أربعين الإمام الحسين (ع) : تجديد الوفاء للنهج الرسالي

ألقى سماحة العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:

 

الخطبة الأولى 

 

وتعود بنا الذكرى الى مدرسة كربلاء ونحن نقبل على مناسبة أربعين الامام الحسين في العشرين من شهر صفر..

وكربلاء أكثر من مدرسة. إنّها جامعة ومصنع، وحياة لإنتاج التاريخ والتغيير، والمستقبل، ومدرسة لا لإنتاج المصلحين والصالحين فحسب، بل لصناعة حزمة من الاختصاصات الإنسانية، وفي مقدمتها التمرّد على الظلم ورفض التسلّط والعبودية والذل.

مدرسة كربلاء،  ومنذ أن كرّست خطّها الجهادي في مسيرة الأمّة، أكدت أنّ الظلم لا يدوم، فالدولة التي أقامها معاوية، وهيّأ لها كلّ مقومات البقاء إلاّ شرط العدل والحق، لم تلبث أن تداعت فوق رؤوس طغاتها وان بعد سنوات ..

 ومدرسة كربلاء أكدت أنّ الثورات التي تغيّر مجرى التاريخ لا يصنعها إلاّ الأوفياء، وأنّ التغيير يصبح تغييراً حقيقيا ومتجذرا عندما ينجزه هؤلاء.

فالوفاء سرّ من أسرار عظمة كربلاء،  من أسرار بقاء تلك الثورة حيّة في ضمير الإنسانية، فهو عنوان صدق الإنسان وأمانته ونبله، ودليل استقامته وإيمانه وسلامة ضميره وعقله، وهل كان بين الحسين وأصحابه وأهل بيته غير حب لا يعرف إلاّ الوفاء والإخلاص والتضحية والايثار.

وإلاّ ما الذي يدفع برجل من أصحاب الحسين (ع) قال الرواة إنّه ألقى لامة حربه، واندفع عاري الصدر إلى ميدان المعركة، فقيل له: أجُننت .. ماذا دهاك؟ فقال: حب الحسين أجنّني.

وسواء أصحّت هذه الرواية أم لم تصح، فإنّ التضحيات التي عرفتها كربلاء ابتداء من الحسين وأهل بيته وأصحابه وانتهاء بأصغر مقاتل، كانت نماذج للإخلاص، والوفاء   فقد كانت كربلاء ساحة تجسّد فيها الوفاء بكلّ تجلّياته، أبهاها وأرقاها، فالذي صنع تلك الملحمة هو الحسين: جدّه محمد بن عبدالله (ص) وأمّه الزهراء (ع) وأبوه علي (ع) وهو من هو سيد شباب اهل الجنة وإمام قام أو قعد. لذلك كان من الطبيعي أن يُجسّد في كلّ قول وعمل هذا الخلق الإنساني، حين تمسّك بعهده مع الله عز وجل، وبدوره كإمام، فثبت على مبادئه وقيمه، وظلّ وفياً لشعارات نهضته وثورته، التي رفعها.

 فالحسين لم يهادن، وظلّ حتّى آخر لحظة من حياته وفياً لقضيته التي ندب نفسه وآله لإنجازها. أثخنته الجراح فما تزعزع يقينه، وسقط شهيداً وما أعطاهم إعطاء الذليل، ولا أقرّ إقرار العبيد. وشعاره : هون ما نزل بي أنه بعين الله.

وصفحة أخرى من الوفاء، تشرق ساطعة في سماء كربلاء، هي الصفحة التي خطّها أصحاب الحسين وأهل بيته. في مواقف اصبحت (كايقونات ) يذكرها المؤرخون ويتناقلها رواة السيرة  ويستلهمها الثوار والمجاهدون.

إنّ أنبل وأرقى صور الوفاء، تلك التي تظهر في الأزمات والأوقات العصيبة والمواقف الصعبة، وأصحاب الحسين كانوا كما قال فيهم الشاعر:

              لبسوا القلوب على الدروع وأقبلوا

                           يتهافتون على ذهاب الأنفس

 إنّ الوفاء لخط الحسين وما يُمثّله كان الخيط الذي جمع تلك الصفوة التي صنعت مع الحسين (ع) ملحمة كربلاء. فقد كان هؤلاء رجالاً ونساء وشباباً وفتياناً عاديين، لهم عائلات، وربما أولاد وزوجات، ولهم آمال وهموم ومشاريع وأفراح وأحزان، لكنّهم وضعوا كلّ هذا وراء ظهورهم، ولم يعد يشغلهم غير واعية الحسين ونصرته.. وكان لكلّ واحد منهم حكاية من حكايات الوفاء.

– كان اسمه عابس بن أبي شبيب الشاكري، وكان أشجع الناس، ولقبه الأسد الأسود. تقدّم من الحسين مودّعاً ومستأذناً وقال: يا أبا عبدالله، أمّا والله ما أمسى على ظهر الأرض قريب ولا بعيد أعزّ عليّ ولا أحبّ إليّ منك، ولو قدرت أن أدفع عنك الضيم والقتل بشيء أعزّ عليّ من نفسي ودمي لفعلته.. أُشهد الله على أنّي على هَدْيك وهدي أبيك. (وهو نفسه الذي قال حب الحسين أجنني )

هذه الصفوة كانت تعيش لحظات عشق إلهي، وحالة وفاء للحسين تصل حدّ الذوبان في حبّه.

 كان أصحاب الحسين من أهل البصائر، لذلك كان وفاؤهم الوفاء الواعي، والوفاء البعيد عن أي عصبية أو مصلحة ذاتية، وبرز وعيهم هذا في وضوح الرؤية عندهم أنّهم يضحّون من أجل بقاء الدين، وضرب الباطل اليزيدي، ومحاولة إخراج الأمّة من مستنقع الخنوع والصمت والقبول بالانحراف.

كانوا يرون فيه رسول الله (ص) والإمام علي (ع)، والإسلام النقي، واستمرار الرسالة، لهذا كان وفاؤهم للحسين وفاء لرسول الله (ص) وتمسّكاً بنهجه وخطّه، ووفاء لخطّ علي باعتباره الإمام والامتداد للنبي، وهذا سعيد بن عبدالله الحنفي يقول للحسين، حين يُحلّهم ليلة العاشر من أي بيعة أو عهد، ويبيّن لهم ما هو مقبل عليه: لا والله يابن رسول الله لا نخليك أبداً حتّى يعلم الله أنا قد حفظنا فيك وصية رسول الله (ص)..

ومع سقوط  الحسين صريعاً ،كثر صياح القوم وهرْجهم، وكان بين أصحاب الحسين الصرعى سويد بن أبي مُطاع، وكان يُحسب في عداد الشهداء، لكنّه كان لا يزال حيّاً، استفاق من غيبوبته ،وجد في نفسه بقية من عزم، ففتّش عن سيفه فلم يجده، واهتدى إلى مدية، واندفع نحو القوم. لقد أبى عليه وفاؤه أن يستسلم للموت وفيه بقية حياة، أو يستسلم لرجاء الحياة وفيه بقية من قوّة لإكمال واجبه.

ومع سويد تنتهي المعركة العسكرية في كربلاء، لكن صفحة كربلاء لن تُطوى.. فهي معركة مفتوحة ولن تقفل، ما دام هناك أوفياء يكملون ما بدأه الحسين وأصحابه، وما كرّسته زينب والأئمة  هو هوية دائمة لكربلاء.

ايها الاحبة

ويبقى السؤال لنا نحن والى كل من تعنيه ثورة كربلاءوالى كل من يعنيه الحسين كابن بنت رسول الله وقد وصى به المسلمين أجمع:

كيف يمكن أن نكون أوفياء للحسين؟

ونحن في أربعين الإمام الحسين، هل تكفي الدمعة، والحزن، ولبس السواد والزيارة كي نكون أوفياء ؟

لقد كانت كربلاء ثورة من أجل الحياة، وصناعة الانسان، لذلك فإنّ أي دمعة نسكبها على مأساة الحسين  فيما الظلم والفساد والانحراف يسرح ويمرح حولنا تجعل وفاءنا أمراً مشكوكاً فيه. ان انحسار  اهتمام جماعة من المسلمين بعاشوراء دون كل المسلمين هو خلل يعكس وفاء وحبا منقوصا او شكليا لآل بيت رسول الله

 عندما أطلق الحسين نداءه  "ألا من ناصر ينصرنا "كان يقصد النصرة في كلّ عصر، وهذه النصرة هي ممكنة ومتعدّدة الوجوه بتعدّد مجالات الحياة وساحاتها:

– نكون أوفياء للحسين بالحفاظ على وحدة الصف الإسلامي، ومواجهة كلّ قوى الاستكبار من دون مجاملة أو مواربة، وفضح أي مشروع هدفه التفتيت وزرع الفتن المذهبية والدينية.

– نكون أوفياء للحسين بزيادة وعينا السياسي لمواجهة الضغوط الإعلامية والسياسية والأمنية، الرامية إلى توهين إرادة مقاومة الاحتلال الصهيوني، ورفض كلّ مشاريع التطبيع والتطويع.

– نكون أوفياء للحسين ولخط الأئمة (ع) بالبراءة من أعدائهم اعداء الاسلام، واتباع نهجهم قولاً وفعلاً.

– ننصر الحسين، ونؤكد وفاءنا له لخطّه بالانتصار على ذاتيتنا وأنانياتنا لحساب قضايا الأمّة، وقضايا مجتمعاتنا.

– ونكون أوفياء للحسين وخط الحسين بتكريس المنبر الحسيني نافذة تستلهم الحدث العاشورائي  بحقيقته وأصالته ليس من أجل الانحباس في التاريخ، إنّما من أجل أن تأخذ قيم الثورة الحسينية طريقها إلى راهننا، وواقعنا، وبذلك ننظر إلى قضايانا، ومشكلاتنا، ومستقبلنا من نافذة كربلائية.

إنّ خط الثورة كان دائماً قاطرة التقدّم والتغيير، في تاريخ الأمم، وأي ثورة لا يمكن أن تبدأ إلاّ بالثورة على النفس، ومطامعها ونوازعها، وكربلاء لم تتحوّل إلى مدرسة للوفاء إلاّ لأنّها كانت مصنعاً للصبر والعطاء والبذل والتضحية.

نعم بالخروج من حدودنا الضيّقة إلى رحاب العطاء الحسيني، نصبح جديرين بأن نكون حسينيين، ونردد بكل صدق لبّيك يا حسين.

ايها الأحبة

 إنّ في الدمعة على الحسين تجديد بيعة وولاء له ولأهل بيته، والمحافظة على نار هذا الحزن في اعماق اعماق القلب ضمانة للتمسّك بنهج الحسين، وتربية النفس تربية كربلائية ، فلقتل الحسين كما يقول الإمام الصادق «حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً ».

نبكيه؟ نعم، يحفر الحزن في القلب؟ نعم. لقد كان الحسين فوق الحزن والبكاء، لهذا نبكيه كي نكون بمستوى حبّه، وكي يعرّش هذا الحب في القلب، ومتّى عرّش خرجت من ذاتك إلى رحاب الحياة.

ايها الأحبة

في هذه الذكرى نتوجه بقلوبنا وارواحنا مع كل زوار الحسين الذين يتوجهون الآن الى مقامه الشريف غير آبهين بالأخطار ومشاق الطريق وبعد المسافة لنقول له : السلام عليك يا ابا عبد الله، السلام عليك يا بن رسول الله، السلام عليك يا بن فاطمة الزهراء، السلام عليك وعلى الأرواح التي حلّت بفنائك واناخت برحلك عليك مني سلام الله ابداً ما بقيت وبقي الليل والنهار، ولا جعل الله اخر العهد مني بزيارتك، اشهد يا مولاي انك اقمت الصلاة واتيت الزكاة وامرت بالمعروف ونهيت عن المنكر وذلك بدمك ودماء اصحابك واهل بيتك وسبي نسائك من اجل اعلان دين الله فجزاك الله عنا وعن امتك خيراً كثيرا.  

 

الخطبة الثانية 

 

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله. ومن التقوى، الالتزام بوصايا الإمام علي بن موسى الرضا(ع)؛ هذا الإمام الذي نستعيد ذكرى وفاته في السابع عشر من شهر صفر. ومن وصاياه: "إنَّ الله أمر بثلاثة مقرونة بثلاثة: أمر بالصلاة والزكاة ـ {وَأَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ} ـ فمن صلى ولم يزكِّ، لم تُقبل صلاته. وأمر بالشّكر له وللوالدين ـ فقال: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} ـ فمن لم يشكر والديه لم يشكر الله. وأمر باتقاء الله وصلة الرحم ـ فقال {اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} ـ فمن لم يصِل رحمه لم يتّقِ الله".

أيها الأحبة، إنَّ إحياء أمر أهل البيت(ع)، لا يتمثّل بذرف الدموع عليهم فقط، أو زيارة مراقدهم، أو إقامة المجالس باسمهم فحسب، بقدر ما نعمل بما أشار إليه الإمام الرضا(ع) عندما سأله أحدهم عن كيفية إحياء أمرهم، قال: "ليتعلَّم علومنا ويعلّمها للناس، فإنَّ الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتّبعونا".

أيها الأحبة، بهذه الطريقة نحيي نهج أهل البيت(ع)، وندخلهم إلى كل الساحات، ونغيّر الكثير من واقعنا الذي يحتاج إلى التغيير. والبداية من لبنان؛ فهذا الوطن لم تعد تقف حدود معاناته عند الشلل في مؤسساته، والفراغ الذي نخشى أن يمتد ليصل إلى موقع رئاسته، وتردي الواقع الاجتماعي والاقتصادي الذي تعانيه كل طبقات المجتمع، والحوادث الأمنية المتكررة، والخوف الدائم والمستمر من انعكاس ما يجري في سوريا والمنطقة عليه، بل إنّ المسألة امتدت لتصيب المؤسسة التي تشكّل الملاذ الوحيد لحفظ الاستقرار الداخلي، وحماية السلم الأهلي، ومواجهة تحديات الخارج، وهي مؤسَّسة الجيش اللبناني، الأمر الذي يجعل هذا البلد مشرعاً على كل الرياح الهوجاء.

إنَّ هذا الواقع يستدعي من اللبنانيين، ولا سيما من هم في مواقع المسؤولية، استنفار جهودهم من أجل الالتفاف حول الجيش اللبناني، والوقوف إلى جانبه، وتأمين الغطاء السياسي الذي يحتاجه، وعدم إثارة الشكوك حول دوره، للحؤول دون تشكيل بيئة حاضنة لكل المتربصين بالبلد، ممن يريدون له أن يدخل في أتون الفتنة التي تصيب محيطه، لترتيب وضعه على قياس مصالحهم لا مصالح أبنائه. ونتوجه إلى من هم في مواقع المسؤولية؛ أولئك الذين أدمنوا لغة الانقسام الحاد، والتراشق بالتهم، وتكفير بعضهم بعضاً، تحت عنوان حبّهم للوطن وحرصهم عليه، وندعوهم إلى الكف عن استخدام هذه اللغة التي تساهم في تسعير الفتنة، وتسمح للمصطادين بالماء العكِر بتوتير الساحة الداخلية، ونشدّد على ضرورة الإسراع بالتلاقي والتواصل، فإننا نعتقد أنهما سيحصلان في نهاية المطاف، فلماذا لا نعمل على أن يحصلا عاجلاً؟!

ومن هنا، ندعو إلى دراسة معمَّقة لكلّ الهواجس والمخاوف الموجودة لدى هذا الفريق أو ذاك، أو لدى هذا المذهب أو تلك الطائفة، بدلاً من تبادل الاتهامات، فكما استطاع المسؤولون أن يجتمعوا على موائد الآخرين، وأن يتفقوا ولو مرحلياً، وأن يبنوا حكومة وحدة وطنية، وأن يؤمّنوا الاستقرار لهذا البلد، برغم كل الانقسام الحادّ الذي كان يجري فيه، هم قادرون على أن يشكّلوا حكومة جامعة، ويمنعوا الفراغ، وأن يصموا آذانهم عن كل الذين يمنعونهم من ذلك، وأن ينظروا جيداً إلى معاناة إنسان هذا البلد، قبل أن يلفظهم ويسقطهم من مواقعهم.

ونحن في الوقت الذي نعيش الخوف مما يجري ومما سيجري، وهذا أمر طبيعي، نبقى على ثقة بوعي اللبنانيين، كل اللبنانيين، بأن أي إخلال بالأمن أو أي تفجير، سيصيب الجميع، وسيربك البلد ويشرعه على الفوضى.

ومن هنا، فإننا ندعو كل اللبنانيين إلى أن يكون كل واحد منهم خفيراً، لا يحمي منطقته فقط، بل كل المناطق، حتى لا يجد اللاعبون بالنار أي مكان يحميهم، أو أي بيئة حاضنة لهم، فيكونوا مكشوفين أمام الجميع.

ونصل إلى سوريا، حيث يستمر نزيف الدم والدمار هادراً بفعل التصعيد الذي وصل إلى حدوده القصوى، ولا سيما في ظلِّ تصاعد حمى الصراع الإقليمي والدولي على أرض هذا البلد، وتدفّق السلاح والمسلحين من كل حدبٍ وصوب، سعياً إلى تغيير موازين القوى.

وفي الوقت الذي نشدد على كل المتصارعين على الأرض، أن يأخذوا بالحسبان المعاناة الأليمة التي يعيشها الشعب السوري في الداخل والخارج، ندعوهم إلى أن يخرجوا من لغة الحسم والحسم المضاد، بعد أن بات واضحاً أن لا أحد قادراً على الحسم، ليكون الموقف هو الانصياع إلى منطق الحوار الذي لا بديل عنه، بعيداً عن لعبة الاستنزاف التي تريدها الدول الكبرى لتدمير القوة العربيَّة والإسلاميَّة، بدءاً من سوريا.

وهذا الأمر هو ما نحذّر منه في العراق، حيث باتت التفجيرات فيه لا تقف عند حدود، وتنتشر انتشار النار في هذا الهشيم السياسي والمذهبي، وباتت تستهدف حتى أولئك الذين يقصدون زيارة ابن بنت رسول الله(ص)؛ سيد شباب أهل الجنة، وإمام المسلمين جميعاً، الإمام الحسين(ع).

وأخيراً، ونحن على أبواب ميلاد السيد المسيح(ع)، هذه المناسبة التي تعد مناسبة جامعة للمسلمين والمسيحيين، فإننا نتمنى أن تتحول إلى محطة للتلاقي، انطلاقاً من اللقاء على القواسم المشتركة، وعلى الكلمة السواء، وعلى مكانة السيد المسيح(ع) وأمه مريم(ع)، فقد جاء رسول الله(ص) بالإسلام مصدقاً لما بين يديه من التوراة والإنجيل.

وفي الوقت الذي نشاطر المسيحيين معاناتهم، ونعتبر أنَّ ما يصيبهم يصيبنا في الصميم، نؤكد أهمية احترام الوجود المسيحي في لبنان والمنطقة، كونه جزءاً أساسياً منها، وليس عنصراً طارئاً عليها، وندعو إلى شراكة حقيقية بين المسلمين والمسحيين، حفاظاً على إنسانية إنسان هذا البلد، بعيداً عن هويته الطائفية أو المذهبية أو ما إلى ذلك، وإلى التمسك بقيم المحبة والتسامح والسلام، التي تشكل الأساس المتين للمسيحية والإسلام على حدّ سواء، فبهذه القيم نحمي هذا العالم من شر الكبار فيه، ونواجه كل دعاة الفتنة والتطرف والغلوّ.

 

المكتب الإعلامي لسماحة العلامة السيد علي فضل الله  

التاريخ : 17 صفر 1435هـ  الموافق : 20  كانون الاول 2013م

 

 

Leave A Reply