في كلمته أمام المؤتمر الإسلامي الدّولي للحوار والتَّقريب في بغداد. فضل الله: لفتاوى إسلاميَّة صريحة تحرِّم كل ما يسيء إلى الوحدة بين المسلمين

 

 
 
أكَّد السيّد علي فضل الله، أنَّنا في العالمين العربيّ والإسلاميّ، بحاجة إلى الإعلام المسؤول الَّذي يتَّقي الله في الأمَّة ورموزها ووحدتها، وإلى الفضائيّات العاملة على نشر ثقافة الوحدة والألفة، لا تلك السّاعية إلى إثارة أجواء الفتنة عبر ثقافة اللّعن والسبّ، أو تلك الَّتي تعمل على تحويل التّاريخ إلى مادّة لتأجيج النَّعرات المذهبيَّة.
 
جاء ذلك في الكلمة الَّتي ألقاها سماحته في المؤتمر الإسلاميّ الدّوليّ للحوار والتقريب، في العاصمة العراقيَّة بغداد، والَّذي أقامته الرّئاسة العراقيَّة، وحضرته شخصيّات إسلاميَّة، سنيَّة وشيعيَّة، من مختلف أقطار العالمين العربي والإسلامي.
 
وقال سماحته: نحن مدعوّون إلى أن نزيل الحواجز الَّتي باتت تُرسم بين المسلمين، حيث بات صلح المسلم مع العدوّ أفضل من صلحه مع المسلم الَّذي يختلف معه مذهبيّاً أو سياسيّاً، أو مع هذه الدّولة الإسلاميَّة أو تلك. من هنا، علينا، حتَّى لو سكت كلّ من حولنا، ومهما كلّفنا هذا الموقف، أن نجاهر بأن لا عدوّ لنا سوى الكيان الصّهيونيّ الّذي يحاصرنا في العقيدة واللّغة والتّاريخ والأرض والهويّة، وأن يعلو صوتنا فوق كلّ صوت يريد للبندقيّة أن تنتقل من مواجهة هذا العدوّ إلى هذا البلد العربيّ أو الإسلاميّ.
 
حرام علينا ما يحصل في الواقع من استنزاف لقوّتنا البشريّة وثرواتنا ومقدّراتنا لحساب فتنة سيأتي الآخرون ليجنوا ثمارها بعد أن نضعف جميعاً. أليس هذا ما يحدث في سوريا، وما يُراد له أن يحصل في العراق ولبنان وفي أكثر من بلد عربيّ وإسلاميّ؟!
 
وأضاف: إنّنا ندعو كلّ المرجعيّات الدينيّة ومجامع الفقه الإسلاميّ في العالم العربيّ والإسلاميّ، إلى أن تصدر الفتاوى الصّريحة والواضحة بتحريم كلّ ما يسيء إلى وحدة المسلمين، وكلّ ما يكون سبباً للتّنازع والتفرّق واستباحة الدّم والإساءة إلى المقدّسات، انطلاقاً من قول الرّسول الأكرم(ص): "كلّ المسلم على المسلم حرام؛ دمه وماله وعرضه".
 
ومن هنا، نعيد تأكيد حرمة سبّ الصّحابة وأمّهات المؤمنين، والإساءة إلى المقامات الدّينيّة والأضرحة، كما نؤكّد حرمة دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم، ولا بدَّ لهذا الصّوت من أن يكون عالياً، لكي نقي واقعنا تردّدات الفتنة الّتي باتت تهدّد أمّتنا.
 
وفي الواقع السياسيّ، لا بدَّ من التوجّه الدّائم إلى الأمّة، بضرورة أن تفرّق بين ما هو مذهبيّ وما هو سياسيّ وأمنيّ، فالخلط بين هذه الأمور هو السّبب لتوتير ساحاتنا وتهيئة مناخات الفتنة، وهذا في الوقت نفسه، يستدعي الحذر في اتخاذ المواقف السياسيّة الّتي تُعطى بعداً مذهبيّاً في الشّارع، فلا يكفي أن تكون مقتنعاً بموقفك السياسيّ، أنّه لا يصبّ في الاتجاه المذهبيّ، بل لا بدَّ من حسن تقديمه كذلك، وتهيئة كلّ الأجواء الّتي تُبعد الواقع السياسيّ والأمنيّ عن المذهبيّة.
 
من جهةٍ ثانية، التقى سماحته على هامش المؤتمر، عدداً من الشخصيّات العربيَّة والإسلاميَّة، وزار دار الوقف السنّيّ في بغداد، حيث التقى رئيسه الدّكتور عبد الغفور السامرائي، وجرى بينهما حوار مطوّل حول كيفيّة الحفاظ على العراق، ليكون نموذجاً للأمّة في وحدته، لا أن تتحوَّل ساحاته إلى ميادين للنزاعات السياسيَّة الَّتي تعمل المحاور المتعدّدة على إلباسها اللّبوس الطائفيّ والمذهبيّ.
 
وشدَّد سماحته على أن يعود العراق؛ هذا البلد الَّذي أسّس على الوحدة بين عشائره وعائلاته، ساحةً للوحدة، ونموذجاً للتّعايش على قواعد الأخوّة الإسلاميّة والمواطنة، واحترام كلّ فريق للفريق الآخر.
 
المكتب الإعلامي لسماحة العلامة السيد علي فضل الله
التاريخ: 19 جمادى الآخرة 1434 هـ  الموافق: 29/04/2013 م
 

Leave A Reply