في أجواءِ هجرةِ الرّسولِ (ص)

العلامة السيد علي فضل الله خطبة العيد

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الخطبة الدينية

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: }وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ{[الأنفال: 30]. صدق الله العظيم.

نزلت هذه الآية على رسول الله (ص)، لتكشف ما جرى في الاجتماع الطارئ الذي عقده زعماء قريش في دار النّدوة، لتدارس سبل مواجهة الخطر الذي بات رسول الله (ص) يشكّله على نفوذها، بعد أن توسّعت دائرة حضور الإسلام خارج مكّة ووصل إلى المدينة، وقد تنوَّعت آراء المجتمعين حول سبل المواجهة، واستقرّ الرأي في ما بينهم على أن تختار كلّ قبيلة فتى من فتيانها الأشدّاء، ويُعطى كلّ منهم سيفاً، ويضرب به ضربة واحدة وهو نائم على فراشه، وبذلك يضيع دمه بين القبائل، وعندها لن يستطيع بنو هاشم أن يأخذوا بثأره، وسيضطرّون إلى القبول بالصلح.

التّآمرُ لقتلِ الرّسولِ (ص)

هذه المؤامرة عجَّلت بقرار رسول الله (ص) بالهجرة الى المدينة الّتي كان رسول الله (ص) قد أعدَّ لها عدَّتها، حتى إنّه كان قد دعا أصحابه إلى الهجرة إليها، فقد باتت المدينة الملاذ الآمن للمسلمين، بعد أن آمن أهلها برسالته، وأبدوا الاستعداد لنصرته والوقوف معه ليسهل أمر خروجه، وهناك، يستطيع الانتقال برسالته إلى مرحلة متقدّمة، بعيدة كلّ البعد عن ضغوط قريش ومؤامراتها.

وحتى يتأمّن لرسول الله (ص) الخروج الآمن من مكّة، دعا آنذاك عليّاً (ع)، وقال له كما تذكر السيرة: “يا عليّ، إنّ قريشاً اجتمعت على المكر بي وقتلي، وإنّه أوحيَ إليّ من ربّي أن أهجر دار قومي، فنم على فراشي، والتحف ببُردي الحضرميّ لتُخفي بمبيتك عليهم أثَري، فما أنت قائل وصانع؟”.

لم يتردّد عليّ (ع) بالموافقة على ما دعاه إليه رسول الله (ص)، رغم المخاطر التي قد يؤدي إليها هذا المبيت، وهو لم يسأل في ذلك عن مصيره وما قد يجري، بل اكتفى بالقول: أوَتسلم يا رسول الله إن أنا بتّ على فراشك؟ وعندما قال له رسول الله (ص) نعم، هوى إلى الأرض ساجداً شاكراً لما بشّره به رسول الله (ص) من سلامته.

ثم قال: “اِمضِ لما أمرك الله به راشداً مهديّاً، فداك سمعي وبصري وسويداء قلبي”…

عليٌّ (ع) يحمي الرّسولَ (ص)

في تلك اللّيلة، رقد عليّ (ع) في فراش رسول الله (ص) بكلّ اطمئنان، وعندما مضى شطر من اللّيل، حاصر، وكما كان متوقّعاً، أربعون فارساً يمثّلون قبائل المشركين بيت رسول الله (ص)، وقد جرَّدوا سيوفهم ينتظرون ساعة الصّفر لبدء الهجوم، وما إن لاح لهم ضوء الفجر، حتى هاجموا فراش رسول الله (ص)، وليس لديهم أدنى شكّ أنّه هو من في الفراش، ولكنّهم ما إن أهووا بسيوفهم عليه، حتى هب عليّ، فصعقوا لما رأوا، وعادوا خائبين، في وقت كان رسول الله (ص) في طريقه إلى المدينة، عندها استنفرت قريش فرسانها وشبابها لاقتفاء أثر رسول الله في الصّحراء واللّحاق به قبل أن يصل إلى مقصده في المدينة، وطرحت جائزة كبيرة، وهي مائة ناقة، لمن يُلقي القبض على رسول الله (ص).

فوصلوا في بحثهم الحثيث إلى غار ثور الّذي كان يلتجئ إليه رسول الله (ص) مع صاحبه، لكنّهم رجعوا ولم يدخلوا إليه، بعد أن رأوا، وكان ذلك بمشيئة الله عزّ وجلّ، أنّ العنكبوت قد غطّت باب الغار بنسيجها، وأن حمامتين كانتا في العشّ في جانب من جوانبه، فلا يمكن أن يكون رسول الله (ص) قد دخل إلى الغار والحمامتان لم تغادرا المكان! بقي بعدها رسول الله في الغار ثلاثة أيّام ريثما تيأس قريش من الوصول إليه، لكنّه كان قبل أن يهاجر، قد دعا عليّاً إليه ليودع عنده أمانات كان أهل مكّة أودعوها عنده، وأوصاه بأن يقيم منادياً ينادي في مكّة غدوةً وعشيّاً: ألا من كان له لدى محمّد أمانة، فليأت ليؤدّي إليه أمانته، وبعد ذلك، أن يلتحق به وهو في المدينة.

تصوّروا هنا مدى أمانة رسول الله (ص) الّذي ما كان ليأخذ أمانات قريش رغم مؤامراتهم، ووصل بهم الأمر إلى حدّ قتله.

بعدها، تابع رسول الله (ص) مسيره إلى المدينة، حيث استقبله أهلها بالأهازيج، ليبدأ معهم العمل للقيام بالدّور الذي أنيط به.

وبعد ثماني سنوات من المعاناة، واجه خلالها تحدّيات المنافقين والمشركين والمتآمرين، عاد رسول الله (ص) من المدينة إلى مكّة فاتحاً، وبعدها، راح الناس يدخلون في دين الله أفواجاً، ليبدأ فجر جديد من تاريخ البشريّة.

بعضُ معاني الهجرةِ

ونحن في هذه الأيّام، ومع بداية هذا الشَّهر، شهر ربيع الأوَّل، شهر رسول الله (ص)، نستعيد معاً ذكرى الهجرة المباركة لرسول الله (ص)، وسنتوقّف عند بعض معانيها:

أوّلاً: أشارت إلى التضحية التي قدّمها رسول الله (ص) والمسلمون لأجل إيصال الإسلام إلينا، هؤلاء الذين تركوا أهلهم ودورهم في مكّة التي كانت أحبّ البقاع إليهم، ووصل الأمر بالبعض منهم إلى أن يتنازل عن كلّ أمواله، كما حصل لأحد أصحاب الرّسول (ص)، وهو صهيب الرومي، كل ذلك من أجل الله ونصرة دينه، فاستحقّوا بذلك تقدير الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[البقرة: 218]. وهذه التضحية تشعرنا بالمسؤوليّة أكثر تجاه هذا الدين، وتدعونا إلى أن نضحّي كما ضحَّى هؤلاء بمال أو جهد أو نفس، وأن نكون على استعداد لأن نبذل ما بذلوه.

ثانياً: أبرزت هذه الحادثة المعلم الأساسيّ لشخصية الإمام عليّ (ع) الّذي ربّاه رسول الله (ص) على عينه، عندما بات على فراش رسول الله (ص) ليسهِّل له بذلك خروجه، رغم أنّه كان يعرف أنَّ الفراش الذي كان سينام عليه، سينقضّ عليه أربعون فارساً بسيوفهم، وقد يؤدّي ذلك إلى قتله، وهو ما جاء التّعبير عنه في قوله الله سبحانه عنه: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}[البقرة: 207]، فقد باع عليّ (ع) نفسه لله عزّ وجلّ، وهو ما عبَّر عنه في كلّ حياته، عندما سالم وعندما حارب وعندما حكم، فلم يكن في حياته إلا الله، ولأجله كانت التضحيات..

وهذا ما ينبغي أن يكون نهجاً لكلّ الذين يلتزمون عليّاً ويسيرون في طريقه ويعتبرون أنفسهم من شيعته، بأن يبيعوا أنفسهم لله، لا لأيّ أحد، مهما كان شأنه وموقعه، فهذه النفس العزيزة الّتي لأجلها يبذل الإنسان كلّ شيء، لا ينبغي أن يفرِّط بها، وأن يكون موقعها حيث أراد عليّ (ع) حين قال: “إنه ليس لأنفسكم ثمن إلا الجنّة”.

ثالثاً: نستحضر من هذه الهجرة السّكينة التي نحتاجها، والتي أنعم الله بها على رسوله (ص) وهو في غار ثور، وهو ما أشار إليه الله سبحانه بقوله: {فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[التوبة: 40].

هذه السّكينة التي أشار القرآن الكريم إلى أنها جاءت نتيجة إحساس رسول الله (ص) بحضور الله في نفسه في ذلك الوقت، والّتي عبَّر عنها لصاحبه الذي خاف بعد أن وصلت أقدام مشركي قريش إلى باب الغار: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا}، إنّ هذه السكينة القابلة لأن تتكرّر، هي ما وعد الله لها كلّ من يستشعر الثقة بالله والاتّكال عليه عندما تواجهه الأزمات والتحدّيات.

رابعاً: لقد حدَّدت هجرة رسول الله (ص) للمسلمين المنهجَ الّذي ينبغي أن يعتمدوه، ومضمونه أنَّ عليهم عدم الرضوخ للباطل والانحراف، وأن لا يستكينوا للظّلم ويسلّموا له، حتى لو أدّى ذلك إلى أن يتركوا ديارهم وأموالهم وأرض آبائهم وأجدادهم، وعليهم أن يهاجروا عندها، حتى إنّ الله سبحانه حذَّر من تبعات عدم الأخذ بذلك، عندما تحدَّث سبحانه عن الظّالمين لأنفسهم، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ الله وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا}[النساء: 97].

وقد ورد في تفسير قوله سبحانه: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ}[العنكبوت: 56]، أنّه إذا عُصي الله في أرض وأنت فيها، فاخرج منها إلى غيرها.

أيّها الأحبّة، في ذكرى الهجرة النبوية، نحن أحوج ما نستحضر ظروف هذه الهجرة ونتائجها، والهجرة في منطق الإسلام لا تقف عند الهجرة المكانيّة، بل قد يكون موقعها داخل أنفسنا وعقولنا ومجتمعاتنا، ودائماً في سبيل الله، وبذلك نسعى إلى أن نكون من المهاجرين الذين أعلى الله درجتهم: {الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ}[التّوبة: 20].

الخطبة السياسية

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بما أوصى به عليّ (ع) واليه مالك الأشتر، عندما قال: “إياك والدماء وسفكها بغير حلّها، فإنه ليس شيء أدعى لنقمة، ولا أعظم لتبعة (مسؤوليّة)، ولا أحرى بزوال نعمة وانقطاع مدّة (العمر)، من سفك الدماء بغير حقّها، والله سبحانه مبتدئ بالحكم بين العباد فيما تسافكوا من الدّماء يوم القيامة”.. فلا تقوينّ سلطانك بسفك دم حرام، فإنّ ذلك مما يضعفه ويوهنه، بل يزيله وينقله (عنك)، ولا عذر لك عند الله ولا عندي في قتل العمد، وإن ابتليت بخطأ، وأفرط عليك سوطك أو سيفك أو يدك بالعقوبة، فإنّ في الوكزة فما فوقها مقتلةً، فلا تطمحنّ بك نخوة سلطانك عن أن تؤدّي إلى أولياء المقتول حقّهم”.

هذه وصيّة عليّ (ع)، والتي من الواضح عنوانها: أن إياكم واستسهال الدم لأجل تقوية سلطة أو تعزيز موقع، أو التنفيس عن غضب أو انفعال وتوتر، وما أكثر ما يحصل ذلك في هذه الأيّام، فدم البريء عزيز عند الله، وعقوبة سفكه كبيرة في الدنيا والآخرة، ولو وعينا ذلك، لعشنا في مجتمع آمن ومستقرّ، ونصبح أكثر قدرة على مواجهة التحديات.

تفاقمُ المعاناةِ

والبداية من معاناة الإنسان في هذا البلد الّتي تتفاقم وتزداد يوماً بعد يوم على الصعيدين المعيشي والحياتي، حيث يعود سعر صرف الدولار إلى الارتفاع بعد انخفاض محدود ولفترة وجيزة، فيما يستمرّ الارتفاع في أسعار السّلع والموادّ الغذائيّة والخدمات، وكلفة تأمين النقل والكهرباء والمتطلّبات الصحيّة، والاستحقاقات المدرسيّة والجامعيّة، وتعود طوابير السيارات على محطات الوقود، فيما تتدنى القدرة الشرائيّة للمواطنين، والّذين باتوا معها غير قادرين على تأمين أبسط مقوِّمات حياتهم..

إنّنا أمام كلّ ذلك، نعي عدم قدرة الحكومة على تقديم الحلول الجذرية والسريعة التي يعانيها البلد، نظراً إلى حجم هذه الأزمات وتراكمها، وإلى التعقيدات التي يعانيها الواقع السياسي الداخليّ، والتي تؤدي إلى تأخير الحلول، وحتى إلى إجهاضها، ولأن الطريق التي تسعى إليها الحكومة لتأمين الموارد الماليّة الضروريّة للتعافي الاقتصادي ليست معبّدة، لأن منها ما يحتاج إلى توفير شروط لا تستطيع الحكومة توفيرها في الفترة القصيرة منها، وهناك من الشروط ما قد يصعب تحقيقه، لعدم التوافق الداخلي، وحتى لو توافرت كلّ هذه الشروط، فإننا لا نعتقد أنّ المساعدات ستعطى لهذه الحكومة، لكونها لن تدوم طويلاً، وللواقع الذي عليه هذه الحكومة، في طبيعة تركيبتها والظّروف التي أتت بها ومن يملك قرارها، وإن كانت هناك مساعدات تساهم في التعافي الاقتصاديّ أو في حلّ الأزمات، فهي لن تكون إلا من قبيل المسكّنات، وحتى لا ينهار البلد تماماً.

مسؤوليّةُ الحكومةِ

لكنّ هذا كلّه لا يعفي الحكومة من القيام بمسؤوليّاتها، وأن لا تبدّد الأجواء الإيجابيّة التي أحاطت بعمليّة تأليفها، وأن تفي بالشّعار الذي أخذته على نفسها، وهو معاً للإنقاذ، فهي إن لم تستطع أن تصل إلى حلول جذريّة لمشاكل اللبنانيين، في ظلّ الإمكانات القليلة داخلياً، وغير المتاحة عربياً ودولياً، فعليها العمل على الحلول الآنيّة المتاحة أمامها، بأن لا توفّر جهداً للتوصّل إلى ساعات التغذية على صعيد الكهرباء، والإسراع في تنفيذ خطّة النقل العام التي تملك مواردها، والحدّ من السوق السوداء، ومن سطوة تجار الغذاء والدّواء وأصحاب المولّدات وكارتيل المحروقات، بتعزيز الرقابة عليهم، والحدّ من جشعهم، وبالضّغط على المصارف للكفّ عن سرقة أموال المودعين عبر الاستفادة من قرارات المصرف المركزي، وردّ الأمانات التي أودعت عندهم إلى أهلها، والدراسة الجادّة لعملية رفع الحدّ الأدنى للأجور، ليتناسب مع قدرة المواطنين على تأمين الحاجات الأساسية.

وفي الوقت نفسه، فإنّنا ندعو الحكومة إلى دراسة كلّ المبادرات التي تهدف إلى مساعدة اللّبنانيين على تجاوز معاناتهم، وأن لا تدخل في ذلك أيّ اعتبارات سوى مصلحة اللّبنانيّين والنهوض بهذا الوطن.

ومع بدء العام الدراسي، فإننا نجدد الدعوة إلى إيلاء التعليم في المدارس والجامعات أهمية كبيرة، لكونه بات يثقل كاهل المواطنين، بمساعدتها على الاستمرار بدورها بأقلّ كلفة، وبالعمل على تعزيز المدارس والجامعات الرسمية، وزيادة قدرتها على استيعاب الأعداد المتزايدة من الطلاب، وعلاج الأزمات التي يعانيها هذا القطاع، إن على صعيد الرواتب أو حلّ أزمة المتعاقدين.. فلا ينبغي أن نصل بهذا البلد إلى حد أن الطالب لا يستطيع أن يتعلم لأنّه لا قدرة لأهله على دفع التكاليف.

وهنا، نقدّر المبادرات التي تقوم بها جمعيات ومؤسّسات وجهات في سعيها للمساعدة على تأمين مقعد دراسي لمن يحتاج إليه..

الخشيةُ من تسييسِ الملفِّ!

ونبقى على صعيد قضيّة المرفأ، لنعبّر عن خشيتنا من أن يتداعى هذا الملفّ ويطوى ويضيع من خلال تسييسه، وأن يصبح أداة من أدوات الصّراع السياسي أو من ضغوط الخارج..

إننا أمام حجم هذه الكارثة، نعيد تأكيد ضرورة إبقاء هذا الملف في إطاره القضائي، والالتزام فيه بآليات العمل القضائي، والبعيد كل البعد من التدخلات السياسية أو الحسابات الطائفية والمذهبية..

تأثيرُ مواقعِ التّواصلِ

وبالانتقال إلى الأزمة التي حصلت على صعيد مواقع التواصل والفيسبوك بشكل خاص، والتي أظهرت مدى الحاجة إليها، ومدى تأثيرها في الصعد الثقافية والسياسية والاقتصادية، وفي التأثير في العقول والتوجهات والسلطة التي يملكها الذين يديرونها، فإننا في الوقت الذي نرى أهمية هذه المواقع، نخشى من خطورة الاعترافات التي صدرت عن بعض المسؤولين فيها، من أنها تحولت إلى وسيلة للتضليل ونشر الكراهية وعدم الحيادية، وإلى سلعة تجارية تستخدم للتضليل والتأثير في الآراء والأفكار والتوجّهات لحساب من يدفع المال..

ومن هنا، وأمام كل ما طرح، وهو ما حذَّرنا منه سابقاً، فإننا ندعو إلى الوعي عندما نأخذ بالمعلومة أو الرأي أو الفكرة من هذه المواقع، أن نكون حذرين في الأخذ بها، فهي ربما كانت هادفة لإضلالنا أو لتغيير هويتنا أو لأخذنا إلى حيث يريدون.

إننا لن نستطيع أن نستغني عن هذه المواقع، لكننا يمكن أن نستفيد من إيجابياتها وترك سلبياتها، عندما نكون واعين وحذرين، ونعرف أنّ السّمّ قد يكون دسّ في العسل.

الانتخاباتُ العراقيّة!

وأخيراً، أننا أمام محطة الانتخابات العراقيّة التي تنطلق بعد يومين، نأمل أن تكون مناسبة يعبر من خلالها الشعب العراقي عن رأيه الحرّ، وتقديم من يراه مناسباً لتسيير دفّة البلد نحو عراق نريده موحَّداً قوياً وحراً، وخالياً مما عاناه هذا الشعب طويلاً، ولا يزال، من الفساد والهدر والمحصاصات، ليعود إلى العراق دوره الرياديّ على الصعيد العربي والإسلامي، وكعنصر قوّة لبلداننا وقضايانا.