فضل الله لـ«الأنباء»: أغلب زعماء لبنان يعتاشون على الطائفية

السيد علي فضل الله

أجرى العلامة السيد علي فضل الله، في حديث لـ «الأنباء»، تقييما لأداء الحكومة اللبنانية في تعاطيها مع جائحة ««كورونا» ورأى، في هذا الأمر، أنه وضع: «لبنان كله أمام تحد خطير يهدد صحة اللبنانيين في بلد لا يملك لا الإمكانات ولا الأدوات لمواجهة هذا التهديد وقد شهد لها الحليف والخصم بهذا النجاح على مستويين، الأول: صحي خصوصا من خلال إنعاش المستشفيات الحكومة التي لعبت الدور الأكبر على هذا الصعيد وتضحيات الجسم الطبي والتمريضي، والثاني: وطني حيث تجاوزت الحكومة كل الحسابات الطائفية والمناطقية في مواجهة الوباء.

وقد واكب ذلك نجاح مماثل حين تمكنت الحكومة من حل جانب أساسي من موضوع اللبنانيين المغتربين الذين أرادوا العودة إلى الوطن تحت ضغط كورونا.

وفي موازاة هذا النجاح شهدت الحكومة تعثرا في ملف التعيينات سواء المتصلة بالتشكيلات القضائية أو بالتعيينات المالية بسبب إصرار بعض أركانها على استعادة سياسة المحاصصات ولو على حساب برنامج الحكومة وتطلعات الأغلبية الساحقة من اللبنانيين، ولايزال هذا الملف عالقا.

وتابع: «تبقى الخطة المالية الاقتصادية التي طرحت الحكومة مسودة لها للمناقشة هي المعيار الحاسم في الحكم على الحكومة سلبا أم إيجابا، وهي لا شك تحتاج إلى فترة من الوقت لبلورة الخطة التي تسهم في إنقاذ الوطن ماليا واقتصاديا.

وبتقديري فإن الخطة بقدر ما تقترب من التوجهات الإصلاحية الجذرية، فإنها سوف تواجه بضراوة من القوى السياسية والمالية المتضررة من أية خطة إصلاحية، كما أنها ستواجه تحديات صعبة تنطلق من الحسابات المختلفة لبعض أفرقاء الحكومة، وأهم التحديات ردود فعل الشارع».

وحول ما يراه من تأثير تصارع الأطراف اللبنانيين على مسيرة العهد الحالي لفت إلى أن «الخلافات السياسية هي ملح أهل السياسة في لبنان، وهي من التقاليد الراسخة منذ أن نال الوطن استقلاله وأسبابها كثيرة تبدأ بالدستور الحالي المسمى بالطائف وهو ثمرة معادلة إقليمية دولية، حدد حقوق كل طائفة على خلفية أنه قدم لها من الضمانات ما يكفي لطمأنتها ومن أن يطغى أحدها على الآخر، لكن ثمة قراءات مختلفة لبعض المواد الدستورية ما يؤدي إلى نزاعات سياسية طائفية حادة.

ثم نأتي إلى الطبيعة الطائفية للنظام الذي جعل للسياسة ممرا إلزاميا هو ممر التشدد في الدفاع عن الموقع الطائفي، فأن تكون زعيما في هذا البلد يعني أن تتشدد في طرح ما تراه من مطالب يحقق لطائفتك الموقع الأقوى وبما يحميها من الطائفة المقابلة، على الرغم من ان المكاسب المحققة غالبا ما يجنيها الزعيم دون أن تجني الطائفة إلا الفتات. من هنا، فإن أغلب زعامات وقيادات هذا البلد تعتاش على الطائفية».

وعزا فضل الله غياب الحديث عن مقررات مؤتمر «سيدر» مقابل التركيز على تقديم البنك الدولي قروضا للبنان إلى ذلك «ربما يكون ناشئا من أن الحكومة السابقة لم تستطع الإيفاء بتعهداتها ضمن المهلة المطلوبة دوليا لكي تتحول مقررات سيدر إلى الجانب العملي، كما أن لهذا الأمر ارتباطه بالأزمة التي أحدثها ڤيروس كورونا، حيث باتت الدول التي قدمت التزامات بمساعدة أو قرض لبنان غير قادرة على ذلك في ظل أزماتها الراهنة الناتجة عنه.

أما البنك الدولي فأعتقد أن له شروطه التي يرى فيها الكثير من اللبنانيين خطرا داهما لأنه يخاف من أن يرتهن البلد للسياسات البعيدة المدى للصندوق».

المصدر: جريدة الأنباء الكويتية