التّوكّلُ على الله في مواجهة المخاوف والتَّحدّيات
قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ الله وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}. صدق الله العظيم.
الخوف حالة غريزيّة وفطريّة في الإنسان، فمن الطّبيعيّ أن يخاف الإنسان على نفسه ممّن يهدّد أمنه أو حياته أو استقراره أو ممّن يتعلّق به. ولكنّ الله سبحانه وتعالى، لم يشأ لعباده أن يستسلموا لمخاوفها، ويعانوا آثارها ونتائجها، وأن تبنى مواقفهم على أساسها، لذا دعاهم عندما تحصل لهم أيّة مخاوف، أن يلتجئوا إليه، ويتوكّلوا عليه في كلّ ذلك، وأن يروا فيه خير سند وخير معين، وأن يثقوا به، لكونه العزيز الّذي لا يُقهَر، والحيّ الّذي لا يموت. وإلى هذا أشار الله، عندما قال: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ} {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ}.
التّوكّل مظهرُ الإيمان
وهو اعتبر التّوكّل مظهرًا للإيمان وتجسيدًا له، كما أشارت الآية الّتي تلوناها: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ الله وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}.
والتوكّل على الله، سبحانه وتعالى، ليس كلمةً تقال على اللّسان، إنّما هو ينبع من إيمان ويقين راسخ لدى الإنسان، بأنَّ الله وحده هو من بيده الأمر والتَّدبير، فلا يرى سواه رازقًا وناصرًا ومعينًا ومؤيّدًا وطبيبًا ومعطيًا ومانعًا، والمهيمن على الأمر كلّه، وأن لا أحد، حتّى لو كان من الأنبياء والأولياء، يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًّا إلّا به…
لذا، ورد في الحديث أنَّ التّوكّل من قوّة اليقين، وإلى هذا أشار رسول الله (ص)، فهو عندما سئل عن حدّ التّوكّل قال: “العلم بأنَّ المخلوق لا يضرّ ولا ينفع، ولا يعطي ولا يمنع، واستعمال اليأس من الخلق، فإذا كان العبد كذلك، لم يعمل لأحد سوى الله، ولم يرج ولم يخف سوى الله، ولم يطمع في أحد سوى الله، فهذا هو التّوكّل”.
وعدُ اللهِ للمتوكّلين
وقد وعد الله سبحانه وتعالى المتوكّلين عليه والواثقين به كلّ الثّقة أنّهم سيكونون بعينه، وسَيَكْفِيهِم وَلَن يَكلهُم إِلَى أَحَد سواه، عندما قال: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}، وقد ورد في الحديث: “من توكّل على الله، ذلّت له الصّعاب، وتسهّلت عليه الأسباب”، وفي الحديث: “لو أنّكم تتوكّلون على الله حقّ توكّله، لرزقكم كما يرزق الطّير تغدو خماصًا وتروح بطانًا”.
نماذجُ من قصصِ التّوكّل
وحتّى يثبّت الله هذه الحقيقة لدى المؤمنين، أشار سبحانه وتعالى إلى ما أدّى إليه التّوكّل عليه عند حديثه عن النّبيّ موسى (ع)، فقد ورد في سيرته أنّه حين تبعه فرعون وجنده، وكاد هو وجيشه يصلون إليه وإلى من كانوا معه من بني إسرائيل، قال له يومها قومه: {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ}، لخوفهم من جبروته وما قد يتسبَّب به لهم، ولكنّ النّبيّ موسى (ع) قال لهم بلسان الواثق من ربّه: {كَلَّا ۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}، فكان أن انشقّ له البحر، وأنجاه الله ومن معه، وأغرق فرعون وجنده في اليمّ…
وإلى هذا أشار الله سبحانه وتعالى في حديثه عن النّبيّ يونس (ع)، حيث ورد أنّه حين ابتلعه الحوت، لم ييأس، بل لجأ إليه بدعائه قائلًا: {لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}، فكان أن استجاب له الله عزَّ وجلَّ، ونجّاه من الغمّ، في دلالة على أنَّ من يتوكّل على الله ويلوذ به لا يضيّعه.
وقد أشار سبحانه إلى ذلك في حديثه عن رسول الله (ص)، فقد ورد في سيرته (ص)، أنّه لـمّا هاجر من مكّة إلى المدينة، لاحقه المشركون، ووصلوا يومها إلى فم غار ثور حيث كان يتواجد، فخاف من كان معه في الغار من أن يصل إليهم المشركون، فقال له رسول الله (ص) الواثق بربّه، كما أشار القرآن الكريم: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.
والأمر نفسه حصل لأصحاب رسول الله (ص)، فهم بعد معركة أحد، حين بلغهم أنّ قريش جاءت بجيشها الجرَّار بعد هزيمتهم في أحد، مستغلّةً حجم أعداد الشّهداء والجرحى تريد أن تستأصل وجودهم من المدينة، لم يضعفوا أو يهنوا، بل قالوا كما أشار القرآن الكريم: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ}.
العملُ ثمَّ التَّوكّل
ولكنَّ الحديث عن التّوكّل، لا ينبغي أن يفهم على أنّه بديل من السَّعي والعمل والقيام بالمسؤوليّات الّتي ينبغي على الإنسان القيام بها، كما يعتبر البعض أنّه بتوكّله على الله، أو بدعائه له، سيحصل على ما يريد، بل هو يكون بعد أن يأخذ الإنسان بالأسباب والأدوات الّتي هو قادر عليها، ليقوم بدوره في الوصول إلى الأهداف الّتي يريدها…
وأنتم تعرفون قصَّة ذلك الرّجل الّذي دخل المسجد ولم يربط ناقته عند دخوله، اعتقادًا منه أنّه بتوكّله على الله لن تهرب، فخرج من المسجد فلم يجد النّاقة، فجاء إلى رسول الله (ص) مستنكرًا، قائلًا له: يا رسول الله، كيف تدعونا إلى التوكّل، وأنَّ الله يكفينا همَّ أمور الدّنيا بتوكّلنا عليه، ولم يحصل ذلك مع ناقتي؟ فقال له (ص): “اِعقلها وتوكَّل”، أي قم بما عليك القيام به، حيث كان عليك أن تربطها بما يمنعها من أن تشرد، واترك بعد ذلك الأمر لله فيما لا قدرة لك عليه، فالله عندها سيكفيك الأمر.
لذا يقال إنّ المتوكّلين هم الزّارعون، هؤلاء الّذين يحرثون الأرض، ويبذرون البذور فيها، ويسقونها، ثمَّ أمام خوفهم من القادم الَّذي قد يهدّد زرعهم ويذهب بالجهد الّذي بذلوه، يتوجّهون إلى الله بقلوبهم، معلنين التّوكّل عليه.
الالتجاءُ إلى الله
لذلك، أيّها الأحبَّة، نحن معنيّون، أمام التّحدّيات الّتي تواجهنا، والظّروف الصّعبة الّتي تعصف بنا، بأن نقوم بكلّ ما يمكننا القيام به، أن نأخذ بالأسباب، وبعد ذلك نتوجّه إلى الله سبحانه وتعالى، لندعوه بأن ينقلنا من عسر إلى يسر، ومن بلاء إلى عافية، ومن شدّة إلى رخاء، وعندما يجد الله صدق التّوكّل عليه، لن يدعنا، وسيكون عند وعده لنا ناصرًا ومؤيّدًا ومعزًّا ومعينًا ومنبثقًا وباعثًا فينا السّكينة والأمل.
ودعاؤنا في ذلك: “اللَّهمَّ! من أمسى وأصبح وله ثقة أو رجاء غيرك، فإنّي أصبحت وأمسيت وأنت ثقتي ورجائي في الأمور كلّها؛ فاقضِ لي بخيرِها عاقبة، ونجّني من مضلَّات الفتن، برحمتك يا أرحم الرّاحمين”.
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الخطبة الثَّانية
عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بما أشار إليه الله عزَّ وجلَّ إلينا، عندما قال: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ۖ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ * وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ۖ ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ۚ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ * وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ * لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ * وَقَالَ قَرِينُهُ هَٰذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ}.
أيّها الأحبّة، هي دعوة من الله لنا أن نعي أنّنا صفحة مكشوفة أمامه عزّ وجلّ، وأنَّ هناك ملكين أودعا لدينا ليتابعانا، ويتلقَّيا كلّ ما يصدر عنَّا ويودعاه عند ربّ العالمين، وبعد ذلك سيكون الحساب الّذي ينبغي أن نعدّ له عدّته، لنقف بين يدي ربّنا مرفوعي الرّأس بحرصنا على رضاه وطاعته، ونصبح أكثر قدرةً على مواجهة التّحدّيات.
تصاعُدُ الضّغطِ على لبنان
والبداية من العدوان المستمرّ على لبنان، وهو إذا انكفأ في الأيّام القليلة الماضية نسبيًّا، فقد كان إفساحًا في المجال لزيارة البابا إلى لبنان، ولكنَّه عاد لتصعيد عدوانه بمجرّد مغادرة طائرة البابا الأراضي اللّبنانيّة، بالتّحليق المكثّف لمسيّراته الّتي وصلت طلعاتها إلى بيروت وضاحيتها الجنوبيّة، وفي الاعتداءات اليومية على قرى الشّريط الحدوديّ، وعودة الإنذارات إلى العديد من القرى الجنوبيّة والغارات الّتي شنّت عليها الّتي شهدناها بالأمس، وأدّت إلى ترويع أهاليها، وتهديم عدد من الأماكن السّكنيّة، والّذي يواكب بسيل من التّهديدات الّتي يطلقها قادة العدوّ السّياسيّين والأمنيّين بعمل عسكريّ وشيك على لبنان… وقد أصبح من الواضح أنّه يهدف من ورائه إلى مزيد من الضّغط على الدّولة اللّبنانيّة وعلى اللّبنانيّين للقبول بإملاءاته.
الحذر من التَّطبيع
في هذا الوقت، يأتي قرار الدّولة اللّبنانيّة برفع مستوى التَّمثيل في اللّجنة المكلّفة بوقف إطلاق النّار، والّذي أرادت منه نزع ذرائع العدوان، وإيقاف موجة التّصعيد الّتي باتت مصدر قلق اللّبنانيّين، وهي في ذلك حرصت على إبقاء المفاوضات في الإطار الَّذي حدّدته بإيقاف العدوان، وانسحاب العدوّ من الأراضي الّتي احتّلّها، واستعادة الأسرى، وإعمار ما تهدّم، لكنّنا لا نرى أنّ رفع مستوى التّفاوض سوف يجعل العدوّ يتراجع عن عدوانه المستمرّ، والّذي عبّر عنه في تصعيده بالأمس بعد اجتماع اللّجنة المكلّفة بوقف إطلاق النّار، وظهر جليًّا في تعليقات المسؤولين الإسرائيليّين عقب اجتماع التّفاوض، بأنَّ العدوّ يريد الذّهاب إلى أبعد ممّا تريده الدّولة اللّبنانيَّة، بل إنّه يسعى من وراء ذلك إلى التّعاون والتّطبيع في المجال الاقتصاديّ، وفرض منطقة عازلة يريدها العدوّ تحت عنوان أمنيّ واقتصاديّ تبقى له حريّة الحركة في الدّاخل اللّبنانيّ، وفي كلّ وقت يرى فيه تهديدًا له، مستفيدًا في ذلك من اختلال موازين القوى والتَّغطية الّتي تأمّنت له.
ومن هنا، فإنّنا نعيد التّأكيد بأنّ على الدّولة اللّبنانيّة التّنبّه إلى كلّ هذه المحاذير والمخاطر، لأداء الدَّور المطلوب منها في حفظ سيادة هذا البلد وصيانة حدوده، وعدم المسّ بحبّة تراب منه، وأن تستفيد من كلّ تجارب التّفاوض في الماضي والحاضر مع هذا العدوّ، بأنّه لا يلتزم بوعوده ومواثيقه، وسرعان ما يتنصّل منها ليطالب بشروط جديدة، ولا سيَّما في هذه المرحلة، بحيث يريد أن يأخذ ولا يعطي.
إنّنا سنبقى نراهن على الواعين في هذا الوطن والحريصين عليه، لمنع الانزلاق إلى ما قد يريده العدوّ وما قد يسعى إليه، وأن لا يحصل من المفاوضات على ما لم يستطع الحصول عليه في الحرب.
في الوقت الّذي نعيد التّأكيد على اللّبنانيّين بدعوتهم إلى مزيد من التَّماسك في هذه المرحلة، وتحصين ساحتهم الدّاخليّة، ومنع العدوّ من العبث فيها من خلال بثّ إشاعات أو افتراءات يسعى إلى نشرها لإحداث فتن داخليّة. إنَّ على اللّبنانيّين أن يكونوا أكثر وعيًا لمخطّطات هذا العدوّ الّذي لا يستهدف طائفة أو مذهبًا، بل يسعى في كلّ ما يقوم به إلى الإمساك بالوطن كلّه، ويتعدّاه إلى المنطقة كلّها.
صمودُ غزّة
ونعود إلى غزّة الّتي يواصل العدوّ عدوانه عليها، ضاربًا بعرض الحائط اتّفاق وقف إطلاق النّار، باستهدافه المدنيّين والأطفال والصّحافيّين، ووضع عراقيل أمام المساعدات، ليسهّل عليه ذلك مشروعه بتهجير أهاليها، فيما هو يواصل عمليَّات الاعتقال واغتيال النّاشطين في الضّفّة الغربيّة.
إنّنا في الوقت الّذي نحيّي الشّعب الفلسطينيّ الّذي يصرّ على الصّبر والثّبات رغم كلّ ما يتعرّض له، نجدّد دعوتنا الدّول العربيّة والإسلاميّة لدعم هذا الشّعب والوقوف معه ومنع الاستفراد به، فيما ندعو الدّول الرّاعية إلى القيام بمسؤوليَّتها بالضّغط على العدوّ الصّهيونيّ للوفاء بالتزاماته.
زيارة البابا: فرصة للوحدة
وأخيرًا، نتوقّف عند الزّيارة الّتي قام بها بابا الفاتيكان، والّتي توحَّد عليها كلّ اللّبنانيّين، بكلّ طوائفهم ومذاهبهم ومواقعهم السّياسيّة… إنّنا نأمل أن تترك آثارها على اللّبنانيّين، بحيث تسهم في تعزيز الوحدة الدّاخليّة، ولغة الحوار الّذي نريده بين الدّيانات السّماويَّة، والتّلاقي على القيم الرّوحيّة والإنسانيّة والأخلاقيّة، والعمل للسّلام المبنيّ على العدالة واستعادة الحقوق ورفع كاهل الاحتلال.
***


