الإمام الحسن(ع): تجسيد الإسلام بصورته المشرقة

ألقى سماحة العلامة السيد علي فضل الله ، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:

 

 

 

 

قال الله سبحانه وتعالى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ} صدق الله العظيم.

نستعيد في الخامس عشر من شهر رمضان المبارك ذكرى ولادة واحد من هؤلاء الأئمة وهو الإمام الثاني من أئمة أهل البيت(ع) ممن نزلت عليهم الآية: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}.

 

وممن قال فيهم رسول الله(ص): "إني تاركٌ فيكم ما إن تمسَّكتُم به لن تضلُّوا: كتاب الله، وعِترتي أهل بيتي.." "سيد شباب أهل الجنة"..

 

وقد حظي هذا الإمام برعاية خاصة من جده رسول الله(ص) منذ نعومة أظفاره وهو من سماه باسم لم يسم به أحداً من قبله "حسن" وعق عنه بعد سبعة أيام من ولادته وقال: "بسم الله عقيقة عن الحسن.. اللّهمّ لحمها بلحمه، ودمها بدمه، وعظمها بعظمه، وشعرها بشعره، وجلدها بجلده".. وطلب من أمه الزهراء(ع) أن تتصدق بوزنه فضة.

 

وقد أحبه رسول الله حباً لا يدانيه حب، حتى إنه كان يتوجه إلى الله بحبه ويقول: "اللهم إني أحبه فأحبه".

 

ولذا انطبعت شخصيته ومزاياه بشخصية رسول الله(ص) كما انطبع خلقاً.. فقد ورد في سيرته أنه كان أحسن الناس خلقاً وسؤوداً وهدياً برسول الله.. وإلى ذلك أشار رسول الله: "حسن مني وأنا من حسن".

 

وبعد وفاة جده رسول الله(ص) شارك الإمام الحسن(ع) أباه في أداء دوره الرسالي ومن ثم حمل معه أعباء الخلافة وتحدياتها وكان حاضراً معه في كل حروبه في الجمل وصفين والنهروان.. وكان واحداً من أبطالها.. وبعد وفاة أبيه تولى الخلافة في أصعب الظروف وأشدها حراجة حيث برزت أمامه التحديات التي تمثلت آنذاك بطموح معاوية في اغتصاب الخلافة وجعلها في بني أمية، والذي عمل في مواجهة الإمام الحسين(ع) على خطين، الخط الأول هو تشويه صورة الإمام(ع) وإسقاطه في أعين الناس..

 

وقد أطلق لذلك الكثير من أبواقه الدينية والإعلامية لتصوير الإمام الحسن(ع) بأنه يحب الدنيا ويسعى وراء شهواته.. وعلى سبيل المثال فإن من الأحاديث التي دستها الماكينة الأموية ونسبتها إلى الإمام علي(ع) أنه قال عن ولده الحسن: "لا تزوجوا ابني الحسن فهو مزواج ومطلاق".. وأوردوا أنه تزوج ثلاثماية امرأة، وأنه كان يذهب إلى حيث تجتمع الناس ليقول لهن من يتزوج ابن بنت رسول الله.. وغير ذلك من الأقاويل التي لا أساس لها من الصحة عقلاً ونقلاً.

 

والخط الثاني، هو تجهيزه جيشاً لمواجهة الإمام الحسن(ع) مستغلاً تعب جيش الإمام(ع) الذي كانت أثقلته الحروب الطويلة في حرب الجمل إلى صفين إلى النهروان.. ورغم ذلك أعد الإمام الحسن(ع) جيشه في مواجهته، لكنه عاد وصالح معاوية بعدما عرض عليه الصلح عندما رأى أن لا مصلحة من استمرار المعركة مع معاوية آنذاك لكونها خاسرة، وإن النتائج التي ستحصل لن توازي التضحيات التي ستقدم، وفي بنود الصلح أن يتولى الخلافة ما دام حياً لتعود بعده إلى الإمام الحسن أو الحسين..

 

ونحن عندما نستعيد ذكرى ولادة هذا الإمام، فإننا لا نريدها أن تكون عابرة نعبر فيها عن سرورنا وحبنا له بقدر ما نريد أن نأخذ من عبر ودروس هذا الإمام حتى نكون فعلاً من شيعته.

 

وهنا نذكر حديثاً يعبر عن معنى التشيع عندما جاء إليه رجل قال له أني من شيعتكم والإمام(ع) يعرف أنه في حياته وسلوكه لم يكن يمثل هذه الصورة فقال له: "يا عبد الله إن كنت لنا في أوامرنا وزواجرنا مطيعاً فقد صدقت، وان كنت بخلاف ذلك فلا تزر في ذنوبك، بدعواك مرتبة شريفة لست من أهلها، لا تقل أنا من شيعتكم، ولكن قل: أنا من مواليكم ومحبيكم ومعادي لأعدائكم، وأنت في خير وإلى خير..".

 

وهناك الكثير مما يمكن الحديث عن سيرة هذا الإمام في علمه وعبادته وشجاعته وإنفاقه.. ولكننا سنتوقف عند أبرز صفة من صفاته وهي صفة الحلم، فقد سمي بحليم أهل البيت وقد شهد له بذلك أعداؤه، حيث يذكر أنه لما توفي وأخرجت جنازته أصر مروان بن الحكم أعدى أعدائه على حمل جنازته وعندما سأله الحسين(ع) تحمل اليوم جنازته وكنت تجرعه الغيظ؟ قال: نعم كنت أفعل ذلك بمن يوازن حلمه الجبال.. والحلم يراد به أن يملك الإنسان غضبه وأن لا يتصرف بوحيه..

وهنا سنورد عدداً من مواقفه:

جاء في السيرة أن الإمام التقى، وكان مع أصحابه وهو في الطريق في المدينة بشخص من أهل الشام ممن رباهم معاوية على الكراهية والحقد لأهل البيت(ع).. هذا الرجل بمجرد ما عرف أن هذا هو الإمام الحسن(ع) وأنه ابن علي(ع) حتى راح يسبه ويشتمه ليفجر الحقد المزروع في داخله.

 

هنا اندفع أصحاب الإمام لإسكات هذا الرجل والرد عليه.. لكن الإمام(ع) قال لهم أنا أتدبر أمره.. فأقبل على الرجل بابتسامته المعهودة.. وقال له: أيها الشيخ أظنك أخطأت فنحن لسنا كما تظن.. ولعلّك شبّهت، فلو استعتبتنا أعتبناك، ولو سألتنا أعطيناك، ولو استرشدتنا أرشدناك، ولو استحملتنا حملناك، وإن كنت جائعاً أشبعناك، وإن كنت عرياناً كسوناك، وإن كنت محتاجاً أغنيناك، وإن كنت طريداً آويناك، وإن كان لك حاجة قضيناها لك، فلو حرّكت رحلك إلينا وكنت ضيفنا إلى وقت إرتحالك كان أعود عليك لأنّ لك موضعاً رحباً وجاهاً عريضاً ومالاً كبيراً.. ثم دعاه إلى بيته وفعلاً ذهب هذا الرجل إلى بيت الإمام(ع) ووجد فيه أجواء الإيمان والروحانية, فخرج من عند الإمام وهو يقول:

 

أشهد أنّك خليفة الله في أرضه، الله أعلم حيث يجعل رسالاته، كنت أنت وأبوك أبغض خلق إليّ والآن أنت أحبّ خلق الله إليّ.. والله أعلم حيث يجعل رسالته..

 

موقف ثانٍ: كان للإمام سلام الله عليه شاة فوجدها يوماً وقد كسرت رجلها فقال لغلامه من فعل هذا.. قال الغلام أنا.. قال الإمام(ع): لم ذلك؟ قال الغلام: لأجلب لك الهم والغم.. نتيجة توهمات موجودة لديه تجاه الإمام(ع) والتباسات غير واضحة.. فتبسم الإمام(ع) أنت فعلت ذلك أنت تريد أن تجلب لي الغم والهم أما أنا لأسرك، وأعتقه وأجزل له في العطاء حتى يكمل حياته.. هنا هذا الغلام راح يبكي ويعتذر من الإمام(ع) وقبل عذره..

 

وموقف ثالث عند وصيته لأخيه الإمام الحسين(ع) قال له: "أوصيك بمن خلفت من أهلي وولدي وأهل بيتك.. وأن تكون لهم خلفاً ووالداً، وأن تدفنني مع رسول الله(ص) فإني أحق به وببيته، ولكن إن أبوا عليك بني أمية فأنشدك الله.. وبالرحم الماسة من رسول الله(ص) أن لا تهرق فيَّ محجمة من دم"..

 

وهذا ما حصل، عندما أرادوا دفنه.. جاء بنو أمية ومنعوا ذلك وكاد يحصل قتال بينهم وبين بني هاشم.. فجاء الحسين(ع) ودعا إلى وقف النزاع استجابة لوصية أخيه الحسن(ع) ودفن حينها في البقيع إلى جانب جدته فاطمة بنت أسد كما هو الآن.

 

وموقف آخر، هو حلمه مع أصحابه الذين هاجموا صلح الإمام الحسن(ع) مع معاوية، حيث لم يفهم بعض أصحاب الإمام منطلقات الإمام في هذا الصلح.. بحيث إن البعض منهم راح يقول: السلام عليك يا مذل المؤمنين.. وهناك من قال: لوددت أنك متّ في ذلك اليوم ومتنا معك..".. وكان الإمام يواجه كل ذلك بسعة صدره ويقول لهم إني لم أفعل ذلك إلا لأجلكم حتى عادوا عن إساءاتهم بعدما فهموا حقيقة موقف الإمام(ع).

 

أيها الأحبة:

إننا أحوج ما نكون في ذكرى ولادة الإمام الحسن(ع) أن نستهدي به في هذه القيمة بأن نتخلق بخلقه هذا بأن نكون الحلماء الذين لا يسارعون إلى التوتر والانفعال والغضب، إن وترتهم الأجواء التي تحيط بهم وما أكثر دواعي التوتر والانفعال.. فكل شيء يوتر الأوضاع العائلية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية.

 

وكلنا يعرف ماذا يفعل الانفعال والتوتر إن استحكم بالنفوس، فقد ورد أن الغضب مفتاح كل شر.. ويكفي أن نعرف ذلك حتى نذهب إلى المستشفيات أو السجون أو إلى المقابر حيث يدفنون.. والواقع يشهد كم أدى ويؤدي الغضب والانفعال في واقعنا على كل المستويات..

 

ولذلك رأفة بأنفسنا وبالآخرين أن نحلم إن لم نكن بعد وصلنا إلى الحلم.. وهذا يحتاج إلى جهد منا وإلى صبر، ولكنه مربح في الدنيا يوفر علينا تبعات الانفعال في الآخرة..

 

فقد ورد في الحديث: "من كظم غيظاً وهو يقدر على إمضائه حشا الله قلبه أمناً وإيماناً".. "من كف غضبه كف الله عنه عذابه" {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}.. أما كيف نصل إلى هذه القيمة، فبالصمت والإعراض عن الموترين وعدم الرد عليهم وقد ورد في الحديث: "داووا الغضب بالصمت..".

 

فلنستعيد في أجواء هذا الشهر المبارك الذي جل رسالته هو كف الغضب.. وقد ورد فيه: "من كف غضبه كف الله عنه عذابه"

"أَللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنْ هَيَجَـانِ الْحِرْصِ، وَسَوْرَةِ الغَضَبِ وَغَلَبَةِ الْحَسَدِ وضَعْفِ الصَّبْرِ، وَقِلَّةِ الْقَنَاعَةِ وَشَكَاسَةِ الْخُلُقِ، وَإلْحَاحِ الشَّهْوَةِ، وَمَلَكَةِ الْحَمِيَّةِ".

 

 

 

الخطبة الثانية

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بأن ننظر في هذا الشهر بعين الرأفة والرحمة والمسؤولية، إلى كل هؤلاء الذين يحتاجون إلى من يمدّ إليهم يد العون.. إلى الجائعين والعطشى والمديونين والمهمومين والمغمومين وكل من يتألم ويعاني، لنتحسس آلامهم وآمالهم ومعاناتهم.. ونفكر كيف ننتشلهم من واقعهم، والله نعم العون للساعين إلى ذلك.. وهذا هو الباب الواسع الذي نبلغ به حب الله، ولا سيما أنه قرن حبه بحب عباده.

 

وقد ورد في الحديث: "الخلق كلّهم عيال الله وأحبّهم إليه أنفعهم لعياله"، "لا يكون المؤمن مؤمناً حتى يحبّ لأخيه ما يحب لنفسه، ويكره له ما يكره لها".

 

والإنسان لا يبلغ القمَّة في العبادة حتى يصبح مشاءً في حوائج الناس. وبذلك، نحفظ واقعنا، ونثبّت الأرض التي نقف عليها، ونواجه التّحدّيات.

 

تفجيرات إيران

والبداية من الإرهاب المستشري المتفلّت الَّذي لا حدود لحركته، والّذي لا يأخذ في الاعتبار حرمة الزمان أو المكان أو الدماء البريئة التي تسفك بغير وجه حقّ. وكان آخر استهدافاته ما حصل في الجمهورية الإسلامية في إيران، حين استهدف البرلمان الإيراني ومرقد الإمام الخميني (رض). من الواضح أنَّ ما حصل يهدف إلى زعزعة الاستقرار في هذا البلد، والمسّ بهيبته الأمنية، وخلق مناخ من عدم الثقة بين مكوناته الدينية والمذهبية والقومية، والتسويق لصراع مذهبيّ لإضعافها وإضعاف دورها.

 

إننا نثق بأنَّ الشَّعب الإيرانيّ سيقف موحداً ومتراصّاً خلف قيادته في مواجهة هذا الاستهداف، وسيفوّت الفرصة على كلّ العابثين بأمنه واستقراره. ونحن في هذه المناسبة، نتقدَّم بالعزاء من أهالي الضَّحايا، ونتوجّه بالدّعاء لشفاء الجرحى.

 

لبنان

وبالانتقال إلى لبنان، فإننا نقدّر دور القوى الأمنية اللبنانية، وقوى الأمن العام خصوصاً، في الإنجاز الذي حقّقته في متابعتها للخلايا الإرهابية وكشفها، من خلال عمليات استباقية، بعد أن كان يتم التحضير لاستهداف تجمعات خلال إفطار شهر رمضان، ما وقى لبنان من آثار ما كان سيحصل.

 

ونحن في الوقت الذي نشدّ على يد الأجهزة الأمنية لمتابعة دورها، بعد أن أصبح واضحاً الإصرار على استهداف الساحة اللبنانية.. ندعو اللبنانيين إلى توحيد جهودهم وطاقاتهم في مواجهة هذا التهديد الذي بات من الواضح أنَّ اعتداءاته لن تقف عند حدود منطقة معيّنة أو طائفة أو مذهب، بل هو يتهدّد كلّ اللبنانيين..

 

ونبقى في لبنان في ظل هذا الخطر الداهم، فبعد أن استبشر اللبنانيون خيراً بخروجهم من مخاطر الفراغ وتبعاته، والتوافق على قانون انتخابي جديد مبني على أساس النسبية، وإن لم يكن بمستوى طموحاتهم، بعد أن توزعت الدوائر الخمسة عشرة في هذا القانون على القوى السياسية، بما يؤمن لها الحفاظ على مكتسباتها، حتى برزت معطيات تعيد البلد إلى المربع الأول، بل إلى ما قبل اتفاق الطائف، حيث الحديث عن شروط إضافية في القانون الانتخابي المطروح.. وعن تعديلات ينبغي أن يتضمنها الدستور هي ذات بُعد طائفي يكاد يعرقل القانون، ويوحي بأن هناك من لا يرغب بتمريره إلا وفق صيغة تؤمن له كل طموحاته، من دون أن يأخذ في الاعتبار بقية المكونات التي تشاركه في الوطن..

 

ونحن في هذا المجال، وفي الوقت الَّذي ندعو إلى أن تأخذ كلّ الطوائف حقوقها كاملة، وأن لا يشعر أي منها بالغبن، نشير إلى أنه قد يكون صحيحاً القول إنَّ الدستور ليس مقدساً.. إلا أنَّنا نرى أن الطروحات التي يراد تعديلها فيه، ليس وقتها الآن، وإن أُريد حصولها، فينبغي أن تتَّصل بكل ما يخرج البلد من الطائفية إلى المواطنية، بعدما أثبتت الوقائع أن الطائفية لم تبنِ وطناً ولن تبنيه، كما أنها لا تنتج استقراراً!

 

إنَّنا نعيد التأكيد على كل القوى السياسية الفاعلة الرأفة بهذا البلد وبإنسانه، وعدم رميه في مهاوي اليأس والهروب.. ومتابعة العمل لإنجاز ما بدأته على معايير وطنية بعيدة عن التقوقع الطائفي والمذهبي. وعندما يحصل ذلك، سيكون للجميع وسيستفيد منه الجميع.

 

ويبقى أن نشير إلى تفشي ظاهرة الجريمة في هذا البلد واستسهال الدم والقتل لأتفه الأسباب، والتي قد يكون منشؤها فوضى تراخيص السلاح المنتشر، وفقدان الوازع الأخلاقي والديني.. مما يستدعي الاستنفار على كل المستويات، وتضافر الجهود لذلك.

 

الإنقسامات العربية والإسلامية

وإلى المنطقة العربية والإسلامية، حيث تصاعدت بشكل واضح، كما كان متوقعاً بعد القمة الأميركية الإسلامية التي انعقدت في الرياض، وتيرة الأزمات وحدّة الانقسامات، بعد أن انفجر الخلاف مباشرة بين دوله، بالشكل الذي لم يكن متوقعاً، رغم معرفتنا بوجود خلافات بينها، وكأن هذه القمة كانت إيذاناً بتفجيرها!

 

وعلى الرغم من تحفظاتنا على الكثير من السياسات التي كانت قائمة في هذه الدولة أو تلك، لكننا نرى أن أي نزاع يحصل بينها يسبّب خسارة لشعوبها ولاستقرارها ولمقدراتها، ويؤدي إلى مزيد من التدخلات التي أصبح واضحاً أنها لا تهدف إلا إلى استنزاف هذه الدول والإمساك بثرواتها ومقدراتها، تحت عنوان حمايتها من هذه الدولة أو تلك، وطبعاً تستثنى إسرائيل من الأمر.

 

من المحزن أن نرى هذه الحدّة في الخلافات التي تحصل بين الدول العربيَّة والإسلاميَّة، والَّتي تصل إلى حدّ قطع العلاقات، ومنع كلّ ألوان التواصل، وتشديد الحصار، حتى لو أدّى ذلك إلى تجويع الناس، مما لا نجده في مواجهة الآخرين.. بل على العكس من ذلك، يتم الترحيب بهم، ويفرش لهم السجاد الأحمر، وتوضع كل مقدرات الدول والشعوب بين أيديهم، وتفتح قنوات التواصل معهم..

 

إنَّنا نأمل أن يخرج الجميع من هذه الأزمة وقد صاروا أكثر وعياً ومسؤولية، ليروا ما فعلته الصراعات التي كان لهم دور مباشر أو غير مباشر فيها، وهي لم تكن يوماً ما لحسابهم، بل على حسابهم، عاجلاً أو آجلاً.

 

 

Leave A Reply