التسويف سلاح من أسلحة ابليس

بسم الله الرّحمن الرّحيم

ألقى سماحة العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:

 

الخطبة الأولى

 

يقول الله سبحانه: {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ*وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ*حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ*لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}.

إنّ من أخطر الأمراض الَّتي تواجه الإنسان في عمله وحياته، هو التَّسويف. والتسويف هو بكل بساطة المماطلة، وتأجيل الاعمال، وتأجيل أداء الواجبات وتأجيل دفع الحقوق. هو اسلوب يتعلق بالعمل والحركة والانتاج والسعي والتسويف مذموم وعكسه المبادرة والمسارعة والاتمام من المهمات وانجازها.  

 

وأخطر ساحات التسويف وأعظمها كلفة هو التسويف في علاقة الانسان مع ربه وخالقه، فيؤجل في إيفاء الله حقوقه، تلك الحقوق التي ارتضاها والتزمها وبدأ بتنفيذها، حقوقه في ذاته المقدسة في أن نحمده ونشكره ونعظمه ونسبحه على الدوام ولكل ما أنعم به علينا، حقوقه في طاعته، والالتزام بأوامره ونواهيه، والاستجابة لدعواته وندائه وحقوق الله أيضاً من خلال أداء حقوق العباد علينا خصوصاً لمن يعيشون معنا ونتعامل معهم في حياتنا اليومية.. فهل هذه الحقوق تحتمل التسويف أو التأجيل أو المماطلة فيما الله عز وجل أوجب على نفسه ألا يسقطها عن الانسان إلا إذا أسقطها صاحبها.. ماذا لو كانت ديناً أو أمانة؟ ماذا لو كانت أذية ألحقها الإنسان بجاره أو صديقه؟ الغيبة والنميمة والبهتان والافتراء والغش كلها حقوق أنت مسؤول عنها. عليك أن لا تؤجل بل تبادر الى تسويتها قبل فوات الاوان.

 

لهذا يوصينا رسول الله(ص) إذ يقول لأبي ذر: "يا أبا ذر، إيّاك والتسويف بأملك، فإنّك بيومك ولستَ بما بعده". لهذا يحذّرنا علي(ع): "إياك والتسويف فانّه بحر يغرق فيه الهلكى".

 

وللتسويف أيها الأحبة أسباب في نفس البشرية ومن أبرز هذه الأسباب هي إحساس الإنسان بطول الأمل فيشعر أن الحياة طويلة أمامه، وأنه سيعمر الى آخر العمر، وان نهايته لن تأتي.. هو لا يشعر بضرورة العجلة في أداء واجباته أو القيام بمسؤولياته تجاه ربه وتجاه عائلته وتجاه الناس.. وهذا الشعور هو الذي خاف منه رسول الله على أمته، عندما قال(ص): "إنّ أخوف ما أخاف عليكم اثنتان: إتباع الهوى وطول الأمل". ومن هنا ورد في الحديث: "فإذا أصبحت فقل إنيّ لا أمسي، وإذا أمسيت فقل إنيّ لا أصبح". وقد قال علي لبعض اصحابه: "تدارك ما بقي من عمرك، ولا تقل غدا او بعد غد، فإنما اهلك من كان قبلك باقامتهم على التسويف حتى اتاهم امر الله بغتة وهم غافلون" .

 

 سبب ثان يقف وراء التسويف هو فكرة التوبة وطلب المغفرة والطمع برحمة الله. حيث يحلو للكثيرين الذين يؤجلون دفع التزاماتهم ان يفكروا انهم سيتوبون.. ويكررون "ان الله غفور رحيم" … تراهم غير مستعجلين مادام بإمكانهم ان يسحبوا سلاح طلب التوبة .. ومن يفكر بهذه الطريقة هو مبتلٍ بقصر النظر: من جهة هو استخفاف بالله ، الذي بالفعل شرع التوبة ولكن ليس في حالات الاصرار والتصميم والتخطيط المسبق، انما جعل لقبول التوبة شروطاً: وهي في حالة ان يكون المرء غافلا وينتبه ويتوب {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ}.

 

 أما أن يكون الانسان واعيا للخطأ، مدركاً لتقصيره، ويؤجل ويطمع بالتوبة فهذا تشاطر على الله، وكان الامام علي يقول في هذا لاصحابه: "أبهذه الاعمال تريدون أن تجاوروا الله في دار قدسه، هيهات لا يخدع الله عن جنته.."

إن المراهنة على التوبة المستقبلية فيها قصر نظر.. إنها عملية حسابية بسيطة: هل في كل هذا العالم إنسان يضمن أنه سيعيش أكثر من اللحظة التي هو فيها.. دلونا عليه إذا كان موجوداً.. هذا مستحيل.. فإن كان لا أحد يضمن عمره.. فكيف سيراهن أنه سيتوب؟؟

 

وبالمناسبة فإن المراهنة على التوبة كان اسلوب عمر بن سعد بعدما جاء إليه عبيد الله بن زياد ليعرض عليه ملك الري مقابل قتال الحسين:

 أأترك ملكَ الريِّ والريُّ مُنيتي..أم ارجـع مأثوماً بقتل حسينِ

ثم قال:

يقولون إن اللّه خالق جنة     ***  ونار وتعذيب وغلّ يدين

فإن صدقوا فيما يقولون فإنني ***  أتوب إلى الرحمن من سنتين

 

فهو أقنع نفسه كما يقنع كل المسوفين أنفسهم، بأنهم سيتوبون إلى الله وسيعودون إليه ويرجمون كل الشياطين، لكن هيهات، ومن يضمن ذلك.

 

 أيها الأحبة:

 إن «التسويف جند من جنود ابليس» هو مَصْدَرُه ومُصَدِّرُه.. وهو يشتغل بطريقة مختلفة عن الطرق التقليدية لديه. إبليس يدرسها جيدا إذ يقول بعض الناس لا ينفع أن أدعوهم للانحراف فجأة ، والحل أن أوسوس لهم ليخففوا وتدريجيا.. يكوّعوا ويلتفوا وينحرفوا.. فإبليس لا يتعامل مع الإنسان بشكل مباشر، فهو لا يقول في هذه المرحلة لمن يريد الصلاة: لا تصل، أو لمن يريد الصيام أو عمل الخير لا تقم بذلك، بل يدفعه أولاً لتأخير العمل، ثم التهاون فيه، وفي نهاية المطاف التجرؤ والتطاول على الله..

 

 فهو يأتي لمن يريد الصلاة ليقول له، إنَّ هناك أعمالاً أهم، وبإمكانك أن تقضي هذه الصلاة، وكذلك لمن يريد الصيام في أيام الحر أو النهار الطويل يقول له سافر إن لم ترد دفع الكفارة، ولمن يريد الحج، يقول «لاحق إلى أن تكبر».. ولمن يريد دفع المال في سبيل الله أو الحقوق الشرعية يقول: "تدفع حين تؤمن أولادك أو يكثر مالك…". ويأتي لمن يريد أن يتسامح من جاره أو زميله او قريبه: لا تبادر الآن.. انتظر  واتركها للظروف المناسبة والوقت كفيل بإصلاح الأمور.

 

وبهذا يضمن ابليس أنه بالتسويف يستطيع أن يوتر العلاقة بينك وبين الله وأن يخرج الله من دائرة أولوياتك.. بحيث يصبح في منتصف الأولويات إن لم يكن في آخرها. وللأسف نحن لا نجعل الله في سلم الأولويات الا في حالات المرض والشدة والحروب، اما في حالات اليسر وحالات الفرح والراحة عندما تقبل علينا الدنيا، ننسى ونؤجل ونماطل، ولا نلبث ان نرى انفسنا في مكان آخر .. ان سلوكيات التسويف هي التي تفسر الاستغراق في ظاهره اللهو والميوعة، وتجاوز الحدود التي نراها في مجتمعنا.. حتى بتنا نشهد والعياذ بالله التجرؤ على الله في السلوكيات العبادية في الصيام والستر وغيرها ..

 

أيها الاحبة 

نعم التسويف سلاح من أسلحة ابليس.. احفظوها جيداً.. كلما سوّلت لك نفسك بالتسويف فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم.. واطرده من ساحة حياتك.

  مطلوب من كل واحد منا ان يعيد صياغة سيرته الذاتية لتكون بمستوى الموقف بين يدي الله.. وسيرتك الذاتية هي كتاب أعمالك الذي ستتقدم به الى الله، والله لن يقبل الأعذار الواهية والحجج، فأي موقف سنقفه حين نجد أنفسنا وقد فرطنا وأسأنا العمل، وأي ذل سنواجهه بين يدي ربنا وعلى رؤوس الاشهاد.. حين نأتي اليه مقصرين: "وأعني بالبكاء على نفسي فقد أفنيت بالتسويف والآمال عمري وقد نزلت بك منزلة الآيسين من خيري".

 

الأمر بيدنا، يكفينا أن نتخلّص من قول سوف أعمل، سوف أقوم، سوف أتصدق، سوف أغير سلوكي، سوف أعطي، سأعيد للناس حقوقهم، سأجاهد، سآمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، سأقف مع المظلومين ضد الظالمين.

سوف هذه، لا قيمة لها في سوق العاملين. لم تُطعم جائعاً، ولم تمسح دمعة، العمل ثم العمل…

 

فنحن مأمورون من الله بالعمل قبل الندم: {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ*أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ*أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ*أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ*بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آَيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ}.

{وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ*وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}. {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}. {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ*وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}.

 

 

الخطبة الثانية

 

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله. ومن التقوى، الاهتداء بهدي رسول الله حين يقول: "إن لله ملكاً ينزل كل ليلة، فينادي: يا أبناء العشرين، جدّوا واجتهدوا.. يا أبناء الثلاثين، لا تغرّنّكم الدنيا.. يا أبناء الأربعين: ماذا أعددتم للقاء ربكم (بأية صورة ستواجهون ربكم).. يا أبناء الخمسين: أتاكم النذير، فخذوا حذركم.. يا أبناء الستين: زرع قد دنا حصاده (قرب الأجل).. يا أبناء السبعين: نودي فيكم، فأجيبوا واستعدوا للرحيل.. يا أبناء الثمانين، أتتكم الساعة وأنتم غافلون"

لقد أراد رسول الله بهذه الكلمات، أن ينبّه الغافلين، وأن يدعوهم إلى أن يستيقظوا من غفلتهم، وأن لا يغفلوا عن مسؤولياتهم، وأن ينظروا إلى الدنيا نظرةً جادةً، وأن تكون بالنسبة إليهم ساحة عمل لتحقيق غاية كبيرة، والوصول إلى هدف عظيم، هو نيل رضا الله، وبلوغ جنة عرضها السماوات والأرض.. فلا يضيعوا فرصة العمر الذي منحهم الله إياه باللهو والتسويف والإهمال.

 

بهذه الروح الجادّة والواعية، بلغ الَّذين سبقونا إلى الله، الهناء والرحمة، وبها، سنبلغ المرتبة نفسها، وسنواجه التحديات، حيث لا يزال العالم العربي والإسلامي على حاله من الصراع والانقسام بين دوله وشعوبه، وقد بات هذا الصّراع، مع الأسف، يأخذ طابعاً مذهبياً وطائفياً، بدلاً من أن يبقى في حدود الصراع السياسي والاقتصادي والاجتماعيّ، ما أدى ويؤدي إلى إذكائه وتفاقمه، لكون هذا العنوان يستجلب الكثيرين الذين لا تحركهم سوى الغرائز المذهبيّة والطائفيّة، الأمر الَّذي يجعل هذا العالم أسير فتنة قد لا تبقي ولا تذر.

 

إنَّ هذا الواقع، بات يستدعي من كلّ الواعين، العمل للحدّ من المخاطر الّتي تواجهنا، من خلال تحسين الخطابات في الإعلام ومواقع التّواصل الاجتماعيّ، وإصدار الفتاوى الّتي تقرّب بين القلوب، وتعمّق الوحدة. وهنا، ندعو الدّول العربيّة والإسلاميّة المعنية بهذا الصراع، والمكتوية به، إلى وعي المخاطر التي تترتب عليه؛ ففي هذا الصراع، لن يكون هناك رابح، والكل فيه خاسرون، ولن يخرجوا منه إلا وهم مستنزفون ومنقسمون وضعفاء.

 

إنَّ من العبث أن يراهن أحدٌ على الاستفادة من الانخراط في تحالف دولي، ليكون في الموقع الأقوى، فقد بات واضحاً أن هذا التحالف لم يأت لوأد الفتنة، أو لإصلاح واقع هذا العالم، بل لإدارة حروبه وصراعاته، ورسم خطوط حمر هنا وهناك، أو للإطباق على هذا البلد العربي وذاك البلد الإسلامي.

 

إن المرحلة تحتاج إلى تضحيات وتنازلات متبادلة، ستكون بالطبع لمصلحة الجميع، وستساهم في إخراج هذا العالم من ضعفه ومن اللااستقرار الذي يعيشه.

إنَّ هذا الواقع الَّذي لا يولّد إلا الحروب والصراعات، هو الذي أفسح المجال واسعاً للعدو الصهيوني لكي يعمل على تحقيق "أجندته" في فلسطين المحتلّة كما يشاء، غير عابئ ببعض ما يصدر من مواقف دولية، في الاعتراف الشّكلي بدولة فلسطينيّة، كما هو الأمر مع مجلس العموم البريطاني، أو ما أعلنته السويد قبل ذلك، رغم تقديرنا لهذه المواقف.

 

ونحن نرى أنّ الاحتلال يفسح المجال أكثر أمام مستوطنيه لاستباحة المسجد الأقصى، وفرض أمر تقسيمه واقعياً، زمانياً ومكانياً، ما سيساهم في إسقاط الكثير من قضايانا… أيها العرب، أيها المسلمون: كفاكم انقساماً، كفاكم إضعافاً لمواقع القوة لديكم، كفاكم استقواءً بالخارج على بعضكم البعض. إنكم لن تستعيدوا تاريخكم المجيد، ولن يعود الأقصى وتعود فلسطين، ولن يكون لكم موقع بين الأمم، إلا بوحدتكم وتعاونكم، وبأن تكونوا كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو، تداعت له سائر الأعضاء بالحمى والسهر.

 

لبنان

وعندما نطلّ على لبنان، نجد أن الخطر لا يزال يحدق به، سواء من خلال استمرار أزمة المخطوفين العسكريين وانعكاسها على أهاليهم، وعلى معنويات الجيش اللبناني، أو من خلال التصعيد الذي يجري على حدوده الشرقية، واستمرار استهداف الجيش اللبناني، وصولاً إلى عمليات الفرار من صفوفه، ما يؤدي إلى مخاطر كبيرة، وخصوصاً في ظلّ الترهل الداخلي على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي والمعيشي.

 

إننا أمام هذا الواقع، نعيد الدعوة مجدداً لكلّ القوى السياسيّة الفاعلة إلى ضرورة العمل لرصّ الصفّ الداخليّ، وتعميق عناصر الوحدة في مواجهة المخاطر، والكفّ عن إطلاق الخطاب التوتيري والاستفزازي، فلا ينبغي المراهنة دائماً على المظلّة الدوليّة الّتي تحمي لبنان، فهذه المظلة قد تخترق في أية لحظة، في ظلّ احتدام الصراع الدوليّ والإقليميّ.

 

الحكم على الشَّيخ النَّمر

 

وأخيراً، ورغم أننا فوجئنا بحكم الإعدام الذي صدر عن المحكمة الجزائية في الرياض، بحق سماحة الشيخ نمر النمر، بعدما كنا استبشرنا خيراً بأن القضية تسير نحو المعالجة، فإننا لا نزال نأمل أن تكون هذه الخطوة، على مرارتها، تمهيداً لإصدار عفو نتمنى أن تبادر السلطات السعودية إليه، وأن يساهم ذلك بتعزيز العلاقة بين كل مكونات المجتمع السعوديّ وتمتينها، ولا سيما مع المسلمين الشيعة، الذين نعرف حرصهم على وحدة البلد وأمنه واستقراره، وهم الذين لن يكونوا يوماً مشكلة له.

 إننا نريد لهذا البلد أن يكون أنموذجاً في الوحدة والتواصل بين كل أبنائه، وأن يشعر الجميع فيه بأنهم مواطنون من درجة واحدة، ولا تمايز بينهم.

 

 

المكتب الإعلامي لسماحة العلامة السيد علي فضل الله

التاريخ :  23 ذو الحجة 1435هـ الموافق : 17 تشرين الاول 2014م
 

 

 

 

Leave A Reply