السيّد فضل الله لـ “الميادين نت”: مواجهة مشروع الفتنة المذهبيَّة حماية للعالم العربي والإسلامي

 السيّد علي فضل الله يتحدث لـ"الميادين نت" عن الواقع في العالمين العربي والإسلامي تزامناً مع دعوته لانعقاد "ملتقى الأديان والثقافات للتنمية والحوار" في بيروت، والذي يضم شخصيَّات لبنانيَّة وعربيَّة وإسلاميَّة.

 

"من أجل حوار الحياة"، أقيم حفل إطلاق مبادرة حواريّة جديدة، إسلاميَّة ــ مسيحيَّة ــ علمانيَّة، تحت عنوان "ملتقى الأديان والثقافات للتنمية والحوار"، برعاية العلاّمة السيّد علي فضل الله، نجل العلاّمة الراحل السيد محمد حسين فضل الله، وإشرافه، ومشاركة نحو خمسين شخصيَّة لبنانيَّة وعربيَّة وإسلاميَّة، اجتمعوا لهذه الغاية في العاصمة اللبنانيّة بيروت الأربعاء الماضي، وانبثقت عنه لجان لتداول نقاط البحث فيه.

"ما يتهددّ الأمة من مخاطر تهدف بالنهاية إلى إراحة الكيان الصهيوني"، يفتتح السيد فضل الله كلامه معالميادين نت.

 

مدرسة السيد محمد حسين فضل الله في الحوار

انطلقنا في حوارنا بالسؤال عن "الملتقى"، فأوضح السيّد فضل الله أنّ "أهمية هذا الملتقى تكمن في طبيعته الحوارية، وفي العنوان التواصلي الإنساني الذي انطلق من خلاله، فقد أتى نتيجة تداعي مجموعة من المنشغلين والمهتمين بالشّأن الحواري والوحدوي في هذه الظروف الحسّاسة، الذين انطلقوا بهذا العنوان، مستهدين في حركته الروح التي كان يحملها سماحة المرجع السيد محمد حسين فضل الله رضوان الله عليه، معتبرين أنَّ تلك الروح لا يمكن أن تبقى حبيسة التاريخ، بل لا بدَّ من أن تملأ كل الآفاق، وبذلك، تستمر مدرسة السيد في الحوار الذي استطاع به أن يصل إلى قلوب الجميع وينفتح على كل الناس."

وأضاف: "نحن اليوم، نحبّ أن نؤكد هذه التجربة من خلال هذا الملتقى، ولن نكون بديلاً عن أحد، إنما هاجسنا التكامل مع كل المؤسَّسات والطاقات التي تخدم هذا الهدف، ونأمل أن نشكّل نموذجاً في العمل لتخفيف الاحتقانات والتوترات الموجودة في السّاحة العامة، وإيجاد مساحات واسعة للتواصل بين المذاهب والطوائف، مع إيلاء الاهتمام للسّاحة الإسلاميّة التي تشكّل ساحة أساسيَّة للتّوترات الطائفيَّة".

 

ما يجري يفوق حدود المعقول..والهجمة أكبر من الإستجابة لتحدياتها

 

ومن منطلق حديث السيّد فضل الله عن أهمية الحوار، سألناه عن مدى خطورة ما يجري على الأرض، فأجاب: "لا بدَّ من أن ندقّ ناقوس الخطر في العالم العربي، لأنَّ ما يحصل يفوق حدود المعقول، وخصوصاً مع تصاعد جرائم القتل إلى الحدود القصوى، إن على المستوى الإسلامي ــ الإسلامي، أو على المستوى الإسلامي ــ المسيحي، وهو يستدعي تحركاً من الجميع، ولا سيّما القادرين على التحرّك والتأثير، فهناك دماء تنزف، وبلاد تدمّر، ومستقبل يتهدّده الخطر، ودين يتعرّض للتّشويه، وقيم تتلوَّث، وفساد قد يعمّ جميع البلاد".

وتابع: "مؤخراً، كنت في النروج، ولاحظت كيف تشوّه كلّ هذه الجرائم صورة الإسلام، الَّذي يُقدّم كدين غير قادر على التَّعايش مع الآخر، الأمر الَّذي يجعل مسؤوليَّتنا كبيرة في إظهار الصّورة الحقيقية للإسلام، وتوسيع دائرة هذا المسار الحواري الوحدوي الرافض للمنطق الإقصائي والتكفيري".

وعن حجم الهجمة ومستوى الإستجابة لها، يقرّ السيّد فضل الله بأنّ "الهجمة أكبر من الاستجابة لتحدياتها. وفي هذا المجال، فإنَّ المؤتمر يطلق الصّوت عالياً لحوار يتجاوز السّاحة اللبنانيّة الداخليّة، ليصل إلى كلّ الساحات المتماثلة في أوضاعها، لتتوسّع التجربة وتتكامل كلّ الطّاقات والمؤسَّسات الحوارية، مستفيدين من كلّ التجارب الحوارية في التاريخ والحاضر، وخصوصاً تجربة سماحة المرجع الراحل فضل الله، لعلَّنا نخفّف الكثير من التوترات. ونحن نعرف أنّ الأمور أعقد من مؤتمر ومؤتمرات، بيد أننا سنبذل كل ما في وسعنا، فيجب أن نحاول دوماً ونسعى للوصول إلى أهدافنا، آملين التوفيق والنجاح {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}، ولا سيما إذا كانت النيّة حسنة."

 

مرتكزات الفتنة ليست عميقة الجذور

 

وتوقّف سماحة السيّد علي فضل الله عند مرتكزات الفتنة، فقال "إنها ليست عميقة الجذور في عالمنا، سواء في واقعنا الإسلامي، أو بين المسلمين والمسيحيين، فالحالات الإقصائيّة ــ التكفيريّة احتلَّت مساحات ضيّقة في تاريخنا ومجتمعاتنا، وهي لا تتوسّع إلا إذا استندت إلى مناخ وظرفّ سياسي يحتضنها، وواقع إعلامي يروّج لها، وحالات رعب تنشرها، وهي تستخدم التّحريض الدّيني والمذهبي بأبشع صوره، وتبرر ذلك باعتمادها مرجعيّة قاصرة ومشوّهة تفتقد الحدّ الأدنى من المشروعيَّة الدينيَّة التي حدَّدها كبار أئمَّة المسلمين ومن كلّ المذاهب، ولا بد من الإشارة إلى أن الاحتضان السياسي للتطرف هو الَّذي يعزز من موقعه، وليس منطقه الديني أو الفكري، لأنَّ المنطق الحواري الوحدوي هو الأقوى".

وردّاً على سؤال يتعلّق بوقوف الولايات المتحدة الأميركية والكيان الإسرائيلي خلف ما يحدث، يجيب السيّد فضل الله: "هذا أمر طبيعي، فهذا العالم؛ عالم الكبار، يستفيد من حالات التطرف والتكفير ليستخدمها فيما يريد، ويوسع دائرتها ويحتضنها ويقويهّا، ويستفيد في أغلب الأحيان من جهلها في المعادلات السياسية وطبيعة الصّراعات القائمة، فيستغلها لإنهاك المنطقة، والسيطرة عليها، ويبقى الهدف هو الحفاظ على التفوق النوعي للكيان الصهيوني، وحماية عدوانه، وهنا أقول: علينا دائماً أن نفتّش عن إسرائيل في كل الأزمات. وفي اعتقادي أن كل ما يجري يفضي إلى استنزاف مواقع القوة في العالم العربي والإسلامي، حتى لا يملك أي قدرة على مواجهة التحدي الصهيوني، وهو تحدٍّ حضاريٍّ وجوديٍّ مستقبليٍّ. وما المحاولات الجارية لإضعاف الجيوش الأساسية في المنطقة، وضرب مواقع القوة والممانعة العربية والإسلامية، إلا لخدمة المشروع الصهيوني في المنطقة".

 

المرجعيات الدينية والنظرة الإستراتيجية

 

وعن مآل الفتنة المذهبية، يقول سماحته: "إن الأفق يبدو مسدوداً أمام حركات التطرف، وخصوصاً في سورية، حيث يأخذ الاحتضان الشعبي لها بالضّمور، وذلك في ضوء التجربة الميدانية التي جعلتها على احتكاك دائم مع الأهالي، وهي تنحسر لاعتمادها على الإكراه والعنف لاستمالة الناس، وللتنافر الدائم بين هذه الحركات، وصولاً إلى التصفيات المتبادلة. ومن جهة ثانية، فإننا نتوجّه دائماً إلى الجميع، ولا سيما الوحدويين، بأن يرفعوا صوتهم لتوضيح الصورة الحقيقية للدين، وكشف المشاريع التي يعمل لها أصحاب الفتنة ومن يقف خلفهم، ولكننا نجد أنَّ الصوت الوحدوي خافت، بينما نريده أن يكون مرتفعاً دائماً ومعبّراً عن نفسه، ولا سيَّما صوت العلماء المؤثّر. وللأسف، نحن نجد بعض المرجعيات الدينيَّة تتأثر في حركتها بالواقع، وتنطلق في مواقفها كالناس العاديين، لا كعلماء متبصّرين للواقع ومآلاته، فلا يتطلَّعون إلى الأمور بنظرة استراتيجيَّة، بل بنظرةٍ محدودةٍ، وهذا ينطبق أيضاً على المثقَّفين، وهنا لا بدَّ من أن نعمل على جمع كلّ قادة الرأي والوعي وكلّ المخلصين، لرفع الصوت عالياً لوقف هذا المسار التدميري."

 

المطلوب رأس العالم العربي والإسلامي

 

وعن دور "الملتقى" في هذا الإطار، رأى "أن الفتنة تضاهي في خطورتها العدوان العسكري، فالفتنة تدخل إلى كلّ الأمكنة والساحات، مثيرة مخاوف أبناء هذا المذهب على وجوده من أبناء المذهب الآخر، وكذلك هو الحال على مستوى الطّائفة، ليعرض أصحاب الفتنة أنفسهم كعنصر حماية لوجود هذا المذهب أو تلك الطائفة. وهنا، يأتي دور المخلّصين للتحرك وإزالة عنصر الخوف من الآخر، وإفشال سياسة تخويف الناس من بعضهم بعضاً، ولا بد من أن يلعب الإعلام دوراً كبيراً في تبديد هذه المخاوف، وذلك، برعاية كل الحريصين على الوحدة الوطنية والإسلامية. وفي هذا السياق، علينا التركّيز على النقاط المشتركة بين المسلمين، وعلى الخطر المشترك الذي يهدّد العالمين العربي الإسلامي، واستحضار نقاط الوفاق بين المذاهب. أما الخلافات، فعلينا أن نخرجها من دائرة التوتر إلى الدائرة العلميَّة والموضوعيَّة."

وتابع: "أودّ أن ألفت إلى عنصر رئيسي يهدّد العلاقات الحواريَّة والوحدويَّة ويتَّصل بالصّورة السيّئة التي يحملها كلّ منا عن الآخر، وهي صورة قوامها الشبهات والأوهام والتحريف، فلا بد من أن نفكّك هذه الصورة بعرض الحقائق وإزالة الشبهات، الأمر الذي يضيق مساحات الخلاف إلى أدنى الحدود، ويمكن أخذ مثال على ذلك، الاحتفاء بذكرى عاشوراء، التي يُعمل على إظهارها بأنها لشحن النفوس بين السنة والشيعة، رغم أنها ليست كذلك، بل هي ثورة العدل ضد الظلم، وثورة الإسلام بأسمى معانيه ضد الباطل. يجب عدم الوقوع في وهم أنَّ الدول الكبرى تعمل على تقوية مذهب ضدّ آخر، أو دولة في مقابل أخرى، أو محور في مقابل محور، فالعالم المستكبر يريد استنزاف الجميع وكلّ المواقع، وطبعاً استنزاف المال العربي والخليجي بشكلٍ خاص، والاستيلاء على هذه المنطقة. لذا، المطلوب من العالم العربي الرسمي أن يكون واعياً لمخاطر أيّ انقسام، فيعمل على التواصل الداخلي والإقليمي، وتطويق الفتن التي يراد لها أن تنتشر في كلّ بلادنا، والتواصل بقوة مع العالم الإسلامي.

 

التقاء إيران والسعودية

 

ونبّه السيّد فضل الله إلى الألاعيب الخارجيَّة لتقسيم العالم العربي والإسلامي إلى محاور متناحرة تبدّد طاقات المنطقة ومواردها، خدمة لأعداء هذا العالم.

وأضاف: "ندعو الجميع في العالم الإسلامي إلى اللقاء وتوحيد الصفوف، وأن يكونوا {خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ. وهذا ما نحتاجه، لكن، مع الأسف، هناك من يصغي إلى أصوات تحرض هذا البلد ضد ذاك، على خلفية أن مشكلتك ليست مع إسرائيل، بل مع هذا البلد الإسلامي أو العربي الآخر، في حين أنَّ المشكلة هي في العمق مع الكيان الصهيوني وخلفه الولايات المتحدة.هناك تحريض لتخويف السعودية من الجمهورية الإسلاميّة الإيرانية، وإيجاد أوهام حول ذلك، ومحاولات مقابلة لتخويف إيران من السّعودية، ولكننا نقول إنَّ ما يجمع بينهما أكبر بكثير مما يفرقهما، والمصلحة العربيّة والإسلاميّة هو في لقائهما الَّذي يعيد العافية للأمة، ويقوي مناعتها تجاه كل الاختراقات الخارجية، ويحصّنها من كلّ ألوان الفتن. ونعتقد أنَّ اللقاء بينهما يجب أن يتمّ وتُهيّأ له الظروف، ونتمنى أن يكون عاجلاً، وأنا أرى أنَّ الجميع يحتاج إلى التواصل، فإيران تحتاج إلى السعودية والسعودية تحتاج إلى إيران".

 

المسيحيّون جزء أساسي من هذه الأمة

 

وإذ لا يحبّذ السيد فضل الله تعبير "الأقليات"، يعتبر أن المسيحيين جزء أساسي من هذه الأمة، وعنصر فاعل في الحضارة العربية والإسلامية، مشيراً إلى أنَّ "الإسلام حريص على أن يحتضن كلّ تنوّع ديني، وهذا ليس منّة، فالمسلمون مطالبون بالحفاظ على هذا الوجود المتنوّع، ونحن نؤكّد أنَّ هناك أساساً واسعاً للتلاقي بين الديانات، ونقول دائماً إن في المسيحية شيء من الإسلام، وفي الإسلام شيء من المسيحية، وأن لا مشكلة لدينا حتى مع اليهودية، لأن مشكلتنا هي مع الصهيونية.

ونحن ندعو إخواننا المسيحيين إلى "أن يصبروا معنا، والمستقبل سيكون للتعايش والتلاقي، وعلينا أن نتواصى بالحق والصبر لمواجهة المخاطر التي تستهدفنا جميعاً، وأن نراهن على إنساننا وشعبنا وأمتنا وقيمنا، لا على شرق قد يدير الظَّهر لنا، أو غرب يستخدمنا لمصالحه، وأعتقد أن المرحلة الراهنة طارئة، والتعايش والتفاعل بيننا هو الأساس".

وتحدث السيّد فضل الله عن المطرانين المخطوفين في سورية، بولس اليازجي ويوحنا إبراهيم، فقال: "كان لنا فرصة لقاء المطران إبراهيم، ولمسنا لديه الحسّ الحواري الوحدوي، وقد حضر أول لقاء تأسيسي للملتقى، حيث جاء من حلب إلى بيروت، رغم الظروف الأمنية القاسية، للمشاركة، وكذلك هي شخصية المطران اليازجي رفيقه، ونحن نعرف مدى حرصهما على التعايش والانفتاح على الجميع، ونحن هاهنا نغتنم هذه الفرصة، لندعو إلى بذل كلّ الجهود لإطلاق سراحهما، وإننا نرى في خطفهما، وفي اغتيال الشيخ البوطي، وقتل العلماء الآخرين، وفي كثير من عمليات الاغتيال والتفجير، استهدافاً لصوت الإعتدال الديني، الذي سيبقى الصوت الأقوى رغم كلّ ما يجري".

 

المطلوب استنزاف سورية

 

وعن سورية وما يجري فيها من أحداث وتطورات، يقول السيّد فضل الله: "نشعر بأنَّ ما يراد لسورية هو استنزاف قدراتها ومواقع القوة فيها، فهذا البلد كان يلعب دوراً إقليمياً ودولياً مؤثراً، وكان الجيش السوري يُعدّ لأن يكون الجيش الأكبر في المنطقة، لمواجهة العدو الصهيوني، وجميعنا يعلم أنَّ الشّعب السّوري هو شعب مقاوم وداعم للمقاومة، وقد احتضن اللبنانيين خلال عدوان إسرائيل على لبنان في تموز/ يوليو 2006. إذاً، كان المطلوب استنزاف الجيش والشّعب والبلد، ونحن ننظر إلى تطورات ما يجري في سورية من هذه الزاوية.

صحيح أنَّ المطالبة بالإصلاح أمر محق، ونحن ندعو للاستجابة للشعب والمبادرة إلى الإصلاح، لكن يجب أن ننظر إلى الأمر بعمق، وخصوصاً إلى تطورات السنة الأخيرة، ونطلب من الجميع وعي أبعاد ما يحصل، والعمل على إخراج سورية من محنتها، لأنَّ إنقاذ سورية سيكون له آثار إيجابية على المنطقة ككلّ. ومن يعتقد أنه سيكون الرابح، سيخسر في النهاية، لأنَّ استمرار الصّراع خسارة مطلقة لسورية، والرابح الأساسي هو عدونا الإسرائيلي، وأنا أقول دائماً، فتشّوا في الموضوع السوري عن الدور الصهيوني، فهو المستفيد الأول من الأزمة، كما أنه المستفيد الأساسي مما يجري في مصر والعراق أيضاً".

ويطمئن السيد فضل الله إلى أنه "لا خوف على سورية والمنطقة من تقسيم وتفتيت مذهبي، لأنَّ في ذلك خراباً للمنطقة ككل، ولا مصلحة لأحد بتحقيقه إلا إسرائيل، ولا أظن أن من يفكر بوعي يسعى إلى التقسيم، لأنه مشروع حروب دائمة، وإشعال متواصل للفتنة، ولا أعتقد أن أحداً في العالم العربي والإسلامي يقبل به، وهذا المشروع يجب أن يواجه بقوة".

 

واقع "الربيع العربي" وآفاقه

 

ولفت السيّد علي فضل الله إلى بدايات انطلاق "الربيع العربي"، فرأى أنَّ "الشّعوب العربيّة استخدمت كلّ الوسائل لتغيير معالم الواقع العربي الرسمي، بعد أن ظهر عجزه عن مواجهة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والوطنية التي أحاطت به من كل جانب، إلا أنَّ تجربة بناء الدولة تصطدم بعقبات تحتاج إزالتها إلى طاقات قادرة على بناء الدولة، وإلى خبرات إدارية، ومهارات سياسية، وإقامة تحالفات، بدلاً من سياسات الإقصاء والاستفراد، كما تحتاج إلى قدرة على استيعاب الجميع، فضلاً عن أهمية الفهم العميق للمعادلة الإقليميَّة والدوليَّة. وفي اعتقادي، إنَّ تجربة التغيير ما زالت تشهد مخاضاً، ولا بد من الاستفادة من حالات الإخفاق والنجاح، من أجل تصويب المسار والنهوض بالبلد. وأنا أتوقّع استمرار حالات التجاذب بين قوى التغيير، بانتظار التوصل إلى صيغة جديدة لبناء دولة تحتضن جميع فئات المجتمع، ولا سيما في هذه المرحلة الانتقالية من تاريخ المجتمع العربي والإسلامي."

 

المصدر : موقع الميادين.نت

 

Leave A Reply