كتابةُ الوصيّةِ استعداداً للموتِ

السيد علي فضل الله

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الخطبة الدينية

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: { كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ }[البقرة: 180]. صدق الله العظيم.

الاستعدادُ للموتِ

يدعو الله سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة عباده المؤمنين إلى أمرين:

أوّلاً: أن يكونوا على استعداد دائم للقاء ما كتب على كلّ إنسان، وهو الموت، والموت بالنسبة إلى المؤمنين ليس نهاية الحياة، بل هو بالنّسبة إليهم الباب الذي منه يدخلون إلى لقاء الله، ليواجهوا المسؤوليّة بين يديه. وهذا الاستعداد ينبغي أن يكون في كلّ وقت، لأن لا أحد يستطيع أن يضمن حياته، وأن لا يأتيه الموت من حيث لا يحتسب، وهو لا يفرّق بين صغير وكبير، ولا بين غنيّ وفقير، ولم يُستثنَ منه الأنبياء والأولياء والصالحون.

وهذا ما أكّده الله سبحانه عندما قال: { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ }[آل عمران: 185].

وقال في آية أخرى: { أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ }[النّساء: 78].

وقال في آية أخرى: { قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }[الجمعة: 8].

وقد قال لرسوله (ص): { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ }[الزّمر: 30 – 31].

وقد ورد في الحديث: ” بادروا الموت وغمراته، ومهدوا له قبل حلوله، وأعدّوا له قبل نزوله “.

والاستعداد للموت لا يعني، كما قد يعتقد البعض، أن يعيش الإنسان هاجس الموت والخوف منه أو أن ينتظره، فتتعطّل بذلك حياته، بل أن يقوم بكلّ ما يؤدي إلى أن ينتقل بعد الموت إلى ما وعد الله به عباده، عندما قال: { الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }[النّحل: 32]، { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ }[فصّلت:30]، { يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي }[الفجر: 27- 30] .

فالاستعداد للموت، إذاً، هو أن يخرج الإنسان من الدنيا بنفس مطمئنّة، ليس عليه تبعة لله وتبعة للنّاس، وقد قام بعمل الخير، وقد عبّر عن ذلك الإمام عليّ(ع)، فهو عندما سئل: ما الاستعداد للموت؟ قال: ” أداء الفرائض، واجتناب المحارم، والاشتمال على المكارم، ثم لا يبالي أوقع على الموت أم وقع الموت عليه، والله ما يبالي ابن أبي طالب أوقع على الموت، أم وقع الموت عليه “.

الحثُّ على كتابةِ الوصيّةِ

أمّا الأمر الثاني: فهو كتابة الوصية، وقد حثت الأحاديث الشريفة إلى جانب الآية التي تلوناها في بداية الحديث، على القيام بها وعدم إهمالها، وأن تكون حاضرة لدى الإنسان دائماً، حيث ورد عن رسول الله (ص) أنه قال: “الوصيّة حقّ على كلّ مسلم” (أي واجب عليه)، وفي الحديث: “ما ينبغي لامرئ مسلم أن يبيت ليلة إلا ووصيته تحت رأسه”..

والوصية تعني أن يعهد الإنسان إلى أحد الأشخاص أو الجهات عبر الكتابة، وقد تتمّ عبر القول، بأن يؤدّي عنه المسؤوليات التي تعلّقت في ذمّته تجاه الله وتجاه النّاس، أو ما يرغب به من أعمال الخير بعد مماته، مما لم يقم بها في حياته، وهي تعبير آخر عن استعداد الإنسان للموت وما بعد الموت.. فالإنسان في حياته قد يكون قصَّر في أداء حقوق الله تعالى، فقصَّر في أداء الصلاة أو الصيام أو الحجّ أو الخمس أو الزكاة أو دفع الكفّارات الصغيرة أو المتوجّبة عليه، أو التقصير بواجباته تجاه الناس وردّ المظالم إليهم، أو الإفساح في المجال لجعل ماله في خدمة الفقراء والمحتاجين والأعمال الخيريّة… فالوصيّة لها أهمية كبيرة، فهي تجعل الإنسان يراجع حساباته مع ربه ومع الناس، وتساعد الإنسان على تلافي أيّ تقصير حصل منه في ذلك، وهي طريق لبذل الخير، ومساعدة الفقراء والمساكين والأعمال الخيرية.

وقد حرصت الآية التي تلوناها على أن تكون الأولويّة في بذل الخير للأقربين، لكونهم أولى بالمعروف، ولذا قالت: { كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ }.

ونحن هنا ننبّه إلى ضرورة حسن اختيار من يتولى تنفيذ الوصيّة، لأن كثيراً من الوصايا لم يحسن تنفيذها، أو لم تؤدَّ، لعدم قيام الموصي بالدور المطلوب منه.

الوصيّةُ لا تنحصرُ بالمالِ

وقد حرصت الشريعة الإسلاميّة أن لا تكون الوصية على حساب الورثة، بأن لا تتجاوز ثلث تركة الميت، فإن تجاوزتها، فلا بد عندها من موافقة الورثة، وبهذا تكون الوصية ليست بديلاً من الإرث.

ونحن عندما نتحدّث عن الوصية، فإنه لا ينبغي أن تقف عند حدود ما يتعارف عليه في الوصايا من تعلّقها بالمال، بل ينبغي أن تتسع لتكون وسيلة للتوجيه والتربية وللتذكير؛ بأن يذكّر الأب أولاده، والأمّ أولادها، بما عليهم القيام به في أمور دينهم أو دنياهم. لذا، جعل من الوصية أن يوصي الإنسان أولاده وأقاربه وأرحامه ومن يتولى أمرهم، بأداء الواجبات التي فرضها الله عليهم، وترك المحرَّمات، وتوجهيهم إلى ما ينبغي عليهم القيام به في الحياة، وتوقّي ما ينبغي توقيه، وقد حرص القرآن الكريم على أن يشير إلى نموذج من هذه الوصايا، كوصيّة النبي إبراهيم (ع) والنبيّ يعقوب (ع) إلى أولادهما ليقتدي بها كلّ أب وأم، والتي أشار إليها القرآن الكريم: { وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }[البقرة: 132].

وهناك الكثير من الوصايا التي وردت في ذلك عن رسول الله (ص) وعن الأئمة (ع)، وما ورد عن العلماء والشّهداء والصالحين مما ينبغي الاستفادة منه.

فالوصية في حسابات الله، لا ينبغي أن تأخذ طابعاً مادّياً، كما تحوَّلت في أيامنا هذه، فعندما تذكر الوصيّة، يتبادر إلى الذهن المال، بل هي أبعد من ذلك، بعد أن جعل لها الإسلام بعداً روحياً وتربوياً وتوجيهياً.

مظهرٌ لرحمةِ اللهِ

أيُّها الأحبة: إن تشريع الوصيّة هو مظهر لرحمة الله بعباده، فهو سبحانه لم يشأ أن يحرم عباده من التصرف بأموالهم بعد وفاتهم، في ما يعينهم على آخرتهم وما سيقدمون عليه، بل ترك لهم المجال لذلك وحثّهم عليه، وفي الوقت نفسه، لم يشأ أن يحرم الورثة الذين قد يكونون بأمسّ الحاجة إلى هذه التركة، بحيث يترك الأمر للمورِّث يتحكّم بها. لذا، لم يجز للموصي أن يضرّ بهم، فأبقى لهم الثّلثين ليكون عوناً لهم في حياتهم، وفي الوقت نفسه، دعا الموصي أن يزيد من حصة الورثة إن كانوا يحتاجون إلى أكثر من الثلثين..

لذلك، أيُّها الأحبة، لنبادر إلى كتابة وصايانا الآن قبل الغد، ولنحرص على أن لا يبخل الإنسان على نفسه بها، ولا يبخل على ورثته بها، ولا على أعمال الخير، وأن لا تدخل في الوصيّة أيّ اعتبارات عاطفية أو مادية أو تفريط بحقّ أحد.

الخطبة السياسية

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بما أوصى به الإمام الحسن العسكريّ (ع) شيعته، ونحن نعيش أيّام ولادته التي حصلت في الثامن من شهر ربيع الثاني، حين قال: ” أوصيكم بتقوى الله، والورع في دينكم، والاجتهاد لله، وصدق الحديث، وأداء الأمانة إلى من ائتمنكم من برّ أو فاجر، وطول السجود، وحسن الجوار، فبهذا جاء محمّد (ص)، فإنّ الرجل منكم إذا ورع في دينه، وصدق في حديثه، وأدّى الأمانة، وحسَّن خلقه مع الناس، قيل: هذا شيعيّ، فيسرّني ذلك. اتّقوا الله، وكونوا زيناً ولا تكونوا شيناً، جُرّوا إلينا كلّ مودّة، وادفعوا عنّا كلّ قبيح، فإنّه ما قيل فينا من حُسْن فنحن أهله… “.

ثم قال: ” أكثروا ذكر الله وذكر الموت، وتلاوة القرآن، والصلاة على النبيّ (ص)، فإنّ الصلاة على رسول الله عشر حسنات، احفظوا ما وصّيتكم به، وأستودعكم الله وأقرأ عليكم السلام “.

فلنتوصَّ بوصية الإمام الحسن العسكري (ع)، والتي بها نعبِّر عن مودتنا وولائنا له وللبيت الطاهر الذي ينتسب إليه هذا الإمام، بحيث نكون أكثر وعياً ومسؤوليةً وقدرةً على مواجهة التحديات.

الانقسامُ يهدّدُ القضاءَ

والبداية من هذا البلد الذي نشهد في هذه الأيام تداعي واحد من أهم أركانه، وهو القضاء الّذي هو صمّام أمان أيّ بلد، ومرجع لعلاج أيّ خلافات قد تحصل بين أفراده وجماعاته والسلطات فيه، وبدونه، لا يستقيم بلد، ولا تتحقّق العدالة فيه، وذلك بعد الانقسام الحادّ الذي يحصل داخله، لا بفعل تنوع الاجتهادات والآراء الذي من الطبيعي أن يحصل، بل بفعل ما بدا من توزع الولاءات ذات الطابع الطائفي أو السياسي بين مكوّناته، وخضوعه للضغوطات التي تمارَس عليه من قبل من يملكون القرار السياسي أو القرار المالي، أو بفعل الإغراءات التي تقدَّم إليه، حتى باتت أحكامه وقراراته تمثّل وجهات نظر نراها تقبل من هذا الفريق مرّة ويدافع عنها، في الوقت الّذي يرفضها هو مرّة أخرى، ويضع علامات الاستفهام عليها.

ونحن نرى بأعيننا مدى التداعيات التي يحدثها التشكيك الحاصل في القضاء، حيث لأجله تتجمّد اجتماعات الحكومة أو تنقسم، وقد أدّى ذلك كله إلى توترات في الشارع كادت تودي بالسِّلم الأهلي، كالتي حصلت في خلدة أو الطيونة، أو عدم القدرة على الوصول إلى نتائج حاسمة في قضية المرفأ، وغير ذلك من التداعيات التي قد تكون كارثية.

ومن هنا، فإننا أمام كلّ ما يجري على هذا الصعيد، ورأفةً باستقرار البلد وأمنه والعدالة فيه، ندعو القوى السياسية والطوائف والمذاهب ومن يملك نفوذاً، إلى ترك القضاء بعيداً من أيّ تدخلات، ففي ذلك خير للجميع وأمان لهم، فمن يملك السطوة والقدرة الآن، وهو قادر على التدخل فيه، قد يفقدها لاحقاً ويصبح هو عرضةً لتدخل الآخرين.

وفي الوقت نفسه، ندعو القضاة إلى أن يحرصوا على الموقع الذي تولوا سدّته، بأن ينأوا بأنفسهم عن أيّ تدخلات وضغوط، وأن يكونوا أمناء على العدالة التي أقسموا على حفظها. إننا نعرف أن الأمر صعب، ولا سيما أمام سطوة السياسة والطوائف والخطوط الحمراء التي ترسمها، ولكن ما نرجوه منكم، أن تكونوا صمَّام أمان للعدالة لأجلكم ولمجتمعكم وطوائفكم ومذاهبكم.

وهنا تبرز أهمية الإسراع باستصدار القوانين والتشريعات التي تعين القاضي ليكون نزيهاً وعادلاً وبعيداً من التدخلات، وغير خاضع لسطوة أحد، ولا تجعله في لقمة عيشه أو في تدرجه أو في تطوره الوظيفيّ يقف على باب أحد، وهو لن يُعطَى إلا بعد أن يُؤخذ منه أغلى ما عنده، وهو كرامته واستقلاله وعدالة السماء والأرض.

تفاقمُ الأزمةِ المعيشيَّةِ

في هذا الوقت، يستمرّ تفاقم الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي هي هاجس اللبنانيين اليوميّ، ومصدر قلقهم الدائم، بفعل استمرار سوء الأداء السياسيّ والماليّ، والضغوط التي تمارس على البلد، وتؤدي إلى الارتفاع المستمرّ في صرف الدولار في السوق السوداء، والذي يشكّل السبب الأساس في الغلاء الفاحش والمخيف في أسعار السِّلع والخدمات، والذي لم يعد يقتصر على تهديد الناس في لقمة عيشهم وتنقّلهم وقدرتهم على تعليم أولادهم، بل وصل إلى حدّ عدم قدرتهم على تأمين الدّواء والاستشفاء، حتى بتنا نجد من يصبر على مرضه أو على تفاقمه، رغم كلّ ما يؤدّي إليه ذلك من مخاطر على وضعه الصّحّي، وقد تكون آثاره كارثية.

ويخشى على هذا الصّعيد، أن لا يجد اللّبنانيون يوماً ما المستشفيات القادرة على تأمين العلاج لهم، إن استمرّ الوضع على حاله في النّزيف الذي تعاني المستشفيات منه على صعيد الأطباء والممرضين والكوادر الطبية، أو الكلفة العالية التي تدفعها لتأمين العلاج لمرضاها، في مقابل تداعي ما يقدّمه الضمان الاجتماعي أو الجهات الضامنة التي يعتمد عليها غالبيّة المواطنين في تأمين استشفائهم وأدويتهم.

الجمودُ الحكوميُّ

ومع الأسف، يجري كلّ ذلك في ظلّ الجمود المستمرّ على الصعيد الحكوميّ، والترهل السياسيّ، والذي يخشى أن ينعكس على الصعيد الأمني، والخوف من تداعيات ما يجري على صعيد العلاقة المتوترة مع الدول الخليجية.

ونحن أمام كل ذلك، نجدد دعوتنا لكل الذين يديرون هذا البلد بالرأفة به، بالخروج من صراعاتهم ونزاعاتهم التي باتت تأكل من أخضر هذا البلد ويابسه، وتهدّد أمنه واستقراره، وبأن لا تسمح بمزيد من التدخلات فيه، أو على الأقلّ تجميدها، والتي يُخشى أن تزداد لشدّ العصب قبيل الانتخابات التي ستجري.

إننا لا نزال نرى أنّ بالإمكان معالجة الأزمات المفتوحة التي تترك تداعياتها على حياة اللّبنانيّين واستقرارهم، أو البدء بمعالجتها إن توحَّدت جهود من يديرون الواقع السياسيّ، وخرجوا من حساباتهم ومن رهاناتهم، وتعاملوا بحكمة وواقعيّة وعقلانيّة مع هذه الأزمات، إن على صعيد الدّاخل أو الخارج، وفكّروا لمرة واحدة أن يكون هذا الوطن أولويّة في سعيهم واهتماماتهم ومواقفهم وخياراتهم، ففي زمن المحن والأزمات الّتي تتعرّض لها الدول والشعوب، يتوحَّد الجميع من أجل إنقاذ بلدهم لمواجهة التحدّيات الداخلية والخارجية.

أما في لبنان، فإنَّ الصراعات والنزاعات تزداد فيه وصولاً إلى المهاترات، رغم أنّ الكلّ يرى أنّ سفينة البلد أوشكت أن تغرق بمن فيها، وهم لن يكونوا بمنأى عن ذلك.

العودةُ إلى الوقايةِ

ونبقى في هذا المجال، لنجدّد دعوتنا اللّبنانيّين بالعودة للأخذ بالإجراءات الكفيلة بالوقاية من وباء كورونا، بعد تزايد أعداد المصابين، والتي إن تفاقمت، ستكون تداعياتها كارثيّة في هذه المرحلة التي يواجه فيها القطاع الصحي أزمة كبيرة على صعيد تأمين الأسرَّة أو توفير العلاج الكافي.

لذلك، ندعو من لم يأخذ اللّقاح إلى المسارعة إلى أخذه، وندعو وزارة الصحّة إلى تأمينه، فيما ندعو من أخذه إلى عدم التّهاون في إجراءات الوقاية والحماية اللازمة.