السيد علي فضل الله لـ«اللواء»: مَنْ يُرسل المقاتلين إلى سوريا عليه أنْ يتدبّر العواقب

 

حوار شامل مع وريث مدرسة الإعتدال حول الفتنة وتداعيات الأزمة السورية

السيد علي فضل الله لـ«اللواء»:

 مَنْ يُرسل المقاتلين إلى سوريا عليه أنْ يتدبّر العواقب

 

على اللبنانيّين أنْ يعوا نتائج وتداعيات تدخّلهم في الأزمة السورية ونحذّر من جعل لبنان ساحة تصفيات

المبادرات الحقيقية لوأد الفتنة ما زالت غائبة ودم المسلم وماله وعرضه وهدر كرامته حرام

أؤيّد حقوق الشعوب الداعية لحريّتها وأسباب إلغاء دعوتي إلى قم ما زالت مجهولة

 

السيد علي فضل الله يتحدث لـ "اللواء"

 

العلّامة السيد علي فضل الله يشكّل اليوم حالة بارزة في مواقفه الوحدوية والداعية إلى نشر ثقافة الاعتدال بين المسلمين واللبنانيين عموماً، فهو الوريث الوفي لمدرسة اعتدال والده المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله، الذي نجح بدأبه ومواقفه الواضحة بأنْ يؤسِّس ويُظهِر محاسن وفوائد الشرع الإسلامي الحنيف الداعي للاعتدال بين المسلمين ورفض التطرّف والعدوان.

أمام تصاعد عوامل الفتنة التي مثّل جزءاً منها الاعتداء الوقح على رجال الدين، والذي كان يهدف إلى خلق فتنة بين المسلمين، وتصاعُد الخطابات التي أنتجت حالة من التوتُّر في الشارع اللبناني عامة والإسلامي خاصة.

«اللواء» التقت السيد علي محمد حسين فضل الله، وحاورته حول حال المسلمين في لبنان وتداعيات الأحداث السورية على لبنان واللبنانيين.

فقال: «حادث الاعتداء على رجال الدين مُدان ومرفوض وهو نتيجة للشحن القائم على مستوى الخطابَيْن السياسي والديني».

وأضاف: «الاستنكار وحده لا يكفي، ويجب تنظيم لقاء إسلامي – إسلامي لترسيخ تفاهمات، وعقلنة الخطاب السياسي والديني .. كما يجب وضع برنامج عملي نستطيع من خلاله مخاطبة الشباب في الجامعات والمدارس، وفي الشارع لإزالة عوامل التوتّر والتشنّج».

واعتبر أنّه «على الأحزاب بكافة انتماءاتها أنْ تساهم في وقف الشحن والتوتّر وإبعاد الجانب الديني والمذهبي عن خلافاتهم».

وقال: «الإسلام أكد أنّ دم المسلم وماله وعرضه وكرامته حرام، وعلى رجال الدين والسياسيين أنْ يتحمّلوا مسؤولياتهم».

وإذ دعا «اللبنانيين إلى أنْ يعوا نتائج وتداعيات تدخّلهم في الأزمة السورية»، حذّر من «أنْ يصبح لبنان ساحة تصفية حسابات سياسية»، وأكد أنّه على «مَنْ يرسل مقاتلين إلى سوريا أنْ يتدبّر عواقب ذلك على أمن واستقرار لبنان».

وشدّد على أنّ «هناك ثقة كبيرة بحكمة قادة دول الخليج وحرصهم على مصالح اللبنانيين الذين لا علاقة لهم بما يعلنه البعض في لبنان من مواقف».

وختم: «أنا أدعو لوأد الفتنة بين المسلمين، وأنا مع حقوق الشعوب المنادية بحريتها، فيما أسباب إلغاء دعوتي إلى قم ما زالت مجهولة».

الحوار مع العلّامة السيد علي فضل الله كان متنوّعاً وشاملاً وجاءت وقائعه على الشكل التالي:

 

حوار: حسن شلحة

 

الإعتداء على رجال الدين مرفوض ومُدان وهو نتيجة للشحن الناتج عن الخطابَيْن السياسي والديني

{ الإستنكار لا يُبعِد الفتنة ويجب تنظيم لقاء إسلامي – إسلامي ووضع برنامج يزيل التوتّر والتشنّج

{ نثق بحكمة قادة الخليج وحرصهم على مصالح اللبنانيّين الذين لا علاقة لهم بما يُعلَن في لبنان

الشحن في الخطابَيْن الديني والسياسي

 

{ لبنان يعيش حالة توتّر شديد على خلفية الاعتداء على رجال الدين. كيف قرأت هذا الحدث الخطير، وما هي أهدافه؟

– هذا الاعتداء رغم بشاعته وخطورته أراه نتيجة لحالة الشحن القائمة في الخطاب السياسي كما في الخطاب الديني، وكذلك هو نتيجة للضغط الناتج عن الأحداث في سوريا، فهذا الشحن يترك تداعياته على النفوس التي قد تخرج أحياناً عن الإطار الذي تنتمي إليه، ومن ثم تتحوّل إلى مشكلة، تنتج عنها فتنة خطيرة.

عليه، نؤكد دائماً أهمية التنبّه إلى خطابنا السياسي والديني، ولا شك رغم وجود خلافات في الشأنين السياسي والديني، إلا أنّه من الواجب علينا تقديم ذلك بأسلوب بعيدٍ عن الشحن، الذي تنتج عنه هكذا توترات تنعكس سلباً على واقعنا، فالحادث مُدان ومرفوض.

 

{ هل برأيك جاء هذا الاعتداء بالشكل الذي تم فيه، أي أنّه جاء في إطار عفوي؟

– من الممكن ذلك، وهذا يدل على ما وصل إليه الحال من توتّر وتشنّج طائفي ومذهبي، وهذا يستدعي نزول القيادات والعلماء إلى أرض الواقع، فالاستنكار وحده لا يكفي ولا يشكّل علاجاً، كما إنّ الإعلام عادة لا ينقل بدقة مواقف البعض فيُحدِثُ تشويهاً في الموقف.

 

{ هل ترى أنّ التوتّر في جزء منه يعود لما يحدث في سوريا؟

– لا شك في أنّ هذا انعكس على واقعنا، فلكلٍّ رأيه، ويجب ألا ينعكس ذلك على أوضاعنا الداخلية المحمّلة بالمشاكل الاقتصادية والسياسية، لذلك من الأهمية بمكان اليوم حصول لقاء إسلامي – إسلامي.

 

{ على أي قاعدة؟

– أعتقد بأنّ هذا اللقاء يجب ألا يقتصر على الناحية الإعلامية فقط، بل هذا اللقاء يهدف إلى عقلنة الخطاب السياسي والديني، عبر تفاهمات وإجراءات تزيل حالة التشنّج ومن ثم عدم استخدام الخطاب المتوتّر في الاستحقاقات السياسية والانتخابية، وعلينا تبريد الأجواء بدل تسخينها، هذا مع العلم بأنّ الخلافات لا تنتهي.

 

{ ما المطلوب من القيادات السياسية والدينية؟

– يجب ترسيخ تفاهمات وإنتاج وثيقة عملية بعيداً عن صيغ الإنشاء، ووضع برنامج نستطيع من خلاله مخاطبة الشباب في الجامعات والمدارس، وكذلك مخاطبة الشارع، وعلى الأحزاب السياسية أنْ تساهم في وقف الشحن والتوتّر، وأنْ تُبعِد الجانب الديني والمذهبي عن الخلافات السياسية.

 

عوامل وأد الفتنة

 

{ برأيك هل تم القضاء على مفاعيل الفتنة التي كان من الممكن أن تقع إثر الاعتداء على رجال الدين؟

– ما قامت به القيادات السياسية والدينية من إدانة للحادث ورفع الغطاء عن المعتدين ووجوب معاقبتهم أوجد حالة من الارتياح، وساهم في تهدئة النفوس إلى حد ما، حيال ما نتج عن هذا الحادث المؤسف، ولكن هذا كله معالجة لحادثة آنية، لذلك يجب معالجة الأساس، فلا يوجد شيء يمنع تكرار ما حصل، والخشية من حدوث فتنة قائمة، ولذلك يجب الوصول إلى إجراءات عملانية على الأرض لوأد عوامل الفتنة.

 

{ ولكن ألا تلاحظ غياب المبادرات الجدية؟

– صحيح المبادرات الجدية والحقيقية غائبة، لأن القيادات ما زالت تعمل على استنفار شوارعها، من غير مراعاة نتائج ذلك على الآخرين، ويبدو أنّ نتائج الخطاب المتشنّج رآها كثيرون خدمت مصالحهم الشخصية، ونحن دائماً ننبّه الجميع إلى أهمية دراسة الخطاب الموجّه إلى الناس سياسياً واجتماعياً وانعكاساته على الآخرين وإمكانية تقبّله.

 

{ برأيك إلى متى يُترك مصير الناس رهن غرائز «الرعاع» والفوضويين؟

– لذلك نركز على أهمية أنْ تأخذ القيادات السياسية والدينية دورها في التوجيه وفي التربية، ومصير الناس من الجريمة أنْ يترك لفئة الفوضويين.

 

{ ذكرتم أنّ الوحدة الاسلامية لا يمكن أنْ تتجسّد فقط بالخطاب؟

– من المؤسف أنّ الخطاب الوحدوي الإسلامي عادة ما يتوجّه إلى النُخب وأعضاء المؤتمرات، وهذا الخطاب لا أحد يسوّقه مع أبناء جماعته، فنحن لا نسمعه إلا إذا كان هناك حدث معين أو مؤتمر ما، ولم يطرح مع الجماهير وفي الشارع.

 

حرمة دم المسلم وماله وعرضه

 

{ برأيك الخطاب الوحدوي الإسلامي ماذا ينقصه؟

– أعتقد بأنّ هذا الخطاب في المناسبات لا فائدة حقيقية منه إذا بقي على ما هو عليه، ولذلك يجب أنْ يُدعم بفتاوى دينية واضحة تحرّم دماء المسلمين، حتى يشعر الفرد بحرمة دماء الآخر، ويجب وضع خطة لتوجيه مباشر من قِبل العلماء وطرح ذلك على ارض الواقع.

 

{ ماذا تقول لهذه القيادات الآن بعد غياب المرجع الكبير السيد محمد حسين فضل الله، في ما يخص دماء المسلمين؟

– أقول على هذه القيادات الدينية أنْ تستحضر في أقوالها وفي خطابها جوهر الدين الإسلامي الذي طرحه الرسول محمد بن عبدالله (صلى الله عليه وآله وسلم)، والذي أكد للمسلمين وحذّرهم من أنّ «كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه وكرامته، ولا ترجعون بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض»، ومما يؤسف له أنّنا نرى في أحياناً كثيرة صوت العلماء أضعف بكثير من أصوات أخرى أكثر ارتفاعاً وتشنّجاً، فالصوت الإقصائي والتكفيري والمغالي هو الأكثر ارتفاعاً الآن، وعلى العلماء أنّ يتحمّلوا مسؤولياتهم في هذا الزمن الصعب.

 

{ هل تخشى من تداعيات الأحداث السورية على الاستقرار في لبنان؟

– ندعو كافة القيادات للحذر من هذه التداعيات التي لا يستطيع لبنان تحمّل نتائجها، خاصة أنّ الأحداث السورية لها أبعاد عديدة سياسية وطائفية، هذا رغم أنّ النظام له مؤيدون من السُنّة ويقاتلون معه، وكذلك المعارضة معها الكثير من القيادات والشخصيات من الطائفة العلوية، كما إنّ التداعيات ستكون قاسية على اللبنانيين بعد مشاركة بعض اللبنانيين في القتال وتهريب السلاح إلى سوريا، ولا نقبل ونحذّر من أنْ يكون لبنان ساحة تصفية حسابات بين القوى الكبيرة.

من جهة ثانية، إنّ انخراط اللبنانيين في الأزمة السورية قد يؤدي إلى توتّر علاقات لبنان مع العالم العربي، فيما بلدنا بأمس الحاجة إلى الاستقرار، وحين يتم إرسال المقاتلين إلى سوريا لا بد من درس عواقبها ونتائجها على لبنان واللبنانيين عموماً ومصالحهم واستقرارهم فـ«اذا هممْتَ بأمرٍ فَتَدَبّرْ عاقبتهُ»، وإنّ عواقب التدخّل في سوريا سيئة بالنسبة لجميع اللبنانيين، كما إنّ مشاركة اللبنانيين في الأزمة السورية لن تغيّر المعادلات أو الوقائع على الارض السورية.

 

{ أمام تصاعد الخطاب والنهج الطائفي ما المطلوب من السُنّة والشيعة؟

– آمل أنْ يعود الجميع إلى قيم الإسلام وتعاليمه التي بُلّغنا بها في القرآن الكريم وسُنّة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا اختلفوا عليهم أنْ يرجعوا إلى كتاب الله، وقال تعالى: «وإنْ تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله ورسوله»، كما إنّ نبيّنا نبّهنا من ألا نكون كفاراً والفتنة كفر، كما يجمعنا أيضاً حبّنا لآل بيت رسول الله ونهج الإمام علي عليه السلام في تعامله مع الخلفاء الآخرين، وكذلك نهج الإمام الصادق عليه السلام، الذي كانت تلتقي عنده كافة العلماء من المسلمين، والذي كان يحضُّ أصحابه على مشاركة الآخرين بجميع مناسباتهم، كما إن الأدب الإسلامي يمنع السب والشتم والإساءة، حتى مع المشركين «ولا تسبّوا الذين يدعون من دون الله».

والإمام علي عليه السلام قال في عز معركة صفين «إنّي أكره لكم أنْ تكونوا سبّابين..».

 

السُنّة والشيعة والوحدة

 

{ أين أصبحت الروح والمفاهيم الوحدوية بين المسلمين؟

– ما يُؤسف له أنّ العصبيات أحياناً كثيرة تتقدّم على غيرها من مفاهيم الإسلام، فالتعصُّب يعني الانغلاق على الذات، حيث يرى كل مَنْ ليس معه بأنّه عدو أو من كوكب آخر «إنّما المؤمنون إخوة، فعلينا جميعاً أنْ نتعلّم كيف نتغلّب على هذه العصبيات ونقاومها»، هناك قضايا كبرى تنتظر جميع المسلمين، وما يحدث من أزمات أمامنا ستنتهي في النهاية بتسويات، لذلك علينا أنْ ننتبه ونحذّر ونحافظ على إهلنا ومصالحنا وديننا وبلدنا.

 

{ توجد ظاهرة سلبية تتمثّل بانفصال الحوار بين القيادات السياسية؟

– على كافة الإشكالات والخلافات لا بديل عن الحوار بين القيادات السياسية، ولذلك على القيادات أنْ تبادر وتلتقي، فمصالح اللبنانيين يجب أنْ تكون لها الأولوية على غيرها من المصالح، وكل قيادي يرى في نفسه الحرص على وحدة البلد وقوته ومنعته أمام الأخطار والفتن عليه أنْ يبادر من أجل حوار منتج يحفظ استقرار اللبنانيين ومصالحهم.

 

{ ما رأيك بمقولة حقوق الطوائف في لبنان؟

– أنا أدعو لتأكيد حقوق الإنسان، حقوق المواطن الذي ينتمي إلى هذا البلد، وعلينا أنْ نبتعد عن الأوهام وننتقل إلى حقوق المواطنة، فمن حق الجميع أخذ حقوقهم كونهم مواطنين وأناس ينتمون إلى هذا البلد، ونخرج من مقولة حقوق الطوائف إلى حقوق الانسان.

 

{ هل تخشى من فتنة بين المسلمين أو بين اللبنانيين؟

 

– لا أرى أنّ هناك قراراً لا محلياً ولا إقليمياً ولا دولياً لحدوث فتنة، لكن نخشى ممَّن يسعى في الظلام ويدفع الجميع إلى هذه الفتنة، فقد تحدث بعض الإشكالات والأفعال السلبية ونأمل الإسراع دائماً إلى القضاء عليها كما حصل في حادثة الاعتداء على رجال الدين، وعلينا أنْ نعي لمصالحنا ولا ننقاد لمصالح الخارج الذي عادة ما يصدِّر إلينا الفتنة ويدعمها.

 

قادة دول الخليج ورعايتهم لمصالح اللبنانيين

 

{ توجد علاقات سلبية حالياً بين مكوّنات الشعب اللبناني ودول الخليج العربي على خلفية بعض المواقف المعلنة لبنانياً، فهل تخشى على مصالح اللبنانيين في دول الخليج؟

 

– نحن نثق بحكمة قادة دول الخليج وحرصهم على من استضافتهم دولهم من اللبنانيين، وواثقون بالروح العربية التي تأكدت سابقاً برعاية هؤلاء القادة لجميع اللبنانيين، وبدعم لبنان في جميع الأوقات، وهذا ما يجعلنا نأمل بالفصل بين اللبنانيين الذين يعملون في هذه الدول، وبين بعض المواقف المسيئة التي تصدر في بعض الأحيان من بعض اللبنانيين، وندعو كافة القيادات إلى أنْ يضعوا مصالح اللبنانيين في الخارج وخصوصاً الخليج العربي عندما يُطلِقون المواقف السياسية، لا سيما أنّ لبنان لا يستطيع أنْ يؤمّن العيش الكريم لهؤلاء اللبنانيين.

 

{ هل يستطيع لبنان أنْ يؤمّن استقراره السياسي والمالي بعيداً عن أشقائه العرب؟

 

– يبدو من خلال الوقائع أنّ لبنان دائماً يلجأ في الملمّات إلى الاستعانة بالدول العربية الشقيقة، ويجب أنْ يؤخذ دائماً في الاعتبار هذا الجانب، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إذا هَمَمْتَ بأمرٍ فتدبّر عاقبته»، فأي موقف سياسي يعلنه أي سياسي عليه أنْ يعي عواقبه على الآخرين، وعلى مصالح البلد واللبنانيين، وهذا لا يعني منع إبداء المواقف، ولكن هناك طرق وأساليب كثيرة لإبداء وإبلاغ هذه المواقف، ولذلك هنا تكمن أهمية الطريقة والأسلوب لذلك الحرص مطلوب لمراعاة مصالح اللبنانيين.

 

{ يبدو أنّ البعض لا يراعي مصالح 600 ألف لبناني يعملون في دول الخليج العربي؟

 

– نحن واثقون من أنّ اللبنانيين في دول الخليج العربي بأمان إنّ شاء الله تعالى، فهم في دائرة رعاية كريمة في هذه الدول التي تحكمها الأخوّة العربية والإسلامية.

 

{ توجد ظاهرة في لبنان تتمثّل بعشرات آلاف الحالات من الزواج المختلط بين السُنّة والشيعة، ماذا تقرأ في هذه الظاهرة؟

 

– في ذلك دلالة واضحة على وحدة المسلمين، التي ندعو دائماً إلى تأكيدها بدل العمل على ضربها وإزالتها، وما يحدث من إشكالات في هذا الزواج يحدث أيضاً في غيره وبين أبناء المذهب الواحد والعائلة الواحدة، كما إنّ هذا الكم من الزواج المختلط يشير إلى أنّ عوامل الفتنة مرفوضة من غالبية المسلمين، وأدعو السياسيين لأنْ يتعلّموا من المسلمين الذين قفزوا فوق الصغائر، والسيد محمد حسين فضل الله كان دائماً يشجّع على الزواج المختلط لما فيه ترسيخ للتعايش وللوحدة بين المسلمين، ونحن نشجع على ذلك ايضاً.

 

إلغاء الدعوة إلى قم

 

{ دُعيتم لإلقاء محاضرة في قم، ومن ثم أُلغيت هذه الدعوة، لماذا حصل ذلك؟

 

– صحيح أُلغيت الدعوة من الجهة المنظمة للمؤتمر، ولا أعتقد بأنّ هناك قراراً رسمياً بذلك، والمحاضرة كانت عن شخصية أحد المراجع الراحلين، ولغاية الآن لا ندري الأسباب الحقيقية وراء إلغاء الدعوة، فأنا مواقفي السياسية الوحدوية واضحة، وأدعو دائماً لتوخّي شر الفتنة بين المسلمين وأدعو دائماً أيضاً إلى التبصّر بعوامل وحدتهم، وأنا من دُعاة التواصل بين الدول والأحزاب ولستُ من دعاة التفرقة، وأدعو لوأد الفتنة وتأييد الشعوب في سعيها لنيل حقوقها وحريتها، وأحذّر دائماً من الساعين إلى الفتنة بين الشعوب.

 

{ هل لهذا الموقف السلبي من إلغاء الدعوة التي وُجِّهَتْ إلكم سابقاً علاقة بالموقف من ولاية الفقيه الشاملة؟

 

– لا أعتقد ذلك، وإلغاء الدعوة يمكن أنْ يكون لأسباب اخرى غير ولاية الفقيه، وأنا كنتُ قبل فترة ليست ببعيدة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهناك مواقف سلبية من بعض المرجعيات في قم تجاه السيد محمد حسين فضل الله صحيح، وكانت هناك مشكلة من البعض، ونتج عنها مواقف سلبية حادة، لكن لغاية الآن لا توجد عندي الأسباب الحقيقية لإلغاء الدعوة، وهم أعلموني بأنّهم سيزورون لبنان ويوضحون لي الأسباب، وفي ما يخص الموقف من ولاية الفقيه الذي اتّخذه الوالد الراحل، فأنا على نهجه لم أغيّر، وهذا اختلاف فقهي، وهناك مَنْ يرى ولاية الفقيه العامة وهناك مَنْ يرى الولاية الخاصة، والسيد فضل الله كان يرى الولاية الخاصة ونحن في ذات النهج.

 

اللواء 25 آذار 2013

 

 

Leave A Reply