الأملُ في ولادةِ المهدي (عج): المستقبلُ للمستضعفين

الأملُ في ولادةِ المهدي (عج): المستقبلُ للمستضعفين

11 شعبان 1444هـ / 03/03/2023

الخطبة الدينية

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}[النّور: 55]. صدق الله العظيم.

ولادةُ أملِ المستضعفين

في الخامس عشر من شهر شعبان، نحن على موعد مع ذكرى الولادة العطرة لمتمِّم السلسلة المباركة لأئمَّة أهل البيت (ع)، القائم بالحقّ والعدل المنتظر، الإمام محمَّد بن الحسن العسكري، صاحب العصر والزّمان، أرواحنا لمقدمه الفداء.

هذه الذكرى الَّتي تأتي كلّ سنة لتعزّز لدينا الأمل بأنَّ المستقبل لن يكون في نهاية المطاف القرار فيه للظالمين والطّغاة والمستكبرين، أو للَّذين يعيثون في الأرض فساداً، بل هو لعباد الله الصَّالحين، لدعاة الحقِّ والعدل والحريّة، وللمستضعفين…

فعلى يدي هذا الإمام، سيتحقَّق الوعد الإلهيُّ بأنَّ العاقبة ستكون للمؤمنين وللمستضعفين، وهو الَّذي أشارت إليه الآية التي تلوناها: {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً}، وقوله سبحانه: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}[الأنبياء: 105]، والآية الّتي تقول: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}[القصص: 5].

وعلى يديه ستتحقَّق العدالة التي يهفو إليها البشر ويتطلعون لبلوغها، والتي لأجلها أرسل الله الأنبياء والرسل، ودعت إليها الرسالات السماويَّة، والذي أشار إليه الله سبحانه: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}[الحديد: 25].

وقد أشارت الأحاديث الواردة عن رسول الله (ص) إلى هذا الدَّور، فقد ورد عنه (ص): “لا تذهب الأيام واللَّيالي، حتّى يملك رجُلٌ مِن أهل بيتي، يواطئُ اسمُهُ اسمي، يملأُ الأرضَ قِسطًا وعدلاً، كما ملئت ظُلمًا وجَوراً”.

وقد بيَّن رسول الله (ص) صفاته، عندما قال: “القائم من ولدي، اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، وشمائله شمائلي، وسنَّته سنَّتي، يقيم الناس على ملَّتي وشريعتي، ويدعوهم إلى كتاب ربي عزَّ وجلَّ”.

المرشِدُ في زمن الغيبة

إذاً، إيماننا بالإمام المهديّ (عج) ينطلق من إيماننا بصدق وعود الله لنا، وبما ورد عن رسول الله (ص) الّذي {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}[النّجم: 3 -4].

وإذا كان هناك من يسأل كيف يترك الله سبحانه وتعالى النَّاس طوال هذه الفترة بدون من يقوم بهدايتهم وتوجهيهم وتبيان أحكامهم الشرعيَّة ووظائفهم في مرحلة الغياب هذه، فيجاب عن ذلك بأن لا فراغ في هذه المرحلة بعدما أكمل رسول الله (ص) رسالته وأتمَّ بعثته، ثم إنَّ بحوزتنا المصادر التي نستند إليها لمعرفة حقيقة ما جاء به رسول الله (ص) من القرآن الكريم والسنَّة الواردة عنه وعن أئمَّة أهل البيت (ع)، حيث يأتي دور العلماء الَّذين عليهم تبيان هذه الحقائق، وعلى النَّاس الرجوع إليهم فيها، وهذا ما عبَّر عنه الله سبحانه وتعالى عندما قال: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}[النَّحل: 43]، وفي الحديث: “وأمّا الحوادثُ الواقعة، فارجعُوا فيهَا إلى رواةِ حديثِنَا”.

الدَّورُ والمسؤوليَّة

ونحن اليوم، وفي أجواء هذه الولادة المباركة، لا بدَّ من أن نطرح على أنفسنا السّؤال الأساس: ما الدّور المطلوب منّا ونحن في مرحلة الانتظار؟ هل نكتفي بالدّعاء له بالفرج والخروج كلَّما شاهدنا ظلماً أو فساداً أو منكراً لنلقي بكاهل الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر وإقامة العدل وإزالة الظلم والفساد عليه، أو ننشغل في هذا الوقت، كما ينشغل الكثيرون، بالتفتيش عن علامة هنا أو هناك تؤشّر إلى وقت الظّهور ونستغرق فيها، مما لا فائدة كبيرة منه، وإن منحنا بعض الأمل، لأنَّ الكثير مما ورد من علامات بحاجة إلى تمحيص وتدقيق، وحتى لو ثبت، فلا يمكننا أن نثبت أنَّ هذه العلامة أو تلك هي المقصودة بأنها تسبق ظهور الإمام.

فقد ورد في الحديث عن الإمام الباقر (ع)، عندما سئل عن وقت خروجه (عج)، قال: “كذب الوقَّاتون، كذب الوقَّاتون، كذب الوقَّاتون”.

أمَّا ما ينبغي علينا القيام به في هذه المرحلة، فأن ننتظره ونحن نبذل كلَّ جهدنا للوصول إلى الأهداف التي حمَّله الله مسؤوليَّتها وأراد منه تحقيقها، بأن نثبِّت دعائم الإسلام في الحياة، بأن نكون الدعاة إلى الإسلام، أن نبيّن مفاهيمه وعقائده وأحكامه وشريعته، بما دعانا إليها الله عزَّ وجلَّ عندما قال: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[النَّحل: 125]، وأن نعمل من وحي هذا الدّين لتثبيت دعائم العدل في حياتنا؛ بأن نكون كما دعانا، عادلين مع ربِّنا ومع أنفسنا مع جيراننا ومع النَّاس، مع القريب والبعيد، ومع العدوّ والصَّديق، أن نكون عادلين في كلماتنا ومشاعرنا، وفي تأييدنا أو رفضنا، وأن نرفض الواقع الظَّالم والفاسد، لا نؤيِّده بكلمة أو موقف وحتى بمشاعرنا وعواطفنا، أن ننصر ونؤيِّد بكلِّ وسائل الدَّعم الَّتي نمتلكها لواءَ الإصلاح، ونقف في وجه الظّلم والفساد، حتّى لو كان الظّالم والفاسد من طائفتنا أو مذهبنا أو موقعنا السياسيّ، مهما عظمت التَّضحيات وغلت الأثمان، وهذا ما أشار إليه الله سبحانه عندما قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ للهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}[المائدة: 8]، وقوله: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ}…

إنَّ من يكون مع الإمام المهديّ (عج)، لا يمكن أن يكون حياديّاً بين الحقّ والباطل، وبين الظّلم والعدل، وبين الصَّلاح والفساد… ففي منطق الإسلام، الحياديّون يساندون الطغاة بصمتهم وسكوتهم وتخاذلهم.

تحدّياتُ الانتظار

لذلك، أيّها الأحبَّة، عندما ندعو الله عزَّ وجلَّ أن يعجّل الفرج علينا بخروجه، لا بدَّ من أن نتأكَّد من أنّنا جاهزون لتحمّل المسؤوليَّة، إن وفَّقنا الله أن نكون معه وقت خروجه، وهي، بالطّبع، ستكون ثقيلةً بأعبائها وتحدّياتها، وأن لا يكون حالنا في ذلك كمن يدعو إلى ظهور الإمام ليكون معه، لكنَّه رأى الإمام في المنام، ولما دعاه أن يتنازل عن بعض ما يملك من عقاراته وعن موقعه، استيقظ مذعوراً، وحمد الله أنَّه كان في المنام.

سننتظر الإمام (ع) بكلِّ شوقٍ ولهفة، سنترقَّب حضوره في كلِّ وقت، وسنراه دائماً قريباً لا بعيداً، ولكنّنا، بالطبع، لن يكون انتظارنا انتظار القاعدين المتواكلين الذين يقلبون كفّاً على كفّ أسى على واقع الظّلم والفساد أو التخلّف في أيّ ميدان من ميادين الحياة، بل سننتظره في كلّ السّاحات التي يريدنا أن نكون فيها؛ في ساحات العلم والعمل والجهاد والبناء والتطوّر، وفي مواجهة كلّ الظّلم والطّغيان والفساد، ولن نتخلَّف عن أيّ مسؤوليَّة يدعونا إليها الله عزَّ وجلَّ. سننتظره ونحن ندعو الله من كلّ قلوبنا أن نحظى برؤيته والانضواء تحت رايته، وأن نكون من جنوده وأنصاره والمدافعين عنه، ونقول:

 “اللَّهُمَّ أَرِنِا الطَّلْعَةَ الرَّشِيدَةَ، وَالْغُرَّةَ الْحَمِيدَةَ، وَاكْحُلْ نَاظِرِنا بِنَظْرَةٍ مِنِّي إِلَيْهِ، وَعَجِّلْ فَرَجَهُ، وَسَهِّلْ مَخْرَجَهُ، وَأَوْسِعْ مَنْهَجَهُ، وَاسْلُكْ بِنا مَحَجَّتَهُ، وَأَنْفِذْ أَمْرَهُ، وَاشْدُدْ أَزْرَهُ، وَاعْمُرِ اللَّهُمَّ بِهِ بِلادَكَ، وَاَحْيِ بِهِ عِبادَكَ، بِرَحْمَتِـك يـا أرحم الرّاحمين”.

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الخطبة الثّانية

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بإحياء ليلة النّصف من شعبان؛ هذه اللّيلة المباركة التي أشارت الأحاديث إلى أنها من أفضل اللّيالي بعد ليلة القدر، فيها يمنح الله العباد فضله، ويغفر لهم بمنّه، هي ليلة آلى الله عزَّ وجلَّ على نفسه أن لا يردَّ فيها سائلاً ما لم يسأل المعصية.

وقد كان رسول الله (ص) يحرص على إحياء هذه اللّيلة بالعبادة، وتصف إحدى زوجاته ذلك الإحياء فتقول إنّها افتقدت رسول الله ذات ليلة (منتصف ليلة الخامس عشر من شهر شعبان)، فوجدته في محرابه يدعو ويصلّي ويذكر الله ويقرأ القرآن، وظلّ على ذلك طوال اللّيل، لا يكلّ ولا يملّ، حتى طلع الفجر.

فلنتأسَّ، أيّها الأحبَّة، برسول الله، ولنغتنم فرصة هذه اللّيلة، لندعو الله فيها ونصلّي ونقرأ القرآن، مما وردت الإشارة إليه في كتب الأدعية، حتى لا تضيع منّا بركاتها وخيراتها، فنحن أحوج ما نكون إلى تعزيز علاقتنا بالله، وبلوغ ثوابه والتضرّع إليه، ليدفع عنّا البلاء، ويفرّج همومنا، ويكشف كربنا، ويجعل مستقبل أيّامنا خيراً من ماضيها، ونصبح أقدر على مواجهة التحدّيات!

الدَّولةُ تزيدُ المعاناة

والبداية من معاناة إنسان هذا البلد التي لا يبدو أنها ستتوقَّف، بل هي تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، بفعل ما نشهده من الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدّولار، وإن كان من مستوى قد يقف عنده، فهو آنيّ، ولا ينبغي أن نخدع به، وهو جزء من اللّعبة التي يتقنها المصرف المركزي، ومن الطبيعي أن ينعكس ذلك عجزاً في قدرة اللّبنانيّين عن تأمين لقمة عيشهم ودوائهم واستشفائهم، أو تأمين الموادّ الضروريّة لحياتهم، ما يدفعهم إلى اليأس والهروب من جحيم هذا البلد، وقد وصل بالبعض إلى المسّ بحياتهم التي حرَّم الله عليهم مسّها، أو بالتسكّع على الأبواب بحثاً عمَّن يعينهم على تأمينها.

ومع الأسف، يجري ذلك من دون أن تستنفر بقايا الدَّولة أجهزتها لإيجاد حلول تخرجه من حال الانهيار أو التخفيف من وطأته عليهم، بل نراها بدلاً من ذلك تمعن في زيادة معاناة اللبنانيين، وتستمر في سياسة مدّ يدها إلى جيوبهم الفارغة، والذي نشهده برفع سعر الدولار الصيرفي الَّذي يضاعف الرّسوم والضرائب التي يتحمَّلها اللبنانيون، أو بقرارها الاعتباطي بمضاعفة الدولار الجمركي دفعةً واحدةً إلى ثلاثة أضعاف، بحجة تأمين الزيادات التي حصلت لموظَّفي القطاع العام، والّذي يترك تداعياته على ارتفاع الأسعار في بلد يعتمد أكثر من 90% من احتياجاته على الاستيراد من الخارج، علماً أنَّه لا يؤدي الغرض منه لتوفير المال للدَّولة، بسبب الفساد المستشري الذي يؤدِّي إلى التهرب الجمركي أو فتح منافذ التهريب، وهو لن يقنع موظَّفي القطاع العام المضربين بالعودة إلى أعمالهم، أو بقرار بدولرة الاقتصاد من دون أيّ رقابة تحمي المستهلك.

النّفخُ في نارِ الفتنة!

وفي الموازاة، فإن القوى السياسية لا تكتفي بعدم قيامها بالدور المطلوب منها، بل نرى فيها من يمعن في تهديم ما بقي من أركان الدَّولة، وشلّ قدرتها على القيام بدورها في هذه المرحلة الصَّعبة والعصيبة، وهناك من يعمل على النَّفخ في نار الفتنة وزيادة الشَّرخ بين اللبنانيّين، من خلال التصريحات النارية التي يطلقها، أو من خلال إلقاء التهم جزافاً على هذا الفريق أو ذاك، أو تلك التي تستنفر المشاعر وتسيء إلى المعتقدات الدينيَّة والقيم الأخلاقيَّة، من دون التدبر بعواقب ذلك، في بلد متوتر وسريع الاشتعال الطائفي والمذهبي والسياسي.

مسؤوليّةُ إيجادِ الحلول

إننا أمام هذا الانهيار والتداعي الخطير الذي يخشى، إن استمرّ، من تداعياته على استقرار البلد وأمنه، نعيد مناشدة كلّ القوى السياسية إلى تحمل مسؤولياتها، في التخفيف من معاناة اللبنانيين الذين تحمَّلوا أمانة تمثيلهم، وذلك بالإسراع في إيجاد صيغة تضمن إدارة عجلة الدولة والاستقرار السياسي في البلد، والذي يبدأ بانتخاب رئيس للجمهوريَّة نريده جامعاً للّبنانيّين وموحِّداً لهم، ويمهِّد لحكومة فاعلة وقادرة على النهوض الاقتصادي والإداري والسياسي، والقيام بإصلاحات ضروريَّة لإخراج الوطن من أزماته وإعادة الثقة به.

وهذا لا يعني أننا نبرِّئ الخارج من تدخّلاته ودوره في إيصال البلد إلى هذا الحدّ من الانهيار، أو يمنع التوافق المطلوب لحسابات خاصَّة يريدها، أو عامَّة تتصل بالصراع الإقليمي أو الدولي الدائر في المنطقة أو في العالم، والذي لبنان هو واحد من أبرز ساحاته…

لكننا نرى أنَّ القوى السياسية قادرة إن أرادت وقرَّرت على أن تحدَّ من تدخل هذا الخارج وتأثيره، إن هي وحَّدت جهودها من أجل معالجة أزماته، وأخذت في الاعتبار مصلحة البلد وإنسانه كأولويّة.

إنقاذُ العامِ الدراسيّ

ونبقى في الداخل، لندعو إلى ضرورة العمل الجادّ لإنقاذ العام الدراسي في المدارس الرسميَّة، مما يتهدَّد آلاف الطلاب ويمنعهم من العلم، بالإصغاء إلى مطالب المعلّمين، على أن تكون واقعيَّة وقابلة للتحقّق، وتأخذ بالاعتبار مصلحة الطلاب التي هي مصلحة الوطن.

الانفتاحُ على سوريا

ونصل إلى سوريا، لنشير إلى أهمية الانفتاح الذي شهدناه في الأسبوع الماضي على هذا البلد بعد الكارثة التي ألمت به، ولكن نأمل أن لا يقتصر الانفتاح على البعد الإنساني، بل أن يتكلَّل ذلك بعودة سوريا إلى الجامعة العربيَّة للعب دورها على صعيد العالم العربي والإسلامي، والمساهمة في إعادة تعزيز موقع هذا العالم وتوحيد جهوده في مواجهة الانقسامات والصّراعات التي تعصف داخله أو التحدّيات التي تواجهه.

لمساندةِ الشَّعب الفلسطينيّ

ونبقى في فلسطين المحتلَّة، لنشير إلى التطوّر الخطير الذي حصل أخيراً في بلدة حوارة في نابلس، بإقدام المستوطنين مع جيش العدوّ الصّهيوني على حرق بيوت الفلسطينيّين ومساكنهم وسياراتهم، ما يخشى أن يكون ذلك في سياق مخطَّط مدروس، وهو ما يستدعي العمل الجادّ لمواجهة هذا العدوان المستمرّ على الشعب الفلسطيني ومقدّراته، والعمل على تعزيز الوحدة الداخليَّة، على الصعيدين السياسي والميداني، والوقوف معاً لدحر أيّ مشاريع يعمل لها وتكون على حساب الشعب الفلسطيني واستقراره في بلده، في الوقت الذي نجدِّد دعوتنا للعرب والمسلمين أن يتحمّلوا المسؤولية في رفع الصوت في وجه هذا العدوان الخطير، ودعم الشعب الفلسطيني بكلّ الإمكانات، لحمايته وتحصين ساحته ومقاومته، وتعزيزه بكل عناصر الصمود فيه.