فضل الله في إفطارٍ تكريميٍّ لجمعيَّة الإرشاد والإصلاح لمواجهةِ كلِّ ألوانِ التعصّبِ والخرافةِ والتحلّلِ القيميِّ والأخلاقيّ

أقامت جمعيّة الإرشاد والإصلاح إفطاراً تكريميّاً على شرف سماحة العلَّامة السيِّد علي فضل الله، وذلك في قاعة مركز ومسجد السلطان محمد الفاتح في تلَّة الخياط في بيروت، بحضور عدد من أعضاء الجمعيَّة.

وبعد كلمة ترحيبيّة من رئيس الجمعيّة، المهندس جمال محيو، ألقى سماحته كلمةً قال فيها: إنَّه لمن دواعي السرور والغبطة أن نلتقي في هذه الأمسية الرمضانية المباركة، وفي رحاب ليالي القدر، لنعيش معنى التقوى والإرادة، ومعنى الوحدة والالتزام بكلّ ما أراد الله تعالى في هذا الشهر المبارك.

وإنني لأتطلَّع من خلال هذا اللقاء أن يكون بمثابة انطلاقة في عملنا الرسالي والإيماني والوحدوي، لتأكيد حقيقة أنَّنا خير أمَّة أخرجت للناس، بأن نأمر بالمعروف وننهي عن المنكر… وهل ثمة أسمى في المعروف من وحدة المسلمين وتعاونهم على البرّ، وعلى كلّ ما يسمو بهم ويحقّق لهم عناصر القوَّة والكرامة في الحياة؟ وهل ثمة شكّ في أهمية النهي عن المنكر، والّذي تمثل التفرقة والانقسامات ويمثّل التعصب الأعمى مظهراً بارزاً من مظاهره؟

 وأضاف: نحن هنا لنجسِّد وحدتنا وتعاوننا في مشاريع الخير الثقافية والرعائية والصحية والإنسانية وما إلى ذلك، ولنستجيب لرسول الله (ص) في كلمته: “مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ، تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى”.

وتابع سماحته: نحن نملك الكثير من عناصر القوَّة، والتي تسمح لنا بأن نشكِّل نموذجاً راقياً في العلاقة التكامليَّة بين المؤسَّسات الإسلاميَّة، لجهة التعاون الصَّادق وتبادل الخبرات والمهارات التي تخفِّف الكثير من عوامل الضَّعف والمرض والفقر، بما يجعل من واقعنا الحاليّ أفضل.

وشدَّد سماحته على أن ما يجمعنا عقائدياً وفكرياً وإنسانياً ووطنياً كبير جداً، ما يؤسِّس لانفتاح وتواصل عميق، يمهِّد لما نتطلَّع إليه من وحدة راسخة تتيح لنا، ومن موقع قوَّة، أن نواجه الكثير من التحديات السياسية التي تهدِّد وطننا وتهدِّد وحدته الإسلاميّة والوطنيّة، ومن التحديات الاجتماعية التي تهدف إلى النيل من كل العناوين الإيمانية التي تحفظ تماسكنا وقيمنا الأخلاقية، ولا سيَّما على صعيد حفظ الأسرة وترابطها، بذريعة ما يسمَّى بالحرية الشخصيَّة للإنسان، ونحن لسنا ضدّ الحريّة بمعناها الحقيقي، والتي تعني التحرّر من الأنانيات والأطماع والمظالم والشّهوات التي لا تليق بمقام الإنسان، وتهدّد كرامته، وتجعله لا مبالياً إزاء مسؤولياته الإنسانية والاجتماعية والوطنية.

وحثَّ سماحته على أهمية التحصن بالقيم الإنسانية والأخلاقية، وتحمّل المسؤولية الاجتماعية والوطنية، مشدداً على أن المدخل إلى ذلك هو التمسّك بالإسلام، الإسلام الذي يسمو بالإنسان عقلاً وروحاً، ويجعله منفتحاً على الناس بكلِّ أطيافهم وطوائفهم، ونابذاً كلَّ ألوان التعصّب والغلوّ والعنصرية، والأساطير والخرافات، وكلّ هذا التحلّل القيمي والانفلات الأخلاقيّ، والذي يراد منه ضرب أهمّ مرتكزات المجتمع الإيماني.

 وفي الختام، توجَّه سماحته بالشّكر  للإخوة في جمعية الإرشاد والإصلاح، على هذه الدَّعوة الكريمة، والتي تشير إلى السعي الدائم للتواصل على المستوى الإسلامي العام، مشيراً إلى أنَّ هذه الجمعية عملت، ولا تزال تعمل على أوسع نطاق لتعزيز اللّحمة في الواقع الإسلامي، وتأكيد الوحدة الحقيقيَّة التي لا تتنافى مع الواقع المذهبي الَّذي نعيشه جميعاً، وخصوصاً المذهبيَّة التي تأخذ معناها الاجتهادي والثقافي، من حيث هي إسلام ينطلق من وجهة نظر في فهم القرآن الكريم وسنَّة رسول الله (ص)، وهي التي تفتح الآفاق لكلِّ حوار بنَّاء يفسح في المجال للتَّعاون الَّذي نريده أن يكون أنموذجاً رساليّاً يرتقي بمجتمعنا ووطننا وأمَّتنا.

وكان سماحته قد قام بجولة تفقّدية على أقسام المركز، وأدّى الصَّلاة في مسجد السلطان محمد الفاتح.

***