فضل الله في إفطار مبرَّة النبي إبراهيم (ع) في الخيام: مصير الوطن مهدَّد بغياب الوحدة الوطنيَّة

أقامت مبرَّة النبيّ إبراهيم (ع) في الخيام التابعة لجمعية المبرات الخيرية، حفلَ إفطارها السنوي برعاية العلَّامة السيِّد علي فضل الله، وبحضور حشد من الشخصيات الدينية والاجتماعية والثقافية والبلدية والعسكرية والطبية.

وبعد آيات من القرآن الكريم والنَّشيد الوطني اللبناني، عرض فيلم وثائقي عن الجمعيَّة، ثم قدَّم أطفال المبرَّة فقرة فنيَّة وباقة من الأناشيد من وحي المناسبة، وكانت كلمة ترحيبية من مدير ثانوية عيسى بن مريم (ع) ومبرة النبي إبراهيم(ع) الأستاذ أحمد عطية.

بعدها، ألقى العلَّامة فضل الله كلمة قال فيها إننا نلتقي مجدداً في رحاب هذا الشَّهر؛ شهر الله، شهر رمضان المبارك، بالقيمة الّتي عنون هذا الشَّهر بها، ومن دونها لا يمكن أن نفي هذا الشَّهر حقَّه، أو أن نؤدّي واجبنا تجاهه، وهي قيمة الخير، مشيراً إلى أنَّ الله أراد لسمة الخير أن تكون طابع الإنسان الذي يؤمن به، هو لا يقبل منه أن يقف عند حدود ذاته أو حدود عائلته.

وقال: إننا عانينا ونعاني من كل واقعنا، عندما انغلقنا على أنانياتنا الذاتية والطائفية والمذهبية والسياسية والحزبية، عندما جزأنا إنسانيتنا؛ أنا أتألم لألم أبناء طائفتي، أحزن لابن مذهبي أو موقعي السياسي، ولا أتألم ولا أحزن لما يعانيه الآخرون، وحتى عندما نطالب، فأنا أطالب لجماعتي لا للآخرين، حتى صار منطقنا: المهمّ أن أسلم أنا أو تسلم طائفتي أو مذهبي أو جماعتي وبعد ذلك الطوفان. بالله عليكم، لو كان الأنبياء حاضرين معنا في ساحاتنا، هل كانوا سيفكرون بهذا المنطق؟ هم لم يفكِّروا بذلك.

 وأضاف: لن نسلم نحن ولا الطائفة ولا المذهب إن لم يسلم الآخرون الَّذين يعيشون معنا في الوطن، إن لم يعيشوا إنسانيتهم، فالوطن لا يقوم إلا بكل طوائفه ومذاهبه… هو لا يقوم على الغبن أو على صراع المصالح والنفوذ والمكاسب.

 وتابع: إنّ مشكلتنا هي أننا حوَّلنا طوائفنا ومذاهبنا ومواقفنا السياسيَّة إلى قبائل متنازعة متصارعة، كلّ قبيلة تفكِّر في حساباتها، لها أجندتها الداخلية والخارجية، ولها سياستها وأمنها، وهي تسعى إلى غزو القبيلة الأخرى عندما تسنح لها فرصة الانقضاض عليها، لتحصل منها على الأسلاب والمغانم، أو للثَّأر لنزاعات حصلت في التاريخ ولا يراد لها أن تنسى، ويبدو أن هذا الوضع سيبقى سائداً في المستقبل ما دمنا على هذا الحال.

وأردف: إننا لن نستطيع أن نبني وطناً ونخرج من أزماتنا إلَّا عندما تتوحَّد جهودنا وطاقاتنا، ويفكّر الجميع لحسابات الوطن، ويعملون لحساب إنسانه، كلّ إنسانه، وهو لن يسلم ولن يبنى إذا بقي كلّ يفكر بإطاره الخاصّ ومصالح طائفته أو مذهبه أو موقعه السياسي، مؤكّداً أنّ الوطن ينهض بوحدتنا، فالوحدة هي سرّ وجودنا وقوَّتنا، وبدونها لن نستطيع إعادة إعمار أيّ شيء أو إصلاح أيّ شأن من شؤوننا، وسيتحوَّل شعبنا إلى نتف وأشلاء تحكمها جماعات متصارعة تتوزَّع الولاء لكلّ قويّ وطامع. لذا فإنَّ هذه الوحدة هي من المقدَّسات التي لا يجوز التفريط بها.

 وأشار إلى أننا نريد لكلَّ هذه القيم الإنسانية ولكلّ هذا التاريخ الجميل أن يتعمَّق في النفوس، وأن تشتدَّ اللحمة بين أبناء هذه القرى جميعاً، وأن يستمرَّ التكافل الاجتماعي الذي نعيش الكثير من مظاهره في كلّ بلدة، رفعاً للمعاناة التي أنتجتها طبقة سياسيَّة لم تحسن إدارة هذا الوطن، وعاثت فيه فساداً وهدراً ومحاصصات.

وفي الختام، توجَّه بالشّكر إلى كل الحضور، وإلى رجل الخير والعطاء الحاج أكرم حمود، الذي لم يقتصر عطاؤه على هذه البلدة، بل امتدّ إلى كلّ مكان فيه محتاج أو فقير أو يتيم.

ومن ثمَّ تمَّ توزيع الهدايا وكسوة العيد على الأيتام.