسطيني حقوقه.
ومن هنا، فإنَّنا نجدِّد دعوتنا للفصائل والقوى والشخصيَّات داخل الساحة الفلسطينيَّة إلى الوقوف صفّاً واحداً في وجه ما يتهدَّدهم، والَّذي كان ولا يزال يتهدَّدهم جميعاً، فالعدوّ الصّهيوني لا يفرِّق بين فصيل وآخر، أو بين رام الله وغزَّة والضفة الغربيَّة وغيرها، هو يريد الإجهاز على القضيّة الفلسطينيّة برمّتها.
إنَّ من المؤسف أن نشهد من الداخل الفلسطيني من لا يزال يراهن على السَّلام مع هذا العدوّ وتبادل الصفقات معه، أو من يوجِّه سهامه إلى الفصائل المقاومة فيه بدلاً من أن يقف معها في مواجهة العدوّ الصّهيوني الّذي يبقى هو السَّبب في ما جرى وما يجري.
تصاعدُ العدوانِ على لبنانَ
ونصل إلى لبنان الَّذي يتصاعد فيه العدوان الصّهيوني على القرى الحدوديَّة، ويواصل سياسة الاغتيالات لقادة المقاومة ورموزها في كلِّ مواقعهم، ويتمادى في استهداف المدنيّين، في وقت تستمرّ المقاومة بأداء الدَّور الَّذي رسمته لنفسها تجاه الشَّعب الفلسطيني وردّ العدوان، والتَّعامل معه على قاعدة السّنّ بالسنّ والعين بالعين، وهي تقدِّم في كلِّ يوم درساً بأنَّ لبنان لن يكون لقمة مستساغة له، وأنَّ عليه أن يفكِّر طويلاً قبل أن يقدم على أيِّ مغامرة على هذا البلد، وهي جادَّة في ذلك.
إنَّنا نجدِّد دعوتنا للّبنانيّين بأن يعتزّوا بأنَّ هناك في هذا البلد من بات قادراً على ردع هذا العدوّ، ونحن ندعو إلى تعزيزها وعدم رمي السِّهام في اتجاهها، وإذا كان هناك من اختلاف في وجهات النَّظر حول ما يجري، فلنوفِّر المناخ المناسب للحوار حولها والأطر المناسبة له، حتى لا يستفيد العدوّ من أيّ ثغرة داخليَّة تساعده على المسّ بسيادة هذا البلد والاعتداء عليه.
وفي الوقت نفسه، ندعو مختلف القوى السياسيَّة إلى أن تتخفَّف من الشّروط والشّروط المضادَّة، والبدء بحوار بات ضروريّاً لإزالة الهواجس، والتَّقريب بين المواقف، للوصول لانتخاب رئيس للجمهوريَّة، وإبعاد شبح الانهيار الكبير الَّذي نشهده على كلِّ الصّعد، والكفّ عن الرّهان غير الواقعيّ على تطوّرات خارجيَّة، ليكون الرّهان على وحدة اللّبنانيّين وتعاونهم للخروج من الأزمة.
***
