الاستغفار.. باب التّوبة والعودة إلى الله

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الخطبة الأولى

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}

باب الاستغفار

إنَّ من رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده، أن فتح لهم باب الاستغفار والعودة إليه عندما يصابون بالغفلة، أو يضعفون أمام شهوات الدنيا وغرائزها، أو عندما تسيطر عليهم الأهواء والمصالح والعصبيّات، أو عندما يعصون الله ولا يبالون بما أمرهم به ونهاهم عنه، بعدما كان قادراً على أن يغلق هذا الباب عنهم، وأن يحمّلهم تبعات ما فعلوا وما جنته أيديهم، لينتظروا بعدها العذاب والعقاب.

وقد سهّل لهم السبيل إلى ذلك، فلم يمنعه عن فتح باب الاستغفار كثرة ذنوبهم وخطاياهم، ولم يجعله مقيَّداً بمكان أو زمان، ولم يحدّده بوسائط لا بدّ للإنسان أن يمر عبرها، فيكفي الإنسان المذنب أن يتوجّه إلى الله حتى يجده تواباً رحيماً، وهذا وعد منه، والله لا يخلف وعده، وهو ما أشارت إليه الآيات القرآنية: {وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَّحِيمً}، {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ}، {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابً}…

وهو عزّ وجلّ قال للذين قد يتجاوزون الحدود ويفرّطون في التقصير: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}.

كما أشار إلى ذلك في الحديث القدسيّ: “يا بن آدم، لو بلغت ذنوبك عنان السّماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي. يا بن آدم، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً، لأتيتك بقرابها مغفرة”.

وفي حديث عن رسول الله (ص): “أكثروا من الاستغفار، فإنَّ الله عزّ وجلّ لم يعلّمكم الاستغفار إلا وهو يريد أن يغفر لكم”.

خير عبادة

ولم يكتف الله بأن جعل الاستغفار باباً ووسيلة أمان للتطهّر من الذنوب وتنقية العلاقة به، فقد شجّع سبحانه عليه عندما اعتبره عبادة، بل خير عبادة، فقد ورد في الحديث: “خير العبادة الاستغفار”، وجعله من أفضل الذّكر، فأفضل الذكر الاستغفار، وهو المطهّر من الذنوب والمعاصي، ولذلك كان رسول الله (ص) يقول لأصحابه: “يا أيُّها النَّاسُ، توبوا إلى ربِّكم، فوالَّذي نفسي بيدِهِ، إنِّي لأستغفِرُ اللهَ وأتوبُ إليهِ في اليومِ أَكثرَ من سبعينَ مرّةٍ”.

ومن فضله تعالى، أنه اعتبره باباً للحصول على عطاء الله، فبسببه تنزل النّعم على عباده، وهذا ما أشار إليه الله عندما قال: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارً}.

{اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ}.

وفي الحديث: “مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ، جَعَلَ اللهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمّ فرجاً”.

وقد ورد في الحديث: “عجبت لمن يقنط ومعه الاستغفار”.

متى يكون الاستغفار؟

والاستغفار، أيّها الأحبّة، ليس مطلوباً فحسب في حالة تقصير العبد في القيام بترك الفرائض وارتكاب المحرّمات، بل يتعدّى ذلك إلى حالة عدم القيام بمسؤوليّاته تجاه من حمل مسؤوليّتهم، كحالة الأب والأمّ عندما يتنصَّل أحدهما أو يقصّر عن القيام بمسؤوليَّته تجاه أولاده، أو الزوج تجاه زوجته أو تجاه أرحامه، أو الجار تجاه جاره، أو المؤمن تجاه المؤمن الآخر، أو ربّ العمل تجاه عمّاله، أو العمّال تجاه ربّ عملهم، أو الحاكم تجاه المحكومين وتجاه رعيّته. فالإنسان في مثل هذه الحالات يحتاج إلى الاستغفار، وإلى ذلك كان يشير الإمام زين العابدين (ع) في دعائه، عندما كان يقول: “أَللَّهُمَّ إنِّي أَعْتَـذِرُ إلَيْـكَ مِنْ مَـظْلُوم ظُلِمَ بِحَضْرَتِي فَلَمْ أَنْصُرْهُ، وَمِنْ مَعْرُوف أُسْدِيَ إلَيَّ فَلَمْ أَشْكُرْهُ، وَمِنْ مُسِيء اعْتَذَرَ إلَيَّ فَلَمْ أَعْذِرْهُ، وَمِنْ ذِيْ فَاقَة سَأَلَنِي فَلَمْ أُوثِرْهُ، وَمِنْ حَقِّ ذي حَقٍّ لَزِمَنِي لِمُؤْمِن فَلَمْ أوَفِّرْهُ”.

وكان (ع) يقول أيضاً: “اَللّـهُمَّ اِنّي أسْتَغْفِرُكَ لِكُلِّ نَذْر نَذَرْتُهُ، وَكُلِّ وَعْد وَعَدْتُهُ، وَكُلِّ عَهْد عاهَدْتُهُ ثُمَّ لَمْ أفِ بِهِ، وَأَسْأَلُكَ فى مَظالِمِ عِبادِكَ عِنْدي، فَأيَّما عَبْد مِنْ عَبيدِكَ أوْ أمَة مِنْ إمائِكَ، كانَتْ لَهُ قِبَلي مَظْلِمَةٌ ظَلَمْتُها إيّاهُ، في نَفْسِهِ أوْ في عِرْضِهِ أوْ في مالِهِ، أوْ في أهْلِهِ وَوَلَدِهِ، أوْ غيبَةٌ اغْتَبْتُهُ بِها، أوْ تَحامُلٌ عَلَيْهِ بِمَيْلٍ أوْ هَوىً، أوْ أنَفَة أوْ حَمِيَّة أوْ رِياء أوْ عَصَبِيَّة، غائِباً كانَ أوْ شاهِداً، وَحَيّاً كانَ أوْ مَيِّتاً”.

كيفيّة الاستغفار

أما كيفيّة الاستغفار، فهي لا تقف عند اللّسان كما قد يعتقد البعض، بل هي أعمق من ذلك، وقد بيّن الإمام عليّ (ع) طريقها عندما سئل عن الاستغفار، فقال: “تَدْرِي مَا اَلاسْتِغْفَارُ؟ إِنَّ لِلاسْتِغْفَارِ دَرَجَةَ اَلْعِلِّيِّينَ، اَلاِسْتِغْفَارُ دَرَجَةُ اَلْعِلِّيِّينَ، وَهُوَ اِسْمٌ وَاقِعٌ عَلَى سِتَّةِ مَعَانٍ؛ أَوَّلُهَا اَلنَّدَمُ عَلَى مَا مَضَى، وَاَلثَّانِي اَلْعَزْمُ عَلَى تَرْكِ اَلْعَوْدِ إِلَيْهِ أَبَداً، وَاَلثَّالِثُ أَنْ تُؤَدِّيَ إِلَى اَلْمَخْلُوقِينَ حُقُوقَهُمْ حَتَّى تَلْقَى اَللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمْلَسَ لَيْسَ عَلَيْكَ تَبِعَةٌ، وَاَلرَّابِعُ أَنْ تَعْمِدَ إِلَى كُلِّ فَرِيضَةٍ عَلَيْكَ ضَيَّعْتَهَا فَتُؤَدِّيَ حَقَّهَا، وَاَلْخَامِسُ أَنْ تَعْمِدَ إِلَى اَللَّحْمِ اَلَّذِي نَبَتَ عَلَى اَلسُّحْتِ فَتُذِيبَهُ بِالْأَحْزَانِ حَتَّى تُلْصِقَ اَلْجِلْدَ بِالْعَظْمِ، وَيَنْشَأَ بَيْنَهُمَا لَحْمٌ جَدِيدٌ، وَاَلسَّادِسُ أَنْ تُذِيقَ اَلْجِسْمَ أَلَمَ اَلطَّاعَةِ كَمَا أَذَقْتَهُ حَلاَوَةَ اَلْمَعْصِيَةِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَقُولُ أَسْتَغْفِرُ اَللهَ”.

المبادرة إلى التّوبة

ولذلك أيّها الأحبة، فلنبادر إلى إصلاح علاقتنا بالله من خلال هذه العبادة، حتى لا يشوب هذه العلاقة أيّ سوء، فإذا صلحت صلحت علاقاتنا بأنفسنا وبكلّ الناس من حولنا، وإن فرّطنا بها وفوّتناها على أنفسنا، فسنفقد أهمّ علاقة تربطنا بالله، والإنسان يمكن أن يفرّط بأي علاقة أو يستغني عن أيّ أحد إلا عن الله. فلنبادر ولنسارع، ولا نقل غداً أو بعد غد، أو عندما نذهب إلى الحجّ أو الزيارة، بل لنسارع كما دعانا الله عزّ وجلّ إليه: {وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}.

{وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ}.

وبذلك نكون من أولئك المتّقين الذين قال الله عنهم: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}.

والله عند وعده بالاستجابة والقبول، وهو أرحم الراحمين، بابه مفتوح للتائبين، بل هو كما قال، يحبّ التوّابين ويحبّ المتطهّرين والمتّقين.

إننا أحوج ما نكون في هذه الظروف الصعبة إلى ردم هذه الهوّة بيننا وبين الله، أن نعيد تصويب المسار، حتى ينظر إلينا نظرة رحيمة، حيث ينعم الّذين يعودون إليه بالمغفرة والرّحمة والتّسديد، وإزالة الهمّ والغمّ، وتحقيق الفرج والأمان من العذاب، وفي ذلك قوله: {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}.

ولنغتنم فرصة هذا الشّهر قبل أن ينقضي، وهو شهر أشار رسول الله إلى أنّه شهر الاستغفار والرّحمة، فأكثروا التوبة والاستغفار فيه، فإنه غفور رحيم، وهو الّذي سمي بالرجب الأصبّ، لأن رحمته تعالى تصبّ فيه.

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

الموقف السياسيّ

رأى سماحة العلامة السيّد علي فضل الله أن فيروس الكورونا لايزال يلقي بظلاله السوداء على لبنان أسوةً بكلّ العالم، من خلال تزايد أعداد الإصابات، وعدم توافر البنية التحتيّة الصحيّة الكافية لاستيعاب الأعداد إن استفحل هذا الوباء، لا سمح الله.

إشادة بقرارات الحكومة

وأشاد باتخاذ الحكومة القرار بالتعبئة العامّة لمواجهة هذا الفيروس، وحثّ الناس على البقاء في منازلهم لتجنّب الاختلاط الجماعي، وعدم الخروج منها إلا لدواع ضروريّة، وإقفال كل المؤسسات والمقاهي والنوادي وأماكن التجمعات، واستنفار الطواقم الطبيّة في المستشفيات الحكوميّة والخاصّة والمؤسّسات الصحيّة، مبيّناً أنّ كلّ هذه القرارات، على أهميتها، مرهونة بتعاون المواطنين ودقّة استجابتهم لها.

وأعاد سماحته التّأكيد بضرورة تشدّد الدّولة في تطبيق هذه الإجراءات التي اتخذتها، والسعي لتسهيل تأمين المستلزمات الطبيّة التي تحتاج إليها المستشفيات لعلاج الحالات المصابة.

واجب شرعيّ

ودعا سماحته المواطنين إلى التحلي بأعلى درجات المسؤولية، والتقيد بكل الإجراءات التي تقي من هذا الفيروس، على مستوى النظافة الشخصية، والغذاء الضروري لزيادة المناعة، وعدم التجمع، واتخاذ أقصى درجات الوقاية عند التواصل الضّروري، واعتبار ذلك واجباً شرعيّاً ودينياً، لتبطئة انتشار الفيروس، تمهيداً لإعادة احتوائه، وإلا، فإننا سوف نكون أمام كارثة نرى تداعياتها في العديد من البلدان المنكوبة، والتي قد لا تستطيع الإمكانات الصحيّة ولا الوسائل الطبية التعامل معها.

ونوّه سماحته بكل الفتاوى الدينية التي أكّدت ضرروه الالتزام بالإجراءات الصحيّة، والدور المتميّز الذي تقوم به وسائل الإعلام في التحذير من مخاطر هذا الفيروس، وفي التوعية على تداعياته الخطيرة وكيفيّة الوقاية منه.

تحيّة للجمعيات الصحيّة

ووجه سماحته تحية التقدير إلى كلّ الجمعيات والمؤسسات الصحية التي وضعت كلّ إمكاناتها تحت تصرّف الدولة، وإلى جانبها، في مواجهة هذا الوباء، منوّهاً أيضاً بالهيئات الصناعيّة والعلميّة التي تحركت طوعاً لصناعة أجهزة صحيّة غير متوفرة بالشّكل الكافي للوقاية أو العلاج. كما توجه بالشّكر إلى كل أولئك الذين قدّموا ويقدّمون المعونات والمساعدات للجهاز الطبي كي يتمكّن من ممارسة مهامه على الصّورة الأفضل.

تحذير من تطييف الوباء

وحذّر سماحته من مغبة إدخال المفردات الطائفية والمناطقية في التعامل مع هذا الوباء، ورمي الاتهامات غير المسؤولة، لافتاً إلى أنّ المسؤوليّة الوطنية والإنسانية تقتضي أن تكون مواجهة هذا الوباء عنوان توحيد، لأنه اقتحم كلّ المناطق والطوائف، لا عنوان تقسيم وبثّ للأحقاد، مديناً أيّ لغة طائفية أو مناطقية في هذا المجال.

وجدّد سماحته الدّعوة إلى كل القوى السياسية الفاعلة للتخلّي عن كلّ الاعتبارات التي حكمت الخلافات السياسيّة في السابق، وإلى الوقوف صفاً واحداً مع الحكومة لتعزيز المعركة ضدّ هذا الوباء، وأن لا يعدموا أيّ وسيلة في هذه المواجهة، من خلال إمكاناتهم وقدراتهم الداخلية، أو علاقاتهم الخارجية، وعدم الاكتفاء بالتفرج على ما يجري أو توجيه سهام الانتقاد، لأن أيّ خلل في إدارة الوضع الصحي، لن يكون تأثيره في الحكومة أو من يقف وراءها، بل في المواطنين بكلّ طوائفهم ومذاهبهم ومواقعهم السياسيّة، وسيصيب الجميع.

مراعاة وضع السجناء

وتوقف سماحته عند مصير السجناء في هذه الظروف، ومخاوفهم من أن يطالهم هذا الفيروس بفعل اكتظاظ السجون، وعدم توفر الظروف البيئية الصحية الكافية لهم، داعياً الدولة، ولا سيما وزارة الداخلية، إلى تحمل كامل مسؤوليّاتها، والأخذ بالاعتبار الواقع الأليم الّذي يعيشه السجناء وأهاليهم، بتأمين كل سبل الوقاية لهم وتحسين ظروفهم، باعتباره حقاً لهم ولأهاليهم على الدولة.

لطوارئ اجتماعيّة

كما توقف سماحته عند الواقع الاجتماعي الصعب الذي يعيشه الموظفون والعمال والمياومون، بفعل الحظر عليهم في منازلهم، والأخذ في الحسبان ما تواجهه المؤسّسات الخاصّة التي قد تصل إلى مرحلة عدم القدرة على تأمين الرواتب للموظّفين والعاملين فيها.

وطالب الدّولة بإعلان حالة طوارئ اجتماعيّة، والقيام بخطوات تساعد على تأمين حاجات الناس، ولا سيّما الطبقات الفقيرة، وبالتعاون مع البلديات والمصارف والمؤسّسات الاجتماعيّة العامّة والخاصّة، وكل من يملك القدرة على تقديم العون، سواء من الداخل أو الخارج. منوّهاً بالقرار الأخير الذي صدر عن الحكومة بتأمين مساعدات لكلّ المناطق اللبنانية، وبالمبادرات التي يقوم بها أفراد ومؤسّسات وجمعيات ووسائل إعلام.

وتساءل سماحته عن السبب الذي حال دون قيام الدولة بتخفيض سعر صفيحة البنزين، بعد انخفاض سعر برميل النّفط إلى حد تجاوز النصف، داعياً الدولة إلى أن لا يشغلها الواقع الصحي عن معالجة الأزمات التي يعانيها البلد، والإسراع في إنجاز الخطة الاقتصادية الإصلاحية التي تأخذ في الاعتبار مصالح اللّبنانيين وثقة المجتمع الدولي، بالطريقة التي يكون معها هذا البلد منيعاً أمام فيروس الفساد الذي قد يكون أخطر على البلد من فيروس كورونا، ومتابعة علاج الملفّات التي تثقل كاهل المواطنين والدّولة، ولا سيما ملفات الدَّين العام والمصارف والكهرباء والنفايات وغيرها الكثير.

معايدة للأمّهات

وأخيراً، توجّه سماحته إلى الأمّهات في يوم عيدهنّ، بالتهنئة والتبريك والتقدير لجهودهنّ وتفانيهنّ، ولا سيما في هذا العيد الذي لن يمرّ عليهنّ كبقية الأعياد السابقة، في ظلّ الواقع الذي نعيشه، قائلاً: يكفي تكريماً للأمهات في يوم عيدهنّ، بعد التقدير لكل تضحياتهن، أن لا يشغل أولادهنّ بالهنّ، وذلك بتقيّدهم بالإجراءات الصحيّة للحفاظ على صحتهم وحياتهم الّتي هي أغلى شيء عند الأمّهات، وأكثر ما يفرحهنّ