فضل الله: بلدُنا ينمو بالبرامجِ والخططِ لا بالمحاصصةِ والرّؤوسِ المتعدّدةِ

ندوة لاتّحاد مجالس أصدقاء المبرَّات تحت عنوان “تعاونوا على البرِّ والتقوى”

فضل الله: بلدُنا ينمو بالبرامجِ والخططِ لا بالمحاصصةِ والرّؤوسِ المتعدّدةِ

نظَّم اتّحاد مجالس أصدقاء جمعيّة المبرّات الخيريَّة ندوة وطنيّة جامعة تحت عنوان “وتعاونوا على البرِّ والتَّقوى”، بحضور ممثِّلين لجمعيَّات ومؤسَّسات دينيّة تربويّة واجتماعيَّة، وذلك في قاعة الزّهراء في مجمع الإمامين الحَسَنين (ع) في حارة حريك.

تركّزت فعاليّات النَّدوة على سبل تجمّع الطاقات الخيّرة، وتنامي المواقف الإيجابيَّة، وتكامل الجهود البنَّاءة من قبل المؤسَّسات التربويّة والثقافيّة ذات الشخصيّة الدينيّة في سبيل تعزيز مجالات الخير والوحدة الوطنيَّة في لبنان.

استهلت الندوة بأناشيد من وحي بشارة السيّدة مريم بولادتها للسيّد المسيح (ع)، قدّمتها فرقة المبرّات الفنيَّة.

العلامة فضل الله

افتتحت النّدوة بكلمة لرئيس جمعيّة المبرّات الخيريّة، العلّامة السيّد علي فضل الله، أكَّد فيها “أهميّة التّعاون في هذا الظّرف الوطنيّ الذي يُجمع اللّبنانيّون فيه على ضرورة التعاون في ما بينهم”، منوِّها “باتحاد مجالس المبرات الذي لم يتوان عن بذل الجهود في تنمية بذور الحق والخير في هذا البلد الَّذي يريدون أن يجعلوه بقعة للتسوّل، بعد أن نهبوا أموال شعبه، وحوّلوه إلى شراذم يتناحر بعضها مع بعض، لحماية سلطات جائرة وساسة فاسدين وتجّار جشعين، حتى لا نكاد نرى بصيص أمل يبعث الأمل في جلاء هذا القبح الَّذي شوَّه صورة الوطن الذي كان من أجمل الأوطان”.

وأضاف: “إن بلدنا لن ينجو بتأجيج العصبيات كما يحصل، بل بصراع البرامج والخطط التي تتنافس لتقديم كلّ ما يحيي الوطن، وينقذ الملايين من الناس من البؤس والمجاعة، ويعيد إلى الوطن وحدته واستقراره وازدهاره، لتكون له دولة المواطنة، دولة يعيش فيها الإنسان في كرامة وحريّة وأمان، دولة جديدة على أنقاض هذه الدولة الَّتي جعلها الكثير من السياسيّين دولة للمحاصصة، دولة تقاسم الصّفقات والالتزامات، دولة الرؤوس المتعدّدة، دولة الفساد والإفساد التي تبخل على أهلها بحقوقهم، ولا ينتج من فعلها إلا تجفيف ينابيع الخير في الحياة.”

واعتبر العلَّامة فضل الله أنّ “مسؤوليتنا اليوم هي بناء دولة الإنسان، الإنسان المكرَّم، الإنسان المعطاء، إنسان العدل، إنسان القيم، إنسان العمل، عمل الخير والإحسان”، داعياً إلى: “التعاون لإنشاء رابطة إنسانيَّة تشدّها روابط الحبّ والرّحمة والإيمان الّتي تنفتح على كلّ إنسان وكلّ فئة اجتماعيّة محتاجة، بصرف النظر عن معتقداتها وانتماءاتها وهويتها، لأنَّ الخير لا هويَّة له”.

أصدقاء المبرّات

ترأَّس النَّدوة رئيس اتحاد مجالس أصدقاء المبرّات الدّكتور وجيه فانوس، الذي بيّن أنّ الهدف من هذا اللّقاء، تقديم سعي للوصول بالوطن إلى تمييز عمليّ ووطنيّ، بين ما هو دينيّ وما هو استغلال طائفيّ سياسيّ للدّين؛ في حياتنا التّربويّة والاجتماعيّة، مشيرًا إلى أنَّ ما مِن روحيّة دينيّة إلَّا وتدعو إلى التّلاقي الإيجابيّ البنّاء بين النّاس، على اختلاف ما بينهم من تصوّرات دينيّة، وما من نزعة مذهبيّة أو طائفيّة إلَّا وتكون محلّ استغلال سياسيّ مقيت لزرع الشّقاق ونثر الخلافات بين أبناء الوطن الواحد.

ممثّلو الجمعيات

تخلَّل الندوة مداخلات لعدد من ممثّلي الجمعيّات والمؤسّسات الدينيّة التربويّة والاجتماعيّة في لبنان، عرضوا خلالها لتجارب مؤسَّساتهم وجمعيّاتهم في تعزيز مجالات التّلاقي الوطنيّ.

بدايةً، كلمة جمعية المقاصد الخيرية، ألقاها الدكتور أمين فرشوخ، ركَّز فيها على أهمية التلاقي والتعاون، مشيراً إلى “إعلان بيروت للحرّيات الدينية” الذي أطلقته المقاصد في حزيران 2015، وما تتضمّنه من مفاهيم وقيم، معتبراً أنّ الندوة “محاولات قد نسمّيها معاً مشاعل تضيء، والطّريق طويل، والعتمة جاثمة هنا وهناك، لكن من المهم أن نبقي المشاعل مضاءة، علها تنير ولو مساحات قليلة، نأمل أن تتَّسع”.

تحدَّث بعدها ممثّل مؤسَّسات الإشراق، الدكتور الشّيخ وجدي الجردي، الَّذي أكَّد في كلمته أهميّة “التعاون الذي يستشعر الفرد من خلاله مسؤوليّته تجاه الآخر، كذلك تحصل الأمَّة على غاياتها وأهدافها، وتصبح بنياناً مشيداً متَّسق المبنى والمعنى”، وختم كلامه متسائلاً: “إلى أيّ مدى نستطيع أن نوفق بين مواطنينا، طالما أن كلاً منّا ينادي على وطن على قياسه، متجاهلاً أنَّ الدِّين لله والوطن للجميع؟!”.

ثم كانت كلمة نادي الشَّرق لحوار الحضارات، ألقاها الأستاذ إيلي سرغاني الَّذي تحدَّث عن “خطورة الأوضاع الّتي يمرّ بها لبنان نتيجة الأزمات المتعدِّدة التي نعيشها، وضرورة التعاون من أجل التَّخفيف من تداعياتها”، وأشاد سرغاني بتجربة المبرات الّتي “فرضت نفسها لتكون قدوة ومدرسة في العمل الإنساني القائم على التعاون”.

كلمة جمعيَّة المبرّات الخيرية ألقاها فضيلة الشَّيخ فؤاد خريس الذي عرض تجربة المبرات وسبل التعاون بينها وبين الجمعيات المماثلة، ولفت خريس إلى أنّ “الجمعيّة كانت منذ بدايتها، ومن خلال عقل مؤسّسها العلَّامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله، تعيش همَّ الوحدة، وهي تمدّ يد الخير إلى الجميع، ثقافتها الأساسية هي ثقافة الانفتاح العملي والروحي على الجميع، تنبذ التعصّب، وتدعو إلى الحوار واحترام الرأي الآخر”.

أمّا كلمة الختام، فألقاها مستشار رئاسة الجمهوريّة اللّبنانيّة لشؤون الحوار الإسلاميّ المسيحيّ، الأستاذ ناجي خوري، الذي تحدَّث عن “أزمة وجودية يمرّ بها لبنان”، معتبراً أنّ: “نظامنا الطائفي بممارسته الحاليَّة فشل، وعلينا إيجاد البديل، بعدما أورثنا أبشع الصّور في العلاقات بين اللّبنانين في السنتين الأخيرتين”. وقال: “علينا الانتقال الى السَّلام الداخلي والبناء والمحبَّة، ولبنان يستحقّ نظاماً حديثاً ومسؤولين غير فاسدين وشعباً يؤمن به وبرسالته.”

يشار إلى أنَّ النَّدوة أقيمت في إطار الفعاليات التربويّة والاجتماعيّة والوطنيّة لاتحاد مجالس أصدقاء المبرّات للموسم الثّقافيّ 2021-2022.