الأمومة : قمّة العطاء والتضحية في شخصية المرأة

بسم الله الرّحمن الرّحيم

ألقى سماحة العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:

 

الخطبة الأولى

 

قال الله في كتابه العزيز: {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} (لقمان: ١٤).

قد لا نحتاج كثيرا لنستدل على أنّ الإسلام سعى إلى إشاعة مفردات الخير والرحمة والمحبة وغيرها من العناوين الرحبة الواسعة والحثّ على جعلها أساساً في بناء المجتمع الإسلامي..

فالاسلام ايها الاحبة مملوء بكنوز من القيم الايجابية التي تحتاج إليها الانسانية وقد ظُلم الاسلام منذ ان تعهده الوظيفيون (الذين أخذوا تعليم الدين وظيفة) والانتقائيون بأن ابرزوا منه مقولات الشدة والقسوة «فالله شديد العقاب» انت مقصر إذاً الويل والثبور وعظائم الامور. ونسوا ان الله وسعت رحمته كل شيء.

 طبعاً في الاسلام وخاصة من جهة احكام القصاص، يوجد بعض ما يشير إلى العنف والقسوة.. تشبه تلك الموجودة في الكون والتي تشكل ضرورة ولكنها ليست القاعدة بل الاستثناء.. لها ظروفها ومواردها الخاصّة.. وهذا الامر يحتاج لمناقشة وشرح مفصل قد يكون موضوع  لقاء آخر.. ما استدعى هذه المقاربة وما يعنينا اليوم هو تسليط الضوء على لوحة رائعة من الحنو والمحبة والرحمة.. هي الأم. تعالوا لنرى كيف ينظر القرآن والاسلام إلى الأم.. فهي خير معبر عن روحية الاسلام واجوائه…

 مفردة الأم.. هذه المفردة التي ما أن تُذكر حتّى يتبادر إلى الأذهان الفيض الدافق من الحنان والعطف والرحمة والرأفة التي أودعها الله في الحياة كلها؛ حياة الكائنات اجمع وعلى رأسها الانسان

********

 إنَّ نظرة لحجم منزلة الام في القرآن الكريم، وفي تكاليفنا الشرعية تجعلنا نقف على اهمية المعاني التي يكرمها الاسلام من خلال تكريمه الام.

 لقد تجاوز الاسلام في تكريم الام مسألة عدم إيمانها وحتى شركها فيقول الله عز وجل: {وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا…} (لقمان:١٥) هو طلب من الابناء ان يحسنوا الى الام والاب ويصاحبوهما بالمعروف حتى في حالة الشرك بالله. والله افترض اقصى الاختلاف، وطلب منك أن تنتبه وتَفصل… لا تطعهما في معصية الله ولا تنسَ حقّهما عليك.. بعض الابناء وبسبب قليل من الاختلاف في وجهات النظر حول أمر دنيوي، أو بسبب بعض التدخل في شؤونهم يقاطعون اهلهم أو يتشاجرون معهم.. والمؤسف أنهم يغضبوهم وهذا ليس من الدين في شيء، بل هو باب واسع للخروج منه..

والله كرّم الأم الى حدّ انه جعلها وصيته: {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ…}(لقمان:١٤).. وقد رفع درجة شكرها إلى حد شكره.. {…أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} (لقمان:١٤)..  

مشهد آخر من مشاهد هذه الرحمة الواسعة، وكم نحن بحاجة إلى ان نشيعه ونبرزه وهو للاسف لا يستوقف الكثيرين لنتأمل هذه اللوحة من الرحمة الإلهية: في أحكام الصلاة، واذا كانت الام تصلي لله وهي في حالة الطاعة وبكى رضيعها وهو قريب منها، فانه يجوز لها ان تحمل الرضيع وترضعه بينما هي تكمل الصلاة.. هو مشهد كله رحمة: اشفاق على الصغير من جهة  ومن جهة أخرى اشفاق على الام، التي لا يحتمل قلبها سماع فلذة كبدها وهو يصرخ… فيشفق عليها الله، ويجيز لها ان تهدئ من روع صغيرها، في الوقت التي هي بين يدي الله في الصلاة.. إنه مشهد رحماني ملهم ومحفز للانسان المسلم على ان تكون الرحمة هي الاساس والمعيار في كل عمل مع تجاوز لكل الشكليات والامور المعيقة.

ومن تعاليم الاسلام الحريصة على الام، والتي تشفق عليها ما عبّر عنه رسول الله(ص) عندما جاء إليه رجل يريد الجهاد معه تلبية لندائه، لكن أمّه ما كانت تتحمّل فراقه.. عندها لم يقبل رسول الله ذهابه معه إلى الجهاد، رغم إصرار الولد عليه وقال له: «عند أمّك قرّ فإنّ لك من الأجر عندها مثل أجر الجهاد».

ومن حرص الاسلام على اشاعة كل المعاني التي تمثلها الام فانه لم يجعل تكريم الأم اختيارياً.. ولا موسمياً أو يتحدّد بيوم.. كما هو عيد الأم..  بل اعتبر هذا التكريم واجباً ومسؤولية، هو حق للأم لا بدّ أن يؤدّيه الابناء ما دام لديهم رمق من حياة…

وهذا ما أشار إليه رسول الله(ص) عندما قال: «حق الوالد أن تطيعه ما عاش، وأما حق الوالدة فهيهات هيهات»… أما لماذا فيفصله لنا الامام زين العابدين في رسالة الحقوق: «فحق أمك: أن تعلم أنها حملتك، حيث لا يحمل أحد أحداً، وأطعمتك من ثمرة قلبها ما لا يطعم أحد أحداً.. وأنها وقتك بسمعها وبصرها، ويدها ورجلها وشعرها وبشرها، وجميع جوارحها، مستبشرة بذلك، فرحة موبلة.. محتملة لما فيه مكروهها، وألمها، وثقلها وغمها.. حتى دفعتها عنك يد القدرة، وأخرجتك إلى الأرض.. فرضيتْ أن تشبع وتجوع هي، وتكسوك وتعرى، وترويك وتظمأ، وتضحى وتنعمك ببؤسها، وتلذذك بالنوم بأرقها»

ويحكى عن رجل كان يطوف وهو يحمل أمّه العاجزة، فرأى النبي(ص) فسأله: هل أدّيت حقّها، فأجابه النبي(ص): «لا… ولا بزفرة واحدة» 

ولضمان بلوغ التكريم غايته، تدخّل الاسلام ونهى عن اي سلوكيات  تسيء الى هذا الجو العاطفي والرحموي:

{وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} (الإسراء: ٢٣-٢٤).

آيات رائعة وهي ان دلت على شيء فانما تدل على ضرورة ان يكون ميزان سلوكك وردات فعلك دقيقة للغاية  والحذر كل الحذر من ان تشوبها اي شائبة ولو صغيرة، حتى كلمة أف لو كان هناك تعبير اهون منه لحذر الاسلام ونهى عنه.. كما قال الامام الصادق

هذا هو الدين كما يجب ان نفهمه ونعيش من خلاله حساسية مفرطة تجاه اي خشونة او اي قسوة في تعابيرنا وفي سلوكنا مع من نعيش  في الدائرة القريبة ومن خلالهما مع كل الناس من حولنا.

أيّها الأحبّة… إنّ الأم التي تمنح ولدها حياتها، تصون وتحمي تؤسّس وتعلّم وتظل معركتها مفتوحة مع الحياة إلى أن تحقّق رجاءها بأبناء ناجحين يصبح عقوقها جريمة أكبر من جريمة القتل.. فهذه العظيمة النبيلة، والصادقة والمملوءة حبّاً، هل تراها في كلّ ما تقدّم، تبحث عن أجر أو ثواب أو شهرة أو مجد؟

الأمّ تعطي من دون أن تكِل او تَمل.. وتحمل وترضع وتسهر وتتعب من دون أن تكلف، بذلك لأنّ هذا هو جزء من فطرة أودعها الله فيها.. وهي تعمل بها.

ومن هنا اعتبر الاسلام  العقوق من أكبر الكبائر.. حيث ورد في الحديث: «يقال للعاق: اعمل ما شئت من الطاعة، فإني لا أغفر لك، ويقال للبار: اعمل ما شئت فإني أغفر لك«.

ويكفي في العقوق  من الناحية الشرعية ( كما في الإية) أن يقول الولد لأمّه: أف فضلا أن يحدّ النظر إليها أو أن يحزنها أو يغضبها أو لا يبالي بمشاعرها أو يلتفت  لحاجاتها حتى ولو لم تطلب.

ونلفت الى ان البر بالوالدين يتوجب حتى بعد موتهما وإلى ذلك أشار الإمام الباقر(ع): «إنّ العبد لَيكون بارّاً بوالدَيه في حياتهما، ثمّ يموتان فلا يَقْضي عنهما دَينهما ولا يستغفر لهما، فيكتبه الله عاقاً؛ وإنّه لَيكون عاقّاً في حياتهما غير بارٍّ بهما، فإذا ماتا قضى دَينهما واستغفر لهما، فيكتبه الله بارّاً..».

 

أيّها الأحبّة..

في يوم الأم.. يوم الرحمة والمحبة والحنو.. هذا اليوم الذي لا نريده يوما يتيما في السنة، نتوجّه إلى كلّ الأمّهات بالشكر والتقدير لكلّ ما أعطين.. فكلّ ما وصلنا اليه من إيمان أو من عزّة أو حرية  فإن لأمّهاتنا دوراً فيه…

هنيئاً لنا بأمهات يغرسن الحب والخير والألفة والمحبة في القلوب. وهنيئاً لأمّهات يحرصن على بناء الجسد والعقل والروح  .

ان كل دعوات التكريم للأم ليست إلاّ تعبيراً حقيقياً عن إرادة الله، هو يريد لهذا القلب قلب الأم أن يكون صانع الحياة فيما لا مكان عنده للقاسية قلوبهم.. فاروع مخلوقات الله هو قلب الام.. وقد سأل ولد أمه يوما كيف أحب؟ فقالت أنظر الي.

….

هنيئاً لكلّ ولد بار بوالديه في حياتهما و بعد موتهما.

هنيئاً لكلّ ولد لا يخرج من بيته إلاّ بعد أن يطمئن أنّ أمّه راضية عليه تدعو له بالخير. هنيئاً لكلّ ولد يخشع امامها يحرص على تقبيل يديها.. وخفض جناح الذل لها.

 ولا يفارق لسانه دعاء: اللهم اغفر لي ولوالدي.. رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا..

والحمد لله رب العالمين

 

الخطبة الثانية

 

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله، فإنّها في اليوم الحِرْز والجُنّة، وغداً الطَّريق إلى الجنة. ومن التَّقوى، أن نستذكر السيّدة الزهراء(ع) في ذكرى وفاتها، وفقاً للرواية الَّتي تذكر أنّها توفيت بعد ثلاثة أشهر من وفاة رسول الله(ص)؛ أن نستذكر حبّها لرسول الله(ص)، وحبّ رسول الله لها، والّذي أوصلها إلى أن تكون أماً لأبيها. أن نستذكر عبادتها، وعلمها، وجهادها، وصبرها، ومواقفها العزيزة؛ ونستذكر حزن الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم، وهم يودّعون أمهم. وأي أم هي هذه الأم!؟

أيّها الأحبَّة، علينا أن لا نكتفي في ذكرى وفاة الزهراء(ع)، بأن نذرف دموع الحزن عليها، وأن نتحدّث عن معاناتها وآلامها، رغم حجم ما عانته، بقدر ما نريد لهذه الذكرى أن تكون دافعاً لنا، لنتّصف بصفات الزهراء، ونكون كما كانت، فنرفع صوت الحقّ والعدالة في وجه الظّلم والانحراف، فبهذا نواجه كلّ التحديات، وما أكثرها!

والبداية من لبنان، الذي لا يزال أسير القلق جراء التوتّرات الأمنيَّة، والتفجيرات الإرهابيَّة، وتداعيات ما يجري في محيطه عليه، واستمرار تهديدات العدوّ الصهيوني وخروقاته. وما يزيد من هذا القلق، هو استهداف الجيش اللبناني، الَّذي يعدّ ضمانة لاستقرار هذا البلد، والتّشكيك بحياديّته، والتّصويب المستمر على المقاومة، والتَّشكيك بأهمية دورها في حماية الوطن، في وقت هو أحوج ما يكون إلى جهوزيتها وردعها.

إننا أمام هذا الواقع، ندعو الحكومة، وبعد أخذها ثقة المجلس النيابي، وخروجها من شرنقة البيان الوزاري، إلى تحمّل مسؤولياتها، والقيام بدورها في منح الأولويَّة لمعالجة الوضع الأمني… ونحن نعتقد أن الحكومة من خلال تمثيلها لأغلب المكوّنات السياسيَّة في لبنان، وامتداد علاقاتها الإقليمية والدولية، يمكنها أن تساهم في هذا المجال، إن صدقت النيات، وأن تكون حكومة شراكة، هدفها المصلحة الوطنية، كما كان عنوانها الأول، لا أن تكون كما نخشى، أو كما ظهر من خلال السجالات الأخيرة، حكومة ربط نزاع، أو حكومة تقطيع الوقت، انتظاراً لما قد يحصل في المستقبل، أو حكومة لتمرير الاستحقاق الرئاسي، أو لملء الفراغ.

إننا نراهن على وعي القوى السياسيَّة المتمثّلة في الحكومة، وندعوها إلى القيام بمسؤولياتها تجاه المواطنين، الذين منحوها ثقتهم، وعليها أن تقوم بأقصى ما يمكنها القيام به تجاههم، علماً أننا لا نحمّل هذه الحكومة أكثر مما تستطيع أن تحمله.

وفي هذا المجال، لا بدَّ من التنويه بأهمية الخطوة المتمثّلة بدخول الجيش اللبناني والقوى الأمنية إلى عرسال، إذ إنها تساهم في إزالة الهواجس والمخاوف التي تعتري اللبنانيين، من كونها ممرّاً ومعبراً لسيارات الموت، كما تساهم في إعادة الثقة بين هذه البلدة ومحيطها، وتحقيق الاستقرار للبقاع، الّذي اكتوى ولا يزال يكتوي بنيران المتفجرات، وآخرها في بلدة النبي عثمان، إضافةً إلى الصَّواريخ التي تسقط عليهم بين حين وآخر.

ومن هذا المنطلق أيضاً، نشدّد على ضرورة اعتماد خطة أمنية جادة في التعامل مع ما يجري في طرابلس، حيث لا تزال هذه المدينة تعيش الفلتان الأمني غير المعقول، ما بات يستدعي من القوى السياسية الفاعلة، الجدية في العمل على رفع الغطاء عن المسلّحين، ليمارس الجيش دوره الأمني بنجاح، ولا يقع في دائرة الاستهداف، ولتتحرك الدولة خدماتياً لمعالجة الأوضاع الاجتماعية الصَّعبة في أحياء البؤس المنتشرة داخل المدينة.

إنَّ رهاننا في هذا البلد، ينبغي أن يبقى على وعي اللبنانيين، وحرصهم على وحدتهم وتماسكهم، لا على التوافق الإقليمي الدولي، الذي قد يتبدّل ويتغيّر في أي مرحلة، وفقاً لمصالحه. وبناء عليه، على اللبنانيين أن يدركوا أن مصيرهم واحد، ومستقبلهم واحد، وأن لا خيار أمامهم إلا التوافق.

ونصل إلى سوريا، الَّتي دخلت في إطار اللعبة الدولية، وفي أتون الصراع الدولي من بابه الواسع، وخصوصاً بعد ما جرى في أوكرانيا، إضافة إلى دخول الكيان الصهيوني على الخط، من خلال غارته الأخيرة على القنيطرة، بذريعة الردّ على العبوة التي انفجرت في الجولان.

إنَّ كلّ هذا الواقع يستدعي وعياً من كل السوريين، حتى يتكاتفوا لإخراج بلدهم من دائرة هذا الصراع الدولي المتفاقم، ويعيدوا النظر بحساباتهم السابقة، قبل أن تسقط سوريا في لعبة الأمم، ولا سيما بعد سقوط الكثير من الرهانات السابقة!

أما فلسطين، فلا يزال العمل فيها جارياً للضغط على السلطة الفلسطينية، لكي تقدم التنازلات للعدو، تحت عنوان المجازفة من أجل السلام، كما يقول الرئيس الأميركي، ونحن نتساءل: ماذا بقي بيد الفلسطينيين لكي يقدموه ويجازفوا به، غير التوقيع النهائي لحساب العدو، والاعتراف بيهودية الكيان، والتنازل عن حق العودة؟! أما ما يُطلب من العدو، فهو التنازل عن أمور شكلية، قد تتصل بالسجناء، أو تحسين الأوضاع الحياتية للفلسطينيين، على حساب القضية والأرض التي ينهش جسدها الاستيطان المتسارع في الضفة الغربية وما تبقى من القدس!

إنّنا في الوقت الّذي نحيي المواقف الفلسطينية الداخلية، الَّتي دعت إلى وحدة الموقف الفلسطيني في مواجهة الضغوط التي تمارس ضد الفلسطينيين، ندعو هذا الشعب الصابر والصامد، إلى أن تبقى ثوابته ومواقفه راسخة. ونحن لا نزال على ثقة بأن الشعب الفلسطيني، ومعه الشعوب العربية والإسلامية، تمتلك القدرة على مواجهة هذا الكيان، والمهم أن تبقى هذه القضية، وألا تسقط في دائرة الإهمال والنسيان.

وعلينا أخيراً، أن نعيد التذكير بضرورة التوقف عن العادة المتخلّفة المتمثلة بإطلاق الرصاص عند تشييع عزيز، أو عند أي حدث أمني أو سياسي، ففضلاً عن حرمته الشرعية، فإنه يضاعف قلق الناس، ويزيدهم توتراً وخوفاً، ويضع السلاح في غير موقعه الطبيعي، ناهيك بما يتسبّب به الرصاص الطائش من مآسٍ ومشاكل… ومن لا يعرف ما يسببه، فليذهب إلى المستشفيات، ليرى نتائج رصاصاته التي قد تصيب شخصاً هنا، وتقتل شخصاً هناك، فاتقوا الله في عباده وبلاده أيها المطلقون للرصاص، ولا سيما من يحمل منكم العنوان الديني وعنوان التقوى. 

 

المكتب الإعلامي لسماحة العلامة السيد علي فضل الله

التاريخ : 20جمادي الأول 1435هـ الموافق : 21 آذار 2014م

 

Leave A Reply