مباركاً للّبنانيّين عيد التَّحرير في حفل تكليف المكلَّفات في بعلبك: فضل الله: مَنْ يتولّونَ المواقعَ السياسيّةَ يمثِّلونَ مصالحَهم الضيِّقة

كرّمت ثانويَّة البشائر في بعلبكّ زهراتها اللّواتي بلغن سنَّ التّكليف الشّرعيّ، في احتفالٍ حاشدٍ أقامته في قاعة الثانويَّة، رعاه العلَّامة السيِّد علي فضل الله، وبحضور المشرف على مدارس المبرَّات في البقاع الأوسط الأستاذ إبراهيم سعيد، ومديرة الثّانويّة الحاجَّة اعتدال الجمال، وفضيلة الشَّيخ فؤاد خريس وذوي المكلَّفات.

استهلّ الحفل بآيٍ من القرآن الكريم، ثمَّ النَّشيد الوطني، بعدها دخلت الزّهرات المكلّفات على وقع الموسيقى، حيث قدَّمن باقةً من الأناشيد، ثم ألقى العلَّامة فضل الله كلمة عبَّر في بدايتها عن سعادته لوجوده في هذا اللّقاء لتكريم زهراتنا المكلَّفات اللّواتي قرَّرن باختيارهن وإرادتهن أن يتحمّلن المسؤوليَّة بكلّ جدارة، ليقدِّمن الصّورة النموذجيَّة في طاعة الله والسَّير على نهج رسول الله (ص) وأهل البيت (ع)، وفي حياة مبنيّة على قيم الصفاء والطهر والمحبة والانفتاح.

وأضاف سماحته: لسنا من الذين يختصرون هذا الدّين بالحجاب الَّذي هو فريضة من الله، أو بالتركيز على الطقوس من دون المضمون، بل نحن نرى أن الدين يمثّل انفتاحاً على الآخر، ويحرّك إنسانيَّتنا تجاه كل المحتاجين والفقراء، ويدفعنا إلى أن نحمل همومهم، ونسعى لمساعدتهم، بعيداً من انتماءاتهم. فالدّين هو الذي يفتح عقولنا على الحياة، ويحثّنا على عدم تأجيرها، ويدعونا إلى أن نمتلك حريَّة القرار والموقف والكلمة، فلا نؤيِّد أو نعارض إلَّا ضمن قواعد واضحة مبنيّة على أسس شرعيَّة، وأن نجعل الحقَّ ميزان أعمالنا وخطواتنا، وأن نسعى إلى مدّ الجسور مع الآخر، والتركيز على المشتركات ونقاط اللقاء على الساحتين الإسلاميَّة والوطنيَّة.

وقال سماحته: للأسف، هناك من يحاول أن يلصق بالدِّين ما يعانيه لبنان من مشاكل، ويدعو إلى إبعاده عن واقع حياتنا. ونحن نقول له المشكلة ليست في الدّين، بل في الابتعاد عن قيمه وتعاليمه، فالذين يتولون المواقع، ويتحدَّثون باسم المسيحيَّة والإسلام، لا يتحركون من واقع تعاليم الإسلام والمسيحيَّة، بل تحركهم مصالحهم الفئويَّة والخاصَّة والحسابات الضيّقة.

وأكَّد أهميَّة فريضة العلم في الإسلام، داعياً إلى أن نبقى دائماً في حالة تعلّم تصقل عقولنا بالمعرفة والتجربة، وتزوّدنا بكلِّ ما هو جديد في هذا المجال. 

 وشدَّد سماحته على أهميَّة هذه المؤسَّسات التربوية والرعائية والاجتماعية التي وجدت من أجل أن تربي جيلاً يحمل القيم الإنسانية والأخلاقية والإيمانية، وأن يقدم الدين بصورته الحقيقيَّة، ففتياتنا عندما ارتدين حجابهنّ، لم يكن هدفهنَّ الانفصال والعزلة عن الآخر، أو الابتعاد عن العلم والعمل، مستغرباً كيف أنَّ هناك من يعتبر الحجاب عائقاً لعمل الفتاة وتطوّرها، فيما هو يجعلها حريصةً على إتقان العمل والأمانة فيه، مبدياً أسفه من بعض المؤسَّسات في هذا الوطن التي ترفض توظيف المحجَّبات تحت حجج واهية، وهذا الأمر شهدناه في الغرب الَّذي يدَّعي الحرص على الحريَّة ورأي الآخر، ويمنع المحجبات من دخول الجامعات.

وقدَّر سماحته الدَّور الذي تلعبه هذه المؤسَّسات، ولا سيَّما هذه الثانوية، في بناء شخصية الطالب على صعيد العلم واللّغات، وبناء عقله، وتنمية مهاراته وقدراته لكي يكون فاعلاً في المجتمع، وفي تعزيز شخصيَّته الإيمانيَّة لكي يكون مساهماً في بناء وطن، بعيداً من الفساد والهدر والمحسوبيّات، مؤكّداً التكامل بين المدرسة والأهل في حمل مسؤوليَّة هذا الجيل الذي نشعر معه بغد أفضل ومستقبل أجمل.

وفي الختام، تقدَّم سماحته من اللبنانيّين والمقاومين بالتَّهنئة والتبريك بمناسبة عيد التحرير، الّذي بذلت من أجله التضحيات، وقدّمت الدّماء والشّهداء لتحرير هذا الوطن، وتعزيز إرادة الصّمود والثّبات والعنفوان لدى أبنائه، في الرفض للاحتلال والهيمنة والظّلم والاستبداد، وتعزيز مواقع الحرية والعدل والوحدة.

***