ذكرى المباهلة: دروسٌ في الحوارِ وتقبّلِ الآخرِ

العلامة السيد علي فضل الله خطبة العيد

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الخطبة الدينية

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ * فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ}[آل عمران: 60 -61]. صدق الله العظيم.

ذكرى المباهلة

استعدنا في الرابع والعشرين من شهر ذي الحجّة من السنة التّاسعة للهجرة حدثاً مهمّاً في التاريخ الإسلاميّ، وهو اليوم الّذي دعا رسول الله نصارى نجران إلى المباهلة. والمباهلة التي ورد ذكرها في القرآن الكريم تأتي عندما يصل الحوار إلى حائط مسدود، وحتى لا يتعمّق الخلاف ويترك آثاره وتداعياته على الجميع، يتوجّه المتحاورون إلى الله بأن يطرد من رحمته من يجحد الحقّ.

ونحن سنتوقف عند مجريات ما حدث في ذلك اليوم، لنأخذ منها العبر والدروس.

حيث ورد أنّ رسول الله (ص) دعا رأس الكنيسة في نجران، ونجران كانت آنذاك تمثّل مركز الديانة المسيحيّة في الجزيرة العربيّة، للمجيء إلى المدينة للحوار، التزاماً بقوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا الله وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللهِ}[آل عمران: 64].

استجاب آنذاك أسقف نجران لدعوة رسول الله (ص)، وأرسل وفداً مؤلَّفاً من ستّين شخصاً من رجالات الكنيسة، فاستقبلهم رسول الله (ص) في مسجده في المدينة تكريماً لهم.

وعند الموعد المحدّد للقاء بين رسول الله (ص) والوفد، ابتدأ رسول الله (ص) بالإشارة إلى أنّ ما جاء به لم يأت من فراغ، بل هو تتمة لما جاء به السيد المسيح (ع)، واستكمالاً لكلّ الرسالات السماوية، والذي ورد في قوله تعالى: {آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ}[البقرة: 285].

وإنّ مَثَله ومَثَل الأنْبِياءِ مِن قَبْلِه “كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بُنْياناً فأحْسَنَهُ وأَجْمَلَهُ، إلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِن زاوِيَةٍ مِن زَواياهُ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ به ويَعْجَبُونَ له ويقولونَ: هَلّا وُضِعَتْ هذِه اللَّبِنَة؟ُ قالَ: أنا وضعت هذه اللَّبنة”.

بعدها جرى حوار بين رسول الله (ص) ورئيس الوفد، وكانت البداية من رئيس الوفد، عندما قال: ما تقول في السيد المسيح؟ فقال له رسول الله (ص)، أقول فيه ما قال هو عن نفسه: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً * وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ ‎وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً}[مريم: 30 – 31].. فردَّ عليه رئيس الوفد: إذا كان ما تقوله في السيد المسيح أنه عبد الله وهو في صفات البشريّة كبقية البشر، فكيف يولد بشر من دون أب، فتلا عليه رسول الله (ص) قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ}[النّساء: 171]، وقد أوجده من أمّ دون أب، مثله في ذلك مثل آدم: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ الله كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[آل عمران: 59]. فلو أنَّ ولادته من دون أب تستوجب أن يكون ابناً لله، فآدم أولى بذلك.

هنا قال رئيس الوفد: إذاً، كيف أحيا الموتى وأبرأ الأكمه والأبرص؛ فهل يستطيع أن يفعل ذلك إلّا من تجلّت فيه صفات الألوهيّة؟ فقال رسول الله (ص) إنَّ ما جرى من السيد المسيح هو معاجز لإظهار نبوَّته، وقد أخبرنا الله بها؛ وفي ذلك قوله سبحانه: {وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ الله وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ الله وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[آل عمران: 49]، فهي جعلت على يديه بإذن الله سبحانه، وبناءً لأمره.

الدّعوةُ إلى المباهلةِ

وطال النقاش، ووفد نصارى نجران يسأل، والرَّسول (ص) يقدِّم لهم البراهين الدالَّة والشَّواهد الثّابتة. ولما لم ينته الحوار إلى نتيجة، دعاهم إلى ما دعاه الله إليه، وهو المباهلة. وهذا ما نزلت به الآية الكريمة: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ الله عَلَى الْكَاذِبِينَ}[آل عمران: 61].

ولم يكن وفد نجران يرغب بهذا الطّلب، ولكن ما كان من خيار لهم إلّا أن يوافقوا، وذهبوا بعدها يتداولون فيما بينهم بما يصنعون وكيف يواجهون هذا الأمر، فقال رئيس الوفد: قد جاءكم الرّجل بالفصل من أمره وأمركم، فانظروا بمن يباهلكم، فإن باهلنا بالكثرة وهذا صنع الملوك، باهلناه، وإن أتانا بنفرٍ قليلٍ من أهل بيته خاصَّة، كما هي سجيّةُ الأنبياء، فلا نُباهله.

وفي الصباح، وبينما كانت الجموع تصطفّ، إذ بصوت يرتفع بالتّكبير، فإذا برسول الله (ص) قد قدم إلى المباهلة وهو يحتضن الحسين (ع)، وآخذاً بيد الحسن (ع)، وخلفه عليّ (ع) وفاطمة (ع).

تقدّم النبيّ (ص) إلى حيث نصارى نجران، وهو يقول لهم: “إذا دعوتُ فأمِّنُوا”، ثم يرفع يَدَيْه نحو السّماء، ويدعو الله سبحانه قائلاً: “اللَّهمَّ هؤلاء أهل بيتي”.

لما رأى نصارى نجران أنَّ هؤلاء الأربعة وهم أهل بيته، هم من سيباهلُ بهم الرَّسول (ص)، قرّروا، كما اتّفقوا، أن لا يدخلوا في المباهلة، واتفقوا بعدها مع رسول الله (ص) على أن يبقوا على ما هم عليه، وقد ضمن لهم رسول الله (ص) حرية التعبير عن دينهم وما يؤمنون به، وأن لا يتدخّلوا في شؤون دينهم، وأن لا يُعتدَى عليهم، وأن لا يُظلَموا في حقوقهم كمواطنين في الدولة الإسلاميّة.

دلالاتُ المباهلة

أيُّها الأحبَّة: لقد جاءت هذه الحادثة لتثبّت أموراً عدة؛ أوّلاً، طبيعة العلاقة التي يجب أن تحكم المسلمين بالمسيحيّين، وهي علاقة بناها الإسلام على الاحترام المتبادل، وعلى عدم الإكراه، فلا إكراه في الدّين. وتذكر السّيرة في ذلك أنّ نصارى نجران عندما قدموا إلى المدينة، لم يعترض رسول الله (ص) ولا المسلمون على وضعهم صلباناً، رغم الموقف الإسلامي من صلب السيد المسيح (ع)، وسمح لهم بأن يقيموا صلاتهم في مسجده، وأن يدقّوا النواقيس فيه، وعلى مرأى المسلمين.

ولتشير، ثانياً، إلى أنَّ المباهلة – بمقاصدها – يمكن اعتمادها كأسلوب لتسوية العلاقة بين المختلفين، فعندما لا يصل الحوار بينهم إلى نتيجة، ويبقى كلٌّ على موقفه، يوكَل الأمر عند ذلك إلى الله، وهو أسلوب يساعد على التخفيف من التوتر، مع تأكيد القواسم المشتركة والعمل بموجبها، وهو ما قاله سبحانه: {إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}[المائدة: 48].

وأخيراً، فإنَّ الحادثة أصَّلت موقع أهل البيت عند رسول الله (ص)، فقد بيَّنت أنَّ الحسن والحسين (ع) هما ابنا رسول الله، في مقابل من كان يقول إنَّ أبناء ابنته ليسوا أبناءه، وأنَّ الزّهراء (ع) في شخصها هي سيّدة نساء العالمين، وأنّ عليّاً (ع) هو نفس رسول الله يعبِّر عنه، وتتمثل فيه شجاعته وحكمته وأخلاقه وعلمه، وهم الذين نزلت فيهم الآية: {إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}[الأحزاب: 33].

أيها الأحبّة: في أجواء ذكرى المباهلة، لا بدّ لنا من أن نفهم دلالاتها ونعي أعماقها، ونلتقط منها العبر، بأن تتحرّك في حياتنا هذه المعاني عندما نختلف مع الآخرين، لنؤكّد ما يجمعنا من قيم وقضايا مشتركة، ونتحاور فيما نختلف عليه، فإن لم نصل إلى نتيجة، نترك الخلافات لله ليحكم هو فيها، حتى لا تؤدّي الخلافات بعدها إلى أحقاد، وتتطوّر بعد ذلك إلى الفتن والتوتّرات..

جعلنا الله من المهتدين بنور القرآن وبنهج رسول الله، ومن السّائرين على هدى خطِّ أهل البيت وخطِّ المتطهّرين بطهرهم.

الخطبة السياسية

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بأن نقتدي بما قام به أمير المؤمنين عليّ (ع)، عندما جاء إلى المسجد فقير، في وقت كان (ع) مشغولاً بالصّلاة، فراح الفقير ينادي بمن في المسجد أن يعينوه، فلم يستجب له أحد، وكاد يغادر المسجد بحسرته، فخشي عليّ (ع) أن يغادر الرجل المسجد ولم يحصل على حاجته، فأشار عليه وهو راكع في صلاته أن ينزع من إصبعه خاتمه، وأن يستعين به في أموره.. فنزلت عندها الآية: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}[المائدة: 55]، لتبيّن من خلالها أنّ الصفة الأبرز التي ميّزت عليّاً (ع) عند الله، وجعلت له الشّأن والموقع عنده وعند رسوله (ص)، هو حرصه على مساعدة الفقراء وإعانتهم حتى وهو مشغول في صلاته، فما كان يطيق أن يكون هناك فقير ولا يسعى لسدّ حاجته.

وفي ذلك دعوة للّذين يتولّون عليّاً (ع)، أن يتولّوه في هذه الصّفة، فلا يمكن لمن يتولى عليّاً (ع) أن يدير ظهره للفقراء ولا يبالي بفقرهم وحاجتهم، بل أن يبادر إلى سدّها أو يسعى إلى من يسدّها.

ونحن إن وعينا ذلك، فإنّنا نستحقّ الانتماء إلى عليّ، لنبني مجتمعاً متعاوناً متكافلاً قويّاً وقادراً على مواجهة التحدّيات.

العدوُّ يستثمرُ في الخلافات

والبداية من العدوان الصهيوني الذي استهدف أراضي لبنانية، والذي أراد منه العدوّ الصهيوني إعادة الاعتبار إلى كيانه، والإيهام بأنّه بات يمسك بزمام المبادرة.

إنّنا أمام ما جرى، نعيد التأكيد على ضرورة إبقاء الجهوزيّة اتّقاءً لغدر هذا العدوّ، وإبقاء الحرص على وحدة الموقف في مواجهته.

إنّ اللّبنانيّين الذين استطاعوا بجيشهم وشعبهم ومقاومتهم أن يفوِّتوا على هذا العدوّ ما كان يهدف إليه في العام 2006، قادرون على إعادة تكرار ذلك إن أراد العدوّ أن يغامر مرّة جديدة.

إننا نقول للّبنانيّين، إنّ العدوّ يراهن في هذه المرحلة على الخلافات التي تعصف بينكم، ويسعى من خلال عدوانه لصبّ الزيت على نارها، للانقضاض على هذا البلد مجدداً، ثأراً لهزيمته ولتحقيق أهدافه فيه، فتوحّدوا ولا تدعوه يربح في رهاناته.

انفجارُ المرفأِ: من المسبّبُ؟!

وننتقل إلى الذكرى الأولى لانفجار المرفأ، التي أعادت إلى الذاكرة المآسي التي حدثت في ذلك اليوم، والخراب والدمار الذي أصاب العاصمة بيروت.

لقد كنا نريد لهذه الذكرى أن تواسي أهالي الضحايا والمصابين، بأن تكون بداية لمرحلة جديدة يشعرون معها بأنهم باتوا يعيشون في دولة الجميع فيها سواسية أمام القانون وأمام القضاء، لا يفرق فيها بين كبير وصغير، ولا بين من هو في الموقع العالي والموقع الدوني.

إنه من المحزن والمؤلم أن تمرّ سنة كاملة ولا يعرف اللبنانيون بعد ما الذي جرى، ومن الذي تسبب بهذه الكارثة، ومن الذي قصّر حتى حصل ما حصل، حيث لا يزال القضاء يقف عاجزاً بسبب العراقيل التي تقف عائقاً أمام الوصول إلى العدالة المرجوّة التي نريدها.

إننا نأمل أن تكون صرخة الأمّهات الثكالى والأرامل وأولادهم، وهي الصّادقة والبعيدة كلّ البعد من التّسييس والاسثتمار، قد وصلت وتركت أثرها، وجعلت المسؤولين يفكّرون ولو لمرة بمشاعرهم، لا بمواقعهم، وبمسؤولياتهم عمّن أودعوهم مراكزهم لا بحصاناتهم.

لقد كنّا نأمل، وكما أشرنا سابقاً، أن تكون هذه المناسبة جامعة للبّنانيّين بدلاً من أن تكون مناسبة لتفريقهم والاعتداء على الأملاك العامّة والخاصّة، أو الإخلال بالأمن، حتى لا تضيع هذه القضيّة بفعل ممارسات هي بعيدة كلّ البعد من الأهداف التي يرجوها اللبنانيون ومن عانوا بسببها.

هل مِنْ تفاؤلٍ؟!

ونبقى على صعيد الحكومة، حيث نأمل أن يبقى التفاؤل على صعيد هذا الملفّ، وعدم العودة إلى لغة المحاصصات، ومن له الحظوة بهذه الوزارة أو تلك، ليكون الحديث عن البرنامج الذي يخرج هذا البلد من أزماته، والناس من معاناتهم، ومن هو قادرٌ على تحقيق هذا البرنامج.

إننا نقول إن من حق كل مسؤول أن تكون له شروطه ومطالبه، لكن ليس من حقه أن يبقي البلد رهينة هذه الشروط والمطالب، ويجعله ينزلق إلى مهاوي الانهيار..

حادثةُ خلدة: ضرورةُ المحاسبة

ونتوقف عند ما حدث في خلدة، لنتوجّه بالعزاء إلى ذوي المظلومين الذين سقطوا نتيجة هذا الحادث، وبالتقدير إلى كلّ الذين صبروا وتحمّلوا ووأدوا الفتنة التي كان يمكن أن تحصل لو كان التصرّف أتى بناءً على ردود فعل وانفعال، ونثمّن دور الجيش اللبناني في استعادة الأمن وملاحقة من تورطوا في هذه الجريمة.

إننا أمام ما جرى، نؤكّد ضرورة محاسبة الذين تسبّبوا بما حصل وتورّطوا فيه، وندعو إلى معالجة جذريّة لكلّ تداعياته، حتى لا يتكرّر ما حدث، حفظاً للوحدة بين مكوّنات هذه المنطقة والسِّلم الأهلي الذي ينبغي أن يكون هدف الجميع.

التّصعيدُ في المنطقة

في هذا الوقت تزداد حدة التوتر على صعيد المنطقة، حيث يسعى العدوّ الصهيوني إلى الاستفادة من حادثة السفينة التي جرت في خليج عمان، والتي نخشى أن تكون مقدّمة لضرب إيران، رغم إعلانها أنها ليست هي المسؤولة عما جرى.

سنةٌ جديدةٌ وذكرى عاشوراءَ

وأخيراً، نلتقي بمناسبتين كريمتين؛ بداية السنة الهجرية الألف والأربعمائة والثّلاث والأربعين للهجرة، التي نستعيد معها معاني الهجرة وإنجازاتها، والّتي تصادف يوم الاثنين القادم، إننا نتقدّم بالتهنئة للمسلمين بالسنة الجديدة، والتي نأمل أن تحمل معها بوادر الأمل والبركة والخير، وتعزيز أواصر الوحدة بين المسلمين واللّبنانيّين. والمناسبة الأخرى، هي بداية موسم عاشوراء الذي نريده أن يكون محطّة لتوحيد الجهود وتعزيزها في مواجهة كلّ ظواهر الفساد والفاسدين ممن يتلاعبون بمصير الناس ومقدّراتهم ويعطّلون القوانين عندما تكون على حساب مصالحهم، ويحرّفون الكلم عن مواضعه.