في ذكرى المرجع فضل الله (رض): بهمن تكرِّم البروفسور سمير العَلَم فضل الله: إنقاذ البلد مرهون بعلاج قلب الطبقة السياسيَّة

كرَّمت مستشفى بهمن الجامعي، البروفسور سمير العَلَم، في الذِّكرى الثّالثة عشرة لرحيل المرجع السيِّد محمَّد حسين فضل الله (رض)، وذلك خلال المؤتمر العلمي الَّذي أقامته بالتَّعاون مع عدد من المستشفيات حول مرض قصور القلب، بحضور العلَّامة السيِّد علي فضل الله، مدير عام جمعيَّة المبرات الدكتور محمد باقر فضل الله، مدير مستشفى بهمن الحاج علي كريِّم، المدير الطبي في بهمن الدكتور حسن نصَّار، الدكتور مالك محمد، الدكتور محمود شقير، إضافةً الى حشد من الأطباء.

استهلَّ المؤتمر بالنَّشيد الوطني اللبناني، فكلمة ترحيبيَّة من الحاج علي كريِّم بالمكرَّم والحضور، قائلاً: نحن نكرِّم أستاذاً في الطبّ والإنسانيّة، ولا يمكن لكلمات قليلة أن تختصر تاريخ العلاقة بين الدكتور والمرجع فضل الله، هذه العلاقة التي ارتقت إلى أبعد من علاقة مريض بطبيبه، هذه العلاقة التي يتفاعل فيها الطَّبيب مع رسالة العلم، متجاوزاً كلَّ الأطر والعناوين، منطلقاً نحو كلِّ ما يسمو بالإنسان.

ثم كانت كلمة المكرَّم البروفسور سمير العلم، الَّذي عبَّر في بدايتها عن شكره وامتنانه لهذا التَّكريم، متوجِّهاً بالتحيَّة إلى روح المرجع السيِّد محمَّد حسين فضل الله (رض)، قائلاً: إنَّه من الفخر الكبير لي أنّه خصَّني بمحبَّته وبنصحه وثقته، ومن الشَّرف أيضاً أن يكرَّم الإنسان من أصدقائه وأهله، وممَّن شاركهم واجب العمل الإنساني والوطني، والشَّرف يكون مضاعفاً عندما تكرَّم من مؤسَّسة عريقة ترسَّخت جذورها في عمل البرِّ والخير، ومن عائلة كبيرة تحمل قيم وفضائل رجل تميَّز في خلقه وثقافته وفلسفته وعبادته وسعيه الدَّائم للعدالة والدفاع عن حقّ كلّ إنسان بحياة كريمة.

وأضاف: عرفته صديقاً مرشداً يشعّ فكراً وأخلاقاً وفقهاً وحكمةً وثابتاً وجريئاً في التزامه المبادئ والمواقف الوطنيَّة والإنسانيَّة.

ثم ألقى العلَّامة السيِّد علي فضل الله كلمةً عبَّر في بدايتها عن جزيل شكره وتقديره للدكتور العلم على كلِّ ما قدَّم وأعطى من وقته وعلمه وإمكاناته في الحفاظ على قلب السيِّد الوالد (رض) وحياته، معتبراً أنَّ هذا التكريم هو جزء من عرفان الجميل له، ولو جاء متأخِّراً لظروف خارجة عن إرادتنا، وتكريم لهذه القامة العلميَّة والإنسانيَّة، ليس على مستوى لبنان فحسب، بل على مستوى العالم.

ثم تحدَّث سماحته عن العلاقة الوطيدة والقويَّة التي ربطت المرجع فضل الله بالدكتور العَلَم، مبيّناً أنّ هذه العلاقة حملت أبعاداً إنسانيّة عميقة، وحملت كلَّ عناوين المحبة والتقدير والثناء، ابتداءً من العلاقة التاريخية والمتجذِّرة بين أبناء قريته رميش ومدينة بنت جبيل، وما جمعهما من تاريخ مشترك وحاضر متواصل، إضافةً إلى الرؤية المشتركة في النَّظرة إلى هذا الوطن، وفي كيفيَّة التعامل مع أزماته ومعاناة إنسانه، وحيث لا يمكن أن يبنى لبنان إلَّا بالتلاقي بين جميع مكوِّناته والتعاون فيما بينهم، وفي أن تكون لغة الحوار هي الوسيلة لحلِّ أيّ اختلاف قد يحصل بين اللبنانيّين.

وأكَّد سماحته أن الدكتور العَلَم كان قلباً للسيِّد، ويستحقّ أن يكون طبيباً لكلِّ القلوب، لما يحمله من معان وقيم وتفان وإخلاص ورساليَّة ومهنيّة.

وتقدَّم سماحته بالشّكر الجزيل للجهاز الطبي في الجامعة الأميركيَّة لرعايتهم لهذا المؤتمر، آملاً أن تستمرَّ هذه العلاقة وتتوسَّع مع مستشفى بهمن، لتثمر مشاريع إنسانيَّة تصبّ في خدمة إنسان هذا الوطن على المستوى الصحي والطبي والإنساني، مشيراً إلى أهميَّة هكذا مؤتمرات، لأنها تساهم في الإضاءة على هذا المرض وعلى ما توصَّل إليه الطبّ من علاجات جديدة تسهم في التَّخفيف من آثاره السلبيَّة على الإنسان.

ودعا سماحته من هذا المؤتمر كلّ السياسيّين إلى أن يعالجوا قلب هذا الوطن الَّذي وضعوه على التنفّس الاصطناعي بسبب أنانياتهم ومصالحهم وسجالاتهم وسوء إداراتهم له، حيث بات يعيش على الأوكسجين الَّذي نستورده من الخارج.

وأبدى سماحته خشيته من أننا بدأنا نفقد الثقة بين مكوِّنات هذا الوطن الَّتي كانت صمَّام أمان، ويبدو سبب ذلك ما أصاب قلب هذه الطَّبقة من خلل أدَّى إلى قصور في عمله الطبيعي نتيجة الأطماع والمطالب المستحيلة وعدم فهم التوازنات القائمة، ما أدَّى إلى إثارتها للهواجس والمخاوف والحساسيَّات والتوتّرات، وطرحها مشاريع غير واقعيّة، كالتقسيم والفدرالية وغير ذلك مما لا يصبّ في مصلحة هذا الوطن وإنسانه.

وتوجَّه سماحته إلىهذه الطبقة بالقول: احرصوا على هذا الوطن وأنعشوه محلياً، ولا تنتظروا من الخارج أن يكون بديلاً منكم، فأنتم قادرون إن توحَّدتم وصفت النيّات وقدمت التنازلات، أن تنشلوه من هذا الانهيار، بعدما أصبح كلّ همّ المواطن الهروب من هذا البلد إلى أيِّ موطن آخر.

وختم كلامه بالقول: حافظوا على رساليَّة هذا الوطن في قدرة الأديان على التَّعايش والتَّلاقي، وقدِّموا نموذجاً في ذلك.

***