فضل الله في ذكرى الحرب اللبنانيَّة: الخطاب الطّائفيّ والمذهبيّ يجعل البلد مكشوفاً أمام العدوّ والإرهاب

رأى العلامة السيّد علي فضل الله أنَّ المسؤولية تقع على عاتق الجميع في لبنان، للخروج من حال الحرب إلى حال السلم، داعياً إلى الابتعاد عن خطاب الحقد والضغينة، الذي يتداخل فيه الجانب السّياسيّ مع الطائفيّ، محذراً من الخلافات التي تجعل البلد مفتوحاً أمام العدو الصهيوني.

 

في ذكرى الحرب اللبنانية التي اندلعت شرارتها الأولى في الثالث عشر من شهر نيسان، أصدر العلامة فضل الله بياناً رأى فيه أننا لا نزال مهددين في أمننا المهتز تحت وطأة أحداث المنطقة، وفي مجتمعنا الذي بات مكشوفاً أمام آفات الفساد، ما يضع البلد كلّه على شفير انفجار واجتماعي وأمني وسياسيّ لا نعرف إلى أين يصل بنا..

 

واعتبر سماحته أنَّنا في الوقت الَّذي نحتفل بخروجنا من تحت رحى الحرب الأهلية الحارّة، نلتقي في كل يوم وعند كل منعطف بحروب باردة وغير باردة، يصنعها واقعنا الممزق سياسياً، كما يصنعها الخطاب السياسي والديني الذي لا تُراعى فيه الوحدة الوطنية والإيمانية والرسالية والإسلامية، فلا نكاد نخرج من نفق حتى ندخل في نفق أصعب وأخطر، رغم أنَّ المسؤولية تقتضي منا جميعاً العمل للخروج من حال الحرب إلى حال السلم، والابتعاد عن خطاب الحقد والضغينة الذي يتداخل فيه الجانب السياسي بالطائفي.

ودعا إلى أن نستثمر تجاربنا، ونتعلَّم من أخطائنا السابقة، لنستفيد من عِبر التاريخ، ونجعل من ذكرى الحرب في 13 نيسان محطّة أساسيّة من محطات السّلم الحقيقي والسلام الدائم..

وأضاف: "ولكنَّ الصّعوبة تكمن في الشجاعة؛ شجاعة الاعتراف بالخطأ، وشجاعة السّعي للتصحيح.. للأسف، يبدو أنَّ الحرب التي اكتوينا بنارها على مدى خمسة عشر عاماً، لم تكن واعظاً لنا لتغيير سلوكياتنا وخطابنا، والعمل لبناء وطني جامع يطرد شبح الحروب القادمة ويحمي شباب الوطن، بدلاً من أن يروا أن سبيل الحل لمشاكلهم يتمثل في الهجرة، فيما يبقى الوطن مفتوحاً أمام موجات النزوح، ليهيم الناس حيث يجدون لقمة العيش والأمان..

ورأى سماحته أن لا سبيل للاستقرار الاجتماعيّ إلا من خلال الاستقرار السياسي، ولا مدخل للاستقرار السياسيّ إلا بالتوافق على الحد الأدنى من الثوابت الوطنية، وعلى رأسها قانون انتخابي يضمن أفضل عدالة ممكنة في التمثيل، ويأخذ بالاعتبار هواجس جميع المكونات، في مرحلة حساسة يشعر خلالها الكثير من اللبنانيين بأنهم مستهدفون في حاضرهم ومستقبلهم.

إننا لا نريد للناس أن تخرج من قناعاتها والتزاماتها العقيدية والسياسية، ولكن الالتزام شيء، والتعصب الحزبي والطائفي والمذهبي شيء آخر، وقد آن لنا أن ندخل في عصر الالتزام الوطني؛ أن نعيش روح الانتماء إلى لبنان الرسالة، وأن تكون المواطنة هي العنوان الذي يجمعنا، لا عصبياتنا، وفئوياتنا، وحساسياتنا الضيقة، وأنانياتنا القاتلة…

وختم داعياً إلى تجاوز الخلافات الداخلية التي قد تجعل البلد مفتوحاً أمام العدو الصهيونيّ وأمام التحديات الأمنية، وإلى الابتعاد عن الاصطفافات المذهبية، في ظل التجاذبات الإقليمية والدولية، وإلى توحّد الجميع في مواجهة الفساد المستشري في الإدارة وفي الحياة السياسية العامة، حتى نعيد الثقة لأجيالنا بأنَّنا نستطيع بناء وطننا من جديد، وعلى أنقاض الفتن والحروب والخلافات.

Leave A Reply