مِنْ وصايا الإمامِ الصَّادقِ (ع) للمسلمين

قال الله سبحانه وتعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ}[الأنعام: 90]. صدق الله العظيم.

 في الخامس والعشرين من شهر شوّال، نحن على موعد مع ذكرى وفاة واحد من أئمّة أهل البيت (ع)، ممن أمرنا الله بالاقتداء بهم والأخذ بهديهم، وممن قال فيهم رسول الله (ص): “إنّي تارك فيكم ما إن تَمَسَّكتم بهما لن تضلّوا بعدي: كتابَ الله، وعترتي أهلَ بيتي”، وهو جعفر بن محمَّد الصَّادق (ع).

هذا الإمام الَّذي عرف بالعلم والحلم والعبادة وكثرة ذكر الله وحسن الخلق وكثرة التصدّق والبذل والعطاء، وقد عاش هذا الإمام في المرحلة الانتقاليَّة ما بين أفول الحكم الأموي وبداية الحكم العباسي، ما أتاح له قدراً من الحريَّة، ساهمت في أن يعبِّر عن آرائه وأفكاره، مما لم يتوفر ذلك لبقية أئمة أهل البيت (ع)، وإلى ذلك أشار الشَّيخ المفيد حين قال: “لقد نقل عنه من العلوم ما سارت به الركبان، وانتشر ذكره في البلدان، ولم ينقل عن أحد من أهل بيته ما نقل عنه، ولا نقل عنهم كما نقل عنه”.

وكان مسجده مسجد الكوفة، ملتقى طلاب العلم الذين كانوا يفدون إليه من شتى أقطار البلاد الإسلاميَّة، وكانوا يجدون عنده الإجابات الشَّافية لما كان يطرح من تساؤلات وشبهات في الساحة الإسلاميَّة، وفي ذلك يقول أحد الرّواة، وهو أبو الحسن الوشا: “دخلت إلى مسجد الكوفة، وبعد عشرين عاماً من وفاة الإمام الصَّادق (ع)، فأدركت تسعمائة شيخ (أي عالم)، وكلٌّ يقول: حدَّثني جعفر بن محمَّد”.

انفتاحٌ على التنوّعات

وقد تميَّزت مدرسة هذا الإمام، كما هو معروف، بانفتاحها، فقد جمعت في داخلها كلّ التنوعات الفقهية والفكرية والعقدية، فنجد أنَّ أبا حنيفة النعمان، إمام المذهب الحنفي، لم يجد مشكلة في أن يتتلمذ على يد الإمام الصّادق (ع) وينهل من علومه، ويصل به الأمر أن يقول: “لولا السنتان لهلك النعمان”. وكان تتلمذ على يديه مالك بن أنس إمام المذهب المالكي، والذي قال: “مَا رَأَتْ عَيْنٌ، وَلاَ سَمِعَت‌ أُذُنٌ، وَلاَ خَطَرَ علی قَلْبِ بَشَرٍ أَفْضَلُ مِنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ فَضْلاً وَعِلْماً وَعِبَادَةً وَوَرَعاً”، فقد كان يتمثل رسول الله (ص) في كلّ ما جاء به.

وقد كان للإمام الصَّادق (ع) دوره البارز في مواجهة الانحرافات الفكرية التي تهدد عقائد الإسلام، وقد تميَّز بحواريته، فحاور الزنادقة والملاحدة والغلاة وأتباع المذاهب الإسلاميَّة، وقد عبَّر خلالها عن إنسانيته واحترامه للآخر، حتى لو أساء إليه خلال الحوار، يشهد بذلك كل من حاوره، وقد قال عنه أحد محاوريه من الزنادقة، بعد أن أنهى حواره معه: ما رأيت أحداً يستحقّ اسم الإنسانيَّة كجعفر بن محمد.

من وصايا الإمام (ع)

ونحن اليوم، وفي ذكرى وفاة هذا الإمام العظيم، سنشير في هذه المناسبة الحزينة إلى ما أودعه لدينا من وصايا لنهتدي بها، ولنقيس أنفسنا من خلالها.

الأولى: “اتَّقوا الله، وكونوا إخوةً بررةً متحابّين في الله، متواصلين متراحمين، تزاوَروا، وتلاقوا، اجعلوا أمركم هذا لله، ولا تجعلوه للنَّاس، فإنه ما كان لله فهو لله، وما كان للناس فلا يصعد إلى الله… إيَّاكم والخصومة، فإنها تشغل القلب، وتورث النفاق”.

أما وصيته الثانية، فقد أشار بها إلى أحد أصحابه الذين قدم إليه بعدما كان في سفر، فقال لهم: “كيف من خلَّفت من إخوانك؟”، فأحسن الثناء على من التقاهم، وأشار إلى ولائهم للإمام (ع)، فقال له الإمام سلام الله عليه: “كيف عيادة أغنيائهم على فقرائهم؟”، فقال: قليلة، قال: “فكيف مشاهدة أغنيائهم لفقرائهم؟”، قال: قليلة، قال (ع): “فكيف صلة أغنيائهم لفقرائهم في ذات أيديهم؟”، فقال الرجل: إنك لتذكر أخلاقاً قلّما هي فيمن عندنا، فقال (ع): “فكيف تزعم هؤلاء هؤلاء أنَّهم شيعة”. فالشيعة هم المتباذلون المتراحمون الذين يسند غنيّهم فقيرهم. وفي حديثٍ آخر عنه، أنَّه قال لرجلٍ أخذ يكيل الثَّناء على شيعة الإمام الصَّادق (ع)، وأنهم يتعاملون كإخوة: “أيجيء أحدكم إلى أخيه، فيدخل يده في كيسه، فيأخذ حاجته فلا يدفعه؟ فقلت: ما أعرف ذلك فينا، فقال (ع): فلا شيء إذاً…”.

ما وصيته الثَّالثة، فقد أراد منها تعزيز الجانب الروحي والإيماني والأخلاقي لدى شيعته، عندما قال لهم: “أكثروا من الدعاء، فإنَّ الله يحبّ من عباده الذين يدعونه، وقد وعد عباده المؤمنين بالاستجابة”، فقال: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}[غافر: 60]، {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}[البقرة: 186]، “والله مُصيِّر دعاء المؤمنين يوم القيامة لهم عملاً يزيدهم به في الجنة”. فالدعاء عبادة لله، وباب لنيل الطلبات وبلوغ الحاجات، “وأكثروا ذكر الله ما استطعتم في كلّ ساعة من ساعات اللَّيل والنَّهار”، أن لا تنسوه، وأن يبقى في بالكم، وتعززوا بذلك حضوره في حياتكم، “فإنَّ الله أمر بكثرة الذكّر له، والله ذاكر من ذكره من المؤمنين“، وهو من قال: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ}[البقرة: 152]…

وعليكم بالمحافظة على الصلوات والصلاة الوسطى، وقوموا لله قانتين، كما أمر الله المؤمنين في كتابه من قبلكم… و“عليكم بحبّ المساكين، فإنّه من حقّرهم وتكبّر عليهم، فقد زلّ عن دين الله… وإياكم أن يبغي بعضكم على بعض”.

“يا شيعة آل محمّد، إنّه ليس منّا من لم يملك نفسه عند غضبه، ومن لم يُحسن صحبة من صَحِبَه، ومخالقة مَن خالقَه، ومرافقة مَن رافقَهُ، ومجاورة مَن جاورَهُ، وممالحة مَن مالحهُ.. يا شيعة آل محمّد، اتّقوا الله ما استطعتم، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله”..

أما وصيته الأخيرة التي وجهها إلى شيعته من خلال أحد أصحابه: “أقرئ من ترى أنَّه يطيعني ويأخذ بقولي منهم السَّلام، وأوصهم بتقوى الله، والورع في دينهم، والاجتهاد لله، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، وطول السجود، وحسن الجوار، فبهذا جاء محمَّد (ص)”…

أمَّا حول علاقتهم مع أتباع المذاهب والأديان الأخرى، فقال (ع): “صِلوا عشائرهم، واشهدوا جنائزهم، وعُودوا مرضاهم، وأدّوا حُقوقهم، فإنَّ الرجل منكم إذا ورع في دينه، وصدقَ الحديث، وأدَّى الأمانة، وحسُنَ خُلقه مع النَّاس، قيل: هذا جعفري، ويسرّني ذلك، ويُدخل عليّ منه السّرور، وقيل: هذا أدب جعفر، وإِذا كان غير ذلك، دخل عليَّ بلاؤه وعارُه.. كونوا دعاة للنَّاس بغير ألسنتكم، ليروا منكم الورع والاجتهاد والصَّلاة والخير، فإنَّ ذلك داعية”.

مسؤوليّةُ الانتماء

أيُّها الأحبّة: لقد أراد الإمام (ع) من خلال ذلك أن يشير إلى عناصر الشخصيَّة التي أراد أن يتحلَّى بها المنتمون إلى خطّ أهل البيت (ع).

ونحن عندما نتحدث عن المنتمين إلى خطّ أهل البيت (ع)، فإننا لا نتحدَّث عن الانتماء إلى خطّ مقابل ما دعا إليه رسول الله كما يتحدَّث البعض، بل هو عما دعا إليه رسول الله (ص)، وما جاء به عن الله عزّ وجلّ، فليس هناك إلَّا الإسلام فيما قالوا أو ساروا عليه وانتهجوه أو دعوا إليه، ولذلك كان الإمام الصّادق (ع) يكرِّر القول دفعاً لهذه الشبهة: “حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدي، وحديث جدي حديث الحسين، وحديث الحسين حديث الحسن، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين (ع)، وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله (ص)، وحديث رسول الله (ص) قول الله عزّ وجلّ”.

وعلى هذا الأساس، فإن دورنا هو أن نقدِّم الإسلام من ينابيعه الصَّافية، من ينبوع واحد هو ينبوع رسول الله، ونحن الأمناء على ذلك.

لذا، نسأل الله أن يعيننا على الأخذ بهذا النَّهج، نهج أهل البيت (ع)، نهج الإسلام الأصيل، وأن نكون من المخلصين لهم قولاً وعملاً، ومن شيعتهم والمنضوين تحت رسالتهم، لنحظى بشفاعتهم وشرف القرب منه في الموقع الَّذي سيكرِّمهم الله فيه.

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الخطبة الثّانية

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بأن نتمثَّل ما حدث في هذا اليوم، والذي جرى بعد انتهاء معركة أُحد، حيث تذكر السّيرة أنَّ أبا سفيان بعدما غادر أرض المعركة في أحد متوجّهاً إلى مكَّة منتصراً، ندم وهو في الطّريق إليها على تسرّعه بالعودة، فقد رأى أنّه كان عليه أن يهاجم المدينة ليستأصل بذلك جذور الإسلام، لكونها كانت تشكِّل قاعدته الأساسية، مستفيداً من ذلك من الهزيمة التي ألمت بالمسلمين في أُحد وضعف معنوياتهم، فقرر العودة.

لما علم رسول الله (ص) بالأمر، أعلن النفير العام، فخرج معه أصحابه، حتى الجرحى منهم. لما وصل الخبر إلى أبي سفيان، وبالعزيمة التي أبداها المسلمون، عدل عن رأيه، وقرر العودة إلى مكَّة منتصراً، خوفاً من أن تتكرر هزيمة بدر الَّتي لم تنته آثارها عليه وعلى قريش.

وقد سجَّل القرآن الكريم هذا المشهد، ليكون حاضراً في أذهان المسلمين على مرّ التاريخ، ومحفِّزاً لهم على الثّبات والصّمود عندما يواجهون التحديات، فقال: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا للهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ * الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ}.

أيُّها الأحبّة: ما قاله أصحاب رسول الله (ص) وما عبَّروا عنه، هو ما ينبغي أن يكون قولنا وفعلنا عندما تواجهنا التحدّيات وتعصف بنا الأزمات، لنكون بذلك أكثر قوّة وعزيمة وإرادة، ونحظى بتأييد الله وعونه، ونكون بذلك قادرين على مواجهة التحديات.

هل يُنجَزُ الاستحقاقُ الرّئاسيّ؟!

والبداية من هذا البلد الَّذي، مع الأسف، تستمرّ حال المراوحة فيه على صعيد انتخاب رئيس للجمهوريَّة، ولم تفلح حتى الآن دعوات التَّوافق وكلّ الجهود التي تبذل من الداخل لكسر هذا الجمود والخروج من حالة المراوحة القاتلة، بعدما أصبح واضحاً عدم استعداد أيّ من الأفرقاء السياسيين التنازل عن خياره الذي أفصح عنه، أو الذي لم يفصح عنه حتى الآن، فيما لم يتقدَّم أيّ منهم خطوة للتلاقي مع الآخرين، ولكن يبقى الأمل أن تنعكس أجواء التبريد التي تحصل في المنطقة، بشائرَ تخرج البلد من حالة المراوحة القاتلة على هذا الصَّعيد.

لقد أصبح واضحاً مدى التَّداعيات الخطيرة التي تحصل إن بقي البلد يعاني الفراغ بفعل الأزمات الَّتي تعصف به، الَّتي باتت أكبر من طاقة اللّبنانيّين على التحمل، والتي لا يمكن أن تعالج بحكومة تصريف أعمال، إن على الصعيد المعيشي والحياتي، والّذي يتفاقم يوماً بعد يوم، أو الشلل الذي أصاب أكثر مؤسَّسات الدولة وبات يهدِّد كيانها، أو النزيف المستمرّ في مالية الدولة، والتي تكاد تنفد، ما قد يؤدي إلى عدم قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها، أو ملفّ النازحين السوريين الَّذي بات هاجس اللبنانيين، نظراً إلى تبعاته عليهم، والهواجس والمخاوف من توطينهم، والذي تساهم المنظمات التي ترعاهم في إثارته أو خلق الحساسية بينهم وبين اللبنانيين، أو في ملفّ المودعين، واليأس والتيئيس الذي بات يشعر به هؤلاء من ضياع ودائعهم، والخوف المستمر من انفلات الوضع الأمني بفعل استمرار التوتر على الصعيد السياسي أو فقدان الدولة لهيبتها.

ومن هنا، فإنَّنا نعيد رفع الصَّوت لكل الذين يمتلكون قرار هذا البلد، بأن يتحمَّلوا مسؤوليَّتهم بإزالة العقبات التي لا تزال ماثلة أمام إنجاز الاستحقاق الرئاسي المنشود، وتحقيق التوافق على هذا الصَّعيد، وفتح الباب واسعاً لإنجاح أيّ مبادرات للحلّ. وبالطبع، وكما قلنا سابقاً، لا نريد أيّ رئيس وبأيّ شروط، بل نريده رئيساً يملك الكفاءة والمصداقيَّة والشجاعة، وجامعاً للّبنانيين، وقادراً على الإمساك بدفَّة السفينة وسط الأمواج العاتية، وفي هذه المرحلة الاستثنائيَّة والصّعبة، وأن يواكب بحكومة تنهض بالواقع الاقتصادي والنقدي، وتقوم بإصلاحات باتت ضرورة لاستعادة ثقة اللّبنانيّين بوطنهم وثقة العالم به ومدّ يده إليه.

المصالحةُ العربيّةُ مع سوريا

أمَّا على الصعيد العربي، فإننا نرحّب بموقف وزراء خارجية الدول العربية بعودة سوريا إلى حضن الجامعة العربية، ما يطوي صفحة الخلافات الَّتي تركت آثاراً دامية على الجسد السوري، ويساهم بتعزيز الموقف العربي وتسليحه بالقدرة على مواجهة تحديات الخارج الذي عمل، وطوال السنوات، على ترسيخ هذه الانقسامات، لتبقى هذه المنطقة بقرة حلوباً يستغلّ مواردها، وليكون الكيان الصهيوني هو ملجأ الجميع والأقوى في المنطقة، آملين أن يؤدي مسار هذا التقارب إلى  ترسيخ العمل العربي المشترك، داعين هذا العالم إلى أن لا يستهين بقدراته وإمكاناته وحاجة العالم الدولي إليه.

مجزرةُ غزَّة

ونتوقَّف أخيراً عند المجزرة التي أقدم عليها العدوّ الصهيوني في غزة، والتي لم تقف عند استهداف القادة في المقاومة، بل إلى قتل النساء والأطفال، ومع الأسف، جرى ذلك تحت عين هذا العالم المتحضّر الذي لم يرفّ له جفن لهذا المشهد المأساوي، بل هناك من برَّر للعدو جريمته.

لقد أراد العدوّ من خلال ذلك أن يستعيد صورة الرَّدع لديه، والتي اعترف قادة العدوّ بتآكلها، فكانت هذه الضَّربة للمقاومة والشعب الفلسطيني لترميم هذه الصّورة، لكن جاء ردّ المقاومة الفلسطينيّة ليؤكّد مجدَّداً حالة الاقتدار والإرادة التي تتمتَّع بها رغم عدم التكافؤ في الإمكانيّات، بفعل ثبات المجاهدين والقدرات التي وفروها، والاحتضان الشعبي الذي يحظون به، رغم معاناة هذا الشعب وجراحه وآلامه، ما أربك كيان العدوّ، فبدا عاجزاً عن حسم المعركة لحسابه وتحقيق هدف اعتداءاته، وجعله يقدم، وبهمجية، على ضرب بيوت المدنيين واستهداف الآمنين، بعدما عجز مجدَّداً عن مواجهة المقاومة في الميدان.

إننا نشدّ على أيدي المقاومين الفلسطينيّين الذين يقدّمون مجدَّداً دروساً في الاستعداد للاستشهاد، وبذل الغالي والرخيص من أجل استعادة أرضهم ومنع العدوّ من استباحتها، ونحن على ثقة بأنَّ هذا الشعب المجاهد الصابر المعطاء، قادر على أن ينجب قادة يتابعون المسيرة، ويحقّقون أهداف شعبهم التوَّاق إلى الحرية والإمساك بقراره.

وهنا، ندعو العالم العربي والإسلامي وكلّ أحرار العالم، إلى أن لا يقفوا مكتوفي اليدين أمام ما يعانيه الشعب الفلسطيني من غطرسة هذا العدوّ ومن يقف معه، ومدّ يد العون إليه، وعدم الاكتفاء في ذلك ببيانات التأييد والتبريك بالشّهداء والشفاء للجرحى، رغم أهميتها. إننا على ثقة بأنَّ هذا الشعب، بإيمانه وصبره، سيردّ كيد العدوّ إلى نحره، ويخرج مرفوع الرأس في هذه المعركة، رغم الجراحات التي تكبَّدها، ونسأل الله عزَّ وجلَّ أن يمنَّ على هذا الشَّعب بالعزة والكرامة الَّتي يهدف المجاهدون بالعزم والإرادة إلى تحقيقها، داعين بالرحمة للشّهداء وعلوّ الدرجة، ولجرحاه بالشفاء، ولإنسانه بالثبات والقوة.

اليومُ العالميُّ للتَّمريض

وأخيراً، نهنّئ الممرّضين والممرّضات في يومهم، اليوم العالمي للتَّمريض، ونشيد بالدور الذي يقومون به والتضحيات التي يقدّمونها، إنَّ واجبنا أن نكرِّمهم ونقدِّر عطاءهم، بعدما أثبتوا جدارتهم في المراحل الصَّعبة التي مرت على الوطن.

 

***