النفس اللوامة

ألقى سماحة العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:

 

الخطبة الأولى

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}، صدق الله العظيم.

 

التلاوم بين الناس أمر طبيعي بل هو ضروري ليفهم بعضهم بعضاً وهو يرتبط بالنظام الإجتماعي . فعندما يلوم أحد منا شخصاً آخر فهو يحكم على أعماله الخارجية ،كونه لأنه ببساطة لا يعلم  نواياه ودوافعه و بواطنه،  لذا هو يسأله و يستوضح منه هذه المسألة أو تلك، وقد يتفقان أو يختلفان بعد الأخذ والعطاء والشرح ..واللوم هنا كما ذكرنا أمرٌ طبيعي.

 

ولكن عندما يرتكب أي منا خطأ أو ذنباً بحق نفسه أو بحق الآخرين، فعند كل منا صوت داخلي يلومنا على ما فعلنا، ومن هنا كان تعبير "الشعور بالذنب". هذا الشعور الطبيعي لدينا، هو عندنا منذ الصغر، يخبو أحيانا، و يقوى أحيانا أخرى. و لعل هذا الصوت هو نفسه ذاك الذي يدفعنا إلى التفكر و الى تنمية  الآداب و الفنون والى التطوير والابداع.

 

ولكن ما هو هذا الصوت.. هل هي نفسنا التي تلومنا؟

 وإن كانت جزءاً منا فلم تلومنا؟ ما طبيعتها، وكيف  أنها في لحظات تنفصل عنا، وتشكل رقيباً عتيداً علينا؟

 

وللجواب علينا ان نفصل بالعودة الى الآيات التي تلوناها وبدأنا بها خطبتنا، والتي تتناول خلق الانسان وتركيبته {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ}. الخ الآيات

 

وهنا للاشارة ..يحاول الكثير من الماديين أن يبنوا على التشابه التكويني للإنسان مع باقي الكائنات لينفوا عنه أي تميِّزٍ معتبرٍ – فالإنسان على الصعيد التكويني و الجيني ليس بدعاً فريداً من المخلوقات فخريطته الجينية  لها ما يماثلها بنسب تفوق ال95% و هو ليس أقوى المخلوقات و لا أسرعها و لا أرشقها.. نعم هو لا شك أذكى المخلوقات. ولكن حسب النظرية المادية، يبقى الانسان نتاج مادة الطبيعة الصماء مثله مثل باقي الحيوانات و من هنا ادعاء الماديين أن لا مكانة مميِّزة للإنسان.. ثم يقفزون قفزة أخرى لينفوا من خلال ذلك وجود الخالق الذي ميز الإنسان و كرَّمه.

 

والقرآن أيها الأحبة لم يأت يوماً ليقول إن الإنسان كائن من نور، أو أنه خلاف الطبيعة والمادة، بل أكد في العديد من المواضع أن الانسان من طين( ومن ماء مهين)( ومن حمأ مسنون وهو طين أسود).. إذاً فاعتبار الانسان مادة (من التراب) فهذا صحيح وليس بجديد ، أما سر الله في تكوين هذه المادة فهذا عنده  وخاص به وحده سبحانه : {صنع الله الذي أتقن كل شيء} ويريه للعلماء المتخصصين بعد تفكر في الافاق و في أنفسهم { سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق}

 

 

اذاً..هذا البعد المادي( نطفة وعلقة ومضغة وعظام ولحم) كل هذا يشترك فيه الانسان مع جميع الخلق، لكن ما يميِّز الإنسان ويجعله مكرماً، هو ما يشير اليه القرآن الكريم: {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آَخَرَ}.. هذا الخلق هو الروح التي أودعها الله سبحانه وتعالى في الانسان.. والتي أشار إليها في آية أخرى: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ}.. ومن هنا، يقال إنَّ الروح هي من مختصّات الإنسان ومميّزاته، فلا يقال عن بقية الكائنات الحية، كالحيوان، إن لها روحاً، بل يقال إن لها أنفساً.

 

إذاً، تركيبة الإنسان تتشكل من بعدين؛ البعد المادي والبعد الروحي، وهو ما جعل النفس الإنسانية نفساً مركّبة:

–  نَفْساً تنشدّ من خلال فطرتها و ارتباطها بالروح إلى السمو والكمال..

– ونَفْساً أخرى تنشدّ إلى مادتها المكوّنة من طين  ومما هو بمفهومنا أحقر من الطين وهو الحمأ المسنون .

 

ومن هذه الازدواجية ذاتها الناشئة داخل النفس، يدور الصراع الداخلي المحموم بين النفس الأمارة بالسوء و السوء هنا تعبير اصطلاحي، ويعني الغريزة التي تدعو الإنسان إلى أن يخضع لأهوائه وشهواته وماديته، وبين النفس المرتبطة بالروح، و هذه هي النفس اللوامة، التي تلوم الإنسان وتدعوه إلى أن يسمو إلى حيث يريد الله.. إلى القيم التي يريدها للحياة، الى الخير والكمال. وهذه النفس بحكم تكوينها ودورها، تأمر بالمعروف،وتنهى عن المنكر، هي زاجرة للشر، دافعة للخير، لتعبر بذلك عن الفطرة السليمة التي أودعها الله في النفس..

 

من هنا، كرَّم الله سبحانه وتعالى النفس اللوامة، ورفع  منزلتها، وأرادها أن تكون خياراً أساسياً في بناء الشخصية.. فأقسم بها، وقال عز وجل: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ}، واللام هنا جاءت للتأكيد لا للنفي، كما قد يتصور البعض.

 

وقد قرن الله سبحانه وتعالى بين القسم بها والقسم بيوم القيامة، ليبين مدى الارتباط بينهما.. فالمحاكمة الدائمة للإنسان التي تتولاها النفس اللوامة، ويريدها الله أن تجري في الدنيا عند ارتكاب الأخطاء والتقصير، تمثل صورة مصغرة عن تلك المحاكمة التي تجري في الآخرة، حين يُسأل الإنسان عن تقصيره وانحرافاته..

 

وقد بيّن رسول الله أهمية هذه النفس حين جعل منها مرجعاً يرجع إليه في تمييز الحلال من الحرام والخير من الشر.. فعندما جاءه رجل ليسأله عما يقيس به الحلال من الحرام.. قال له: "استفت قلبك، البر ما اطمأنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس، وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك"

 

وقد قال رسول الله(ص): "وإذا أراد الله بعبد خيراً، جعل له واعظاً من نفسه يأمره وينهاه".

 

أيها الأحبة:

في سورة الشّمس، أقسم الله سبحانه وتعالى بأحد عشر مظهراً من مظاهر الخليقة، وبذاته عز وجل، تأكيداً على أنَّ فلاح الإنسان يتوقّف على تزكية نفسه وعلى تطهيرها، وعلى نوع الخيار الّذي يأخذه فقال: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}

والفجور يشمل كلّ العوامل والأسباب والطرق التي تؤدي بالإنسان إلى المعاصي والذنوب، وصولاً إلى الكفر واتباع خطوات الشيطان.

والتقوى هي حصن الإنسان الَّذي يقيه من الوقوع في المهالك والذنوب والانحراف عن خط الله، وتزكية النفس وتطهيرها تتم عبر النفس اللوامة، أي الضمير الحي، والقلب السليم، والفطرة الصادقة.

 

ايها الاحبة:

كم نخشى على أنفسنا عندما يخبو هذا الصوت، حين يتعطل دوره وفاعليته، أو عندما يخرس أو يصاب بالشلل الدائم.  

كم نخشى على المجتمع عندما يُبتلى بأفراد مات الشعور بالذنب لديهم، وكل ما يفعلونه يرون انه هو الصواب والصح وانهم فوق النقد.

 

كم نخشى على بلد يُبتلى بمن هم في مواقع المسوؤلية واتخاذ القرارات ويرتكبون اشد الاخطاء والقبائح بحق الناس والوطن.. (حتى ولو وصل الامر كما حصل ان تمتلئ الشوارع بالنفايات ويعج الهواء بالتلوث ، في مشهد لا نراه ، حتى في عالم الحيوان، الذي لا يمكن ان يتعايش مع نفاياته بالطريقة التي حصلت عندنا) ثم، علينا أن نفرح لأن الأزمة كما يُشاع حلت، متناسين أنها يمكن في اي لحظة ان تعود، لقد أصبح الفساد  تشاطراً.. والمصالح فوق كل اعتبار..

 

 تراهم لا ترمش لهم عين ولا يرف لهم جفن، ولا يساورهم للحظات أي شك أنهم في الموقع الخطأ وأن الناس يعانون ويتألمون مما تجنيه أيديهم .. لو كان لديهم  نفس تلومهم وضمير حي.. كنا على الاقل سمعنا بتنحٍ هنا او باستقالات هناك

ولكن للأسف صار الضمير مدجناً ومغلفاً بألف تبرير وتبرير.. وهذا الصوت الداخلي اعفوه من مهماته.. اعطوه إجازات طويلة..تماما كما يعطون العديد من محاسيبهم في إداراتهم إجازات طويلة ومفتوحة ومدفوعة الثمن.

 

إن حديث تغييب الضمير واسكات الصوت الداخلي هو حديث يطول في أيامنا هذه على مستوى الداخل الاجتماعي والسياسي والخارجي السياسي والمذهبي والديني حيث الفقر الانساني على أشده وفي حالات يندى لها الجبين..

 

 

ايها الاحبة ان لم يكن باستطاعتنا ايقاظ ضمائر العالم فعلى الأقل أن يعي كل منا ويكون صاحيا لنفسه .. وندعو الله أن يعيننا بما يعين به الصالحين على أنفسهم.. وندعو من أعماق قلوبنا: "اللهم الهمني القدرة على الامساك بزمام نفسي والقدرة على التمييز في كل كلمة وموقف ورأي وسلوك بين ما يحطني الى الأرض وبين ما يسمو بي الى الأعلى"

 

اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا فلا حول لنا الا بقدرتك ولا قوة لنا الا بعصمتك.

 

الخطبة الثانية

 

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله، فهذه هي وصيّة الله لعباده حين قال لهم: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا}، وقد قرن الله بين التقوى والنفس اللّوامة؛ الأمارة بالخير والزاجرة عن الشرّ، عندما قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}.

 

ولا يكون الرجل من المتقين حتى يحاسب نفسه أشدّ من محاسبة الشريك لشريكه، كما أنه لا يكون متبصّراً، حتى يكون واعياً لمجريات نفسه، ولا يتركها لخياراتها النابعة من نفسٍ أمارة بالسّوء أو من وحي شيطانٍ يغويها.

 

أيّها الأحبّة، إنّ الإنسان الواعي لا يعطي لنفسه قيادتها، بل يمسك بزمامها حتى يأخذها إلى حيث رضوان الله، بدلاً من أن تودي به في مهاوي الدنيا والآخرة، وهو لا يرى لنفسه ثمناً إلا الجنة، فلا يبيعها إلا بها.. بهذه الروح، نصلح واقعنا ونواجه التحديات القادمة…

 

التفجيرات الإرهابية

والبداية من التفجيرات التي حصلت أخيراً في العاصمة البلجيكيَّة، والتي تأتي ضمن سلسلة التفجيرات والأعمال الإرهابية الَّتي ضربت أكثر من مدينة ومنطقة في هذا العالم، وكان لهذا البلد نصيب وافر منها..

 

ونحن انطلاقاً من ديننا، لا نرى ما جرى إلا جريمة تُرتكب بحق الإنسان وبحق الدين، ولا يمكن أن تُعطى أيّ تبرير. وفي ظلِّ تصاعد الإرهاب، الذي مع الأسف، يتعنون في هذه الأيام بعنوان الإسلام، فإننا لا نحتاج إلى جهد لإظهار عدم انسجام ما حصل مع قيم الإسلام وروحيته، فالمسلمون عاشوا في الغرب والشرق، ولم يكونوا مشكلة لأحد، بل كانوا شركاء في بناء الغرب كما في بناء الشّرق، وإن كان هناك من أخطاء أو جرائم، فينبغي أن توضع ضمن سياقها، ولا ينبغي أن تعمّم…

 

إنَّ ما ندعو إليه هو ضرورة تضافر الجهود وتكاملها في مواجهة كلّ مظاهر الإرهاب، فالإرهاب لا يمكن أن يواجه بالمفرّق وبانتقائيّة، بل لا بدّ من أن يواجه بالجملة، لكونه يتغذى من بعضه البعض، ولا بدّ من أن يكون مداناً كلّه.

لقد كنا ولا نزال نعاني تجزئة النظرة إلى الإرهاب، فهناك إرهابٌ مقبول وآخر غير مقبول، وهناك إرهاب يغضّ النظر عنه وإرهابٌ يبقى خارج دائرة الاتهام والملاحقة.. إننا لن نستطيع أن نهزم الإرهاب إلا إذا صنفناه انطلاقاً من طبيعته الإجرامية، لا انطلاقاً من المصالح التي قد تحوّل مقاومة الشعوب إرهاباً، فهو لم يعد ورقة يُستفاد منها، حتى إذا استفحل الأمر لتصفية حسابات أو تمرير مشاريع، نأتي لرفع الغطاء عنه.

 

ولن نستطيع أن نواجه الإرهاب إلا عندما لا نفرق بين إرهاب الأفراد والجماعات وإرهاب الدول، وعندما ندين الإرهاب من أيٍّ كان، ولا نتطلّع إلى طائفته أو مذهبه أو إلى من يتوجّه.. إنَّ مواجهة الإرهاب لا يمكن أن يكتفى ببعدها الأمني، رغم أهمية هذا البُعد في محاصرة هذه الظاهرة، ومنع تأمين أرض مستقرة يقف عليها، بل لا بدّ من أن يواكب ذلك بمواجهة الفكر الذي يغذّيه، ويحرّض عليه، ويبرّره، ويسوّق له، إضافةً إلى أخذ المعالجة السياسية والاجتماعية بعين الاعتبار.

 

إن ما جرى يدعو العالم إلى التحرّك سريعاً لمعالجة كلّ ما من شأنه تهيئة الظروف لتشكيل حواضن طبيعية للإرهابيين والإرهاب الذي يعيش على الفتنة..

 

وهنا، ينبغي أن يوضع في أولويات المواجهة، مراجعة الأسلوب الَّذي اتبعته بعض الدول الغربية في الحرب الشاملة التي دمّرت أكثر من بلد عربي، وفي إدارة الظهر حيال ما كان يجري من مظالم وإرهاب في هذه المنطقة من العالم، عن قصد أو غير قصد، وفي إذكاء نيران الفتنة، حتى يكون لها شأن وموقع وحضور فيها، فالظلم في موقع قد يستدرّ ظلماً في موقع آخر، والعالم لن يرتاح إن لم يشعر الجميع بالعدل، وإن لم يرفع الغبن والتهميش عن الجميع، وإن لم نتصدَّ للفتن.

 

لبنان

ونعود إلى لبنان الذي يستمرّ الواقع السّياسيّ فيه على حاله من الصّراع والتجاذب وشدّ الحبال، رغم كلّ ما يجري في العالم والمحيط، والمخاطر الّتي تحدق بهذا البلد، من تهديدات الكيان الصهيوني، أو ما جرى أخيراً من استهداف للجيش اللبناني في عرسال، حيث لا حلول تُرتجى على صعيد الشغور في رئاسة الجمهورية، أو في عمل المجلس النيابي، أو تفعيل الحكومة، أو الوصول إلى قانون انتخابي جديد يساهم في تجديد الحياة السياسية، ولا يبدو أن المواقع السياسية مستعدة لتغيير جدول أعمالها أو مراجعة حساباتها أو تعديل استراتيجيتها، في الوقت الذي لا تنقضي الأيام إلا وتحمل معها فضائح جديدة، لا تقف عند حدود القمح المسرطن أو شبكة الإنترنت غير الشرعية، وهي الملفات التي نخشى أن تميّع أو تغلق من دون حساب.

 

إننا نأسف أن يأتي الموفدون الدوليون ليتحدثوا عن حرصهم على لبنان واستقراره وأمنه الاقتصادي والسياسي، وأن يدعوا اللبنانيين إلى القيام بما عليهم لصالح وطنهم وتثبيت الاستقرار فيه، من دون أن يجدوا آذاناً صاغية لذلك، فاللبنانيون مشغولون عن كل ذلك، لا لحسابهم بل لحساب الآخرين.

 

إنّ حال الاستقرار الذي تؤمنه جهوزية الجيش اللبناني، ومتابعته لكل التفاصيل، ووجود المقاومة الساهرة لإبقاء عنصر الردع في مواجهة الكيان الصهيوني، لا يكفي وحده، بل لا بدَّ من حمايته بوحدة داخلية على كل المستويات.

 

تهنئة الأعياد المسيحية

وأخيراً، نتوجّه بالتهنئة إلى المسيحيين الذين يتبعون التقويم الغربي في أعيادهم، ونأمل أن يساهم صومهم، الذي ينضمّ إلى صوم المسلمين، في تطهير النفوس من كل حقد وضغينة، وتقوية إرادة الخير، وتعزيز وطن المساواة والعدالة والقيم.

Leave A Reply