العلاقة مع الله

بسم الله الرّحمن الرّحيم

ألقى سماحة العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:

 

الخطبة الأولى

 

سأل رجل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الله سبحانه، أهو قريب ليناجيه بصوت خفي أم بعيد ليدعوه بصوت مرتفع؟ عندها نزلت الآية 186 من سورة البقرة:

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾

 

أيها الاحبة

 إن العلاقة بين الانسان والله تعالى، هي من حيث المسافة (إذا قدر لنا أن نقيسها ماديا) أبعد ما يكون من أي قياس في الكون.. فالله من حيث موقعه العالي المتعالي لا يدانيه علو، فهو الخالق المدبر والمنظم والراعي والمالك والرازق والمنعم والمعطي يحيي ويميت وإليه المصير.. وفي الوقت نفسه فإن الانسان من موقعه المحتاج والعاجز والفقير إلى الله في اصل خلقه ووجوده وبقائه وعيشه لا استقلال له عنه مطلقاً في الرزق والرعاية في كل لحظة من لحظات حياته.

 

فكيف اذا تكون هذه العلاقة وكيف تسير وبأي سبل.. علماً أن هذه الرابطة ستظل تحكم الإنسان حتى قيام الساعة..

ونحن اعتدنا في واقعنا على فكرة ان الموقع كلما علا وارتفع، اصبحت العلاقة معه اكثر تعقيدا واكثر بعداً وصعوبة وتحتاج معها الى وساطات كثيرة. هذا في قاموس غالب الناس.. اليس كذلك؟

 

أما في العلاقة بين العبد وخالقه  فيمكننا القول انه بالرغم من بعد الموقع الذي تحدثنا عنه الا انها هي العلاقة الاقرب على الاطلاق، ويقول القرآن الكريم: «وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إليه مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ»

 

الله أقرب ما يكون للانسان.. أقرب اليه من روحه، اقرب إليه من حبل الوريد.. موجود في كل لحظة وخلجة وخفقة، وهذا من باب ربوبيته ورحمته وحنوه وعطفه ومحبته وحرصه على من خلق، عينه لا تنام، يدبر الامر يهدي ويرشد: فهو بعيد لا يرى وقريب يشهد النجوى..« وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ..».

ان هذا القرب وهذا الحضور لله في حياة خلقه لهو نعمة من اهم النعم التي أنعم بها الله على الانسان.. والتي للاسف لم يستثمرها الانسان ولم يستفد منها بالقدر الذي يعينه في حياته..

 

ان تغييب فكرة "قرب الله" واستبعادها من التواصل  قيَّد علاقة الانسان بالله، فصار يحكمها الخوف والتوجس والغربة..  وكلنا يعلم  ان على عاتق التربية تقع هذه المسؤولية التي جعلت من  صورة الله صورة بعيدة مرعبة مخيفة.. يحلو للبعض أن يصوِّر الله لنا كأنه ينتظر عباده ليحصي عليهم زلاتهم، لينتقم ويتشفى وينفث غضبا ونارا والعياذ بالله.. كما أن البعض يحلو له بحسن نية أن يقدمه بصورة منغص اللذات، وأن الاصل لديه العقاب لا الثواب والنار لا الجنة.. القسوة لا الرحمة.. صورة للاسف زرعت في الوجدان فبنت الحاجز تلو الحاجز بين الفرد وخالقه.. وصار هاجسه دفع غضبه ورد عقابه،

والمشكلة عندما يتكرّس هذا الاسلوب في التربية منذ الطفولة البريئة والتي لا تكون قد اختبرت المعاصي أو اساءت الى علاقتها بالله.. عندها ماذا يحدث في قلبِ الطفل؟ يصبح الله بعيداً بدل ان يكون قريبا، ويصبح مراقبا بدلا ان يكون سندا وموجها وحاميا .. وتصبح الابواب الى الله مغلقة مع انها هي بالأصل مشرعة على مصراعيها.. ألا نسمع آباء يحذّرون أطفالهم: اللي بيكذب الله بيخنقو.. اللي بيسرق الله بموتو.. ألا نغلق بمثل هذه الأساليب القلوب الطرية دون الله وحبّه ورحمته.

 

 وهذه التربية الخاطئة للاسف جعلت للشيطان بطريقة او باخرى الحضور الاوسع، وان كان  من باب الحذر منه.. فصار كل همنا الخوف من الشيطان في خط مواز للخوف من الله. نعم هذه التربية هي التي توسع ساحة الشيطان تمنحه أبواباً أوسع للقلوب، فيما تضيّق ساحة الله التي وسعت كل شيء ونوره الذي اضاء كل شيء.

 

أيها الاحبة :

 إن هذه العلاقة مع الله وبالشكل الذي هندسها فيه ورسخ قواعدها نجدها مجسدة لدى الانبياء الذين عرفوا الله حق معرفته، فقصرت المسافة بينهم وبينه..  

والقرآن الكريم أورد قصصهم ومواقفهم مبرزا هذه العلاقة مظهرا تفاصيلها ودقائقها…

 

 فهذا ابو الانبياء ابراهيم عليه السلام كما يخبرنا القرآن يتوجه الى الله بهواجسه المعرفية: «رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى، قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن…» فيرد ابراهيم « قال بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي» تصوروا هذه العلاقة؛ النبي ابراهيم لم يخش. انفتح بطلبه المعرفي على الله والمتعلق بموضوع عقيدي: الآخرة والبعث بعد الموت  فيطلب البرهان  لمزيد من الاطمئنان بعد الايمان واليقين. وهذا ما يعكس علاقة حب وودّ حتى الدلال، وهذا ليس على الله ببعيد. فالله يعطي حاجتك، وهو جاهز للزيادة.. فهو الذي قال لرسوله «ولسوف يعطيك ربك فترضى»..

 

أما النبي موسى فلم يتردد ان يعرض همه وشكوكه من انه قد لا يفي بالدور المطلوب منه، فقدم مشكلته بكل تهذيب مع تمهيد ليحدثه عن نقطة ضعف  تتمثل بعدم قدرته على النطق بالكلمات بمخارج حروفها .. وهو أمر لا ينتقص من موقعيته انما هو شيء تقني بحت. اراد النبي موسى ان ينفتح على الله بهذه المخاوف، فأجرى بين يدي الله فضفضة نفسية حقيقية، ويقترح على الله الحل «قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ* وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ» واستجاب الله لطلبه ووفق مهمته بمعية اخيه هارون.

 

ويصور لنا القرآن في مثلٍ آخر تواصل النبي يوسف مع الله تعالى في أشد لحظة يمرّ بها وفيها تحدٍّ لعفته وثباته إذ توجه الى ربه «وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ» هنا تتجسّد ثقة يوسف بالله، يفتح قلبه من غير وجل وبكل شفافية يسأله: يا رب ساعدني حتى لا اسقط في الامتحان.. اعطني قوة.. اكاد ان اقع ان لم تعصمني.

 

وهذا هو النبي زكريا يتوجه الى الله بهمٍّ شخصي فطري وهو الحاجة إلى الذِرية والولد فامرأته عاقر، ويخاف ان ينقطع نسله، فنراه يمهد طلبه الى الله بتفاصيل مؤمِّلاً استدرار رحمته ورأفته: «قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً» ويستجيب الله «يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ..» ويبادله الله بأكثر مما طلب حتى يرضى فسمى له الغلام باسم فريد من عنده «يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا».. وبعد هل وقف الحوار عند هذا الحد؟  لا، النبي زكريا لم يُخْفِ استغرابه في مقام الاخذ والرد:« رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِي ٱلْكِبَرُ وَٱمْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ ٱللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَآءُ» «قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا» وتحققت البشرى وكان لزكريا ما طلب من ربه، وجاء ولده يحيي ليكون نبيا هو الآخر.. «وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا»

 

أيها الأحبة

إن هذا الانفتاح على الله والعفوية  والشفافية وهذا الارتقاء هو ما نريده ان يكون طابع علاقتنا بالله علاقة العبد بربه، علاقة المؤمل، علاقة الحب والود لحد العشق، علاقة تصل بك الى ان تقول ما قاله امير المؤمنين:

كفى بي عزاً ان أكون لك عبدا وكفي بي فخرا ان تكون لي ربا.

 

ان هذه العلاقة علاقة القرب هي ليست حكراً على الأنبياء المقربين والأولياء فحسب بل هي شاملة، وتتسع لكل من يعرف الله حق معرفته ويدعو الله بقلب سليم أخذا بالأسباب طاردا للمنفرات: فالله حبيب من تحبب اليه وقرة عين من لاذ به والتجأ اليه.. وشعارنا قول الشاعر:

 

لَيتَكَ تَحلو وَالحَياةُ مَريرَةٌ             وَلَيتَكَ تَرضى وَالأَنامُ غِضابُ

وَلَيتَ الَّذي بَيني وَبَينَكَ عامِرٌ وَبَيني وَبَينَ العالَمينَ خَرابُ

إِذا نِلتُ مِنكَ الوُدَّ فَالكُلُّ هَيِّنٌ 

وَكُلُّ الَّذي فَوقَ التُرابِ تُراب

والحمد لله رب العالمين

 

 

 

الخطبة الثانية

 

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله. ومن التَّقوى، الاهتداء بهدي الإمام محمّد بن علي الجواد(ع)، في ذكرى وفاته التي مرّت علينا في آخر ذي القعدة؛ هذا الإمام الذي بلغ مرتبة عالية من العلم والتقوى، جعلت المأمون يسعى إلى أن يزوّجه من ابنته.

وهنا، تذكر السيرة أنَّ العباسيين ثارت ثائرتهم لمنع حصول هذا الزواج، خوفاً من انتقال الخلافة إلى الإمام الجواد(ع)، ومن بعده إلى أئمّة أهل البيت(ع). لذا، جاؤوا إلى المأمون مستنكرين، فرفض قولهم وقال: "ولو أنصفتم القوم، لكانوا أولى بكم.. أما أبو جعفر محمد بن عليّ.. فقد اخترته لتبريزه على كافة أهل الفضل في العلم والفضل مع صِغَر سنِّه، والأعجوبة فيه بذلك".

ونحن في هذه المناسبة، سنذكر بعض كلمات الإمام(ع) ووصاياه: "موت الإنسان بالذنوب أكثر من موته بالأجل، وحياته بالبرّ أكثر من حياته بالعمر". وكان يقول(ع): "كفى بالمرء خيانة أن يكون أميناً للخونة"، "من أصغى إلى ناطق، فقد عبده".

أيها الأحبَّة، إنَّ الإخلاص للأئمّة(ع) هو أن نستهدي بهم، وبسيرتهم، وبعلمهم، وبفعلهم، وبإحسانهم.. وبذلك، نكون محبّين وموالين لهم، ونواجه التّحدّيات، وهي كثيرة.

 

لبنان

والبداية من لبنان، حيث يستمرّ جرح عرسال، الّذي نخشى تداعياته. ومن هنا، ندعو إلى الحكمة في التعاطي مع هذه البلدة، في الوقت الذي نشدّد على أهلها الذين لم يبخلوا على وطنهم بالصبر في الشدائد، تجنّب أن يكونوا ممراً أو مستقراً للذين يسيئون إلى سلامة الوطن وجيشه، وأن يساهموا في تحقيق الاستقرار للبقاع ولكل الوطن.

كذلك، تستمرّ معاناة أسرى الجيش اللبناني، من دون أن نرى معالجة جدية تشفي غليل أهالي الأسرى وأحبائهم، وتدفعهم إلى التعامل بهدوء مع هذا الأمر، وعدم الوقوع في الأخطاء.

 

إنّنا، وانطلاقاً من حرصنا على معنويّات الجيش اللبنانيّ، الّذي يسوؤه أنّ يرى دولته لا تتعامل بالجدية المطلوبة مع رفقاء وأخوة له في السلاح، ولا تتخذ الموقف الواضح من قضية بهذا الحجم.. ندعو الدولة إلى الخروج من الحالة الضبابية، ومن دائرة المراوحة، وعدم الاكتفاء بالرهان على العلاقات الدوليّة والإقليميّة، على الرغم من أننا لا نقلل من أهميتها، وإلى تبنّي موقف قوي يدرس كلّ الخيارات الممكنة، ويعمل على أساسها، حفظاً لأرواح الجنود، وضماناً لعودتهم إلى أهلهم ووطنهم سالمين.. بما يشمل خيار التفاوض، مع التشديد على الأخذ في الاعتبار الحرص على هيبة الدولة، والتخفيف إلى الحد الأدنى من سلبيات مثل هذا الخيار.

 

إننا نؤكد على الدولة أن تدفع أهالي الأسرى إلى الخروج من الشارع، لا بالمزيد من الوعود، بل بالمزيد من العمل؛ العمل الجاد والمسؤول والمدروس، وعلى الأقل، أن تكون واضحة معهم، لتشعرهم بالاهتمام والإحساس بمشاعرهم. وفي الوقت نفسه، نعيد الدعوة للأهالي إلى أن يأخذوا بالاعتبار في كل خطواتهم، هؤلاء الذين يدافعون عن حريتهم، ويسعون إلى إخراجهم من الأسر، فهم يمثلون من نذروا أنفسهم لخدمة الوطن، والذود عنه، وحتى التضحية في سبيله، ومواقفهم يجب أن تنبع من روحية هؤلاء الجنود واستعدادهم للتضحية لأجل الوطن وحمايته.

 

وفي هذه المرحلة الصَّعبة، ندعو القوى السياسيَّة والشّعب اللبنانيّ إلى الوقوف وراء الجيش اللبناني، وتعزيز دوره، لحفظ السلم الأهلي، ومنع الساعين إلى العبث بأمن هذا الوطن من تحقيق غاياتهم، وإدخاله في التجاذبات الدولية والإقليمية، كما يحصل الآن.

ويبقى الواقع الاقتصادي والاجتماعي هاجس اللبنانيين، ولا سيما مع بدء العام الدراسي، وما يترتب عليه من أعباء… وفي هذا المجال، فإننا ندعو الدولة إلى حسم مسألة سلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام والمعلمين، بما لا يؤدي إلى فرض ضرائب جديدة، أو يخلّ بتوازن الخزينة.. وهنا، نستغرب قيام الجامعة اللبنانية بزيادة الأقساط على الطلاب وأهلهم في هذه المرحلة الصعبة، وندعو رئيس الجامعة ومجلسها إلى إعادة النظر في هذا القرار، حرصاً على مصلحة الطّلاب، وعلى الجامعة التي تمثل العنوان الوطني الجامع، والحاضن الأساسي لطلابنا.

 

إنَّ الدّولة هي المعنية أولاً وأخيراً بمواطنيها، ومن أولوياتها النهوض بالجامعة اللبنانية، لتبقى جامعة لكلّ اللبنانيين، يدخلها الفقراء كما الأغنياء، نريدها جامعة تلبي احتياجات النهوض العلمي وحاجة هذا البلد إلى كوادر متميّزة تشارك في بنائه وتطوّره.

 

فلسطين

وإلى فلسطين، حيث يستمر العدو في عدوانه على الشعب الفلسطيني، وقد تجلّى ذلك في القدس والضفّة الغربية، حيث اغتال بعض المقاومين، بعد أن اتهمهم بقتل المستوطنين الثلاثة، إضافةً إلى إمعانه في سياسة الاستيطان، والاعتداء على المسجد الأقصى والمصلين.

وفي هذا الوقت، لا تزال غزة تعاني استمرار الحصار والتضييق عليها، وحاجتها إلى الإعمار، في ظل التعنت الصهيوني في المفاوضات.

إننا أمام هذا الواقع، ندعو الشعب الفلسطيني إلى مزيد من الوحدة والتعاون بين مختلف فصائله، ونرحِّب بالخطوات التي تمّت مؤخراً بين حركتي فتح وحماس، ونرى أنها تساهم في تعزيز الوحدة الداخلية في مواجهة التحديات، والحفاظ على الإنجازات.

 

اليمن

ونصل إلى اليمن، حيث ننظر بإيجابية إلى تمكّن المكونات السياسية في هذا البلد من إنجاز اتفاق المصالحة الوطنية، الذي نأمل أن يدخل حيز التطبيق، بما يخرج اليمن من أزماته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ويحول دون وقوعه في فخّ الفتنة الطائفية والمذهبية والتقسيم..

إن اليمن أحوج ما يكون في هذه المرحلة إلى الاستقرار السياسي، والوحدة الوطنية، وحفظ حقوق كل المكونات والأطراف السياسيين، بما يحمي هذا البلد من مغبة سياسات الإلغاء، ومؤامرات القوى الخارجية.

 

الحج

وأخيراً، ونحن على أبواب موسم الحج، ندعو المسلمين إلى جعل هذه المحطة العبادية الكبرى مناسبة لتعزيز الوحدة فيما بينهم، في وقت نحن أحوج ما نكون إلى هذه الوحدة، وأن يتذكروا خلال تواجدهم معاً في تلك الأرض الطاهرة، أنَّ ما يجمعهم هو أكثر بكثير مما يفرقهم، فهم يصلّون معاً، ويطوفون معاً، ويسعون معاً، ويرجمون الشياطين معاً، وبالتالي، عليهم أن يحتفظوا بهذه الصورة الجامعة والموحّدة عند عودتهم إلى أوطانهم، وأن يسعوا إلى ترسيخها، فبذلك، تتعزز وحدتهم وقوتهم، ويصلون إلى عزتهم وكرامتهم وحرية بلدانهم.

 

 

المكتب الإعلامي لسماحة العلامة السيد علي فضل الله

التاريخ :2ذو الحجة 1435هـ الموافق : 26ايلول 2014م

 

Leave A Reply