شهرُ رجبَ شهرُ الرَّحمةِ وذكرِ الله

السيد علي فضل الله

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الخطبة الدينية

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ الله ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}. صدق الله العظيم.

يطلّ علينا غداً شهر عظيم هو شهر رجب، والّذي ميَّزه الله سبحانه بالعديد من الخصائص والفضائل والبركات.

من الأشهر الحرم

فهذا الشَّهر هو واحدٌ من الأشهر الأربعة الحرم التي خصَّها الله بالذّكر في القرآن الكريم، وميَّزها عن بقيّة أشهر السّنة، عندما قال: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ الله اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ الله يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ}، وهي رجب، وذو القعدة، وذو الحجّة، ومحرَّم. والمقصود بالأشهر الحرم، الأشهر التي حرَّم الله عزَّ وجلَّ فيها القتال.

ومن هنا، وصف هذا الشَّهر في الأحاديث بالشَّهر الأصمّ، وقد سمّي بذلك، لأنّه لا ينادَى فيه إلى قتال، ولا تسمَع فيه قرقعة السّلاح، إذ لا يجوز في هذا الشّهر ابتداء الحروب أو الدّخول فيها، إلّا في حالة الدّفاع عن النفس وردّ الاعتداء.

وقد عدَّ القرآن الكريم القتال فيه أمراً خطيراً وإثماً كبيراً، فقال: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ}.

لقد أراد الله لهذا الشَّهر كما كلّ الأشهر الحرم، أن تكون أشهر سلام ووئام على مستوى الأفراد والجماعات، فيها تتوقَّف الحروب، وتتجمَّد النّزاعات، وتبرد الخلافات، ما يسمح للمتقاتلين والمتصارعين والمختلفين، بالعودة لتغليب لغة العقل والحوار على لغة العنف والصِّراع، والبحث عن حلول تؤدّي إلى انتهائها أو التّخفيف من وقعها. وفي تشريع الأشهر الحرم إشارةٌ واضحةٌ إلى أنَّ المبدأ في الإسلام هو السِّلم، وأنَّ الحرب ليست سوى استثناء.

شهر الرّحمة

ولا تقف أهميّة هذا الشّهر عند هذا البعد، فهناك ما ميّز هذا الشّهر، وجعل له شأناً وموقعاً، وهو أنّه شهر يفيض الله سبحانه فيه بالرّحمة على عباده، فقد كان رسول الله (ص) إذا جاء شهر رجب، جمع المسلمين من حوله، وقام فيهم خطيباً قائلاً: “أيّها المسلمون، قد أظلّكم شهر عظيم مبارك، وهو الشَّهر الأصبّ، يصبّ فيه الرّحمة على من عبده، إلَّا عبداً مشركاً، أو مظهر بدعة في الإسلام”.

لكنَّ هذه الرّحمة التي أشار إليها رسول الله (ص) ليست بالمجّان، فهي لا تبلَغ إلّا بالعمل، فهي تعطى للصّائمين فيه والقائمين والدّاعين والذّاكرين الله والمستغفرين.

ولذلك، قال رسول الله (ص): “فاستكثروا فيه منْ قول أسْتَغْفِر اللهَ وَاَسْأَلُهُ التَّوْبَةَ”.

وفي الحديث عن رسول الله (ص): “إنّ الله تعالى نصب في السّماء السّابعة ملكاً يقال له الدّاعي، فإذا دخل شهر رجب، ينادي ذلك الملك كلّ ليلة منه إلى الصّباح: “طوبى للذّاكرين، طوبى للطّائعين، ويقول الله تعالى: أنا جليس من جالسني ومطيع من أطاعني وغافر من استغفرني؛ الشّهر شهري والعبد عبدي، والرحمة رحمتي، فمن دعاني في هذا الشّهر أجبته، وجعلت هذا الشّهر حبلاً بيني وبين عبادي، فمن اعتصم به وصل إليّ”.

كيف نتزوّد روحيًّا؟!

لذلك، أيّها الأحبّة؛ لا بدَّ من التزوّد من البرنامج الرّوحيّ الذي أشارت إليه الأحاديث الشَّريفة، فقد ورد في برنامج هذا الشَّهر، الحثّ على صيامه كلّه، أو صيام أوّله ومنتصفه وآخره، وإن لم يمكن، فصيام الأيّام البيض منه، أي الثّالث عشر والرّابع عشر والخامس عشر منه، أو أيّام أخرى أشارت إليها الأحاديث.

ولمن لا يستطيع الصّيام، أو كان من الصّعب عليه ذلك، وحتى لا يفوته الثّواب الكبير الّذي أعدَّ للصّائمين، أشارت الأحاديث إلى البديل، وهو أن يتصدَّق عن كلّ يوم من أيّام الصّيام، وإن لم يقدر على ذلك، أن يقول مئة مرّة: “سبحان الإله الجليل، سبحان من لا ينبغي التّسبيح إلا له، سبحان الأعزّ الأكرم، سبحان من لبس العزَّ وهو له”.

وفي هذا الشَّهر أيضاً، برنامج للصَّلوات المستحبَّة، وقد وردت العديد من هذه الصّلوات، وهي موجودة في كتب الأدعية.. وسنكتفي من هذه الصّلوات بصلاة ركعتين في كلّ ليلة من ليالي هذا الشّهر، يقرأ في كلّ ركعة منها الفاتحة مرّة، وسورة “الكافرون” ثلاث مرات، وسورة التّوحيد مرّة واحدة، وعندما ينتهي المصلّي منها يقول: “لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو حيّ لا يموت، بيده الخير، وهو على كلّ شيء قدير، وإليه المصير، ولا حول ولا قوَّة إلّا بالله العليّ العظيم، اللّهمّ صلِّ على محمَّد وعلى آل محمّد، النبيّ الأمّيّ وآله”.

ومن البرنامج الرّوحيّ والتربويّ، الإكثار من ذكر الله سبحانه وتعالى في هذا الشَّهر وقراءة القرآن. فقد ورد في هذا الشّهر الحثّ على الإكثار من قول: “سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم”، وقراءة سورة قرآنيّة مخصوصة، كسورة التَّوحيد والكافرون والفلق والنّاس وآية الكرسي.

وقد تميّز هذا الشّهر بالعديد من الأدعية التي وردت فيه، والتي يستحبّ أن يدعى بها كلّ يوم، وبعد كلّ صلاة. وأدعية هذا الشّهر، لم ترد لإبداء الحاجة وطلبها من الله فحسب، بل لتعزيز عظمة الله ومحبّته في قلوبنا. ومن ذلك، نشير إلى الدّعاء الذي كان يدعو به الإمام الصَّادق (ع) في كلّ يوم من أيام شهر رجب:

“خاب الوافدون على غيرك، وخسر المتعرّضون إلّا لك، وضاع الملمّون إلّا بك، وأَجْدَبَ المنتجعون (الذين يقصدونك) إلّا من انتجع فضلك”.

“بابك مفتوح للرّاغبين”. فباب الله مفتوح لا يوصَد أمام الدّاعين، ولا يغلق أمام التّائبين والنّادمين، حتى الّذين غمرتهم الذّنوب.

“وخيرك مبذول للطَّالبين، وفضلك مباح للسّائلين، ونيلك متاح للآملين، ورزقك مبسوط لمن عصاك”.

فعطاء الله وخيره مبذول للجميع؛ للطّالبين والسّائلين والآملين، ويصل حتى إلى أولئك الذين يجاهرونه بالعداوة.

وهذا ما نقرأه في الدّعاء: “خيرك إلينا نازل، وشرّنـا إليـك صاعد، ولم يزل ولا يزال ملك كريم، يأتيك عنّا بعمـلٍ قبيـحٍ، فلا يمنعـك ذلك من أن تحوطنا بنعمـك، وتتفضَّل علينا بآلائك. فسبحانـك ما أحلمـك وأعظمـك وأكرمـك!”.

ويضيف الصَّادق (ع): “وحلمك معترضٌ لمن ناواك، عادتك الإحسان إلى المسيئين، وسبيلك الإبقاء على المعتدين”. قد يكون طبيعيّاً أن يحلم الإنسان على الموالين والأتباع، وحتى أن يبادل إساءتهم بإحسان، لموقعهم عنده، لكن ما لا يحصل، هو أن يحلم على المعادين والمعتدين، وأن يبقي على العصاة.

“اللّهمّ فاهدني هدى المهتدين، وارزقني اجتهاد المجتهدين”، فارزقني، يا ربّ، وضوح الرّؤية والهدى والجدّ والاجتهاد ــ فلا أزلّ، ولا أقصّر في أداء واجباتي ومسؤوليّاتي تجاه من أنا مسؤولٌ أمامهم ومعنيّ بهم.

شهر المناسبات

وتبقى قيمة أخرى اختصّ بها الإنسان في هذا الشّهر، وهي المناسبات العديدة التي حصلت فيه، والتي تذكّر بأولئك الذين شكّلوا نماذج وقدوة، وبحوادث لها أثر في شخصيّة الإنسان المسلم.. ففي أوّله، كانت ولادة الإمام الباقر (ع)، وفي الثّالث منه، وفاة الإمام الهادي (ع)، وفي الثّالث عشر من هذا الشّهر، حصلت الولادة المباركة لأمير المؤمنين عليّ (ع)، وفي الخامس عشر، ولادة السيّدة زينب (ع)، وفي الخامس والعشرين، كانت وفاة الإمام الكاظم (ع).. وفي هذا الشّهر، نعمت البشريّة بنعمة مبعث النبيّ (ص)، وفي السّابع والعشرين من هذا الشّهر، أسري برسول الله من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ومنه عرج إلى السّماء، حيث أراه الله سبحانه من آياته الكبرى.

أيّها الأحبّة، إنّنا معنيّون بأن نغتنم قدوم فرصة هذا الشّهر المبارك، لننعم بأجوائه الروحيّة والإيمانيّة والتربويّة، ونتزوّد منه ما نستعين به على مواجهة أنفسنا الأمَّارة بالسّوء والشّيطان الذي يترصّدنا في كلّ وقت، ولنزداد قرباً ممن بيده أمر الدّنيا والآخرة، فنحظى بعطائه وعفوه وغفرانه.

فهنيئاً لمن أحيا هذا الشَّهر بالعبادة والتهجّد والدّعاء والذّكر والصّدقة وبذل الخير وصيانة النفس وتطهيرها من كلّ سوء، ولم يخسر بركاته {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}..

الخطبة السياسية

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بوصية الإمام الباقر (ع)؛ هذا الإمام الذي ستمرّ علينا ذكرى ولادته في الأوّل من شهر رجب، والّتي أشار بها لأحد أصحابه ونقلها عنه: “يا جابر! أيكتفي من ينتحل التشيّع أن يقول بحبّنا أهل البيت (ع)؟! فوالله، ما شيعتنا إلّا من اتّقى الله وأطاعه، وما كانوا يُعرَفون، يا جابر، إلا بالتّواضع، والتخشّع، والأمانة، وكثرة ذكر الله، والصّوم، والصّلاة، والبرّ بالوالدين، والتعاهد للجيران… وصدق الحديث… وكفّ الألسن عن النّاس، إلّا من خير… حَسْب الرّجل أن يقول: أحبّ عليّاً وأتولّاه، ثم لا يكون مع ذلك فعّالاً؟ فلو قال: إنّي أحبّ رسول الله (ص)، فرسول الله (ص) خير من عليّ (ع)، ثم لا يتبع سيرته ولا يعمل بسنَّته، ما نفعه حبّه إيّاه شيئاً. فاتّقوا الله، واعملوا لما عند الله، ليس بين الله وبين أحد قرابة، أحبّ العباد إلى الله عزّ وجلّ وأكرمهم عليه أتقاهم وأعملهم بطاعته. يا جابر! فوالله، ما يُتقرَّب إلى الله تبارك وتعالى إلّا بالطّاعة، وما معنا براءة من النّار، ولا على الله لأحدٍ من حجّة، من كان لله مطيعاً فهو لنا وليّ، ومن كان لله عاصياً فهو لنا عدوّ، ولا تنال ولايتنا إلا بالعمل والورع”.

لقد أراد الإمام من خلال هذه الوصيَّة أن يعدِّل النظرة الشّائعة عند البعض، ممن يعتقد أنّه يكفي حتى يكون شيعيّاً أو موالياً، أن يحبّ أهل البيت (ع)؛ بأن يزورهم، أو يقيم الموالد ومجالس العزاء والموائد على اسمهم، بل لا بدَّ إلى جانب هذا الحبّ، أن يتمظهر في السّلوك والمواقف، ليكون الشّيعيّ هو من يتميّز بطاعته لله، وبعبادته له وبصدقه وأمانته، وخدمته للمحتاجين من الفقراء والمساكين ومن أثقلتهم الدّيون، وبأن يكون علامةً فارقةً بين النّاس في سلوكه وأخلاقه وحسن منطقه، بحيث يترك أثراً طيّباً حيثما حلّ وأينما حلّ ووجد. ومتى حصل ذلك، سيكون أكثر عطاءً ومسؤوليّةً وقدرةً على مواجهة التحدّيات.

الحلّ: داخليّ أم خارجيّ؟!

والبداية من لبنان الّذي لا يزال من يديرون الواقع السياسيّ فيه يهدرون الوقت في انتظار حلول تأتي من الخارج لعلاج أزمات البلد على كلّ الصّعد، في الوقت الّذي أصبح واضحاً، وبما لا يقبل الشّكّ، أنّ الحلّ هو بأيديهم، فعليهم أن يبادروا إليه. فالخارج الغارق في مشاكله ومصالحه لن يساعد بلداً لا تزال الحكومة فيه عالقةً على أبواب المصالح الذاتيّة والحسابات الخاصّة، وحيث لا يريد أيّ منهم أن يتقدّم خطوة باتجاه الآخر، رغم وعيهم بالمخاطر الّتي قد تتصاعد على هذا البلد وعلى إنسانه، وحيث لا إرادة جدّية في الإصلاح ومعالجة مكامن الفساد والهدر.

ومن هنا، فإننا نعيد التّأكيد لكلّ من هم في مواقع المسؤوليّة، أن يرأفوا بهذا البلد وإنسانه، فكفى هدراً للوقت فيه ولاقتصاده، وما تبقّى من قدراته المالية وطاقات أبنائه ومستقبلهم.

فأنتم معنيّون بإيجاد الحلول، والحلّ لن يكون إلّا عندما تخرجون من أنانيّاتكم وحساباتكم الخاصّة، وعندما يكون حسابكم الوحيد في كلّ مواقعكم التي أنتم فيها، هو إنسان هذا الوطن ومستقبله، وإبقاء هذا البلد عزيزاً حرّاً. وعند ذلك، لن يحتاج اللّبنانيّون حتّى يحلّوا مشاكلهم إلى رعاية الأمم المتّحدة، وإلى ضغوطٍ من هذه الدّولة أو تلك، أو إلى قرارات مجلس الأمن، والتي لن تحصل، وهي غير واقعيّة.

معاناة الطلّاب في الخارج

ونبقى على صعيد معاناة إنسان هذا البلد، لنعيد التّذكير بأزمة الطلّاب الذين يتخصّصون في الخارج، والذين انقطعت بهم السّبل بسبب عدم قدرة أهلهم على تأمين متطلّباتهم لمتابعة تعليمهم، بعد الارتفاع المتزايد لأسعار الدّولار، وعدم قيام المصارف بتأمين الدّولار لهم على السّعر الرّسمي، رغم قرار المجلس النّيابي الذي أقرّ بحقّهم في ذلك، ما قد يؤدّي إلى حرمان هؤلاء الطلّاب من إكمال عامهم الدّراسيّ ومتابعة تعليمهم.

ونحن في هذا المجال، ندعو الدّولة إلى تحمّل مسؤوليّتها والضّغط على المصارف، وأن لا تدع الأهالي يتسكّعون على أبوابها ويعانون الإذلال بسبب ذلك.

هل من رقابة على التجّار؟!

وفي ظلّ الارتفاع المتزايد لأسعار السّلع والموادّ الغذائيّة والضّروريّة للمواطنين، ندعو وزارة الاقتصاد إلى تشديد الرّقابة على التجّار، ومنع احتكار السِّلع المدعومة، والإسراع في التقديمات الضّروريّة للعائلات الفقيرة، والتي تتزايد أعدادها يوماً بعد يوم، وإخراجها من التّجاذبات والمحاصصات.

إعلام متفلّت!

وفي مجال آخر، نحذّر من الكلام الانفعاليّ والتفلّت في كيل الاتهامات، والتي غالباً ما لا تستند إلى أساس أو دليل أو إلى منطق، والتي تتداولها وسائل الإعلام ومواقع التّواصل، والذي إن استمرّ، سيؤدّي إلى توسعة دائرة الخلاف والانقسام بين اللّبنانيّين، وقد يدخل على خطّ هذا التوتّر من يريد العبث بهذا البلد وبأمنه واستقراره.

إنّنا نرى أنّ من حقّ أيّ فريق أن يعبِّر عن رأيه، فهذا بلد الحريّة، وينبغي أن يبقى كذلك، لكن شرط أن يتحلى بالموضوعيّة وبالأسلوب الأحسن، وبالكلام العقلاني الهادئ الذي يحرّك العقول، ولا يثير العصبيّات والغرائز، ولا يزيد البلد توتيراً.

ترحيبٌ بالاتّفاق الفلسطينيّ

وبالانتقال إلى الاتّفاق الذي جرى بين الفصائل الفلسطينيّة لرأب الصّدع فيما بينها، ولإجراء الانتخابات التشريعيّة، ورسم آليّات وخارطة طريق لإنجاز الوحدة الوطنية، فإنَّنا ننوِّه بأيِّ اتّفاق يعزِّز وحدة الشّعب الفلسطيني، ونرى فيه سبيلاً أفضل لمواجهة مخطّطات العدوّ الصّهيوني لإنهاء القضيّة الفلسطينيّة، الّذي استفاد ويستفيد من حالة الانقسام التي تعيشها السّاحة الفلسطينيّة، ومن عدم وجود إرادة وطنيّة واحدة في السّاحة الفلسطينيّة.

لوقف الحرب في اليمن

وبالانتقال إلى اليمن، حيث تستمرّ الحرب بتداعياتها الداخليّة والخارجيّة، فإنّنا نضمّ صوتنا إلى كلّ الأصوات الدّاعية إلى وقف هذه الحرب العبثيّة، وتأييد كلّ مبادرات الخير الدّاعية إلى إنهائها، على قاعدة حفظ حقوق الشعب اليمني وحريته وكرامته وسلامه وأمنه ومستقبله.

ذكرى انتصار الثّورة

وأخيراً، وفي مناسبة انتصار الثّورة الإسلاميّة في إيران بقيادة الإمام الخميني (رض)، نتوجّه بالتّهنئة والتّبريك للشّعب الإيراني وقيادته بهذه الثّورة التي جعلت الشّعب الإيراني يعيش حرّيته واستقلاله، وساهمت في تطوّره على مختلف المجالات، وعلى كلّ الصعد، رغم كلّ الصعوبات والتحدّيات التي واجهها، وبعثت الحياة والأمل في الشّعوب المستضعفة والمقهورة، وأكّدت لها أنّها قادرة على الإمساك بقرارها وثرواتها والانعتاق من هيمنة الدّول المستكبرة، وهي قدّمت الكثير، ولا تزال، من أجل نصرة قضاياها ومساعدتها، ولا سيّما الشعب الفلسطيني المقهور والمظلوم، ولم يكن لبنان ببعيد منها في مواجهة العدوّ الصّهيوني وغطرسته.