مؤسّسات المرجع فضل الله تحيي الذكرى التاسعة لرحيله بكلمات أشادت بمواقفه وانجازاته | فضل الله: لتعزيز الوحدة الوطنية وفلسطين تختصر كل قضايانا

أحيت مؤسَّسات العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله (رض) الذكرى السنوية التاسعة لرحيله، باحتفال جماهيري حاشد أقيم في قاعة الزهراء (ع) في حارة حريك، بحضور النائب حكمت ديب ممثلاً رئيس الجمهورية العماد ميشال عون،  محمد السماك ممثلاً رئيس الحكومة سعد الحريري، القاضي الشيخ خلدون عريمط ممثلاً مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ الدكتور عبد اللطيف دريان، الشيخ الدكتور سامي أبي المني ممثلا شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن، الأب نكتاريوس خير الله ممثلا المطران عودة، النواب: محمد رعد ، حسن فضل الله، علي فياض، هنري شديد، قاسم هاشم أمين شري، ممثل عن النائب سامي الجميل، ممثل عن النائب فؤاد مخزومي،ممثل عن وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان، العميد اميل مسلّم ممثلا عن القوات اللبنانية،  الدكتور ناصر زيدان ممثلا النائب تيمور جنبلاط،  وفد من حركة أمل برئاسة الشيخ حسن المصري ،العقيد علي حمية ممثلا العماد جوزيف عون، العميد صلاح حلاوي ممثلا اللواء عباس إبراهيم، العميد حسين خشفة ممثلا اللواء عماد عثمان، الرائد ابراهيم شرقاوي ممثلا اللواء طوني صليبا، القائم بأعمال السفارة الإيرانية السيد أحمد حسيني، المستشار الثقافي الإيراني، محمد مهدي شريعتمدار،  وفد من تجمع علماء المسلمين،  فيرا يمين عن المردة، السفيرة الأممية الدكتورة سلوى غدار يونس، وشخصيات دبلوماسية ونيابية وعسكرية وحزبية وعلمائية واجتماعية وثقافية وبلدية، وحشود شعبية غفيرة غصت بهم القاعة ومحيطها.

 

بعد كلمة وجدانية ومعبرة لمدير المركز الإسلامي الثقافي السيد شفيق الموسوي، قدم أطفال المبرات نشيداً من وحي المناسبة، ثمّ ألقى العلامة السيد علي فضل الله كلمة قال فيها:

 

تأتي إلينا ذكرى السنة التاسعة لرحيل السيد(رض) محملة هذا العام، بفقد العم وهو من عاش الأخوة الحقيقية مع السيد(رض)في حياة تفيض بالروح والعاطفة والمحبة، وكان عنواناً يقتدى في الطهارة والصفاء والتواضع وفي العلم والبذل والعطاء وحب الناس.. ونحن ندعو لهما وهما في جوار ربهما وقد تلاقيا معاً بعلو الدرجة وأن يحشرا مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا

 

وقال: نمضي على الخط.. نمضي معاً وروح السيد تضج فينا عزماً وقوة وتصميماً وإرادة متسلحين بوضوح الرؤية وسلامة الهدف  وحسن الأسلوب مشيرا  إلى أن مفردات هذه المسيرة كثيرة ومتشعبة، والتحديات أيضاً.. هي على حجم العمل والطموح ..فعلى قدر الطموحات تكبر التحديات وتكثرا لصعوبات والمسؤوليات..

 

  وبدأ كلامه بالحديث عن المفردة الأولى في هذه المسيرة وهي  خدمة الانسان التي أردناها ان لا تكون وظيفة ودور منوط بنا وبمؤسساتنا فقط ، انما ثقافة تنموية عامة. لتتوفر سبل العيش الكريم بلا مساومة على الكرامة ..فمعنى أن تكون إنساناً  كما أطلقها السيد «هي أن تعيش إنسانيتك في إنسانية الآخرين..» طامحين الى اليوم الذي نرى فيه هذا الشعار هو شعار الحكم والدولة ان ترى انسانيتها ومبرر وجودها  باحترام إنسانها، بعيداً عن طائفته ومذهبه وموقعه السياسي، وتؤمن له حقه بمتطلبات حياته من دون ارتهان او ابتزاز او انقياد او مصادرة لقراره ورأيه.. 

 

وأضاف: أما المفردة الثانية من قاموس عملنا هي الوحدة: التي  نادى بها السيد(رض) في مختلف الظروف والتحديات والمحطات المؤلمة وغيرها هو لم يتخل عنها وكانت من آخر وصاياه  مؤكدا أن الوحدة بالنسبة لنا ليست شعاراً للاستهلاك او للتورية او للمسايرة او لمؤتمرات إبراء الذمة أو للاعلام .. انما هي فرض وفريضة.. سنُسأل عنها يوم نقف للحساب بين يدي الله ، فلا نفرط بأي عنصر قوة تجمعنا مع الآخر في التوجه والدين والمذهب والوطن.  وعناصر القوة ما أكثرها ..هي نقاط مضيئة وموجودة  ان اردنا البحث عنها، ولكن للأسف تطمسها ارادات الفتنة ودعاة التفرقة وشق الصفوف .. فيخال المرء في الأزمات ولشدة التشويش ان لا شيئ يجمع المسلم بالمسلم الآخر  ولا المسلم بالمسيحي ولا ابن هذه المنطقة من الوطن  مع تلك .. .. كل هذا لا يعني عدم التنكر للاختلاف انما القبول بالتنوع مع فتح أبواب الحوار.. البناء العاقل والمنتج لا الحوار العقيم المرير..

 

وأكد ان لا مكان لخطاب الاستفزاز والتوتير في لغتنا،  نعم للغة تتفهم الآخر وتزيل المخاوف والحواجز وتقرب البعيد وتقصّر المسافات .. وترأب الصدع .. فنجني حلاوة الوحدة كالبنيان المرصوص والسد المنيع أمام المحاولات الحثيثة لإضعاف مجتمعنا وشرذمته .. والفتنة دائما كانت السلاح الأفتك لضرب عناصر القوة والاطاحة بانجازات تحرير الأرض وبإحباط مخططات الاعداء من التكفيريين والمستكبرين..

 

وقال: لن نألو جهدا في العمل على مد جسور الوحدة والتواصل، وتلهج السنتنا بالدعاء لله صادقين ليجمع كلمتنا ويوحد صفوفنا ويرأب صدعنا ويلملم تبعثرنا .. وبالفعل يدنا ممدودة ونأمل دوما أن تبادلها الأيادي الأخرى فنعتصم جميعا بحبل الله ولا نتفرق ..

 

 ثم تحدث عن المفردة  الثالثة وهي مفردة الوعي في مقابل الجهل والتخلف .. اننا نسعى لجيل يناقش… جيل ليس ببغائيا… جيل يحرك عقله قبل لسانه…. جيل  يعي ما يسمع ويناقش في كل ما يسمع وخاصة في الدين، لقد آل السيد(رض) على نفسه أن يوجه الناس حتى الذين يتلقون منه أفكاره ومواقفه لتحريك عقولهم، فكان يقول لهم: فكروا معي لا تقولوا السيد قال، وانتهى الأمر.. بل ناقشوني وحتى حاججوني…. لاتؤجروا عقولكم لأحد .. رفض منطق الذين يقولون نحن نفكر عنكم وأنتم دوركم أن تنفذوا.. كان يقف في كل أسبوع في كل خطبة جمعة وعبر جلسات الحوار ليبين للناس منطلقاته ويستمع إلى ملاحظاتهم ويتقبل منهم أي نقد.. لذا نراه حتى في الأمور الفقهية التي كانت بعيدة عن المناقشة، قربها إلى الناس وأوضح معانيها ومقاصدها ليحملوها عن قناعة وتبصر.

 

 

 وتابع أما المفردة الرابعة فهو بيت الله.. البيت الجامع الذي أراده الله سبحانه وتعالى ملتقى الناس بكل تنوعاتهم..  نحن نسعى ونعمل حثيثا ليظل  لهذا المكان حضوره وأهميته ..نريده أن لا يتفرغ من مضمونه أو يبتعد عن دوره… نريده أن يكون مساحة للروح وللأمن النفسي والطمأنينة المفقودة ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب)..

 

وختم كلامة متحدثا عن مكانة فلسطين في وجدان السيد(رض) السفيرة الأممية الدكتورة سلوى غدار يونس التي اعتبرها أنها تختصر كل قضايا العدل والحرية وحقوق الانسان فكانت هاجسه طوال حياته، كتب لفلسطين فكراً وشعراً وأدباً وأصدر لأجل نصرتها الفتاوى ووقف مع المقاومة لأجلها.. وقد كانت آخر كلماته: لن يهدأ لي بال حتى تعود فلسطين إلى أهلها..

 

ثم كانت كلمات لكن من سماحة الشيخ جميل الربيعي من العراق والدكتور محمد علي آذرشب من إيران والقاضي عباس الحلبي والأستاذ محمد السماك من لبنان أشادت بمواقفه الوحدوية وأفكاره التنويرية ومنهجيته التجديدية .

 

Leave A Reply

مؤسّسات المرجع فضل الله تحيي الذكرى التاسعة لرحيله بكلمات أشادت بمواقفه وانجازاته | فضل الله: لتعزيز الوحدة الوطنية وفلسطين تختصر كل قضايانا

أحيت مؤسَّسات العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله (رض) الذكرى السنوية التاسعة لرحيله، باحتفال جماهيري حاشد أقيم في قاعة الزهراء (ع) في حارة حريك، بحضور النائب حكمت ديب ممثلاً رئيس الجمهورية العماد ميشال عون،  محمد السماك ممثلاً رئيس الحكومة سعد الحريري، القاضي الشيخ خلدون عريمط ممثلاً مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ الدكتور عبد اللطيف دريان، الشيخ الدكتور سامي أبي المني ممثلا شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن، الأب نكتاريوس خير الله ممثلا المطران عودة، النواب: محمد رعد ، حسن فضل الله، علي فياض، هنري شديد، قاسم هاشم أمين شري، ممثل عن النائب سامي الجميل، ممثل عن النائب فؤاد مخزومي،ممثل عن وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان، العميد اميل مسلّم ممثلا عن القوات اللبنانية،  الدكتور ناصر زيدان ممثلا النائب تيمور جنبلاط،  وفد من حركة أمل برئاسة الشيخ حسن المصري ،العقيد علي حمية ممثلا العماد جوزيف عون، العميد صلاح حلاوي ممثلا اللواء عباس إبراهيم، العميد حسين خشفة ممثلا اللواء عماد عثمان، الرائد ابراهيم شرقاوي ممثلا اللواء طوني صليبا، القائم بأعمال السفارة الإيرانية السيد أحمد حسيني، المستشار الثقافي الإيراني، محمد مهدي شريعتمدار،  وفد من تجمع علماء المسلمين،  فيرا يمين عن المردة، السفيرة الأممية الدكتورة سلوى غدار يونس، وشخصيات دبلوماسية ونيابية وعسكرية وحزبية وعلمائية واجتماعية وثقافية وبلدية، وحشود شعبية غفيرة غصت بهم القاعة ومحيطها.

 

بعد كلمة وجدانية ومعبرة لمدير المركز الإسلامي الثقافي السيد شفيق الموسوي، قدم أطفال المبرات نشيداً من وحي المناسبة، ثمّ ألقى العلامة السيد علي فضل الله كلمة قال فيها:

 

تأتي إلينا ذكرى السنة التاسعة لرحيل السيد(رض) محملة هذا العام، بفقد العم وهو من عاش الأخوة الحقيقية مع السيد(رض)في حياة تفيض بالروح والعاطفة والمحبة، وكان عنواناً يقتدى في الطهارة والصفاء والتواضع وفي العلم والبذل والعطاء وحب الناس.. ونحن ندعو لهما وهما في جوار ربهما وقد تلاقيا معاً بعلو الدرجة وأن يحشرا مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا

 

وقال: نمضي على الخط.. نمضي معاً وروح السيد تضج فينا عزماً وقوة وتصميماً وإرادة متسلحين بوضوح الرؤية وسلامة الهدف  وحسن الأسلوب مشيرا  إلى أن مفردات هذه المسيرة كثيرة ومتشعبة، والتحديات أيضاً.. هي على حجم العمل والطموح ..فعلى قدر الطموحات تكبر التحديات وتكثرا لصعوبات والمسؤوليات..

 

  وبدأ كلامه بالحديث عن المفردة الأولى في هذه المسيرة وهي  خدمة الانسان التي أردناها ان لا تكون وظيفة ودور منوط بنا وبمؤسساتنا فقط ، انما ثقافة تنموية عامة. لتتوفر سبل العيش الكريم بلا مساومة على الكرامة ..فمعنى أن تكون إنساناً  كما أطلقها السيد «هي أن تعيش إنسانيتك في إنسانية الآخرين..» طامحين الى اليوم الذي نرى فيه هذا الشعار هو شعار الحكم والدولة ان ترى انسانيتها ومبرر وجودها  باحترام إنسانها، بعيداً عن طائفته ومذهبه وموقعه السياسي، وتؤمن له حقه بمتطلبات حياته من دون ارتهان او ابتزاز او انقياد او مصادرة لقراره ورأيه.. 

 

وأضاف: أما المفردة الثانية من قاموس عملنا هي الوحدة: التي  نادى بها السيد(رض) في مختلف الظروف والتحديات والمحطات المؤلمة وغيرها هو لم يتخل عنها وكانت من آخر وصاياه  مؤكدا أن الوحدة بالنسبة لنا ليست شعاراً للاستهلاك او للتورية او للمسايرة او لمؤتمرات إبراء الذمة أو للاعلام .. انما هي فرض وفريضة.. سنُسأل عنها يوم نقف للحساب بين يدي الله ، فلا نفرط بأي عنصر قوة تجمعنا مع الآخر في التوجه والدين والمذهب والوطن.  وعناصر القوة ما أكثرها ..هي نقاط مضيئة وموجودة  ان اردنا البحث عنها، ولكن للأسف تطمسها ارادات الفتنة ودعاة التفرقة وشق الصفوف .. فيخال المرء في الأزمات ولشدة التشويش ان لا شيئ يجمع المسلم بالمسلم الآخر  ولا المسلم بالمسيحي ولا ابن هذه المنطقة من الوطن  مع تلك .. .. كل هذا لا يعني عدم التنكر للاختلاف انما القبول بالتنوع مع فتح أبواب الحوار.. البناء العاقل والمنتج لا الحوار العقيم المرير..

 

وأكد ان لا مكان لخطاب الاستفزاز والتوتير في لغتنا،  نعم للغة تتفهم الآخر وتزيل المخاوف والحواجز وتقرب البعيد وتقصّر المسافات .. وترأب الصدع .. فنجني حلاوة الوحدة كالبنيان المرصوص والسد المنيع أمام المحاولات الحثيثة لإضعاف مجتمعنا وشرذمته .. والفتنة دائما كانت السلاح الأفتك لضرب عناصر القوة والاطاحة بانجازات تحرير الأرض وبإحباط مخططات الاعداء من التكفيريين والمستكبرين..

 

وقال: لن نألو جهدا في العمل على مد جسور الوحدة والتواصل، وتلهج السنتنا بالدعاء لله صادقين ليجمع كلمتنا ويوحد صفوفنا ويرأب صدعنا ويلملم تبعثرنا .. وبالفعل يدنا ممدودة ونأمل دوما أن تبادلها الأيادي الأخرى فنعتصم جميعا بحبل الله ولا نتفرق ..

 

 ثم تحدث عن المفردة  الثالثة وهي مفردة الوعي في مقابل الجهل والتخلف .. اننا نسعى لجيل يناقش… جيل ليس ببغائيا… جيل يحرك عقله قبل لسانه…. جيل  يعي ما يسمع ويناقش في كل ما يسمع وخاصة في الدين، لقد آل السيد(رض) على نفسه أن يوجه الناس حتى الذين يتلقون منه أفكاره ومواقفه لتحريك عقولهم، فكان يقول لهم: فكروا معي لا تقولوا السيد قال، وانتهى الأمر.. بل ناقشوني وحتى حاججوني…. لاتؤجروا عقولكم لأحد .. رفض منطق الذين يقولون نحن نفكر عنكم وأنتم دوركم أن تنفذوا.. كان يقف في كل أسبوع في كل خطبة جمعة وعبر جلسات الحوار ليبين للناس منطلقاته ويستمع إلى ملاحظاتهم ويتقبل منهم أي نقد.. لذا نراه حتى في الأمور الفقهية التي كانت بعيدة عن المناقشة، قربها إلى الناس وأوضح معانيها ومقاصدها ليحملوها عن قناعة وتبصر.

 

 

 وتابع أما المفردة الرابعة فهو بيت الله.. البيت الجامع الذي أراده الله سبحانه وتعالى ملتقى الناس بكل تنوعاتهم..  نحن نسعى ونعمل حثيثا ليظل  لهذا المكان حضوره وأهميته ..نريده أن لا يتفرغ من مضمونه أو يبتعد عن دوره… نريده أن يكون مساحة للروح وللأمن النفسي والطمأنينة المفقودة ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب)..

 

وختم كلامة متحدثا عن مكانة فلسطين في وجدان السيد(رض) السفيرة الأممية الدكتورة سلوى غدار يونس التي اعتبرها أنها تختصر كل قضايا العدل والحرية وحقوق الانسان فكانت هاجسه طوال حياته، كتب لفلسطين فكراً وشعراً وأدباً وأصدر لأجل نصرتها الفتاوى ووقف مع المقاومة لأجلها.. وقد كانت آخر كلماته: لن يهدأ لي بال حتى تعود فلسطين إلى أهلها..

 

ثم كانت كلمات لكن من سماحة الشيخ جميل الربيعي من العراق والدكتور محمد علي آذرشب من إيران والقاضي عباس الحلبي والأستاذ محمد السماك من لبنان أشادت بمواقفه الوحدوية وأفكاره التنويرية ومنهجيته التجديدية .

 

Leave A Reply

مؤسّسات المرجع فضل الله تحيي الذكرى الثامنة لرحيله بكلمات للعريضي والداعوق واسماعيل| فضل الله: كان يتطلع إلى وطن تتنفّس فيه الرسالات والإنسان قيم الخير

أحيت مؤسَّسات العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله (رض) الذكرى السنوية الثامنة لرحيله، باحتفال جماهيري حاشد أقيم في قاعة الزهراء (ع) في حارة حريك، بحضور الوزير بيار رفول ممثلاً رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والنائب محمد خواجة ممثلاً رئيس مجلس النواب نبيه بري، فادي فواز  ممثلاً رئيس الحكومة سعد الحريري، الرئيس حسين الحسيني وسماحة الشيخ بلال الملا ممثلاً مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ الدكتور عبد اللطيف دريان، الخوري سليم مخلوف ممثلا البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي، الوزير محمد فنيش ممثلا الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، النائب الدكتور أنطوان حبشي ممثلا للقوات اللبنانية وشخصيات دبلوماسية ونيابية وعسكرية وحزبية وعلمائية واجتماعية وثقافية وبلدية، وحشود شعبية غفيرة غصت بهم القاعة ومحيطها.

 

بعد كلمة وجدانية ومعبرة لمدير المركز الإسلامي الثقافي السيد شفيق الموسوي، قدم أطفال المبرات نشيداً من وحي المناسبة، ثمّ ألقى العلامة السيد علي فضل الله كلمة قال فيها: لقد حرص السيد على أن يبقى الدين صافياً نقياً بالصفاء الذي جاء به، بعيداً من الاستغلال والارتهان، أن يبقى ديناً يدعو إلى أن يكون الإنسان على صورة الله في المحبة والرحمة والحنو الذي يقدمه لعباده، وهو من ينزل مطره على الجميع، وتشرق شمسه من دون أن تعرف حدوداً ولا حداً.. أن يبقى الدين الذي يرى أنّ الخلق كلّهم عيال الله وأحبهم إليه أنفعهم لعياله..

 

وأضاف: لقد عمل في كلّ حياته من أجل وطنٍ أراده أن يكون عزيزاً وحراً قوياً في وحدته وفي إنسانه وفي تعاون أبنائه على النهوض به.. هو وطن الرسالات السماوية، وطنٌ يتنفس إنسانه نسائم القيم الأخلاقية والإنسانية، لا ما نعانيه من فسادٍ واستئثارٍ بالمال والمقدرات العامة.. وطنٌ تتأكد فيه قدرة الأديان على التلاقي والتواصل ومد الجسور، في مقابل من يريد أن يثبت، وبالوقائع، أنّ الأديان والمذاهب إن وجدت، فستكون في مشروع حربٍ وفتنةٍ.. ما يؤدي إلى التقسيم والإلغاء في أي زمانٍ..

 

وتابع: لقد حمل قضايا العالم، كان يرصد العالم عن كثبٍ في تطلّعاته ويومياته، حتّى كأنّه حاضرٌ في كل ساحةٍ، وواعٍ لكل قضيةٍ من قضاياها، وهو ما أشعر متابعيه على امتداد المجتمعات بأنه منتمٍ إليهم وحدهم، فهو لم يكن محدوداً في تطلّعاته وآفاقه، ولم ينأ بنفسه، لأنّ لا مجال للنأي في هذه المرحلة من الزمن وفي الأزمنة اللاحقة، بعدما صار العالم قريةً واحدةً يؤثّر بعضه في بعضٍ.. وهو في كلّ ذلك لم يفكّر في مجدٍ ذاتيٍ وشخصيٍ، أو أيّ حساباتٍ أخرى، مما يتنافس ويتقاتل عليه الناس..

 

وقال: لم يكن غريباً كلّ هذا الحضور، وكل هذا التنوع، ولذلك نجده حاضراً في كل مناسبة، وله دورٌ فيها، ونحن إذ نقف على مسافة ثماني سنواتٍ من رحيله، نجد أنّ الحضور لا يخبو ولا ينطفئ، بل يزداد تألقاً وتوهّجاً في العقول والقلوب، وفي كل ميدانٍ له حضورٌ فيه، في الفكر والفقه والعقيدة والقرآن والسيرة.. وفي دنيا الطفل والمرأة والشباب، وفي الشعر والأدب والسياسية، وفي كلّ عملٍ يبذل للتخفيف من آلام المعذبين والمقهورين والضعفاء، وفي كل موقعٍ للحوار واللقاء، وفي كل ساحةٍ فيها مواجهةٌ مع استكبارٍ أو احتلالٍ أو تخلفٍ أو جهلٍ.. وفي كلّ موقعٍ للنهوض والتجدد والنمو، تجده حاضراً في كلّ ذلك..

لقد بقي له هذا الحضور، لأنّه كان استشرافياً، لم يعش في ماضيه، بل كان يرصد المستقبل من الماضي.. هو استشرف كلّ ما نعانيه اليوم من فتنٍ تعصف ببلاد العرب والمسلمين، وعمل على أن يقي الأمة من أن تشرب هذا الكأس.. فهو كان يرى الاستهداف الدائم لهذه الأمة في وحدتها، وهو هاجس كل من لا يريد لها خيراً.. كان يحذّر دائماً من الإصغاء إلى مروجي الفتن الطائفية.. فهناك من يعمل في الليل والنهار على تفجير الفتنة الطائفية، لذا كان يدعو إلى نزع فتائل أيّ تفجيرٍ، ويحذر من استخدامه في الاختلاف الديني والمذهبي، أو للسيطرة على هذه المنطقة في العالم.

 

وأضاف: وقد كان استشرافياً، وهو على فراش مرضه عندما سئل عما يريحه، فقال: لا أرتاح حتى تعود فلسطين لأهلها، لأنه كان يعرف معنى وجود هذا الكيان الصهيوني في منطقتنا.. كان يرى أنّ كلّ ما نعانيه هو نتيجة وجود هذا الكيان، فلأجله صنعت الفتن والصراعات والحروب.. كان يرى أنّ أمةً تتنازل عن أرضها ومقدساتها، وعن كل تاريخها، وتتخلى عن كل ذلك أو ترضى بالأمر الواقع، هي أمةٌ لا تحترم نفسها ولا يحترمها الآخرون، وعليها أن تنتظر في كلّ مرحلةٍ احتلالاً جديداً لأرضها يشرعن، وأمراً واقعاً يثبت.. وعلينا دائماً أن نتذكّر المثل القائل: "أكلت عندما أكل الثور الأبيض"..

وختم قائلا: سنبقى نعمل لتطوير فكرنا وعملنا نحو الأحسن، وسنبقى، على وجه الخصوص، صوتاً يدعو إلى الوحدة وإلى التلاقي والحوار الذي نجسّده بالعمل والموقف.. سنبقى نبضاً للحبّ بالسلوك الذي به نوقف نزيف الدم ونزيف الأحقاد والتوترات.. وسنبقى موقفاً للعدالة، حيث هناك مظلومٌ في هذا العالم، لا نفرق بين ظالمٍ وظالم، أو بين مظلومٍ ومظلومٍ، مهما كانت هوية الظالم وهوية المظلوم، وسنعمل على أن نكون موقعاً للحرية وعنواناً داعماً لكلّ قضاياها، حيث هناك أرضٌ محتلةٌ وشعبٌ مستعبدٌ ومظلومٌ، ولن نجامل في ذلك، مهما جامل المجاملون..

 

العريضي

 ثم كانت كلمة للنائب غازي العريضي قال فيها: قيمة الرجال بعقولها وأعمالها وبهذا المعنى يكون صاحب هذه الذكرى مميزاً على مختلف المستويات. بعلمه كرّس فكرة المؤسسات وكان صاحب الدعوة الدائمة للوحدة الوطنية، وكان داعية للحوار وفي رأس اهتمامه المقاومة للظلم والجهل ومقاومة الاحتلال مشيرا إلى أن سماحته تميز بجهاده الطويل واندفاعه لمواجهة الاحتلال  من خلال مقاومة تمكنت عبر عقود من تحرير الأرض من الاحتلال.

 

ورأى اننا اليوم أمام ما نشهد على مستوى الأمة من اندفاعات غير محسوبة هي اندفاعات خطيرة، وعمل حثيث لتصفية القضية الفلسطينية مشيراً إلى أن خياراتهم ستسقط وستبقى فلسطين لأهلها.

وختم في هذه الأيام نستعيد ذكرى السيد فضل الله الذي أعطانا الأمل دائما من خلال العمل بالقيم الكبرى وما احوجنا إلى الكبار من امثاله.

 

الداعوق

ثم ألقى الرئيس الفخري لجمعية المقاصد محمد أمين الداعوق كلمة عبر فيها عن اعتزازه الشخصي لانه يتكلم في مناسبة وطنية إسلامية كبيرة داعية للخشوع والاحترام لرجل ترك معنا في الوطن معان كثيرة للإيمان وللعلم وللمواطنة ولفلسفة الحياة   

وقال: وإن غاب عنا سماحة المرجع السيد محمد حسين فضل الله بالجسد فإن منهج تفكيره ومبادئ علمه ما انفكت فاعلة في وجودنا ونحن في هذه المرحلة  من حياتنا التي يعتورها التعصب وتشوهها انانية قاتلة بحاجة إلى استلهام هذا الفكر وهذا المنهج.

 

الهاشم

ثم القى الوزير السابق جوزيف الهاشم قصيدة من وحي المناسبة

واختتم الاحتفال بكلمة لخريّج المبرات الدكتور حسن إسماعيل تحدث فيها عن فضل الله السيد فضل الله على الأجيال علماً وعطاءً ووعياً.

Leave A Reply

مؤسّسات المرجع فضل الله تحيي الذكرى السابعة لرحيله بكلمات لكليب ونعوم وسلام وسلمان.. فضل الله: سنتابع مسيرته الوحدوية في مواجهة مشاريع التقسيم والفتنة

أحيت مؤسَّسات العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله (رض) الذكرى السنوية السابعة لرحيله، باحتفال جماهيري حاشد أقيم في قاعة الزهراء (ع) في حارة حريك، بحضور الوزير يعقوب الصراف ممثلاً رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والنائب علي بزي ممثلاً رئيس مجلس النواب نبيه بري، وفادي فواز ممثلاً رئيس الحكومة سعد الحريري، وسماحة الشيخ بلال الملا ممثلاً مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ الدكتور عبد اللطيف دريان، الرئيس حسين الحسيني، الوزيرة عناية عز الدين، الوزير محمد فنيش، وشخصيات دبلوماسية ونيابية وعسكرية وعلمائية واجتماعية وثقافية وبلدية، وحشود شعبية غفيرة غصت بهم القاعة ومحيطها.

بعد كلمة وجدانية ومعبرة لمدير المركز الإسلامي الثقافي السيد شفيق الموسوي، قدم أطفال المبرات نشيداً من وحي المناسبة، ثمّ ألقى العلامة السيد علي فضل الله كلمة قال فيها: "لم يجامل السيد ولم يساوم أحداً على المبادئ.. كان قوياً بالله.. لم يجامل استكباراً ولا احتلالاً ولا ظلماً.. رفض كلّ المغريات.. ولم يأبه لكلّ التهديدات ولا لمحاولات الاغتيال والترهيب التي تعرض لها.. ولم يحل دونه في ذلك عنوانٌ.. حتى عنوان المرجعيّة، عن أن يقول حقاً أو يدفع باطلاً.. حين قال له بعض محبيه في العراق بعد الاحتلال الأميركي.. أن لا يتحدّث بسوءٍ عن هذا الاحتلال، لأنه سحق الطاغية.. فقال لهم: الاحتلال ليس جمعيةً خيريةً.. قالوا له: سوف تفقد مقلّديك وتتأثر مرجعيتك بهذا الموقف.. فقال لهم: إذا تعارضت المرجعية مع الحق ومع رضا الله، فإني أضعها تحت قدمي..".

 

وأضاف: "لم يجامل في الفكر.. كان حريصاً على أن يقدّم للناس فكراً صافياً نقياً لم يتلوّث بتفريطٍ أو غلوٍ أو خرافةٍ.. وكان يواجه كلّ ذلك، حتى لو رجمه الراجمون، ووصفوه بنعوت الضلال والتكفير، وحتى عندما راحوا يزوّرون تاريخه.. ومع ذلك، كان يقول: أستطيع أن أجامل وأن أكون مع التيار السائد، ولكن كيف سأواجه ربي عندما يسألني: لماذا لم تقدّم الحقائق التي آمنت بها للناس؟ وفي كلّ ما قدّمه، لم يقل السيد إلا ما رأى فيه الحقيقة التي لم يصادرها، بل قال: هذه وجهة نظري، وأنا أحترم وجهة نظر الآخرين عندما تنطلق من علمٍ.. حتى قال: أنا مستعدٌ لأن أكتب مقدّمةً لكتابٍ ينتقدني إذا كان كتاباً علمياً يتوخّى الحقيقة..".
 

وتابع سماحته: "لقد دعا السيد إلى الوحدة بكلّ مجالاتها.. ورأى أن لا خيار إلا الوحدة.. كانت الوحدة بالنسبة إليه تعني الوقوف على القواسم المشتركة.. واحترام كلّ فريقٍ للفريق الآخر.. وكان يرى أن البديل من ذلك هو التنازع والفشل وضياع الحاضر والمستقبل.. وكان يؤلمه أن لا تستعيد الأمة تاريخها الوحدوي، وأن تستبدل به تاريخ الأحقاد والضغائن والصراعات..".

وأشار إلى أنّنا نستلهم دوماً دعوته إلى احترام المراجع والعلماء والمفكرين وأصحاب الرأي والعلم أو القيادات الاجتماعية.. لكنّ الاحترام لا يعني أن نسلّم بكل ما أطلقوه من أفكار.. فالنقد، مهما كان قاسياً على المستوى الفكري، لا يعني عدم احترامهم.. فنحن أمةٌ تعلمت أنّ النقد هو مفتاح الوصول إلى الحقيقة.. وأنّ احترامنا للإنسان، إنما يكون بقدر ما نناقش فكره وننتقده.

وأكد أننا سوف نتابع مسيرته في أن نعزز سبل الوحدة الوطنية.. والوحدة الإسلامية.. ووحدة الديانات.. والوحدة الإنسانية.. أن نقف في وجه دعوات التمييز على أساسٍ طائفيٍ أو مذهبيٍ أو قوميٍ أو عرقيٍّ أو غير ذلك من التصنيفات.. وفي وجه كلّ الدعوات التي تستغلّ الأديان والمذاهب لغاياتٍ ومصالح خاصة..

 

ولفت إلى أنَّنا نرى أنّ لبنان يمكنه أن يشكّل هذا الأنموذج الإنسانيّ في صياغته لوحدته وبناء دولة الإنسان التي أرادها السيد، إن تحرّر القادة الدينيون والزعماء السياسيّون والنخب الثقافية والاجتماعية من عصبياتهم الطائفية.. واستندوا إلى القيم التي تحملها الديانات السماوية، فعاشوها واستلهموها في حياتهم، بحيث لا تعود الأديان، كما هي الآن، كياناتٍ لتجمعاتٍ بشريةٍ لا مضمون إيمانياً وقيمياً وإنسانياً لها.. بل تتعامل مع بعضها البعض من المنطلقات الإيمانية.. ولن تتحقَّق هذه الغاية الرسالية الإيمانية للديانتين إلا عندما نصل إلى المرحلة التي يحرص فيها المسلمون على المطالبة بحقوق المسيحيين وحقوق الآخرين، ويحرص فيها المسيحيون على المطالبة بحقوق المسلمين ومن معهم في الوطن.. بحيث يعيش الجميع جميعاً في ظلال دولة الإنسان.. دولة القيم.. دولة العدالة.

 

وقال سماحته: "سنواصل دعوتنا لكلّ الذين يتولون مواقع المسؤولية في هذا العالم العربي والإسلامي إلى أن لا يشعروا أحداً بالغبن في وطنه وبالمظلومية، بحيث تنتقص حقوقه الإنسانية.. لأنّ الغبن هو مشروع فتنةٍ ومشروع حربٍ نعيش وقائعه في هذه المرحلة، في الطاحونة الدائرة في عالمنا العربيّ والإسلامي، والتي استدعت التدخلات الدولية للعبث باستقرار الأوطان والمكونات الطائفية والاجتماعية والسياسية فيها".

وأردف قائلاً: "سوف نسير على خطاه في مواجهة كلّ المنطق التكفيري.. وفي مواجهة فكر التكفير.. لكي نظهر تهافت هذا الفكر وزيفه، حين يستند إلى بعض الكتاب ويتجاهل البعض الآخر.. وأن نبرز قصوره في تمييز الصحيح من الفاسد.. أن نواجه إرهابه حين يتحول إلى آلةٍ للقتل…

وشدد على أننا سنواصل نهج السيد في تعزيز روح المقاومة في لبنان وفلسطين، في مواجهة العدو الصهيوني، ورفض مخططات التبعية والتقسيم، والوقوف مع كلّ الشعوب التي تدافع عن حريتها وحقها في العيش الكريم وإحساسها بإنسانيتها وكرامتها..".

وختم العلامة فضل الله قائلاً: "سوف نواصل معاً حفظ المؤسّسات التي كانت من الناس وإليهم.. وهو الّذي كان يرفض أن تنعت هذه المؤسّسات باسمه.. كان يقول: شرفٌ لي أنني أطلقتها، ولكن الناس هم الذين بذلوا ويبذلون في سبيلها.. هي ملكهم، وعليهم أن يحفظوها وأن يحموها وأن ينقدوها.. سنحفظ معاً الأيتام والفقراء والمحتاجين والمعوقين، الذين كان هدف رعايتهم، ولا يزال، حفظ إنسانهم وكراماتهم وحفظ المجتمع من خلالهم..".

كليب

 ثم كانت كلمة للإعلامي سامي كليب قال فيها: "هذه واحدة من أصعب لحظات حياتي على منبر.. أنا أقلّكم معرفةً شخصيةً بالفقيه المجدد والعلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله، لكنّني حاولت التعويض عن القرب الشخصي بالاقتراب الوجداني والفكري.. فوجدتني أمام محيط من المؤلفات.. وأمام بحر من الإنتاج.. وأمام مفكّر ومناضل وإنسان، كلّما اعتقدت أنك فهمته من كتاب، يفتح لك آفاقاً أوسع في كتب أخرى، فتصعب المهمّة، وتزداد المعرفة والغنى".

أضاف: "لم يقبل السيد فضل الله كذلك طأطأة الرأس إلا لله تعالى.. ولا نشد التقليد وإنما التجديد.. ولا حثّ على الثورة وإنما على التغيير، لم يرض الاستسلام للأمر الواقع، وتحرك في دائرة أوسع من أن تحتمل في محيطنا الشرقي الضيق.. ذهب بجرأته إلى حد القول إنّ قضاء الحياة وقدرها ليس شيئاً منفصلاً عن إرادة الإنسان.. نحن الذين نصنع قضاءنا وقدرنا.. وإنَّ الجهاد الأكبر يبدأ من تغيير النفوس.. هل ثمة جرأة أكبر؟".

وتابع: "لا بدّ لي نهاية من أن أنوّه بالقائمين على المؤسَّسات الخيريَّة والمبرات وغيرها، التي لا تزال تقدم للناس الخبز والعلم والعمل، فتبقي راية السيد محمد حسين فضل الله عالية، بانتظار يوم يصبح الجميع قادرين على فهم ما كتب".

نعوم

ثم ألقى الصّحافي والكاتب الإعلاميّ سركيس نعوم كلمة قال فيها: "صديقي وأستاذ سماحة السيد فضل الله، أنت اشتغلت ديناً في السياسة لا سياسة في الدين، وجعلت الأخلاق صفة ملازمة لممارسة السياسة، وعملت باستمرار لبناء الجسور مع الآخر المختلف أو المخالف، من دون التنازل عن مبادئك أو دينك، وأرسيت قواعد في هذا المجال أهمها: الاختلاف بشرف، الابتعاد التام عن الكلام النابي، عدم الإيمان بمقولة الغاية تبرر الوسيلة، والاقتناع بأن الغاية تنظف الوسيلة، انطلاقاً من الإيمان بأن أسلوب الإنسان يجب أن يكون شريفاً إذا كان هو شريفاً.

وأضاف نعوم: "صديقي وأستاذي، لغتك كانت لغة جمع لا لغة طرح وتقسيم، وربما لهذا السبب استعملت مفردات جامعة مثل "الأمة والساحة والحالة والواقع". وإذا أراد أحد أن يتعرّف إلى مسلم يهوى المسيحية، وعلى مسيحي يهوى الإسلام، كان لا بد من أن "يتعرّف إليك".. في إحدى خطبك قلت: "الحياة لا تستمر بالحقد.. فالحقد موت والمحبة حياة".. وفي إطلالة تلفزيونيَّة لك مع مقدم ومحاور مرموق قلت: "أشعر أنني أزداد ثقافة إسلامية عندما أتحدّث عن السيّد المسيح". وقلت أيضاً أنا "مسيحي عيسوي".

سلام

وألقى رئيس تحرير جريدة اللواء الأستاذ صلاح سلام كلمة جاء فيها: "يعجز الخطيب أحياناً، مهما كان مطلّعاً وملمّاً ومتابعاً، عن إيفاء قامة كبر بحجم السيّد محمد حسين فضل الله حقّها من التّقدير، كما قد تعجز الكلمات والمفردات والمصطلحات عن ذلك.

وأضاف: كنا نذهب إليه كلّما ادلهمّت الأجواء، وتأجَّجت الأزمات، ونشطت رياح الفتن.. وكنا في كلّ مرّة نخرج من مجلسه ونحن أكثر صلابة في مواجهة التحديات، وفي الصبر على تحمّل المحن، لأنّ بعد العسر يسراً، كما علّمنا رب العالمين".

وقال سلام: "عندما نصارحه بهواجسنا من الفتن المذهبية في لبنان وسوريا والعراق، كان يردّ بلهجة المؤمن الواثق بعقيدته: الدين عند الله الإسلام، والإسلام ليس سنياً ولا شيعياً، وهو أكبر من أن تنال منه أيدي الفتنويين، لقد حاولوا قبل ألف وخمسمائة سنة وفشلوا، وعلينا التمسّك بإيماننا، والتسلّح بوحدتنا، لإفشال مخطّطات الحروب والفتن بين المسلمين، وكشف الذين يحاولون إلباس خططهم الخبيثة رداء الدين الحنيف. لقد كانت وصيته الدائمة هي حفظ الإسلام والمحافظة على وحدة الأمة، معتبراً أنّ الاستكبار لن تنكسر شوكته إلا بوحدة المسلمين".

سلمان

واختتم الاحتفال بكلمة لناشر صحيفة السفير الأستاذ طلال سلمان، قال فيها: "يصعب الحديث عنك، سماحة السيد، بصيغة الماضي، لأن حضورك الباهر باقٍ، وتأثيرك الفكري راسخ، وخلال شهر رمضان المبارك كنت شريك الهلال في الحضور".

 وأضاف: "لقد قاد هذا النجفي المتحدّر من عيناثا (على تخوم فلسطين) لأسرة من العلماء، مع بعض رفاقه المستنيرين، ثورة حقيقية في قلعة الفقه ومركز المرجعية، هدفها الأساسي ربط الدين بالحياة، وتيسيره على المؤمنين، وجعله يحرّض على كسر النمطية والتقليد الجامد، ورفض الخنوع، والاستسلام والتعامل مع الحاكم ــ مهما بلغ ظلمه ــ وكأنه ظلّ الله على الأرض..".

Leave A Reply