فضل الله في حفل تأبيني في بعلبك: لا يمكن أن نبني وطناً نطيّف ونجزئ فيه حتى أعمال الخير

أبدى العلامة السيد علي فضل الله أسفه من أننا أصبحنا في هذا البلد نطيّف كل شيء حتى أعمال الخير محذراً من أننا لا نبني وطناً بل تجمعاً للطوائف والمذاهب.

ألقى سماحته في حضور حشد من الشخصيات السياسية والدينية والعسكرية والبلدية وفاعليات المنطقة كلمة في أربعين الراحل الحاج خليل مهدي حسن في بعلبك وجاء فيها: إن الإسلام لا يريد منا عندما نستعيد ذكرى من رحلوا أن نعيش الحزن والألم فحسب بل أن تكون محطة لأخذ العبرة والاعتبار ونحن في ذكرى وفاة فقيدنا الحاج خليل مهدي حسن فإننا نستعيد سيرته الحسنة والطيبة بين الناس وانفتاحه على الجميع. فهؤلاء الأشخاص تنتهي حياتهم على مستوى الجسد والروح ولكنها تبقى راسخة في قلوب الناس ومن خلال أعمالهم الخيرة التي تركوها ليس على مستوى الخاص بل على المستوى المجتمع من دون أن يفرقوا بين أبنائه على أساس عشائري أو عائلي أو طائفي أو مذهبي.

وأضاف: ونحن عندما نستعيد ذكراه وذكرى أمثاله، وخصوصا في هذه المرحلة الصعبة والدقيقة التي نمر بها ويمر بها الوطن، نشعر بالحاجة الى أن نسلك طريق هذه الشخصيات النموذجية التي بدأنا نفتقدها. وأن نحافظ على العادات التي تمثّل تراثنا بأن نقف الى جانب بعضنا البعض في السرّاء والضرّاء …

وتابع: نحن بحاجة الى تكريس روح المحبة والألفة ونبذ التقاتل والانقسام وعمليات القتل التي قد تحصل تحت عنوان الأخذ بالثأر او غيره، إننا مدعوون لفتح الطريق امام كل المصالحات والتوافقات وأن يكون القانون هو الحكم بين أبنائنا وان نعمل على نبذ كل من يسعى إلى تشويه صورة هذه المنطقة العزيزة والتي قدمت التضحيات الجسام وكانت مثالا للكرم والعطاء والعنفوان.

ولفت سماحته إلى أننا نعيش الكثير من التوترات والمشاكل ولا نستطيع أن نتصدى لهذا الواقع المأساوي إلا من خلال تغيير العقلية التي تتحكم بإدارة هذا البلد وأن ننتقل من المنطق الطائفي والمذهبي والسياسي والمحسوبيات وتقاسم الحصص إلى منطق الوطن والمواطنة وخدمة أبنائه بعيدا عن أي اعتبارات أخرى.

وللأسف اننا في هذا الوطن نجزئ ونطيف كل شيء فيه حتى أعمال الخير وخدمة الناس ومساعدتهم فكل جماعة أصبحت لا تهتم إلا بنفسها وبجماعتها وبهذا المنطق لا يمكن أن نبني وطنا بل نزيد الأمور تعقيدا ونفتح البلد على مصراعيه للتدخلات من كل حدب وصوب.

وأردف: قلناها سابقا ونجددها اليوم عندما تفكروا بدوائركم الخاصة أو بالإطار الذي تنتمون إليه ليكن هذا التفكير من باب التكامل مع الاخرين وبحجم الوطن وإنسانه وليس لمصالحكم الذاتية والآنية  ومشاريعكم الخاصة مبدياً أسفه لأننا نعيش في بلد بني على أساس انه تجمع للطوائف والمذاهب والمواقع السياسية وكل طرف أو جهة تريد أن تأخذه لحسابها الخاص ولحساب طائفتها أو مذهبها

وتابع سماحته: نقول للذين ينتمون إلى الأنبياء والرسل ويتكلمون باسمهم لا بد من أن تكونوا على صورتهم الوحدوية الجامعة وأن نبتعدوا عن العصبيات والأحقاد وإثارة الحساسيات والتوترات..

وأردف: نحن في بلد تعرّض لأبشع أنواع النهب وقد نخره الفساد في معظم قطاعاته ومؤسساته وباتت الدولة فيه مترهّلة ضعيفة تستجدي أي مساعدة مشيرا إلى  أن هذه الطبقة السياسية التي أوصلت البلد إلى هذا المستوى من الانهيار  تتحمل  كامل المسؤولية في إصلاح ما أفسدته  وعليها أن تخرج من أنانياتها وتفكر بحجم الآم الناس ومعاناتهم   فهذا الشعب استطاع أن يتجاوز الكثير من التحديات  من خلال  وحدته وتضامنه والتعاضد  بين أبنائه وصبره  فهو لا ينتظر الدعم من هذه المنظمة أو هذه الدولة لأنأنأ الأيام أثبتت ان لا أحد يعطي بالمجان ومن دون شروط  داعيا الحكومة إلى تحمل مسؤوليتها والعمل بكل جهد لإنقاذ هذا البلد ووقف الانهيار الذي يعانيه على مختلف المستويات.

وأبدى سماحته خشيته من أن هناك من يريد إضعاف مواقع القوة لدى هذا البلد من خلال التحدي الاقتصادي والمعيشي الذي يتهدد كل لبناني من أجل فرض شروط وأجندات خارجية مطالبا بالمزيد من الوعي واليقظة والوحدة لإفشال هذه المشاريع والمخططات.

كلمة العائلة ألقاها نجله الرائد مهدي حسن الذي شكر السيد فضل الله على حضوره وكلمته معدداً مزايا والده. واختتم الحفل التأبيني بمجلس عزاء حسيني .