ألقى كلمةً في مجلس عاشورائيّ في قرية بنهران – فضل الله: للتَّركيز على قضايانا الكبرى بعيداً من المعارك الجانبية

ألقى كلمةً في مجلس عاشورائيّ في قرية بنهران

فضل الله: للتَّركيز على قضايانا الكبرى بعيداً من المعارك الجانبية

تحدَّث سماحة العلَّامة السيِّد علي فضل الله في حسينيَّة بلدة بنهران في الكورة عن أهداف الثورة الحسينيَّة ومنطلقاتها، حيث عبَّر في بداية كلمته عن سروره لتواجده في هذه المنطقة العزيزة على قلبه، متحدّثاً عن العلاقة المتينة التي تربطه بأبنائها، مشيداً بالوحدة التي تعيشها في داخلها ومع محيطها، مقدّماً التهنئة ببداية عام هجري جديد، لما تمثّله الهجرة من رمزية تاريخيَّة عكست تحولاً كبيراً لمصلحة المسلمين.

ثم تحدَّث عن مناسبة عاشوراء، مشيراً إلى أنها تأتي كلَّ سنة لتشحن النفوس بالعطاء والإيثار والتضحية، معتبراً أنّ علينا عدم الاكتفاء بذرف الدموع من خلال استحضار هذا المصاب الجلل، بل أن نكون حريصين على تحقيق الأهداف التي عمل الحسين (ع) من أجلها وقدَّم في سبيلها كلَّ هذه التضحيات.

وأشار سماحته إلى أنَّ القيمة المركزية التي أظهرتها عاشوراء، هي قيمة الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر التي أكَّدها الإسلام، واعتبر أنها القيمة التي تميِّز أمَّة المسلمين عن غيرها من الأمم في العالم، لذا نريد أن تشكّل عاشوراء مناسبة لاستحضار هذه القيمة والالتزام بها، باعتبارها هي التّعبير العمليّ عن ولائنا وحبّنا، فالحسين كان غيوراً على الدِّين وعلى الحقِّ والعدل، وعلى مصالح النّاس، لذا لم يسكت أو يقف على الحياد، إذ كان يرى من مسؤوليَّته الإيمانيّة والإنسانيّة أن يتحرَّك ليأمر بالمعروف وليواجه المنكر على مستوى الحاكم، وعلى مستوى الناس جميعاً…

وأضاف: لقد سعى الحسين (ع) إلى أن يواجه هذا الواقع بالكلمة الطيِّبة، وبالحوار، وبالموقف، وبقي يسعى إلى ذلك حتى اللّحظة الأخيرة، ولكنَّه عندما رأى أنَّ إصلاح هذا الأمر يحتاج إلى أن يقدِّم دمه ودماء أصحابه، وأن تُسبَى نساؤه، أقدم ولم يتراجع، ليثبت للأجيال أنَّ الخيار ليس في السّكوت على ترك المعروف وفعل المنكر، بل لا بدَّ من موقف، من كلمة، من رفضٍ لهذا الواقع، وإلَّا سيدخل الصامتون في عداد الشركاء للمنحرف وللظَّالم وللفاسد إن هم لم يتحركوا لمواجهة الواقع الفاسد والمنحرف.

ودعا سماحته إلى استخدام الكلمة الطيّبة والحوار مع من نختلف معه، حتى مع من يسيء إلينا، محذّراً من الانسياق وراء الانفعالات السلبيَّة، واستخدام المفردات السيئة، من الشتم واللعن وغير ذلك ضدَّ من نختلف معه، مشيراً إلى أن هذا السلوك الإيجابي لا يمنعنا من أن ندافع عن وجهة نظرنا ونبيِّن حقيقة موقفنا، ولكن باستخدام الكلمة الطيِّبة والأسلوب العقلاني المعتمد على الحجَّة والإقناع، وبذلك نحول الأعداء إلى أصدقاء، ونخفف من التوترات والتشنجات، محذّراً من أن هناك من يريد أن يستدرجنا إلى معارك جانبيَّة ليشغلنا عن قضايانا الكبرى، مشدّداً على عدم السَّماح للمتربصين بنا بتحقيق هذا المخطَّط.

وختم سماحته بأنَّ مسؤوليّتنا جميعاً مواجهة هذا الفساد الذي أوصل البلد إلى هذه الحال من الانهيار الَّتي نعيشها، وجعله مرتهناً يستعطي المساعدات من هنا وهناك، ولا أحد يعطي بالمجان، فالبلد كما نقول دائماً ليس فقيراً، وليس بحاجة إلى مساعدة أحد، ولكن ندعو من يديرونه إلى الترفّع عن أنانياتهم ومصالحهم الخاصَّة، والعمل سوياً لإنقاذه من خلال تكاتف جهودهم وطاقاتهم، بدلاً من تقاذف الاتهامات والتخوين، فالوطن لا يقوم إلا بجميع أبنائه وطوائفه ومواقعه السياسيَّة، وهو يستحقّ منَّا أن نتوحَّد ونقدِّم التنازلات ليبقى حرّاً عزيزاً، ويعيش إنسانه العزة والكرامة بدل أن يفكّر كيف يحصل على تأشيرة من هذه الدَّولة أو تلك حتى يهاجر.