مسؤوليَّةُ حفظِ الأعمالِ من الضَّياعِ عندَ الله
قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }[النَّحل: 92]. صدق الله العظيم.
ضياعُ الأعمال
أشارت هذه الآية القرآنيَّة الواردة في سورة النَّحل، إلى نموذجٍ من النَّاس عبّرت عنه حال امرأة من قريش كانت تعيش في أيَّام الجاهليَّة، فقد ورد عنها أنَّها كانت تغزل الصّوف مع عاملاتها من الصَّباح حتَّى منتصف النَّهار، وبعد أن ينتهين من عملهنَّ، وبدلاً من الاستفادة من هذا الغزل، كانت تأمرهنَّ، وبدون أيِّ سبب، بنقض ما غزلْنَ.
ودلالة هذه الآية لا تقتصر على هذا المشهد وما تقوم به هذه المرأة، بل نراها تتجسَّد في الحياة الدّنيا، في كلِّ الَّذين يبذِّرون أموالاً تعبوا وتحمَّلوا المشاقّ في سبيل الحصول عليها، وبدلاً من الاستفادة منها لتحسين ظروفهم وظروف مَن حولهم، نراهم يسرفون في التصرّف أو يصرفونها في غير موقعها، ونرى ذلك في الآخرة في كلِّ الَّذين ضيَّعوا أعمالاً قاموا بها وبذلوا جهوداً من أجلها، فلا يجدونها عندما يقفون بين يدي الله، وهو ما حذَّر منه الله عندما قال: }يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُواْ أَعْمَٰلَكُمْ{، وهو ما حذَّر منه رسول الله (ص) عندما قال: “مَنْ قالَ: لا إله إلَّا الله، غرس الله له بها شجرةً في الجنَّة، ومن قال: الله أكبر، غرس الله له بها شجرةً في الجنَّة. فقالَ رجلٌ من قريش: يا رسولَ الله، إنَّ شجرَنا في الجنَّةِ لكثيرٌ! قالَ: نعم، ولكنْ إيَّاكم أن ترسلوا عليها نيراناً فتحرقوها (يقصد في ذلك الذنوب والمعاصي)، ذلك أنَّ الله عزَّ وجلَّ يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}”.
المُفْلِسُونَ عندَ الله
ونحن اليوم، توقّياً للوقوع في هذا المحظور، سنشير إلى بعض الأحاديث الشَّريفة الَّتي بيَّنت بوضوح ما يؤدِّي إلى ضياع الأعمال الَّتي نقوم بها، فقد وردَ في الحديث: “ثلاثة يؤتى بهم يوم القيامة: مجاهد، وقارئ، ومتصدّق، فيقال للقارئ العالم: في ماذا تعلَّمت العلم وقرأت القرآن؟ قال: قرأت من أجلك القرآن، وتعلَّمت من أجلك العلم، فيقول الله له: كذبت، وتقول الملائكة: كذبت، ولكنَّك تعلَّمت ليقال عالم، وقرأت ليقال قارئ، وقد قيل ذلك، فيؤمر به، فيسحب على وجهه إلى النَّار. ويؤتى بالمجاهد فيقال له، فيم جاهدت؟ قال: جاهدت في سبيلك، أمرت بالجهاد فجاهدت في سبيلك، قال: كذبت، وتقول له الملائكة: كذبت، ولكنَّك جاهدت ليقال هو جريء – يعني شجاع – وقد قيل ذلك، فيؤمر فيسحب على وجهه إلى النَّار. ويؤتى بالمتصدِّق الَّذي تصدَّق بالمال فيقال له، فيم تصدَّقت؟ قال: أمرت بالصَّدقة في سبيلك، فما تركت من سبيل تحبّ أن ينفق فيه إلَّا أنفقت فيه، فيقول الله له: كذبت، وتقول الملائكة: كذبت، ولكنَّك تصدَّقت ليقال هو جواد، وقد قيل ذلك، فيسحب على وجهه إلى النَّار”، وهذا معناه الحذر من الرّياء والعمل لغير الله.
ونموذج آخر أشار إليه رسول الله (ص) عندما سأل: “أتدرون ما المفلس؟”، قالوا له: “يا رسول الله، المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع”. قال (ص): “ليس ذلك المفلس – هذا مفلس الدّنيا، وليس هذا ما أريد، أريد مفلس الآخرة – ولكنَّ المفلس من يأتي يوم القيامة حسناته أمثال الجبال، ويأتي وقد ظلم هذا، ونال من عرض هذا، فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن بقي عليه شيء أخذ من سيِّئاتهم، فيردُّ عليه، ثمَّ صار إلى النَّار“.
ونموذج ثالث عنه (ص): “لأعلمنَّ أقواماً من أمَّتي يأتون يومَ القيامةِ بحسناتٍ أمثالِ جبالِ تهامةَ بيضاً، فيجعلُها اللهُ عزَّ وجلَّ هباءً منثوراً. فقيل يا رسولَ اللهِ، صِفْهم، قال: أما إنَّهم إخوانُكم ومن جِلدتِكم، ويأخذون من اللَّيلِ كما تأخذون، ولكنَّهم أقوامٌ إذا خَلْوا بمحارمِ اللهِ انتهكُوها”.
ونموذج رابع: “يؤتى بأحدٍ يوم القيامة يُوقف بين يدي الله عزَّ وجلَّ، ويدفع إليه كتابه، فلا يرى حسناته فيه، فيقول: إلهي! ليس هذا كتابي، فإنّي لا أرى فيه حسناتي. فيقال به له: إنَّ ربَّك لا يضلّ ولا ينسى، ذهب عملك باغتياب النَّاس. ثمَّ يؤتى بآخر ويدفع إليه كتابه، فيرى فيه طاعات كثيرة، فيقول: إلهي! ما هذا كتابي، فإني ما عملت هذه الطَّاعات. فيقال له: إنَّ فلاناً اغتابك فدفع حسناته إليك”.
كيفيّةُ حفظِ الأعمال
أيُّها الأحبَّة، هي مصيبةٌ ليسَ بعدَها مصيبة، أن يكدحَ المرءُ في حياتِهِ بأداءِ الواجباتِ والمستحبَّاتِ في اللَّيلِ والنَّهارِ، ويجاهد ويتصدَّق ويعمل، ثمَّ يأتي يوم القيامة ليرى أنَّ أعماله قد ذهبَتْ أدراجَ الرّياح، في وقتٍ هو أحوج ما يكون إليها، ولا مجال للتَّعويض، إلَّا أن يشمله سبحانه وتعالى برحمته.
وهذا ما يدعونا، أوَّلاً، إلى أن لا نكتفي بأداء العمل حتَّى نضمن رضا الله وحبَّه، بل علينا أن نتابع أنفسنا لنتأكَّد أنَّنا لم نضيِّعه، وذلك بأن نحرص على سلامة النيَّة، بأن تكون خالصة لله سيحانه، لا يشوبها سمعة ورياء، وأن نلاحق ما يصدر عن ألسنتنا، وتفعله جوارحنا، وما نفعله وما نقوم به، وأن نسدَّ منافذ الشَّيطان، وسعاة السّوء والانحراف، فلا نعمل إلَّا ما دعانا إليه الله في ذلك، وننتهي عمَّا نهانا عنه.
وهذا ما ينبغي أن نستحضره بعد انتهاء شهر رمضان المبارك، حيث كنَّا في ضيافة الله، وحظينا فيه بالكرم الإلهيِّ والزَّاد الوفير، فلا نفسده بسوء أعمالنا بما أشرنا إليه.
وثانياً، أن نستعدَّ للامتحان وفقَ الَّذي أشار إليه الله سبحانه وتعالى، عندما قال في سورة العنكبوت؛ هذه السّورة الَّتي تلوناها في ليالي القدر: {الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}، حيث بيَّن فيها بكلِّ وضوح، أنَّ كلَّ إنسان سيخضع لامتحانات وابتلاءات، ليرى الله عزَّ وجلَّ من خلالها مدى صدقيَّتنا في ما نحمل من ادّعاءات، ومدى جدَّيَّتنا في ما قمنا فيه من طاعات، حيث لا يكتفي الله من الإنسان بأن يقول صُمْتُ حتَّى يكتبه عنده من الصَّائمين، ويحصل على ما وُعِد به الصّائمون، بل لا بدَّ أن يخضع لامتحان يظهر مدى استفادته من هذا الصّيام، فهناك من يمتحن لذلك بعاطفته، وآخر بموقفه وبشهواته وأهوائه، والبعض برشوة تقدَّم إليه، أو انفعال يتعرَّض له، أو عصبيَّة يواجهها.
فلنحرص، أيُّها الأحبَّة، على أن نكون من النَّاجحين والفائزين، وأيّ فوزٍ أفضل من أن نكتب من الَّذين أعتقت رقابهم من النَّار، واستحقّوا الفوز برضوانه، وليكن دعاؤنا: “اللَّهُمَّ ثَبِّتْنا عَلى دِينِكَ ما أَحْيَيْتَنِا، وَلا تُزِغْ قَلوبنا وأبصارنا وأسماعنا وجميع جوارحنا… واجعلنا من المرحومين، ولا تجعلنا من المحرومين، يا أرحم الراحمين”.
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الخطبة الثَّانية
عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بأن نتابع ما عشناه من أجواء روحيَّة وإيمانيَّة، ومن متابعة لأنفسنا في شهر رمضان، فلا ينتهي كلّ ذلك بانتهاء شهر رمضان، فنهجر بعده القرآن والدّعاء والاستغفار والتواجد في المساجد وصلة الأرحام والجيران والمؤمنين، وإحياء اللّيل بالصَّلاة والعبادة، أو الرّقابة المشدَّدة على ألسنتنا وأسماعنا وأبصارنا وجوارحنا، وكأنَّ هذه الأعمال خاصّة بشهر رمضان فقط.
إنَّ شهر رمضان لا ينبغي أن يكون مرحلة من الزّمن، بل ينبغي أن ينعكس حضوره على كلِّ الأشهر القادمة، ويلقي بظلاله الروحية والإيمانية والتربوية عليها، ومتى وعينا معاني هذا الشَّهر وعشناها، فسنكون في قادم أيَّامنا أطهر وأنقى وأكثر قدرةً على مواجهة التحدّيات.
عيدُ غزَّةَ مخضَّبٌ بالدّماء
والبداية من غزَّة الَّتي أطلَّ عليها عيد الفطر المبارك مخضَّباً بدماء أبنائها، بفعل استمرار العدوِّ الصّهيوني في جرائمه فيها، من دون أن يأخذ في الاعتبار حرمة يوم العيد، وكان آخرها الجريمة التي أودت بحياة ثلَّة من أبناء واحد من قادة حماس وأحفاده فيها، وهو رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنيَّة، والتي من الواضح أنها تهدف إلى النَّيل من إرادة المقاومة، ودفعها إلى التنازل في المفاوضات الجارية عن مطالبها المشروعة والإنسانيَّة، والتي لا يزال هذا العدوّ يرفضها، فيما يستهدف من وراء المفاوضات إلى تحقيق هدنة مؤقَّته، للتَّخفيف من الضغوط التي تمارس عليه من قبل أهالي أسراه لاستعادتهم، وليعود بعدها، حسبما تشير إليه تصريحاته العلنيَّة، إلى الحرب التي لا يريد لها أن تقف عند حدود ما وصل إليه، بل يريد من خلالها الإطباق على غزَّة ودفع أهلها إلى التَّهجير.
في هذا الوقت، يستمرّ العالم في دعمه لهذا الكيان على كلِّ الصّعد، وهو يقف معه في وجه أيِّ دولة، حتى تلك الَّتي تريد أن تدافع عن نفسها، أو تردّ على الاعتداءات التي تتعرَّض لها، والَّذي نشهده اليوم في التهديدات بالحرب من الكيان الصّهيوني ضدّ إيران إن قامت بالردّ على الاعتداء الَّذي استهدف قنصليَّتها، ما يشير إلى أنَّ هذا الكيان بات في نظر العالم فوق القرارات الدوليَّة والأعراف الدبلوماسية، وله الحقّ في أن يدمِّر ويقتل ويرتكب المجازر ويمارس سياسة التجويع والاغتيال كما يشاء، فيما تُفرض العقوبات وتُشنّ الحروب على كلِّ من يريد الحريَّة لشعبه، أو يقف ليدافع عن نفسه أو عن المظلومين في هذا العالم.
وإن كنَّا بدأنا نشهد بعض التَّغيير في مواقف الدّول الدَّاعمة، بعد تحذيرها لهذا الكيان من الاستمرار في النَّهج الَّذي يسير عليه، ولو كان هذا التَّحذير لا يجري لحساب أهالي القطاع والشّعور بمعاناتهم، بل يأتي في سياق محاولات هذه الدّول تبرئة ذمَّتها من هذه الجرائم، ولتحسين صورتها عند شعوبها التي تساند الشَّعب الفلسطيني، وترفع صوتها عبر الإعلام والمسيرات تنديداً بجرائم هذا العدوّ، ولكن لا زلنا ننتظر من دول هذا العالم أفعالاً تردع هذا العدوّ عن الاستمرار بحربه.
لذلك، لن يكون رهاننا على هذا العالم وما يسمَّى المجتمع الدولي، إنما على صمود الشَّعب الفلسطيني وصبره ومقاومته، وعلى أولئك الَّذين شعروا بمظلوميَّة هذا الشَّعب ومعاناته ولم يخذلوه، ممن يقفون معه اليوم ويقدِّمون لأجل نصرة قضيَّته التضحيات.
تهديدات العدوّ.. والتَّوتّر الدَّاخلي
ونصل إلى لبنان الَّذي لا يزال يعاني من اعتداءات العدوّ الصّهيوني واستباحة قراه، فيما يستمرّ في تهديداته للبنان واللّبنانيّين، والَّتي لا تقف عند حدود معيَّنة أو طائفة أو موقع، بل تشمل الوطن كلَّه، وبكلِّ أطيافه، ما يدعو اللّبنانيِّين في هذه المرحلة إلى الوحدة لمواجهة الخطر المحدق بهم، ومنع كلِّ ما يهدِّد هذه الوحدة.
وعلى هذا الصَّعيد، نتوقَّف عند التوتر الَّذي حصل بفعل الجريمة الَّتي طاولت أحد أبناء منطقة جبيل، وكادت تتسبَّب بفتنة داخليَّة، وتعيد الناس إلى أجواء الحرب الأهليَّة التي لا يزال اللبنانيّون يعيشون مرارتها وتداعياتها، وهم اليوم على أعتاب ذكراها في الثَّالث عشر من نيسان، لولا سرعة القوى الأمنيَّة في كشف أسباب هذه الجريمة.
لقد كنَّا نأمل أن ينتهي الأمر عند هذا الحدّ، وإذا كان من علامات استفهام لا يزال البعض يشير إليها، فإننا ندعو أن تتابع عبر القضاء الَّذي ينبغي أن يبقى هو المرجعيَّة لكشف أيّ غموض يراه في مسار التَّحقيق. إنَّ من المؤسف أن نشهد من يريد إدخال هذه الجريمة في إطار الصّراع السياسي أو الطائفي الدَّائر في البلد، من دون أن يعي مخاطر ذلك على صعيد استقرار الوطن الَّذي يتربَّص به من يريد إذكاء الفتنة بين اللبنانيّين لحسابه وعلى حساب مصالحهم، والتي شهدنا بعض مظاهرها في الأيَّام السابقة.
وهنا نقدِّر كلَّ الأصوات التي دعت إلى إبقاء هذه الجريمة في إطارها القضائيّ، وعدم جعلها باباً للفتنة ليس هناك مصلحة لأيّ فريق في الوصول إليها.
إنّ هذا البلد هو أحوج ما يكون إلى من يبرِّد العقول والقلوب، ويبلسم الجراح، ويئد الفتن، لا الَّذي يثير العصبيَّات والانفعالات ويستحضر الأحقاد والفتن، والَّتي إن حصلت، سوف تحرق باقي أخضر هذا البلد ويابسه.
في هذا السياق، نندِّد مجدَّداً بكل الممارسات التي طاولت النازحين السوريّين، وندعو أن لا يؤخذ الجميع بجريرة أفراد، وندعو الدولة إلى أن تتحمَّل المسؤوليَّة على هذا الصَّعيد، ومنع الظلم الذي يتعرَّضون له، مع حرصنا وتأكيدنا ضرورة تنظيم الوجود السوريّ، لمنع حصول ارتكابات كالَّتي حصلت، داعين الدول التي ترعى هذا الوجود إلى القيام بالدَّور المطلوب منها.
ونبقى في الإطار الأمنيّ، لنشير إلى خطورة الجريمة الَّتي حصلت في بيت مري، والَّتي أودت بحياة الصرَّاف محمد إبراهيم سرور، والتي أشارت إلى مدى الاختراق الصهيوني لهذا الوطن لإيقاد الفتنه فيه، أو تصفية حساباته مع من يقف في مواجهته، ما يدعونا إلى العمل بكلِّ جديَّة لمواجهة هذا الاختراق بكلِّ تداعياته، وأن يكون الصوت عالياً في مواجهته، والتنبَّه إلى مخاطره على كلّ اللبنانيّين، والوحدة في التعامل معه.
ذكرى الشَّهيد الصَّدر
وأخيراً، نستعيد ذكرى استشهاد الشَّهيد السَّعيد السيِّد محمَّد باقر الصّدر وأخته بنت الهدى على يد النّظام البائد في العراق، هذه الذكرى الَّتي نستعيد فيها تلك الفاجعة الَّتي ألمت بالعالم الإسلامي، بفقد من ترك بصمات واضحة على صعيد الفكر والفقه والحركة الإسلاميَّة، وفي التصدّي للتحدّيات التي واجهت الإسلام.
إنّنا، ونحن نستعيد هذه الذّكرى، نعيد التَّأكيد على الأمَّة بضرورة الاستهداء بهذا الفكر التجديديّ المنفتح والواعي الَّذي كان الشَّهيد الصَّدر أحد أبرز رموزه، والتمسّك به، لنقدِّم الصّورة النَّاصعة عن الإسلام في فكره وعقائده وتشريعاته ومفاهيمه، ونخترق به كلَّ الحواجز الطائفيَّة والمذهبيَّة والعرقيَّة، ليصل إلى كلِّ مكان.