أبعاد قصّة النبيّ موسى (ع) مع العبد الصّالح

العلامة السيد علي فضل الله

الخطبة الدينية

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى? وَلَ?كِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}. صدق الله العظيم.

نتوقّف اليوم عند واحدة من هذه القصص التي  قد تبدو غريبة بأحداثها، والتي وردت في سورة الكهف، وهي قصّة النبيّ موسى(ع) مع العبد الصّالح، الذي لم يشر القرآن الكريم إلى اسمه، بل إلى صفاته، عندما قال عنه: {فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلّمْنَاهُ مِن لدُنَّا عِلْمًا}.

فقد اختصّه الله سبحانه وتعالى، وكما أشارت الآيات، بميزات ثلاث، وهي: عبادته لله، والرّحمة، والعلم الّذي منحه الله إيّاه، وهذه الصفات أهّلته للموقع الّذي بلغه. وقد أشارت الروايات إلى أنه  الخضر(ع)، وقد سمي ذلك، لأنّ الأرض كانت تخضرّ حيث يحضر، وتنتشر البركة في كلّ مكان يغدو إليه.

موسى (ع) يلتحق بالخضر

وقد بدأت أحداث هذه القصَّة، عندما أوحى الله عزَّ وجلَّ إلى النبيّ موسى(ع) أن يذهب إلى مكان هو مجمع البحرين، وسمي بذلك، لأنه المكان الذي يصبّ فيه نهر النيل في البحر الأبيض المتوسّط. والهدف أن يلتقي بالخضر(ع)، وأن يتزوّد منه علماً لم يحصل عليه.

وقد أعدّ النبي موسى(ع) لهذا السفر الطويل عدّته، واصطحب معه لذلك يوشع بن نون ليعينه على سفره وشؤونه. وبعد عناء طويل، تحقّق اللّقاء، وكما أخبره الله، في مجمع البحرين، وبدأ النبي موسى(ع) بأدب المتعلّم مع معلّمه {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى? أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا}. هنا تصوّروا، نبيّ من أنبياء أولي العزم، كليم الله، وقاهر فرعون وجنده وسحرته، يجلس في موقع التّلميذ التّابع المنضبط الّذي يسأل ويستأذن، وفي هذه عبرة في حبّ العلم وتواضع المتعلّم.

رحّب الخضر بالنبيّ موسى(ع)، لكنَّه كان واضحاً وصريحاً معه منذ البداية، عندما قال له بشكل واثق: {إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا}، فأنت إن صاحبتني، فسترى أموراً غريبة لن تستطيع تحمّلها، لذا عليك أن تصبر، وسأخبرك عنها وعن أسبابها وأهدافها في الوقت المناسب:} فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا}. وأضاف مبرّراً: {وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا}. فأنا أمتلك علماً  بقضايا أنت تجهلها، وكان ردّ النبيّ موسى(ع): {سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا}.

خرق السّفينة

وبدأت الرّحلة، حتى وصلا إلى البحر، فوجدا هناك سفينة راسية على الشّاطئ، فطلب  الخضر(ع) ممن يقودون هذه السّفينة أن يسمحا لهما بالرّكوب معهم، فرحّبوا بهما وأركبوهما السفينة. ولكن وبعد فترة من صعودهما السفينة، وعلى حين غفلة من أصحابها، راح الخضر يفكّك أجزاء من أرضها، حتى خرقها، وبدأ الماء يتسرّب إلى داخلها، وكان النبيّ موسى(ع) يراقب ما يقوم به الخضر باستغراب، وساءه ما يفعل، وكاد يصيبهم الغرق، لولا أن استدرك أصحابها الأمر بعد ذلك وأوصلوها إلى الشّاطئ.

هنا، لم يستطع النبيّ موسى(ع) صبراً، فقال له: {أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا}. هنا يذكّره العبد الصّالح: {أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا}، فيعتذر النبيّ موسى(ع) ويتذكّر وعده: {لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا}.

قتل الغلام

وغادرا السفينة، ووصلا إلى قرية، فوجدا غلاماً. وعلى الفور, ومن دون أيّ مناسبة، قتل الخضر(ع) الغلام، فهلع النبيّ موسى(ع)، ولم يستطع تحمّل ما رأى، وقال له وهو في قمّة غضبه: {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا}. فيكرِّر العبد الصّالح: {أَلَمْ أَقُلْ لك إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا}، فيعتذر النبيّ موسى، ويتذكَّر وعده، ويتعهّد بوعد جديد: {إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا}.

إصلاح الجدار

وانطلقا من جديد، وقد أدركهما الجوع، وصادفا في الطريق قرية، فدخلاها طمعاً في زاد يجدانه عند أهلها، ولكنَّهم أبوا أن يطعموهما وردّوهما خائبَيْن. وبينما هما فيها، وإذا بالخضر يلمح جداراً يكاد ينهار، فبادر إلى إصلاحه وتدعيمه من دون أن يطلب منه أحد ذلك، وكان بإمكانه على الأقلّ، وفق المنطق الطبيعيّ للأمور، أن يطلب أجراً على ذلك ليحصلا منه على طعام، ولا سيَّما أنَّ أهل القرية لم يحسنا التعامل معهما، ولم يقدّما إليهما طعاماً كانا في غاية الحاجة إليه، فيسجّل النبيّ موسى هنا اعتراضه الاستنكاريّ: {لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا}. عند هذا الحدّ، يعلن له العبد الصّالح انتهاء العقد: {هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا}.

كشف الأسباب

عندها بدأ الخضر يكشف عن الأهداف الّتي دفعته إلى أن يفعل ما فعل، والتي واجهت من النبيّ موسى استنكاراً..

أمّا السفينة، فأنا لم أخرقها لأغرق أهلها كما بدا لك، ولكنّ هذه السّفينة كانت لمساكين يعتاشون منها، وثمة ملك ظالم كان يلاحق كلّ سفينة يجدها صالحة ليستولي عليها ويضمّها إلى أسطوله البحريّ. فرفقاً بأولئك المساكين، أردتُ أن أعيبها، حتَّى إذا رآها الملك غير صالحة تركها، وهذا ما حصل، فما قمت به كان رحمةً بأولئك المساكين.

وأمّا الغلام الّذي قتلته، فلم أقتله حبّاً بالقتل أو ظلماً وطغياناً، ولكنّ هناك هدفاً كبيراً دعاني إلى القيام بهذا العمل، وهو الرأفة بأبويه المؤمنين، فقد كان ولداً مشاكساً سيّئ الأخلاق، كافراً، وكان يضغط على أبويه حتى يتركا إيمانهما ويلحقهما بما هو عليه،  فأقدمت على قتله كي لا يرهقهما طغياناً وكفراً، وحتى لا يكون عبئاً عليهما، وسوف يبدلهما الله بولد خيراً منه.

وأمّا قصّة الجدار الّذي أصلحته بدون أجر، ورغم حاجتنا إلى المال لشراء الطّعام، فقد كان هذا الجدار لغلامين يتيمين وتحته كنز، وكان أبوهما رجلاً صالحاً، وهو قبل أن يموت، أوصى لهما به، وكي لا يُكتشف هذا الكنز إذا تداعى الجدار، قمت بإصلاحه، حتَّى إذا كبر اليتيمان وبلغا أشدّهما، استخرجا كنزهما واستفادا منه…

هذا تأويل ما فعلته، وأنا أعذرك على غضبك وانفعالك، ولو كنت مكانك لتصرّفت كما تصرّفت، ومن الطبيعيّ أن يصدر عنك هذا الاعتراض. فالفرق بيني وبينك، أنّ الله اختصّني بعلمه، وما قمت به هو بأمر من الله، وهذا تأويل ما لم تستطع عليه صبراً.

أيّها الأحبّة، لقد أراد الله سبحانه وتعالى من خلال كلّ هذه القصّة، أن يشير إلى حقيقة، وهي أنّ وراء كلّ ما يجري لنا أو من حولنا من أحداث، مما قد نراه مسيئاً، أو مما نعانيه، حكمةً وخيراً ومصلحة.

الحكمة في عدم التسّرع

لذلك، يدعونا الله أن لا نتسرَّع في الحكم على الأشياء، فلا نأخذ بظواهرها، بل أن ننظر إلى بواطنها والحكمة من ورائها، لأنّنا غالباً لا نتعمّق في الصورة، ما يجعلنا نعترض  على الله، عندما نفقد عزيزاً، أو عندما تحدث كوارث من زلازل أو براكين، أو كالذي نعانيه الآن من أوبئة، ونعتبر ذلك مخلاً بعدالته أو رحمته تعالى. أمّا لو دقّقنا في خلفيات ما يجري، لوجدنا هناك حكمة من وراء ذلك لا ندركها لأوّل وهلة، والحكمة  ليست دائماً مادّية، بل قد تكون معنويّة. وقد رأينا من خلال مضامين هذه الحوادث الّتي تسردها هذه السّورة، كيف تبدّلت نظرتنا إلى ما قام به العبد الصالح بين البداية والنهاية.

وهذه هي الحقيقة التي ينبغي أن نستحضرها عند كلّ بلاء، وطبعاً، عندما لا يكون البلاء بسبب سوء تصرّفاتنا، بل بناءً على قوانين الله وأحكامه، فنرى في ذلك خيراً كثيراً، ويمكن أن نعرف الحكمة منه مباشرةً، وقد يتبيَّن ذلك في المستقبل، وهذا ما حرص الله على الإشارة إليه، عندما قال لنا أن لا نستعجل في الحكم على المكاره والبلاءات {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ{..

وهو ما حرص الله أن يبيّنه لنا في حديث قدسيّ: “ما خلقت خلقاً أحبّ إليّ من عبدي المؤمن، وإني أنا أبتليه بما هو خير له، وأعطيه لما هو خير له، وأزوي عنه لما هو خير له، وأنا أعلم بما يصلح عليه عبدي، فليصبر على بلائي، وليرض بقضائي، وليشكر نعمائي، أكتبه في الصدّيقين عندي إذا عمل برضاي وأطاع أمري”…

وقد ورد في الحديث: “ما من بليّة إلا ولله فيها نعمة تحيط بها”، وقد تكون النعمة في الدنيا، وقد تكون في الآخرة، والآخرة خير وأبقى.

ومن هنا، أيّها الأحبّة، نحن مدعوّون دائماً عندما نعيش في هذا الكون الّذي يحكمه ربّ حكيم رحيم محبّ لعباده، وسعت رحمته كلّ شيء، أن نرى وراء الحزن والألم  دائماً فرحاً وسروراً، وهذا ما يعنيه الله عندما يقول: {إنَّ مع العسرِ يسراً}..

لذلك، نحن راضون بقضاء الله وحكمه، وبكلّ ما يجريه علينا، لأنّه لا يريد لعباده إلا الخير والعطاء لهم.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

الموقف السياسيّ

توقَّف سماحة العلامة السيِّد علي فضل الله في بداية حديث الجمعة عند المعاني الروحيّة التي يجب على المؤمنين استلهامها في استقبال شهر رمضان المبارك، قائلاً إنّه رغم كلّ الظروف الصّعبة التي نعيشها، والضّيق الّذي نحن فيه، سنستقبله استقبال المؤمنين المستبشرين بقدومه، فنتعرّف فيه أكثر على أمور ديننا، ونعمل على زيادة وعينا، وبناء أنفسنا على صورة الخير والمحبّة والرّحمة والعدل التي يريدها الله للنّاس.

الصّبر في مواجهة الوباء

ورأى أنّ فيروس كورونا الذي لا يزال يتحدّى العالم، حصد حتى الآن أكثر من مليوني إصابة ومئة وثلاثين ألف قتيل، وترك آثاراً كارثيّة لم تقف على الصعيد الصحي الطبي، بل امتدّت إلى الشأن السياسي والاقتصادي، وحتى الأمني، حيث يقال إنّ العالم سيتغيّر بعد كورونا، ولن يكون كما كان من قبل.

وأضاف أنّ التزام اللّبنانيّين بإجراءات التعبئة العامّة، وإن بنسب مختلفة بين منطقة وأخرى، ساهم في تقليل أعداد الإصابات، ومنع من وقوع لبنان في الوضع الكارثي الّذي أصاب بلداناً أخرى، مما لم يكن لبنان قادراً على تحمّل تبعاته.

 وحيّا سماحته اللّبنانيّين على صبرهم، والأطبّاء والممرّضين والقوى الأمنيّة على كلّ الجهود التي يبذلونها في مواجهة هذا الوباء لمنع انتشاره، مجدّداً دعوة المواطنين إلى الاستمرار في اتباع إجراءات السلامة الصحيّة، وعدم التّهاون بها، واعتبار الاستمرار بها واجباً شرعيّاً وإنسانيّاً وليس خياراً.

وأمل سماحته الاستجابة لنداءات الطلاب والمغتربين الموجودين في الخارج، بتأمين السّبل لعودتهم إلى وطنهم، مطالباً باستمرار الجهد الذي بذل وأدَّى إلى عودة بعضهم، شرط أن تكون هذه العودة آمنةً للعائدين والمقيمين، وتُتَّبع فيها كلّ الإجراءات الكفيلة بسلامتهم.

معالجة الوضع المعيشيّ

ودعا سماحته الحكومة إلى عدم الاكتفاء بالوعود فيما يتعلَّق بالوضع المعيشيّ، والمبادرة إلى معالجته معالجة جديّة وحثيثة، والقيام بكلّ ما من شأنه تخفيف الأعباء عن المواطنين، وتحسين ظروف حياتهم، من خلال تعزيز إجراءات الرّقابة على أسعار السّلع والموادّ الغذائية والحاجات الضّرورية، والتّخفيف من القيود على إيداعات المواطنين، وتوسعة دائرة التقديمات لتشمل حالات لم تشملها سابقاً، وزيادة الاهتمام بالوضع الاجتماعي والمعيشي في ظلِّ تزايد معدّلات الفقر والبطالة والجوع، والتي ترتفع كلّ يوم بفعل استمرار إقفال المؤسّسات والشركات والمصانع والمحال التجاريّة، داعياً الدولة إلى تقديم المساعدات التي أقرّتها للحالات الأشدّ فقراً.

واعتبر أنَّ من المعيب أن يكون السَّبب في تأخير التقدّيمات الاجتماعيّة، اكتشاف خلل وفساد ومحسوبيّات في اللّوائح التي كان يراد توزيع المساعدات على أساسها، ما أدّى إلى إيقافها لإعادة النّظر في الأسماء الموجودة فيها، داعياً الحكومة إلى أن لا تمرّ مرور الكرام على ما حصل، بل أن تسعى إلى محاسبة من باعوا ضمائرهم وتنكّروا لإنسانيَّتهم، عندما حاولوا الاستيلاء على هذه المساعدات على حساب العائلات الأشدّ فقراً، والذين هم بأمسّ الحاجة إليها.

صمت أمام ارتفاع الدّولار

واستغرب سماحته صمت المعنيّين إزاء ارتفاع سعر الدولار في سوق الصيرفة، وقد تجاوز الثّلاثة آلاف ليرة، الأمر الذي ينعكس بشكل سلبيّ على ارتفاع الأسعار، ويشكّل ضغطاً على القدرة الشرائيَّة للمواطنين، وعلى استيراد السّلع من الخارج، في وقت تقف المؤسَّسات الماليَّة والمصرفيَّة مكتوفة الأيدي أمام ما يجري، داعياً الحكومة إلى الإسراع في اتخاذ إجراءات جدّيّة وصارمة لمنع استمرار الارتفاع غير المبرَّر لسعر الدّولار، وفرض الضّوابط لهذا التفلّت في حركة السّوق، والذي لا يخدم إلا فئة من المحتكرين سوف تستمرّ بهذا العبث المتمادي بآلام المواطنين، ما لم تجد الرادع والعقاب المناسب.

خلفيَّات سياسيَّة

ولفت سماحته إلى أنَّ السجالات الحادَّة التي حصلت بين القوى السياسيّة حول مسودة الخطّة المالية والاقتصادية للحكومة، لا ُتخفى الخلفيات السياسية للكثير منها، وهي تدخل في إطار الصراع السياسي الموجود في البلد، مشدّداً على رئيس الحكومة أن يفي بوعوده بعدم اقتطاع جزء من ودائع المواطنين الموجودة في المصارف، والذين لا ينبغي تحميلهم مسؤوليّة الانهيار وما آلت إليه حالة البلد الاقتصاديّة والماليّة.

 هل يمسّ بأموال المودعين؟!

وطالب سماحته بتحميل المسؤوليَّة للذين كانوا في مواقع المسؤوليَّة على المستوى السياسي والمالي، ممن أوصلوا البلد إلى الإفلاس، وأثروا على حساب أموال المودعين والمال العام، من كبار المساهمين في المصارف، أو من كبار المتعهّدين في مشاريع الدّولة، وكلّ الذين هرّبوا أموالهم أو حوَّلوها إلى الخارج، لافتاً إلى أنَّ هؤلاء جميعاً معروفون ويشار إليهم بالبنان.

وأردف سماحته: إنَّ اللّبنانيّين ينتظرون من الحكومة أن تحمي أولئك الذين أفنوا حياتهم من أجل جمع المال لتأمين حاجاتهم وحاجات عائلاتهم، ولمستقبلهم ومستقبل أولادهم، ويريدون منها أن تمتلك الشّجاعة لمواجهة الذين حصَّلوا ثرواتهم من طرق غير مشروعة ومال منهوب، من خلال التّمييز بين الأموال المشروعة لأغلبيّة المواطنين، والأموال غير المشروعة لهؤلاء النَّافذين، ونحن نعلم أنَّ لدى الحكومة من الوسائل والأدوات ما يجعلها تستطيع معرفتهم بدقّة، وهؤلاء هم من يجب أن يُساءَلوا ويُحاسَبوا وتؤخذ أموالهم، فلا تمتدّ الأيدي إلا إليهم.

 الحذر من العدوّ

وتناول سماحته الخروقات التي قام بها العدوّ الصهيوني في الأسبوع الماضي في العديسة، أو في الطائرات المسيّرة التي كانت تجوب سماء بيروت والضّاحية، أو في العدوان السافر بالصّواريخ على سيارة لبنانيّة على الحدود اللبنانيّة – السوريّة، مستغلاً الواقع الصحي والاجتماعي والاقتصادي، والانقسام السياسي، لتغيير المعادلة القائمة، داعياً إلى المزيد من الحذر والجهوزيّة لمواجهة غدر هذا العدوّ الذي يغتنم الفرصة، ويريد الاستفادة من هذه المرحلة، ليثبت قواعد اشتباك جديدة تلغي السابقة.

بداية شهر رمضان

وأخيراً، أعلنَ أنّ بداية شهر رمضان المبارك ستكون في الرابع والعشرين من شهر نيسان، بناءً على المبنى الفقهي لسماحة السيّد(رض)، والذي يأخذ بالحسابات الفلكيّة، سائلاً الله سبحانه وتعالى أن يكون هذا الشّهر شهر خير وبركة على الجميع، وأن يزيل هذه الغمّة عن هذه الأمّة.