اللقاء التشاوري لملتقى الأديان ومنسقية الأمان للسلم الأهلي: لا مبرر لتأخير الحكومة والحل تحت سقف الطائف

عقد اللقاء التشاوري لملتقى الأديان والثقافات للتنمية والحوار والمنسقية العامة لشبكة الأمان للسلم الأهلي اجتماعه الشهري مساء أمس في كلية المقاصد بدعوة من "جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية"، ركز خلاله على التشاور في المستجدات الوطنية، وشدد على ضرورة أن تجتمع المرجعيات والقيادات والقوى السياسية الفاعلة في لقاء مكاشفة يبدد الهواجس المتبادلة في ضوء التقيد بدستور الطائف، داعياً إلى التحرك لعقد مؤتمر عام يجمع المؤسسات والجمعيات الأهلية والمدنية يتطلع إلى تشكيل رأي عام وطني ضاغط لإعادة بناء الدولة المواطنة ومؤسساتها على قاعدة الالتزام بالقانون والمصلحة العامة.

 

وقد حضر اللقاء السادة: العلامة السيد علي فضل الله، الأستاذ بسام برغوت ممثلا رئيس جمعية المقاصد الدكتور فيصل سنو، سماحة القاضي الشيخ خلدون عريمط، الأب نكتاريوس خيرالله ممثلاً المطران إلياس عودة، سماحة الشيخ بلال الملا، سماحة الشيخ زياد الصاحب، سماحة القاضي محمد أبو زيد، الأب فادي ضو، سماحة الشيخ حسين شحادة، المحامي عمر الزين، الدكتور أمين فرشوخ، الكاتب يوسف مرتضى، المحامي نعيم القلعاني، السيد شفيق الموسوي الصحافي قاسم قصير، الكاتب سركيس أبو زيد الدكتور عبد الحسين شعبان والدكتور إيلي السرغاني والأستاذ علي سمور.

 

وجاء في بيان اللقاء: يعيش اللبنانيون حالة من التفاؤل بعد ما أشاعته قيادات سياسية وازنة عن إفراج قريب للتشكيلة الحكومية، وإن كان هذا التفاؤل يحمل قدراً من الحذر بعد التجارب السابقة التي تجرعوا مرارتها حين اصطدموا بخيبات أمل متتالية جراء ثقتهم بما تقوله قياداتهم والتي لم تكن بمستوى الآمال المعقودة عليهم، وهم الذين منحوهم كل الثقة والولاء لإنقاذ الوطن في الانتخابات النيابية الأخيرة…

 

ونحن اليوم في اللقاء التشاوري لملتقى الأديان ومنسقية شبكة الأمان للسلم الأهلي لا يسعنا إلا أن نكون متفائلين بعدما استنفدت المناورات الحزبية والطائفية والسياسية مداها، واستهلكت ألوان التعبئة المذهبية أغراضها، وتفاقمت الأزمة السياسية إلى أزمة وطن ودولة تهدد مصير البلد، وما يعزز هذا التفاؤل أن العقبات القائمة أمام التشكيل ليست بالشائكة أو المعقدة، ولا تستحق أن تستغرق هذا المدى من الزمن الذي عطل حياة اللبنانيين وزاد من المنغصات والآلام التي أعاقت السبيل إلى العيش الكريم..

 

لقد باتت مطالب اللبنانيين محدودة بعدما شهدوا بأم العين وأيضاً بشهادة العديد من القادة السياسيين عجز الحكم الفاضح عن إنتاج مستقبل أفضل للبنان، وأصبح جل غايتهم إخراج لبنان من هاوية البؤس والتلوث والفساد واليأس، وهي هاوية لا قعر لها، والآمال بتحقيق ازدهار للبلد بات رهاناً عقيماً لوجود طبقة سياسية تحوم حول أغلب أفرادها شبهات الاستئثار أو الفساد أو الفئوية..

 

ولا تراه ينجي من ذلك إلا يقظة ضمير أو العودة إلى العقل بإجراء الحسابات الدقيقة للمصالح بعيداً عن حالات الجموح والجشع التي لا تزال تتعمق في النفوس بما يعطل فعالية الضمير ويشل آليات العقل..

 

إننا نرى أن الأزمة الحقيقية تتعدى أزمة تشكيل الحكومة إلى أزمة أعمق، تتصل بذهنية الاستئثار وانعدام الثقة والمخاوف المتبادلة، وهنا نشدد على ضرورة أن تجتمع المرجعيات والقيادات والقوى السياسية الفاعلة في لقاء مكاشفة ومصارحة، وذلك تحت سقف دستور الطائف، لمراجعة التجربة السياسية المؤلمة التي عاشها اللبنانيون خلال السنوات الأخيرة، والعمل على البدء بمسار جديد يبدأ بمحاربة الفساد، وبتعاون الجميع على إخراج البلد من انهيار قريب، ويتحرك ليعيد حالة الثقة بين الشعب وقياداته ويخرجنا من وضعية التربص المتبادل بين القوى السياسية والطوائف والمذاهب التي تهدد السلم الأهلي، إلى استعادة الثقة والطمأنينة في ما بينها، وإلا فنحن نخشى ألا يكون الفرق كبيراً بين ولادة الحكومة وعدمها، لجهة النهوض بالبلد، وإخراجه من أزماته الكبيرة بدءاً من وضعه الاقتصادي الخطير، وتصليب موقفه من التهديدات والعدوانية الإسرائيلية، وتحصين مناعته من ارتداد أزمات المنطقة المتفاعلة على أوضاعنا الداخلية، إضافة إلى ما تتعرض له القضية الفلسطينية من من مشاريع للتصفية..

 

وفي هذا المجال، لا بد لمثل هذا اللقاء أن يكون بعيداً عن لغة المجاملة والمداهنة التي تتقنها الجهات اللبنانية في خطابها السياسي، فتعيد النظر في الذهنية السائدة التي باتت تمثل البيئة المؤاتية لولادة المشكلات والأزمات، والتفكير بعقلانية في اختيار الأسلوب الأفضل في التعامل مع القضايا الخلافية الشّائكة فيما يتعلّق بالنزوح السوري أو العلاقة مع سوريا، أو أسلوب مواجهة الخطر الصهيوني، ومعالجة هواجس الطوائف والمذاهب والقوى السياسية من بعضها البعض، للوصول إلى صيغةٍ واضحة وشفافة، لإدارة الحكم والعلاقات بين القوى السياسية ليس فيها مستأثِر ولا مستأثَر به، ولا غالب أو مغلوب، وهو ما لا يمكن أن ننجح في الوصول إليها إلا بصفاء النوايا وتوفر الرغبة والإرادة لبناء دولة تتطلع إلى أن تكون وحدها هي الضامنة لحقوق الطوائف والمواطنين..

 

وفي الوقت نفسه، فإن اللقاء يسعى لعقد مؤتمر وطني يجمع المؤسسات والجمعيات الأهلية والمدنية وكل الشخصيات الوطنية والفاعلة ويتطلع إلى تشكيل رأي عام فاعل وضاغط لإعادة بناء الدولة ومؤسساتها، وتطبيق الدستور، وتصويب المسار السياسي والوطني على قاعدة الالتزام بدولة المواطنة ودولة القانون، والعدالة والخير العام.

 

وأخيراً فإن اللقاء يقدر خطوة دولة الإمارات بتنظيم ملتقى الحوار العالمي بين الأديان، والذي نريد منه وخصوصاً لقاء شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان أن يساهم في شكل أساسي بتعزيز مناخ الحوار والوحدة والسلام بين الأديان والشعوب.

وفي الختام أعرب اللقاء عن شكره لجمعية المقاصد الإسلامية على هذه الاستضافة الكريمة، وهي التي بقيت طوال تاريخ طويل منبراً للاعتدال الديني والوطني وصرحاً تربوياً ربى الأجيال على قيم التسامح والتواصل، ونريد لها أن تستمر على هذا النهج بكل صبر وعزم بالرغم كل المناخات الفئوية السائدة، لنستكمل معاً المسيرة مع كل المؤسسات التربوية والتعليمية والرعائية ومعهم جمعية المبرات، وخصوصاً أن تراث التعاون بين هذه المؤسسات وهذه الجمعية العريقة يشهد كم تحقق للمسار التربوي من إنجازات لما فيه مصلحة وخير الإنسان والمجتمع.

Leave A Reply

اللقاء التشاوري لملتقى الأديان ومنسقية الأمان للسلم الأهلي: مصير لبنان كارثي ما لم يتغير النهج السياسي السائد

عقد اللقاء التشاوري لمجلس أمناء ملتقى الأديان والثقافات للتنمية والحوار والمنسقية العامة لشبكة الأمان للسلم الأهلي اجتماعه الدوري في جامعة الآداب والعلوم والتكنولوجيا في الدكوانة بدعوة من نادي الشرق لحوار الحضارات تحت عنوان الأزمة السياسية وتداعياتها على السلم الأهلي. وقد حضر اللقاء السادة: العلامة السيد علي فضل الله، سماحة القاضي الشيخ أحمد درويش، الأب نكتاريوس خيرالله ممثلا المطران الياس عودة، الشيخ الدكتور سامي أبي المنى، سماحة الشيخ بلال الملا، سماحة الشيخ زياد الصاحب، الأب فادي ضو، الأب طوني غانم الأنطوني، سماحة الشيخ حسين شحادة، المحامي عمر الزين، الأمير حارس شهاب الأستاذ ملحم خلف،  الدكتور أمين فرشوخ، الأب قسطنطين نصار، الدكتور عماد شمعون، العميد أنطوان نجيم، الأب اندره فرح، العميد الركن المتقاعد ميشال نحاس، الشيخ احمد اللقيس، الكاتب يوسف مرتضى، ، المحامي نعيم القلعاني، الحاج علي سمور، والدكتور إيلي السرغاني.

 

وعبر اللقاء في البيان الذي أصدره عن شعور اللبنانيين بالألم الذي يعتصر قلوبهم لما تعرض له الوطن من أحداث مؤلمة في الأيام الأخيرة، والتي هي من أعراض هذه الأزمات المتعاقبة، التي تنفجر كلما بتنا أمام استحقاق دستوري، حتى أننا ما نكاد نفاجأ بأزمة أخرى، ما حول الوطن إلى بؤرة من الأزمات تتناسل تباعاً، حتى لم يعد بمستطاع اللبنانيين التعايش مع هذا القلق المستدام على المصير، والذي يجعلهم يشككون بإمكان أن يكون هذا البلد قادراً على تأمين الحد الأدنى من طموحاتهم في العيش الكريم وفي حفظ أمنهم وسلمهم الأهلي والاطمئنان إلى مصائرهم..

 

ورأى اللقاء أننا عادة ما نعلق أسباب أزماتنا على مشجب الخارج أو على خلل في الدستور هنا أو هناك، أو التعدد الطائفي أو قلة الموارد الوطنية من دون الحديث عن مسؤولية السياسية التي يدار بها البلد، فالمشكلة القائمة منذ سنوات ليست في الدستور، ولن تحل أزماتنا ولو جئنا بأرقى دساتير العالم.. لأن المشكلة هي في من يطبق الدستور؟

وليس التنوع الطائفي هو السبب، فالتنوع يغني الوطن ويطوره، ولكن المشكلة هي هذا الخبث السياسي في التعامل مع هذا التنوع لمصالح طائفية ومذهبية خاصة!!

وليست المشكلة في التحالفات، ولكن المشكلة في السياسة التي تستدرج الخارج لتحقيق غلبة هذا الفريق على ذاك.. وبالعكس..

وليست المشكلة في قلة موارد هذا البلد الاقتصادية وهي يمكن تنميتها بجهود أبنائه، ولكن المشكلة في السياسة التي تعمل على عدم استثمارها، أو الاستئثار بها أو تقاسمها أو ممارسة الفساد واعطائه عناوين براقة ولو أدى ذلك إلى إفقار الناس…

ولفت اللقاء إلى أن المشكلة في إننا نعيش في دولة لا تحمل من معنى الدولة إلا اسمها.. فهل يمكن بناء الدولة أو استعادة القانون والجميع يتناهشها ويسحبها إلى حيث هو؟ وهل من المعقول ألا نشهد استقراراً سياسياً وأمنياً في هذا البلد إلا إذا تأمنت المحاصصة السياسية والاقتصادية وأخذ الجميع النصيب المقرر؟

وهل يمكن بناء دولة عندما يوظف الخطاب السياسي المفردات الطائفية والمذهبية لتحقيق مصالحه حتى لو أدى ذلك إلى هز استقرار الوطن؟

وأضاف اللقاء: أن لب الأزمة السياسية، هي أننا حتى الآن لم نقرر العمل على بناء دولة.. وعندما يغيب منطق الدولة نفهم معنى عدم ثقة اللبنانيين بدولتهم وعدم إيمانهم بالقانون.. وارتدادهم نحو قياداتهم الطائفية بوهم أنها هي الحل بما يفاقم المشكلة ويعمق مأزق الدولة ويؤثر سلباً على وحدة الوطن، أو اندفاعهم إلى ترك أوطانهم بحثاً عن عيش كريم؟

إننا لا نريد لهذا الموقف أن يكون باعثاً لانعدام الأمل، بل حافزاً للعمل والحركة والإصرار على مواجهة كل التوترات الراهنة التي تنبع من هذا النهج السياسي الذي يكاد يشارك فيه جميع القوى السياسية والوسائل الإعلامية المرتبطة بها أو المواقع الدينية المتأثرة بها من خطاب استفزازي أو كلام حاد ونابٍ أو إعلام مثير للغرائز وتحريك للشارع بما يثير الهواجس الطائفية والمذهبية.

واعتبر اللقاء أن لا أمل بمستقبل لبنان إلا بإحداث قطيعة مع هذا النهج السياسي الذي يدفع بالبلد نحو الانهيار، ليس على المستوى الاقتصادي والسياسي فحسب، بل على المستوى الوطني، وليس لنا رهان إلا على الإنسان على وعيه، وتعزيز مناعته الروحية والأخلاقية وتحصينه من المخاوف الطائفية والمذهبية التي يثيرها الكثير من القيادات السياسية والتي تبني مواقعها عليها،  وحث اللقاء على توحد كل الجمعيات والمؤسسات المخلصة للوطن وعلى دعم كل القيادات السياسية والثقافية والدينية والوطنية المخلصة التي تقف في مواجهة تيارات الفساد والتحريض الغرائزي والمسؤولين عن الأوضاع المأسوية ليعملوا جميعا مع كل اللبنانيين المخلصين لوطنهم كل  وسائل التأثير السياسي لتصويب المسار السياسي وإبعاد البلد عن الكارثة القادمة.

وتطلع اللقاء إلى أن تؤدي مثل هذه الجهود إلى بناء واقع افضل تقارب فيه القضايا والمشكلات بنهج سياسي جديد قوامه إدارة الصراع السياسي بالحوار العقلاني، وبخلفية وطنية وأخلاقية، وصياغة الخطاب المتوازن، والإسراع بإزالة كل العراقيل أمام تشكيل الحكومة للمباشرة بإصلاح حقيقي بعد أن بدد الفساد السياسي كل موارد الوطن وكل إمكاناته، حتى نبني دولة المؤسسات والقانون والعدالة التي لا تشعر فيها طائفة أو جماعة أو أفراد بالغبن والتمييز.

وأخيراً، أقر اللقاء سلسلة توصيات تتمحور حول إجراء مشاورات حول المقترحات التي طرحت في الاجتماع، والتواصل مع كل الهيئات والمؤسسات الوطنية والاجتماعية والثقافية والدينية التي تعمل بإخلاص لأجل القضايا العامة لتفعيل كل الطاقات الحريصة وتوظيفها في خدمة النهوض بالوطن، كما القيام باتصالات مع المرجعيات الوطنية للغاية نفسها..

 

Leave A Reply