فريضة الحجّ: موسم العبادة وتحصيل المنافع
قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}. صدق الله العظيم.
موسم الحجّ
نستعيد في هذه الأيَّام موسمًا جديدًا من مواسم الحجّ، حيث بدأت قوافل الحجيج تفد من كلّ مكان، ومن كلّ فجّ عميق، إلى بيت الله الحرام، تلبيةً لدعوة الله عزَّ وجلَّ لها، والّتي جاءت على لسان النّبي إبراهيم (ع) لأداء فريضة الحجّ؛ حتّى أراد له بعدما أنهى رفع قواعد البيت الحرام مع ولده إسماعيل (ع)، أن يدعو النّاس إلى أداء هذه الفريضة، فقال له: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}.
وقد استغرب يومها النَّبيّ إبراهيم (ع) أن يدعوه الله لدعوة النّاس جميعًا إلى الحجّ، وصوته لا يصل إليهم، فأوحى الله إليه أنَّ عليك النّداء وعلينا الإبلاغ. يومها، وقف النَّبيّ إبراهيم (ع) على جبل الصّفا، ونادى بأعلى صوته: أيّها النَّاس، قد اتَّخذ الله لكم بيت الله فحجّوا إليه.. ومنذ ذلك الوقت، وجموع الحجيج تفد إلى هذه الأرض، وبكلّ لهفة، رغم مشاقّ الطَّريق ومناخها الحارّ وأرضها الجرداء القاحلة، وبذلهم للمال من أجله.
وهذه الفريضة ككلّ الفرائض الّتي أوجبها الله عزّ وجلّ، أراد منها أن تحقّق منافع، وقد عبّر عن ذلك بقوله: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ}، المنافع الّتي تتهيأ لكلّ فرد من خلال الأجواء الروحية والإيجابية والتربوية الّتي تتوفَّر له من خلال أدائه المناسك، وهي فرصة ليعيد حساباته، سواء في علاقته بربّه أو النّاس، أو في تحديد خياراته في الحياة.
تعزيز الوحدة في الحجّ
أوَّل هذه المنافع أنَّ هذه الفريضة تسهم في تعزيز أواصر الوحدة بين المسلمين، وتذيب الحساسيّات الّتي قد تنشأ بينهم بسبب تنوّع مذاهبهم وبلداتهم ومواقعهم الاجتماعيّة وآرائهم وأفكارهم، عندما يؤدّون مناسكهم معًا، يطوفون معًا، ويسعون معًا، ويقفون معًا في عرفات والمشعر الحرام، ويبيتون في منى معًا يرجمون الشَّيطان، ويقدّمون الأضاحي قربة إلى الله، لا فرق بينهم في كلِّ ذلك.
وهي تؤدّي، إن أُحسن الاستفادة منها، إلى تعزيز العلاقات بين المسلمين على الصّعيد الاجتماعي والسّياسي والاقتصادي، وحتّى التّجاري، وهذا الهدف هو الّذي عبّر عنه الإمام الصّادق (ع)، عندما سئل ما العلّة الّتي لأجلها كلّف الله المسلمين بالحجّ والطّواف بالبيت؟ قال: “إنَّ الله خلق الخلق، وأمرهم بما يكون من أمر الطَّاعة في الدّين، ومصلحتهم من أمر دنياهم، فجعل فيه الاجتماع من الشَّرق والغرب؛ ليتعارفوا، ولينزع كلّ قوم من التجارات من بلد إلى بلد”.
تذكير بتضحيات الرسول
ثاني هذه المنافع، أنَّ هذه الفريضة تذكّر الوافدين إلى تلك البقاع الشَّريفة برسول الله (ص)، وبالدّور الّذي قام به في مكّة الَّتي انطلقت منها رسالته، وبعد ذلك في المدينة، حيث يستعيدون خلال تواجدهم فيها ما عاناه رسول الله (ص) وصحابته الأجلّاء، ومن بعده الأئمَّة (ع)، وما قدَّموه من تضحيات ودفعوه من أثمان، حتَّى قام هذا الدّين، وتعزَّزَ ووصل بعد ذلك إليهم، ما يشعرهم بمسؤوليَّتهم تجاهه في حفظه من أيّ تحريف، وذلك يدفعهم للقيام بدورهم في هذه المرحلة بإيصال صوت الإسلام، وأن يقفوا معًا في مواجهة التّحدّيات الّتي تواجه الدّين في فكره وتشريعه على أرض الواقع، وأن يستلهموا لأداء دورهم محبّة رسول الله (ص) وحكمته ورحابة صدره ولين كلامه وحسن خطابه، والّتي بها بلغ قلوب النّاس وعقولهم.
الاستجابة لنداء الله
وثالث هذه المنافع هو في أدائهم هذه المناسك، والّتي يؤكّدون فيها تسليمهم لله، عندما يتوجهون إليه ويقولون خلال طوافهم حول البيت الحرام: “لبَّيكَ اللَّهمَّ لبَّيكَ، لبَّيكَ لا شريكَ لك لبَّيكَ، إنَّ الحمدَ والنِّعمةَ لك والملك، لا شريكَ لك لبَّيك”، ليشهدوا الله أنَّهم سيلبّون نداءه كلّما دعاهم، وأنهم لن يتأخّروا عن تلبية هذا النّداء مهما كبرت التّضحيات وغلت الأثمان، إيمانًا منهم بهذا الرّبّ، وثقة به وتقديرًا لعطائه ونعمه، وبأنَّ الله سوف يكون محور حركتهم في أيِّ مكان يتواجدون فيه، وفي أيِّ زمان، منه يستمدّون تعاليم دينهم ومسارهم في الحياة، وأنّهم لن يطوفوا حول غيره مهما كانت قدراتهم وإمكاناتهم وإغراءاتهم، وهم يؤكّدون من خلال سعيهم بين الصَّفا والمروة، أنّهم لن يحيدوا عن السّير في الطَّريق الّذي رسمه الله تعالى لهم خلال رحلة حياتهم، وبوقوفهم في عرفات والمزدلفة ومبيتهم في منى، أنَّهم سيقفون حيث يريد الله لهم أن يقفوا، وسيبيتون حيث يريدهم أن يبيتوا، حتَّى لو كلَّفهم ذلك تعبًا وجهدًا ومشقَّة، وأنّهم لن يتوانوا عن أن يرجموا الشَّياطين، ولن يهادنوهم ولن يجاملوهم، ولن يتردَّدوا في ردِّ كيدهم وغدرهم وأحابيلهم، ومن خلال بذلهم للأضاحي، يعلنون أنّهم على استعداد أن يضحّوا بكلّ غال ونفيس من أجل الله وفي سبيله، ليعودوا بعد كلِّ ذلك إلى بلادهم، وقد تزوَّدوا بكلِّ هذه المعاني، وحظوا بما وُعِدوا به من المغفرة والرَّحمة والرّضوان من الله عزَّ وجلَّ، حيث ورد في الحديث: “الحاجّ المعتمر وفد الله، وحقٌّ على الله أن يكرم وفده، ويحبوه بالمغفرة”…
وأن يكونوا في قادم أيَّامهم من الذّاكرين لله، وهو ما دعا إليه الله عزّ وجلّ: {فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا}، وأكثر تقوى، والّتي تمثّل هدف الحجّ، عندما قال عزّ وجلّ: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ۗ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ}. ومن دون هذه المعاني والصّفات، لن يعبأ الله بهم، ولن يحظوا بما وعد به الحجّاج، والّذي أشار إليه الحديث: “ما يعبأ الله بمن أمّ هذا البيت إذا لم يكن فيه ثلاث خصال: ورع يحجزه عن معاصي الله تعالى، وخلق يدارى به النّاس، وحلم يتجاوز به جهل الجاهل”، وهناك من قال: “وحسن الصّحبة لمن صحبه”.
مسؤوليّة غير الحجّاج
وهنا قد نطرح السّؤال: إذا كان هذا ما ينبغي أن يعيه الحجّاج، وما ينبغي الاستفادة منه من هذه الفريضة، فما وظيفة الَّذين لم يحجّوا أو من لم يؤدّوا هذه الفريضة؟ وهل هناك ما عليهم أن يقوموا به في هذه الأيَّام المباركة؟
نعم، هناك ما ينبغي القيام به، فهناك مسؤوليّة على من حجّوا، أن يرسّخوا المعاني الّتي عاشوها في الحجّ في عقولهم، أن يتأكّدوا كلّ سنة أنّها لا تزال حاضرة في نفوسهم وسلوكهم، أمَّا الّذين لم يحجّوا، فعليهم أن يتابعوا الحجَّاج في أداء مناسكهم، ليتعرّفوا إليها، وليعيشوا معهم القيم والتّطلّعات والمعاني الَّتي عاشوها، فيكونوا بذلك مشاركين في الحجِّ بقلوبهم ومشاعرهم وأحاسيسهم وأفكارهم، وأن يسألوا الله أن يوفّر لهم الفرصة لأداء هذه الفريضة والاستطاعة لأدائها.
وأمر آخر تقع مسؤوليّته علينا جميعًا، وهو إحياء هذه الأيَّام المباركة، الأيَّام العشر الأوائل من ذي الحجَّة الَّتي بدأت من أوَّل ذي الحجّة، أي الأربعاء الماضي، فقد بيّن الله سبحانه وتعالى أهميَّتها وفضلها، عندما أقسم بها، وهو ما ورد في بداية سورة الفجر عندما قال: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ}، حيث جاء على لسان أغلب المفسِّرين، أنَّ المقصود بها الأيَّام العشر من ذي الحجَّة بلياليها.
التزوّد الرّوحيّ
أيُّها الأحبَّة: نحن أحوج ما نكون إلى هذا التزوّد الروّحيّ والإيماني الّذي من الطّبيعيّ أن نحظى به عندما نكون في الحجّ ونحسن أداءه، لكن علينا أن نحرص عليه ونحن خارجه، أن نعي هذه الأهداف ونعمل لبلوغها، لنكون بذلك قادرين على مواجهة التحدّيات الَّتي تواجهنا، وبذلك يؤدّي الحجّ الدّور المرجوّ منه على هذا الصّعيد.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الخطبة الثّانية
عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بإحياء هذه الأيّام العشر من ذي الحجّة، والّتي هي أيّام عبادة وذكر وبذل للأضاحي، حيث ورد استحباب صيام الأيّام التّسع منها، وصلاة ركعتين تؤدّى بين المغرب والعشاء، والتي يُقرأ في كلّ منها الفاتحة والتَّوحيد، والآية {وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ}، وإحياء يوم عرفة، والّذي يأتي يوم الخميس القادم، والّذي لا يقف إحياؤه على الحجّاج وهم يقفون على جبل عرفات، بل علينا القيام لإحياء هذا اليوم العظيم الّذي تغفر فيه الذّنوب العظام، والالتزام بما ورد فيه من أدعية وصلوات وأذكار، والّتي تتوّج بيوم العيد الّذي هو يوم فرح وسرور للّذين أحسنوا العمل وأدّوا ما دعوا إليه…
أيّها الأحبَّة، إنّنا أحوج ما نكون إلى الأخذ بهذه الوصيّة، والعمل بما تدعونا إليه، لننعم بمحبّة الله وعطائه وفضله، وننال ما عنده، حيث ورد في الحديث: “ما من أيّام العمل الصّالح فيها أحبّ إلى الله من هذه الأيّام العشر”، وبذلك نكون أقوى وأقدر على مواجهة التّحديات…
تصعيد صهيونيّ يوميّ
والبداية من الاعتداءات الإسرائيليّة الّتي بتنا نراها في شكل يوميّ، في عمليّات الاغتيال للمواطنين الّتي تجري عبر الطّائرات المسيّرة، وهم في بيوتهم، أو في أثناء تنقّلهم، وفي الغارات الجويّة كالّتي شهدناها بالأمس، والّتي طاولت الجنوب والبقاع، أو عبر الاستباحة البريّة لعدد من القرى الحدوديّة، واستهداف المواطنين الرّاغبين في العودة إليها، فيما يرفع الاحتلال علم كيانه على التّلال الّتي لا يزال يحتلّها ليؤكّد تثبيت احتلاله لها…
يحصل كلّ هذا التّصعيد، رغم الالتزام الكامل للجيش اللّبناني والمقاومة بموجبات قرار وقف إطلاق النّار، والّذي تمّ بضمانة دوليّة، من دون أن تقوم الدّول الرّاعية له بالدّور الّذي أخذته على عاتقها لردع هذا العدو والضّغط عليه، ما يدعونا إلى أن نعيد التّأكيد على الدّولة اللّبنانيّة القيام بالدّور المطلوب منها، لإيقاف نزيف الدّم المستمرّ، والعمل لوضع حدّ للمسّ بسيادة الدّولة اللّبنانيّة وأمن مواطنيها الّذي هو حقّ لهم على الدّولة. وكما قلنا سابقًا، فإنّنا لا نريد أن نحمّل الدّولة ما لا تستطيع تحمله… فإنَّنا نعي واقع الجيش اللبناني المعنيّ بالأمن، والقدرات الّتي يمتلكها هذا العدوّ، ولكن هذا لا يعني أن لا تتحرّك الدّولة بقوّة للضّغط على الدّول الرّاعية لقرار وقف إطلاق النّار على الصّعيد الإعلامي والدّبلوماسي، ولفضح ممارسات هذا العدوّ في المحافل الدَّوليَّة، وهو أضعف الإيمان.
مصلحة البلد
إنَّ من المؤسف أن لا نشهد حتّى الآن تحرّكًا جديًّا على هذا الصّعيد، ما يجعل العدوَّ يتمادى في اعتداءاته واستهدافاته الّتي يذهب ضحيَّتها شهداء وجرحى من أبناء هذا الوطن، حتّى تحوّل هذا العدوان اليومي إلى أمر روتينيّ وعادي لا يثير أيّ ردّ فعل جدّي وفاعل، بل نجد أنَّ هناك من يشجّع عليه ويريد أن يجني من ثماره.
إنّنا نعي الضّغوط الّتي تمارس على لبنان، حيث الشّروط تتوالى، من أن لا إعمار ولا استقرار ولا حلّ لأزماته الاقتصاديّة بدون سحب السّلاح، وهم في ذلك لا يريدون من ذلك بسط الدّولة لسيادتها، بقدر ما يريدون من ذلك إنهاء سلاحٍ بات وجوده يشكّل عنصرًا من عناصر قوّة البلد، ووسيلة من وسائل الضَّغط على هذا العدوّ، ومن دون تقديم أيّ ضمانات لخروج غير مشروط لهذا العدوّ من أرضه.
هذا لا يعني في المقابل الاستكانة لهذا الضّغط، بل نريده أن يشكّل دافعًا لكلّ اللبنانيّين على الصّعيد الرّسميّ أو الشَّعبيّ، للتوحّد حول الموقف المحقّ والعادل للبنان الّذي يدعو إلى إلزام العدوّ بالقيام بما عليه بعد أن التزم بكلّ بنود الاتّفاق، وإذا كان من حديث عن السّلاح، فاللبنانيّون قادرون بعد ذلك على التّعاطي معه وبروح مسؤولة، تأخذ في الاعتبار مصلحة هذا البلد وقوّته، والحوار المفتوح هو السّبيل لمعالجة هذه القضيّة… ومن هنا، نشيد بكلّ القيادات الرّسميّة وغير الرّسميّة الّتي دعت وتدعو من يطالب لبنان بسحب سلاح المقاومة، إلى أن يبادروا للضّغط على هذا الكيان للخروج من لبنان.
في غضون ذلك، نجدّد دعوتنا لكلّ القيادات اللّبنانيَّة إلى الحرص على الخطاب الوطني المسؤول والعقلاني الّذي يأخذ في الاعتبار مصلحة هذا البلد وضمان وحدته، والخروج من الخطاب المستفز الّذي يسهم في خلق مناخ التوتّر، إن على الصّعيد الطّائفي أو المذهبي، ويؤدّي إلى تعقيد علاقة اللّبنانيّين بعضهم ببعض، في وقت نحن أحوج ما نكون إلى التّماسك والتّعاون والوحدة في مواجهة تحدّيات الدّاخل، وتعقيدات ما يجري في الخارج.
كما نجدّد دعوتنا الحكومة إلى أن يكون هاجسها واهتمامها هو معالجة الأزمات الدّاخليّة الّتي لا تنتظر، إن على الصّعيد الاجتماعي والمعيشي، أو على صعيد إعمار ما تهدَّم، والّذي ينبغي أن يكون على رأس أولويَّات الحكومة، والّذي وعدت به اللبنانيّين.
مسؤوليّة الفائزين
بالانتقال إلى الانتخابات البلديّة والاختياريّة الّتي عبّر من خلالها اللبنانيّون عن خياراتهم، وأودعوا الفائزين فيها المسؤوليَّة، فإنّنا ندعوهم إلى حمل هذه الأمانة بكلّ إخلاص، والقيام بواجباتهم تجاه من أودعوهم أصواتهم ومن لم يودعوهم، وأن يتجاوزوا كلَّ الحساسيّات الّتي تنتج غالبًا عن التّنافس الانتخابيّ، سواء على الصّعيد العائليّ أو السّياسيّ أو الحزبيّ، وأن يكون هاجسهم هو العمل لإنماء قراهم، وسعيهم لتقديم النّموذج الأمثل للعمل البلدي والاختياري.
حرب الإبادة في غزَّة
ونعود إلى غزّة، حيث يستمرّ العدوّ بسياسته في ارتكاب المجازر، والحصار والتّجويع لأهلها، من دون أيّ رادع من ضمير أو حسّ إنسانيّ، والّذي يهدف لإخراج أهلها وتيئيسهم من البقاء فيها، والّذي يستكمله في الضّفة الغربيّة من خلال العمل على تكثيف الاقتحامات، وتوسيع مساحات الاستيطان فيها، تمهيدًا لضمّها إلى كيانه، محاولًا الحصول على غطاء عربي ودولي لتحقيق التّهجير…
إنّنا في الوقت الّذي نرى فسحة أمل في بعض المواقف الدّوليّة الّتي ارتفع فيها الصّوت ضدّ حرب الإبادة والتّجويع، لكنّها لم تصل إلى حدّ الضّغط على هذا الكيان، وأن تجعله يراجع حساباته، ما يشجّع العدوّ على الاستمرار في حرب الإبادة هذه.
***