رعى حفلاً تكريميّاً للشَّيخ شحيمي في مركبا فضل الله: ناهضَ الاحتلالَ وواجهَ التطرّفَ والغلوَّ والتعصّب

رعى العلَّامة السيِّد علي فضل الله الاحتفال التَّكريمي الَّذي أقامته مؤسَّسة السيِّد فضل الله للخدمات الاجتماعيَّة لسماحة الشَّيخ علي خليل شحيمي، بمناسبة ذكرى رحيله، وذلك في حسينيَّة بلدة مركبا، حضره عدد من الشخصيَّات الدينيَّة والحزبيَّة والسياسيَّة والثقافيَّة والبلديَّة والاختياريَّة وحشد من أبناء المنطقة.

استهلَّ الحفل بآيات من القرآن الكريم، ثمَّ كلمة لإمام البلدة الشَّيخ عباس شحيمي، ثم ألقى العلَّامة السيِّد علي فضل الله كلمةً قال فيها:

يأتي هذا التَّكريم من باب الامتنان وعرفان الجميل لأخي العزيز الشَّيخ علي شحيمي (رحمه الله)، للدَّور الَّذي قام به على صعيد العلم والعمل والجهاد والبذل والعطاء، مما نجد أثره الطيِّب على صعيد هذه البلدة وهذا الوطن، حتَّى إنها تجاوزت ذلك إلى بلاد الاغتراب.

وقال: ومن هنا، واجبنا تجاه من قام بهذا الجهد، وحقّ كلّ من ترك أثراً في حياتنا، أن نقدِّرهم ونقدِّر جهودهم وعطاءاتهم وتضحياتهم، ونشكرهم من خلال حفظ إنجازاتهم وإكمال خطواتهم.

وأضاف: ومن  باب العرفان بالجميل، نطلّ على حياة سماحة الشَّيخ علي الذي عشنا معه الأخوة عمليَّاً في العديد من الأماكن والمواقع والسَّاحات العلميَّة والرساليَّة والجهاديَّة،  وكان سبَّاقاً في العمل الرسالي وفي خدمة النَّاس، وهو انطلق في كلِّ ذلك من إيمانه الذي أخذه من ينابيعه الصافية، حيث نهل من معين علم سماحة السيِّد محمد حسين فضل الله (رض) وفكره وروحيَّته ورحابة صدره، وتتلمذ على يديه سنوات طوالاً، وقد تجلَّى ذلك  في انفتاحه العميق على الله، والتصاقه العميق بقضايا النَّاس، وفي التزامه فكراً إسلاميّاً عقلانيّاً منفتحاً على العصر وقضايا الحياة، الإسلام الَّذي يدعو إلى مدّ جسور التواصل مع الأديان والمذاهب، والبعيد عن الغلوّ والتعصّب والانغلاق والتقليد الأعمى، وتجلَّى ذلك في تميزه بحسن خلقه وتواضعه وابتسامته ومحبَّته للنَّاس وانفتاحه عليهم، ما يجعل من يلتقي به يخرج من لقائه برصيد إنسانيّ وافر على مستوى الفكر والعمل.

وقد كان يرى أنَّ الدَّعوة إلى الله تكون بتقديم القدوة، وبخدمة النَّاس، وأنَّ بناء أمَّتنا ونهوض أوطاننا لن تتحقَّقا إلَّا إذا تحوَّلت قيم الدّين إلى منهجٍ للحياة في كلِّ جوانبها، وأنَّ المشكلة ليست في الدّين، بل في الابتعاد عن قيمه، وعندما حوَّلناه إلى شكلٍ بدون مضمون، وإطار بلا عمق.

كما كان سماحته يرى أنَّ الإسلام صمَّام أمان للحياة، ومنبع خير تنطلق منه كلّ قيم المحبَّة والرَّحمة والعطاء والتَّواصل الإنساني، وقاعدة راسخة تستند إلى القرآن الكريم والسنّة النبويَّة، بما يفتح أبواب السَّماء وأبواب العقل وأبواب العلم والمعرفة والإرادة الَّتي تسمح بإطلاق طاقات أمَّتنا من زنازين العبوديَّة والظلم والتخلّف والطائفية والتجزئة والاحتلال، إلى آفاق الوحدة والعدالة والتّحرير والتخلّص من العبوديّة للآخر.

 وكان يشدِّد على أهميَّة وعي النَّاس لمدى الخطر الَّذي يشكّله العدوّ الصّهيوني على هذا البلد، والمبادرة لمواجهة كلّ من يدعو إلى الضّعف والهزيمة والسّقوط أمام هذا العدوّ،  والوقوف في مواجهة الاحتلال الصّهيوني وأهدافه بالكلمة والموقف، وبتثبيت الناس ومنحهم الأمل بالتَّحرير، وعبر التَّأكيد أنَّ العدوَّ ضعيف أمام إرادة المجاهدين المؤمنين، وفي الوقت نفسه، الالتفات إلى خطر الفقر الّذي يوازي الكفر، وأهميَّة العمل الاجتماعي من خلال تحمّل مسؤوليّة مؤسَّسة الخدمات الاجتماعيَّة التابعة لمكتب السيّد فضل الله (رض)، حيث ساهم في تعزيز الموقع الَّذي شغله في هذه المؤسَّسة، وأعطى عناية خاصَّة للشَّريط الحدوديّ، لتوفير مقوّمات الصّمود والبقاء في الأرض.

وتابع: لقد واجة الشَّيخ علي التحديات الشخصية والعامَّة بصبر جميل وإرادة قويَّة، جعلت سماحته مثابراً في الدفاع عن هذا الخطّ الإسلامي، في كلّ موقع من المواقع الَّتي يتواجد فيها، في مواجهة التطرّف والغلوّ والتعصّب والانحراف الفكري والسلوكي.

ورأى أنَّ مسؤوليَّتنا في هذه الذكرى، أن نتمثّل كلَّ هذه القيم الإيمانيَّة والإنسانيَّة، مبيّناً أنَّ الحاجة إلى أمثاله ماسَّة، من الذين لا يتوانون عن بذل كلّ ما يستطيعونه من أجل التخفيف من آلام هذا المجتمع، ومن أجل رفعة هذا الوطن وعزَّة الأمَّة وتعزيز لغة القيم الَّتي نحن أحوج ما نكون إليها.

أمَّا كلمة حزب الله، فألقاها الشَّيخ خليل رزق، متحدّثاً عن مزايا سماحة الشَّيخ شحيمي وصفاته، على صعيد العطاء والجهاد وخدمة النَّاس.

في الختام، منح العلَّامة فضل الله درعاً تذكاريّة لعائلة الشَّيخ شحيمي، تقديراً لعطاءاته وجهوده، وعربون محبة ووفاء لمسيرته.