هجرة الرسول(ص): فجر جديد للإنسانية

بسم الله الرّحمن الرّحيم

ألقى سماحة العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:

 

الخطبة الأولى

يقول الله سبحانه:إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أُولَـٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّـهِ ۚ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ

 

في أوّل شهر محرم -أي يوم غد-، نستقبل سنة هجرية جديدة، هي السنة الألف والأربعمائة والستة والثلاثون للهجرة. ونحن بأمس الحاجة إلى التذكير؛ تذكير أنفسنا وأجيالنا ومجتمعنا، بالسنة الهجرية، لأنّ الكثير منا، مع الأسف، لا يعرفون السَّنة الهجريَّة، أو هم غافلون عنها.

 

قد يكون الطرح غير واقعي اليوم  ليصار الى العمل بالتقويم الهجري وحده على مستوى واسع وشامل، نتيجة غياب أو ضعف القرار في الدول الاسلامية من جهة، ومن جهة أخرى نتيجة التداخل القوي الحاصل اليوم بين شعوب العالم، وتأثرنا بالثقافة الغالبة في التعاملات فضلاً عن أسباب أخرى عديدة… ولكن هل هذا يعني أن نتنكر للتاريخ الهجري، ونعتبره من الماضي أو نسقطه من التداول، ونعتمد عليه موسميا  فقط لنعدّ أيام الحج ورمضان، الواقع أن المسألة أبعد من مسألة التوقيت، مما يفرض علينا اعتماده متى استطعنا الى ذلك سبيلاً: مثلا تأريخ الولادات والزواج والوفيات  والمعاملات الشخصية والداخلية.. ففي ذلك كل البركة والاصالة لأن التاريخ بالهجري ليس مجرد توقيت زمني، إنما هو محمل بالمعاني والذخائر، هو خط زمني يوصلك بتلك المحطة التي شكلت منعطفاً أساسياً في التاريخ الإسلامي، وفي حركة رسول الله وانطلاق الاسلام الى العالم .

 

أيها الأحبة

إنها الهجرة، هجرة رسول الله من مكة ام القرى إلى يثرب التي حملت اسم مدينة رسول الله أو المدينة المنورة .. هذه الهجرة التي يجب أن ننظر اليها ليس فقط في لحظة خروج الرسول(ص) من مكة  فحسب، إنما أن ننظر إلى لحظة العودة اليها ايضا.. فلحظة الخروج وحدها قد تعد انكساراً إنما الهجرة هي كل هذا.. هي صورة متكاملة بين ظروف الهجرة وحدث الهجرة، وبين وصول الهجرة الى خواتيمها بعودة الرسول والمسلمين اليها ولو بعد ثماني سنوات.

 

 وإذا نظرنا في ظروف خروج الرسول من مكة ماذا نجد: المسلمون يخرجون سرا وعلى دفعات متفرقة الى المدينة. يتركون كل شيء وراءهم حتى لا يفتضح أمرهم: أمتعتهم وحاجياتهم، ينزل الوحي بأوان خروج رسول الله من مكة، ويبيت علي في فراش الرسول، فيما قريش تُشهر سيوف الحقد، وتنتظر الفجر، كي تسكت صوت محمد، هذا الذي نكّد عليهم عيشهم بدعوته للعدل والمساواة.. ويُفاجؤون بعلي يُفسد عليهم مخطّطهم… ويبدؤون فصلاً جديداً من مؤامرة الحقد، نعم، وصلوا  فم الغار الذي كان فيه الرسول وكانوا على قاب قوسين أو أدنى من الظفر به لكن الله موهن كيد الكافرين.

 

هذه كانت لحظات من زمن الهجرة …

أما لحظات العودة.. عودة رسول الله الى أحب الامكنة اليه، الى اقدس بقعة على الارض، التي غادرها مُكرها  فكيف كانت، "تخيّلوا أن يتمكن المظلوم والمضطهد يوما من مواجهة ظالمه ماذا تروه فاعلا؟ سيفعل الكثير… وكنا سنجد له مبررا في ان يفعل به بالمثل وأكثر.. وأكثر"

لكن رسول الله، هو رسول الله.. هو رحمة تمشي على الارض.. هو الخلق الكريم كله.. هو الحلم والعفو والعطف هو الصفح الجميل.. هو السمو الانساني… هو كل شيء ما عدا الانتقام والثأر،عاد صلى الله عليه وآله الى مكة في وضح النهار، وأمام مرأى ومسمع كل قبائل الجزيرة العربية.. عاد مرفوع الجبين، مرهوب الجانب، تخفق الرايات من حوله والتهليلات أما من آذوه فلا شيء يشغلهم الآن سوى همّ واحد: ماذا سيفعل بهم، واي مصير سيبادرهم به، واي قرار سيتخذه فيهم؟ لكن في هذه اللحظة هل كان قلب رسول الله يشغله ثـأر أو حقد، أو انتقام. كان قلبه في موقع آخر، فما إن يصل باب الكعبة حتى يحنى رأسه ساجدا على قربوس فرسه شاكرا حامدا مسبحا مهللا: لا اله الا الله وحده نصر عبده واعز جنده وهزم الاحزاب وحده لا اله الا الله …

لا مكان اليوم للانتقام الشخصي، ولا للثأر ولا للعصبيات وردود الفعل

سأله طغات الامس: ماذا أنت فاعل بنا؟

 وكان قراره من دون تردد نموذج السمو الإنساني، والذي سيظل يتردد صداه في التاريخ: "اذهبوا فأنتم الطلقاء".. ونردد مع المسلمين {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}

 

أيُّها الأحبة:

في مناسبة الهجرة نحن مدعوون لعرض مسيرتنا على مسيرة الرسول وهجرته، مدعوون لعرض تجربتنا على تجربة رسول الله في كل تفاصيلها …

إن كل الحركات والاحزاب الاسلامية مدعوة في ذكرى الهجرة ان تعرض مشروعها وأساليبها على مشروع الرسول واساليبه.. وعلى كل المشتغلين بالعمل الرسالي ان يحاكموا تجربتهم بعيون الهجرة..

 

واذا نظرنا بمنظار تلك التجربة النقية فماذا نرى؟

– نرى انها تجربة نبوية  انسانية نقية اصيلة… فمشروع رسول الله بعد الهجرة لم يكن في أي يوم مشروع انتقام لظلم أو تعويضاً من معاناة تاريخية.. او رد اعتبار او هيمنة، انما هو فعل عقيدة وإيمان. فالرسول عندما هاجر انطلق ليبني، انفتح واستفاد من التجارب الانسانية السابقة والحضارات. لم  يكن  لدى رسول الله(ص) مشكلة  في أن ينفتح على الآخر.. مشروعه قام على البناء والتعليم والتربية ، لم يكن للسيف او العنف مكان فيه، الا في اطار الدفاع عن النفس…أو حماية الحريات ..

 

– الامر الثاني الذي يجب ان نعرض اسلوبنا عليه هو اسلوب نشر رسول الله للاسلام بين الناس، ليصل في نهاية المطاف الى ان يدخل الناس في دين الله أفواجا..  لقد كان الاسلام في المدينة مجسدا على أرض الواقع، ونموذجا عمليا لكل من اراد ان يرى ثمرة الانتماء للاسلام..  فكان الداخل الى المدينة يرى المودة والتآخي والايثار والتكافل الاجتماعي والتسامح… يعني بعبارة اخرى كان يرى صورة واقعية وليست نظرية، لدين يتحرك على الارض، يرونه بأعينهم ويستلذون بحلاوته وجماليته، -وهنا نضع يدنا على الجرح الذي يؤلمنا- ألا نرى اليوم الفارق الكبير بين ما نقوله او نعرفه عن الاسلام وبين ما هو حاصل على الارض والواقع.. لهذا بات من مسلّماتنا أن نقول: الاسلام شيء والمسلمون شيء آخر.. التهينا بالنظريات والشعارات والشكليات والجماعات والتقسيمات، وقسمنا المقسم، ونسينا ان ما يمُارَس على الأرض باسم الاسلام ان استمر في بشاعته وتنفيره سيكون سببا لخروج الناس من الدين افواجا..

 

– الامر الثالث الذي يجب ان نحاكمه اليوم انطلاقا من تجربة رسول الله هي علاقتنا مع من يختلف عنا في الدين أو العقيدة.. لقد شكَّلت وثيقة المدينة أهمّ نصّ في تعايش الإسلام مع غيره من الديانات والأفكار.. فالقاعدة {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}.. {أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}. مع تجربة رسول الله  كان لكل فرد الحرية في أن يعبر عن قناعاته وأفكاره وعباداته.

 

إن شرط التعايش ايها الاحبة، لم يكن في اي مرحلة من مراحل الرسالة شرطا عقيديا -اي وحدة العقيدة والانتماء- انما الشرط كان احترام النظام، وعدم التعدي، والحفاظ على المجتمع وسلامه الداخلي، وعدم الاستقواء بأعداء الاسلام عليه -حرصا على امنه القومي-.. هذه هي كانت شروط التعايش.. اما كيف يتعبد وكيف يفكر وبماذا يؤمن، ولمن يتبع لم يكن كل هذا في أي يوم سببا للرفض والاقصاء.. إن الرسول أيها الأحبة لم يضيق الدائرة أبدا فهي بالمبدأ مفتوحة لكل البشر، بشرط الانسانية، فيما نحن اليوم تتسابق كل جماعة في تضييق الدائرة حول نفسها، وتغلق الباب وتمعن في اغلاقه حتى الاختناق.. فأين نحن من رسول الله؟

 

ان أسلوب رسول الله مع الاخر ومع المختلف واسلوب دعوته الى الاسلام كان يحكمه الرحمة والمحبة والرفق واللين لذلك ليس غريباً أن لا يسقط في كل حروب النبي سوى أربعمائة رجل، تصوروا الرسالة كلها لم تكلف بحساب الخسائر البشرية سوى 400 رجل على ابعد تقدير رغم شدة الصراع وحجم النتائج.

 

ان رسول الله(ص) لم يكن ليستسهل الدم ابدا، دم أي كائن من كان.. وكانت القاعدة عنده ان دم الانسان عزيز.. ولم يكن في قاموسه "ان الغاية تبرر الوسيلة"، بل دعا إلى الغايات النبيلة بوسائل نظيفة. اما اليوم في واقعنا الاليم للاسف فلا غايات ولا وسائل ولا بوصلة ولا أهداف.

 

هذه هي دروس الهجرة، هجرة اختتمت بإتمام المشروع واكمال الدين.. لكن المعاناة والالم والغربة ما لبثت ان اطلت برأسها، فعانى الامام علي من الغربة وكذلك الامام الحسين وجميع الأئمة وكم عانى ويعاني المصلحون والثائرون والمجاهدون.

 

ان رسول الله لو قدر له ان يكون بيننا اليوم فسيكون غريبا، هو لن يتعرف الى امته، وسينكر على الكثيرين ادعاءهم انهم ينتمون اليه، ويحملون اسمه وسيتهمهم بالتزوير وسيشكوهم الى الله.

 

اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول ويتبعون احسنه.

 

الخطبة الثانية

 

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله. ومن التقوى، أن نقتدي برسول الله(ص) عندما كان يودّع عاماً هجرياً مضى، ويستقبل عاماً هجرياً جديداً، حيث تذكر سيرته أنّه كان يصلي ركعتين في ليلة رأس السنة الهجرية، ثم يدعو الله قائلاً:

 

"اللَّهم ما عملت في هذه السنة من عمل نهيتني عنه ولم ترضه، ونسيته ولم تنسه، ودعوتني إلى التوبة بعد اجترائي عليك، اللهمّ فإني أستغفرك منه، فاغفر لي، وما عملت من عمل يقرّبني إليك، فاقبله مني، ولا تقطع رجائي منك يا كريم".

ثم يتحدث رسول الله(ص) عن ردود فعل الشّيطان بعد قيام الإنسان بهذا العمل، ودعائه بهذا الدعاء: "يا ويلي، ما تعبت فيه هذه السّنة هدمه أجمع بهذه الكلمات، وشهدت له السّنة الماضية أنّه قد ختمها بخيْر".

أما عندما تبدأ سنة جديدة، فكان يصلّي ركعتين ويدعو بعدهما بهذا الدعاء: "اَللّـهُمَّ أَنْتَ الإلِهُ الْقَديمُ، وَهذِهِ سَنَةُ جَديدَةُ، فَأَسْأَلُكَ فيهَا الْعِصْمَةَ مِنَ الشَّيْطانِ، وَالْقُوَّةَ عَلى هذِهِ النَّفْسِ الأمّارَةِ بِالسّوءِ، وَالاْشْتِغالَ بِما يُقَرِّبُني إِلَيْكَ يا كَريمُ يا ذَا الْجَلالِ وَالإكْرامِ".

أيّها الأحبّة، بهذه الصورة أرادنا رسول الله أن نودّع سنة ذهبت، ونستقبل سنة جديدة؛ لقد أرادنا أن نحاسب أنفسنا محاسبة دقيقة على ما أسلفناه، كي نعزز الإيجابيات، ولا نكرر الأخطاء، وأن نخطّط ونعمل بجدية لتكون السنة الجديدة أفضل في سلّم سعينا لبلوغ رضا الله…

وبهذه الصّورة، نحسن التعامل مع زمن مضى وزمن قادم، وبذلك، نملك القدرة على مواجهة التحديات.

 

لبنان

والبداية من لبنان، الَّذي لا يزال في دائرة الانتظار، ريثما تنجلي الغبرة عما يجري من صراع دولي وإقليمي واستحقاقات في المنطقة، ما يعني استمرار معاناة هذا البلد في السّياسة والاقتصاد والأمن، فليس هناك حلول ترتجى على مستوى انتخاب رئيس للجمهوريّة، وانتخاب مجلس نيابي جديد يساهم، ولو بنسبة معينة، في تجديد الحياة السياسية فيه، بل هناك حديث عن تمديد يستبطن تعطيلاً لا تفعيلاً، وليس هناك حل للأزمات المعيشية والاجتماعية، أو علاج قريب لأزمة المخطوفين العسكريين، ما يشفي غليل أهلهم الَّذين لا يجدون ملاذاً إلا في الشارع، في الوقت الذي يعرفون أن لا حل يرتجى منه، فالقرار في موقع آخر.. بينما يستمر الخطر المحدق بالبلد من حدوده الشرقية، ومن انفلات الوضع على حدوده الجنوبية، في ظلّ الخروقات الصّهيونية المستمرة.

إنَّنا أمام هذا الواقع الصَّعب والمعاناة المستمرة، لا نملك إلا أن ندعو اللبنانيين إلى مزيد من الصَّبر والتحمّل، وليكن زادهم في كلّ ما يواجهون: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً}، فقد تعوَّدنا في هذا البلد على ذلك، وعلينا أن نتعوَّد على كوننا نعيش في بلد تتنفس منه مشاكل المنطقة سمومها، ولكن ما يهون الخطب، أنّ هذا البلد الّذي لا يزال محكوماً بعدم الاستقرار، لا يراد له أن يتعرض للانهيار، فقد تصل الأمور إلى حافة الهاوية، ثم ما تلبث أن تنجلي.

 

ولكن هذا لا يعني ترك الحبل على غاربه، والاستسلام للأمر الواقع، بل لا بدَّ من التكاتف والتلاحم بين اللبنانيين، لمواجهة كلّ الأخطار، ولا سيّما الخطر الأمني، الّذي ندعو إلى عدم الخوف الزائد منه، في ظلّ وعي القوى الأمنيّة وحرصها، والتي نقدّر لها سهرها وجهدها وتضحياتها، ولا سيّما الجيش اللبنانيّ.

وهنا، نؤكّد أهميّة دعم الجيش، بما يمكّنه من القيام بمسؤوليته، ويؤسفنا أن نرى من هم في مواقع المسؤولية، يحجبون عن الجيش هبات تقدّم إليه بدون أية شروط، وتحت حجج واهية.

ولا بدَّ لنا في هذا المجال، من التنبّه إلى تنامي ظاهرة الخطف، لا سيما في البقاع، والتي باتت تأخذ تارةً طابعاً مالياً، وأخرى مذهبياً وطائفياً.. وهنا الخطورة، ما بات يستدعي من القوى الأمنية، ومعها كلّ القوى الفاعلة والمؤثرة، التصدي لهذه الظاهرة، خشية تداعياتها، وحماية للسّلم الأهليّ، الّذي بات مطلب كلّ اللبنانيين والقوى السياسية.

 

إنَّ البلد بحاجة في هذه المرحلة إلى العقلاء العصاميين، الَّذين ينظرون في معاناة الناس وآلامهم، ويفكّرون بمسؤولية، لا الغرائزيين، الَّذين يثيرون الغرائز المذهبية والطائفية، أو الخوف المتبادل، فيما الوطن كلّه مهدّد.

 

العراق

ونصل إلى العراق، حيث نأمل أن يساهم اكتمال الحكومة فيه، في تعزيز الوحدة الداخلية، لإخراج هذا البلد من معاناته، سواء معاناته المتمثلة بالتفجيرات الوحشية التي حصدت وتحصد العشرات من الضحايا، أو المتمثلة بالإرهاب الذي بات العراق ساحة من ساحاته.

إننا ندعو العراقيين، بكلّ طوائفهم ومذاهبهم، إلى توحيد جهودهم، ومواجهة هذه التحديات، وعدم المراهنة على الآخرين في حلّ مشاكلهم وأزماتهم الأمنية وغيرها، وخصوصاً في ظلِّ تلكؤ التحالف الدولي عن أداء دوره.. في الوقت الّذي ندعو الدّول العربيّة والإسلاميّة إلى مساعدة العراق، للخروج من كل أزماته، فالمسؤولية عن أمن العراق ووحدته، هي مسؤولية عربية وإسلامية،كما هي مسؤوليّة الشّعب العراقيّ. وهنا، نقدّر سعي العراق ومبادرته إلى الانفتاح على محيطه العربيّ والإسلاميّ.

 

اليمن

ونصل إلى اليمن، الذي نخشى وقوعه في حمى الصّراع الدّاخلي والتّقسيم، وسط إصرار الكثير من القوى على إعطاء الصّراع فيه طابعاً مذهبياً وطائفياً. إننا ندعو كل الفئات اليمنية إلى العودة إلى الحوار فيما بينها، والإسراع في التوافق على حكومة جامعة قادرة على حلّ مشكلات البلد ووقايته من اللاعبين والمصطادين في الماء العكر، أو الذين يتغذون على الحساسيات المذهبية والطائفية.

 

عاشوراء

وأخيراً، ونحن على أبواب عاشوراء، الَّتي تطلّ علينا في هذا العام، في ظلّ كلّ هذه الفوضى المصبوغة بطابع طائفيّ ومذهبيّ، ندعو إلى إبقاء هذه الذكرى، كما هي، صافية نقية من كلّ شائبة، سواء على مستوى السيرة أو على مستوى بعض الممارسات التي تصاحبها، والتي تسيء إلى قدسيتها وصفائها وحضورها.. كي نحفظ أهداف عاشوراء ونوسّع دائرتها، لتكون إسلاميَّة إنسانيَّة، ولتدخّل إلى كلّ الضَّمائر والعقول، لا أن نقزّمها، أو نحبسها في دوائرنا الصّغيرة والضيّقة، ونبعد كلّ أهدافها الكبيرة التي كانت كلّ تلك التضحيات لأجلها.

إننا نريد لعاشوراء أن تكون مناسبة لإصلاح واقعنا، وتعزيز مناخات الوحدة، في مواجهة الظلم والطغيان والإذلال، بدلاً من أن توجّه إلى هذا المذهب أو ذاك، أو هذا البلد العربي وذاك الإسلامي.

 

المكتب الإعلامي لسماحة العلامة السيد علي فضل الله

التاريخ :  30 ذو الحجة 1435هـ الموافق : 24 تشرين الاول 2014م
 
 

Leave A Reply