فضل الله في استضافة اتحاد بلديات جبل عامل: للبلديَّات دورها في تعزيز حرية البلد واستقلاله

لبَّى العلَّامة السيِّد علي فضل الله دعوة اتحاد بلديات جبل عامل لزيارة المنطقة التي بدأها من مقرّ الاتحاد في الطيبة، حيث كان في استقباله رئيس الاتحاد الحاج علي طاهر ياسين، وعدد من رؤساء المنطقة ومخاتيرها، ثم تفقَّد المتحف الذي يقيمه الاتحاد في الطيبة، وتابع جولته، فزار محمية العويضة ومحمية وادي الحجير. 

ثم عُقِدَ لقاءٌ حاشد في قاعة شهداء مركبا، بحضور فاعليات دينية وسياسية وحزبية وطبية واجتماعية وتربوية وبلدية واختيارية.

 استهلَّ اللقاء بآيات من القرآن، فالنّشيد الوطني اللبناني، وتلاه كلمة لسماحة الشيخ عباس شحيمي الَّذي رحَّب بسماحته بين أهله واحبائه.

ثم كانت كلمة رئيس الاتحاد علي طاهر ياسين الَّذي شكر سماحته على تلبيته لهذه الدعوة، شارحاً أهمَّ إنجازات الاتحاد ومشاريعه والدَّورات التدريبيَّة التي ينظمها لأبناء المنطقة، مؤكّداً أن همه خدمة إنسان هذا الوطن والتَّخفيف من انعكاسات الأزمات التي يعانيها.

 ثم ألقى العلَّامة السيّد فضل الله كلمة عبَّر في بدايتها عن سعادته لوجوده في هذه القرية العزيزة، وفي ضيافة اتحاد بلديات جبل عامل، لنحتفل معاً بعيد المقاومة والتحرير، هذه المناسبة المباركة التي تعدّ من أهم مناسباتنا الوطنية، موجهاً كل التحايا إلى كلّ المقاومين والأهل الصامدين.

وأضاف: في هذه الأجواء، تصبح الكلمة مسؤولية، حيث لا بدَّ من أن تحمل صدق الرسالة التي تنتمي إليها، وقوّة الحقّ الذي يتوّج بمعاني العلم والايمان والجهاد والشَّهادة، وهي معان ترسّخت بمداد العلماء ودماء الشّهداء عميقاً في تاريخ هذا الجبل، وفي كل بقعة من بقاعه، وكل بلدة من بلداته.

وتابع: إن الشهادة كانت من سمات جبل عامل في المنعطفات التاريخية الخطيرة، وقد توّج كل ذلك في هذه المقاومة المجيدة، المقاومة اللبنانية الباسلة لهذا الكيان الاستيطاني الطامع بكلّ الأرض العربية والإسلامية، والاستيلاء على قرارها السياسي، وإضعاف قدراتها ونهب مواردها الطبيعية والاقتصادية.

وقال: إن لكم الدور الرئيسي في حماية هذا الوطن، الذي ما أردتموه إلا أن يكون حراً عزيزاً قادراً على ردع العدو، حتى لو كلَّف ذلك أقسى التضحيات.

 وأكد أن مسؤوليتنا جميعاً أن نحفظ هذه الأرض، أن لا نستكين للعدو الصهيوني، هو لن يرضى بالهزيمة التي حصلت له، وبالطَّبع لن يرضى إلَّا بأن يهزمنا، لكننا على ثقة كبيرة بكم، بإيمانكم، بشجاعتكم، بصبركم، وأنكم له بالمرصاد، وكما هزمتموه أول مرة، وجعلتموه يجر أذيال الخيبة، فإنكم سوف تعيدون كرَّة الانتصار.

 وشدد على ضرورة أن نبقى حذرين ومتربصين وحاضرين لمواجهة غدر العدوّ ومؤامراته في الداخل، فهو يراهن على ضعفنا وانقسامنا. لذا، عليكم أن تنبذوا أيَّ خلاف عائلي أو حزبي أو طائفي أو مذهبي، حتى نفوّت عليه الفرصة في إسقاطنا وإسقاط هذا الوطن أمام هذا الضغط الاقتصادي غير المسبوق، وأمام هذا الحرمان من وسائل الخدمات والعيش الَّتي يحتاجها كل إنسان.

وتابع: أنتم تحملتم كل الآلام والأعباء في الوضع المعيشي، وفي تحمل كلفة الصمود أمام عدوّ غاشم. لذا، فإن مسؤولية الدولة مضاعفة في إنماء هذه المنطقة التي حقّها كبير على الدولة، مقدراً دور البلديات في الوقوف إلى جانب أهلها، لتعزيز صمودهم في مواجهة التحديات، والتخفيف من معاناتهم، داعياً الدولة إلى أن تصرف لهذه البلديات الموازنات التي تستحقها، ومطالباً نواب هذه المنطقة بأن ترتفع أصواتهم لتحقيق مطالبها.

وأردف: إن صمود جبل عامل هو صمود لكل الوطن، وإن حرية أبناء هذا الجبل وكرامتهم من حرية اللبنانيين وكرامتهم، فقوّته ليست قوة لمذهب أو طائفة، بل قوّة تحمي كلّ مذاهب الوطن وطوائفه… وإنَّ انتصار هذا الجبل هو انتصار لكلّ لبنان… هكذا فهمنا الانتماء القومي والانتماء الوطني… انتماء للنّاس وفي سبيل النّاس، كلّ الناس.

وفي الختام، جدَّد سماحته اعتزازه بهذه المنطقة، بعلمائها، بمجاهديها، بشبابها بنسائها، بشيوخها، بشعرائها وأدبائها ومثقَّفيها، وبمؤسَّساتها وجمعياتها، وبالجهات السياسيَّة فيها، وبمغتربيها الذين تحمَّلوا المسؤوليّة على أكمل وجه.