الإمام الصّادق.. شخصيَّة منفتحة على كلّ أبعاد الإنسانية

ألقى سماحة العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:

 

الخطبة الأولى

 

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} صدق الله العظيم.

نستعيد في الخامس والعشرين من شهر شوال ذكرى وفاة واحد من أولئك الذين أمر الله سبحانه وتعالى بمودتهم وهو الإمام السادس من أئمة أهل البيت(ع) الإمام جعفر بن محمد الصادق(ع).

 

والمودة لأهل بيت رسول الله(ص) ــ أيها الأحبة ــ تعني الحب العملي، بأن نعبر عن حبنا لهم بالسلوك والمواقف والعمل، فلا يقف هذا الحب عند التعبير العاطفي وإبداء المشاعر.. بل أن نكون في نفس الميادين الذين كانوا فيها، ميادين العبادة والعمل والعدل والأخلاق والبذل والعطاء، وأن نبقي الإسلام كما عملوا نقياً صافياً بعيداً عن الغلو والانحراف وأن ندخله إلى كل مفاصل الحياة.

 

هذه الصورة هي التي حرص أهل البيت(ع) على التأكيد عليها عندما كانوا يشددون كما ورد في الحديث عن الإمام الصادق(ع): "لا تُنالُ ولايتُنا إلا بالورعِ والاجتهادِ في الدنيا ومواساة الإخوان في الله، وليس من شيعتنا من يظلم الناس".

 

ونحن في ذكرى الإمام الصادق(ع) سنتوقف عند واحدة من السمات التي تميز بها هذا الإمام وهي سمة الانفتاح العلمي والعملي على المسلمين بكل تنوعاتهم المذهبية والفكرية ما جعله قادراً على تحديد مواقع اللقاء مع الآخرين في الفقه والعقيدة والتفسير وغير ذلك من العلوم وعلى معرفة مواطن الاختلاف، وهو ما نحتاجه في هذه المرحلة لأنه يؤسس لحوار حقيقي إن لم يؤدِ إلى اتفاق.. فلا حوار منتج إن لم يبنى على معرفة صحيحة بالآخر.

 

ولقد عبر عن هذه السمة أفضل تعبير ذلك اللقاء المثير الذي جمع الإمام الصادق مع أحد أئمة المذاهب الإسلامية أبو حنيفة إمام المذهب الحنفي.. حين جاء إليه الخليفة العباسي "المنصور" وقال له: إنّ الناس قد افتُتنِوا بجعفر بن محمّد، فهيّء له من المسائل الشِّداد التي تفحمه وتظهر تهافته.. فقد كان المنصور يخشى كثيراً من تنامي موقع الإمام الصادق(ع) العملي وحضوره في المجتمع، حيث كان يفد إليه طلاب العلم من كل مكان.. حتى قال أحدهم: دخلت مسجد الكوفة فرأيت تسعماية عالم يدرسون وكل منهم يقول حدثني جعفر بن محمد.. وللإنصاف حاول أبو حنيفة التنصل من هذا الأمر احتراماً لأستاذه، فهو قد تتلمذ على يديه وقال عنها لأهميتها لما نهل من العلم منها: (لولا السنتان لهلك النعمان).. ولكونه كان يعرف صعوبة هذا الموقف، وهو الذي عندما كان يسأل من أفقه الناس كان يقول جعفر بن محمد.. ولكن إصرار المنصور عليه دفعه إلى القبول…

 

جمع المنصور العلماء الكبار ليشهدوا هذه المناظرة.. فلما جاء الموعد ألقى أبو حنيفة مسائله.. وطبعاً لا يتسع المقام لذكرها، فجعل يلقها الواحدة بعد أخرى، والإمام(ع) يقول له عند كل مسألة؛ أهل العراق أي علماء العراق الذين كانوا يوصفون بأهل الرأي يقولون كذا في هذه المسألة وأهل المدينة وهم أهل الحديث يقولون كذا ونحن أي أهل البيت نقول كذا حتى أتى على الأربعين مسألة.

وعندها قال أبو حنيفة كلمته المشهورة: "أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس".

 

وهو بذلك أقرَّ بمدى تميز الإمام(ع) وبمعرفته العميقة والواسعة بالإسلام وانفتاحه غير المسبوق على كل آراء الذين يختلفون معه بحيث كان قادراً أن يعبر عنها بكل دقة وباحترام وكأنهم يعبرون هم عن أنفسهم. فالإمام (ع) إذاً لم يقتصر في الإجابة على رأي أهل البيت(ع) بل عرض كل الآراء، وهو بذلك أراد أن يؤكد أن على العالم أن لا يتعقد من الرأي الآخر، فالقوي هو الذي يظهر الرأي الآخر، أما الضعيف فهو الذي يخشاه وكذلك يسعى إلى تشويهه أو إخفائه..

 

ولم يكن هذا منهج الإمام(ع) فحسب، بل كان هو المنهج الذي ألزم به تلامذته، حيث ينقل أحد خواص تلامذة الإمام(ع) وهو أبان بن تغلب أن الإمام(ع) يأمره أن لا يقتصر مجلسه على عرض رأي مذهب أهل البيت(ع) أو فتاواهم فحسب بل يبين للسائلين آراء المذاهب الأخرى.

 

وينقل في ذلك أن الإمام الصادق(ع) التقى بأحد تلامذته وهو مسلم بن معاذ الهروي فقال له: بلغني أنك تجلس في المسجد وتفتي الناس. فقال له: نعم وكنت أود أن أسألك عن ذلك إذ يأتيني الرجل فاعرفه على مذهبكم فأفتيه بأقوالكم.. ويأتيني الرجل فلا أعرف مذهبه.. فاذكر له أقوال الأئمة الآخرين وأدخل قولكم بين الأقوال، فاشرق وجه سيدنا الإمام(ع) وقال: "أحسنت أحسنت هكذا أنا أفعل".

 

هذا الانفتاح الذي عاشه الإمام الصادق(ع) وعبر عنه هو الذي نحتاجه وهو إن حصل يساهم في تحقيق التقارب بين المسلمين وإزالة الهواجس والأوهام التي تنشأ من جهلهم ببعضهم البعض ويمنع المصطادين في الماء العكر أن يجدوا أرضاً خصبة لهم لتعميق الخلافات وزراعة الأحقاد في ما بينهم…

 

فقد بات واضحاً أن واحداً من أهم عوامل الصراع والتناقض بين أتباع المذاهب الإسلامية هو الجهل أو سوء الفهم وعدم المعرفة بحقيقة ما عند المذهب الآخر والذي يتكرس بغياب الانفتاح المتبادل، والذي بات مع الأسف لا يقف عند حدود الناس العاديين، بل تجده حتى بين علماء المذاهب حيث يحتفظ كل طرف بانطباع سلبي وموقف عدائي تجاه الآخر، تكوّن لديه نتيجة سماع أو نقل غير دقيق لخبر من هنا أو هناك، أو نتيجة مشاهدته لخطيب يدعو لأفكار قد تكون شاذة لا تلقى قبولاً من مذهبه، من دون أن يكلِّف نفسه عناء البحث والسؤال والاستفسار للتأكد من صحة انطباعاته ومواقفه وكأن لا قيود على انطباعاته وأحكامه وليس مسؤولاً عن سوء ظنه بالآخر المختلف معه وخطأ حكمه عليه.. أو ما قد يلحقه ذلك من أضرار كبيرة على وحدة الأمة أو تماسكها أو قوتها بما يسمح لأعداء الإسلام ودعاة الفتنة أو ما قد يؤدي إليه من تشويه سمعة كل مذهب أمام أتباع المذاهب أو تعبئة كل مذهب ضد المذاهب الأخرى.

 

وإذا كان من غير المبرر شرعاً للناس العاديين إطلاق الاتهامات من دون بينة، فكيف بالعلماء الذين من مسؤوليتهم أن لا يلقوا الكلام على عواهنه، بل أن يتبيّنوا ويدققوا ويتثبتوا، وتكفي نظرة ولو بسيطة إلى الواقع الإسلامي لنجد كم من الأفكار المشوهة يتداولها حتى علماء من هذا المذهب عن المذهب الآخر، حيث لا يزال هنا وفي عصر التواصل من يتحدث أن الشيعة يعبدون الحجر بسبب سجودهم على التربة أو يقولون بتحريف القرآن أو لا يأخذون بسنة رسول الله(ص).. وأيضاً هناك من يتحدث عن السنة أنهم بجملتهم يناصبون العداء لأهل البيت(ع) وغير ذلك من الأمور.. متجاهلين في كل ذلك قول الله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً}.

 

إننا في هذه الظروف حيث الاستغلال للخلاف المذهبي للحساب السياسي أو الأمني بأمس الحاجة لتعميق هذا الانفتاح الذي عبرت عنه مدرسة الإمام الصادق(ع) التي ضمت في داخلها كل هذا التنوع الفقهي والعقدي والفكري الذي يحويه المجتمع الإسلامي، حيث لم يكن غريباً أن ينتسب إليها من لا يلتزم بخط أهل البيت، ويأخذ من علومها، وأن يتعرف إلى مذهبه منها كما هو في واقعه وحقائقه، ومن دون أي تحامل أو تحريف يقوم به الكثير من علماء المذاهب حين يريدون أن يعرفوا أتباعهم بالمذاهب الأخرى.

 

نحن بحاجة لاستعادة هذه الصورة لتكون حاضرة في جامعاتنا ومدارسنا ومساجدنا ومعاهدنا الدينية.. وعندها ستزول الكثير من عوامل التوتر والانفعال، التي لم تنشأ ولا تنشأ إلا بسبب التشويه وسوء الفهم والجهل بحقيقة ما عند الآخر.

 

إننا في هذه الذكرى  الكريمة، ندعو المسلمين وغير المسلمين إلى أن تتعلم من الإمام الصادق(ع) درس الحوار وإتقان لغة التواصل، وإزالة القطيعة بمد جسور المحبة مع الآخرين و خاصة في عصر تساهم فيه وسائل الإعلام والمفتنين في شيطنة الآخر وتكفيره.. وهذا هو ما أدرجه الإمام في وصيته التي وجهها إلى شيعته ولكل الذي ينصتون إليه.. حين دعاهم إلى التواصل مع المسلمين الآخرين، بأن يصلوا في مساجدهم ويعودوا مرضاهم حتى يقول الناس رحم الله جعفر بن محمد فقد أدب أصحابه على الانفتاح وعدم التعصب والانغلاق.

 

إن هذه القيم قيم المعرفة بالآخر والانفتاح والتواصل والحوار التي دعا إليها الإمام لتكون عنوان العلاقة بين المذاهب الإسلامية حثَّ لتكون أيضاً عنوان العلاقة بين الأديان الأخرى، وحتى مع الجماعات التي لا تؤمن بدين، وهو الذي حاورها بكل انفتاح ومحبة، حتى قال عنه أحد أبرز رموزها في ذلك العصر وهو ابن المقفع "ما من أحد أوجب له اسم الإنسانيّة إلاّ الإمام الصادق..".

 

أيها الأحبة:

لنتعلم من الإمام الصادق هذا الحب.. فهذا الحب هو الذي دفعه ليكون حوارياً متواصلاً إنسانياً.. أما من أين نبع حبه هو عبر عن ذلك عندما قال: "وهل الدِّين إلّا الحبّ"

جعلنا الله من المقتدين بسيرة هذا الإمام(ع) والموالين له قولاً وعملاً وسلوكاً يا أرحم الراحمين.

 

الخطبة الثانية

 

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بما أوصانا به الإمام الصّادق(ع) عندما قال: "أوصيكم بتقوى الله، والورع في دينكم، والاجتهاد لله، وصدق الحديث، وأداء الأمانة إلى من ائتمنكم من برّ أو فاجر، وطول السّجود، وحسن الجوار، فبهذا جاء محمّد(ص).. أدّوا الأمانة إلى من ائتمنكم عليها، براً كان أو فاجراً، فإنّ رسول الله كان يأمر بأداء الخيط والمخيط.. فإن الرجل منكم إذا ورع في دينه، وصدق الحديث، وأدّى الأمانة، وحسن خلقه مع الناس، قيل هذا جعفريّ ويسرّني ذلك، وإذا كان على غير ذلك، دخل عليّ بلاؤه وعاره، وقيل هذا أدب جعفر، فوالله لحدثني أبي أنّ الرجل كان يكون في القبيلة من شيعة عليّ، فيكون زينها أدّاهم للأمانة، وأقضاهم للحقوق، وأصدقهم للحديث".

 

لقد كان الإمام واضحاً عندما اعتبر أنّ مقياس الانتساب إليه، ليس بالهويّة أو بالشّعارات، بقدر ما هو بالتّميز، فحتى تكون شيعياً موالياً، لا بدّ من أن تكون متميزاً وعلامةً فارقةً في مجتمعك، فلا يمكن لمن ينتسب إلى شخصية في قمة الورع والعلم والعمل والخلق والعطاء، إلا أن يسعى ليكون مثلها.

 

إنّ دورنا ومسؤوليّتنا في الحياة، أن نثبت هذه الصّورة ونعيد إنتاجها، حتى تبقى في صدارة الحياة، ولنكون أكثر قدرةً على استلهامها لمواجهة التّحدّيات الّتي لا نستطيع التّصدّي لها إلا بالتميّز…

 

العالم العربي

والبداية من القمّة العربيّة الّتي عُقِدَت في موريتانيا، وأظهرت مجدداً مدى الترهل الذي وصل إليه الواقع العربي، ففي الوقت الّذي يضج العالم العربي بالفتن والحروب والصراعات والأزمات التي تهدد كيان دوله ووحدتها ومستقبلها.. نجد هذه القمة تخرج ببيان بارد، ليس فيه سوى دعوات لحلول سياسية تجري في اليمن وسوريا، وأمل بإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني.. نعم، الحرارة الوحيدة في البيان لمسناها في الفقرات المتعلقة بإيران، حيث أدان تدخلاتها، وكأنها البلد الوحيد الذي يتدخل، ولا يوجد تدخلات لقوى كبرى أو إقليمية.

 

لقد كان المطلوب من هذا العالم العربيّ دائماً، أن يكون بمستوى آمال شعوبه والتحدّيات الّتي تواجهه.. ولكن ذلك، مع الأسف، لم يحصل سابقاً، ولن يحصل الآن.. ولا زالت آمال الشعوب العربية بوحدتهم الجامعة خائبة.. في الوقت الذي ينبغي أن يستيقظ هذا العالم من كبوته، ويشعر بأنّه يستطيع صنع الكثير إن توحَّدت جهوده في التعامل مع قضاياه، ولم يعد أداة لشرعنة السقوط العربيّ.

 

تبقى الإيجابية في هذه القمة في أنها ساهمت في تعريفنا إلى وجود دولة عربية كبيرة كموريتانيا.. كان شعبها حاضراً، ولا يزال، لدعم قضية فلسطين وشعبها، ووقف مع الشعب اللبناني خلال حرب تموز في العام 2006.. وهو يعيش المعاناة الاقتصادية والتنموية التي تحتاج إلى وقوف الدول العربية معها.

 

الإرهاب العالمي

ونصل إلى معاناة الإرهاب الذي لم يعد له حدود.. ففي الوقت الذي ضرب خلال الأسبوع الماضي في الكاظمية وفي القامشلي في سوريا، كان آخر استهدافاته في مدينة الفرنسية، من خلال اعتدائه على كنيسة فيها وقتل كاهنها.. ما بات يستدعي تضافر جهود الجميع لمواجهته، حيث لم يعد من المقبول القول إنه يستهدف ديناً أو مذهباً أو قوميّة أو حضارة، بل هو يستهدف الجميع، وحيث يجد فرصة لذلك، وكأن هناك يداً خفية تحركه وتريد له أن يعبث بالجميع ويخلق فتناً بين الجميع.. فهو كما يصيب المسيحيين والغرب، يصيب العرب والكرد والمسلمين، وهو يهدد السنة كما يهدد الشيعة.. وهو ما يتطلب مواجهة منطلقاته الفكرية والثقافية والدينية، وإيقاف الدعم السياسي والمالي الذي يتلقاه، حيث لا يزال هناك من يراهن على هذا الإرهاب ليحقق منه أهدافه السياسية.

 

وهنا، في إطار ما جرى في الكنيسة في فرنسا، لا بدَّ من أن ننوّه بالتّكاتف الّذي يبديه المسلمون، إذ اعتبروا أنّ ما حصل يستهدفهم.. ما فوّت الفرصة على الإرهابيين الَّذين كانوا يريدون لهذا العمل أن يساهم في زيادة التوتر بين المسلمين والمسيحيين، وبين المسلمين والغرب، والَّذي يعمل اليمين المتطرف في الغرب على تأجيجه، من خلال اتهام العرب والمسلمين الّذين هم أيضاً ضحايا لهذا الإرهاب..

 

وليس بعيداً عن الإرهاب، فإنّنا نأمل أن تساهم التطوّرات الأخيرة في سوريا في دفع الأمور نحو جادة المفاوضات، لا أن تكون سبباً في تسعير الصراع وفتح جبهات جديدة، كما يتحدث البعض.. حيث بات واضحاً أنّ الحلّ في سوريا هو حلّ سياسيّ تساهم فيه كلّ القوى الحريصة على وحدة سوريا وقوّتها، وهؤلاء الذين لم يتلوثوا بالإرهاب.

 

لبنان

ونصل إلى لبنان، الَّذي تستمرّ معاناة إنسانه في أبسط مقوّمات الحياة، في الماء والكهرباء والصّحّة، في ظلّ عجز مجلس الوزراء عن القيام بدوره في حلِّ الأزمات، بفعل المناكفات الّتي تعصف به، والّتي تعطّل أي مشروع حيويّ أو تنمويّ، وبفعل تعطيل بقيّة المؤسّسات أو استمرار الفراغ فيها، أو بفعل الفساد المستشري الّذي بات الحديث عنه أمراً طبيعياً في هذا البلد، بحيث لا يحرك ساكناً.

 

في هذا الوقت، ينتظر اللبنانيون بفارغ الصّبر نتائج الحوار الّذي سيجري، والذي يجمع القيادات السّياسية في البلد، وقد كبرت ملفاته بفعل ترحيل المشاكل إليه، حتى الصّغيرة منها.

 

إنّنا نأمل أن يخرج هذا الحوار بنتائج تساهم في ملء الشغور في رئاسة الجمهورية، وتسيير عجلة المؤسّسات في هذا البلد، والاتفاق على قانون انتخابيّ.. ونحن دائماً نؤكّد أنّ القيادات السّياسيّة قادرة على اجتراح الحلول لو أرادت ذلك.

ولكنّنا رغم ذلك، لا نرى الصّورة إيجابيّة كما نريدها ويريدها كلّ المواطنين المتعبين والغارقين في همومهم، في ظلّ احتدام الصراع الدولي والإقليميّ، وانشغال الدول المؤثرة عن الساحة اللبنانية، وعدم خروج القوى السياسية من رهاناتها على تغييرات الخارج.

 

ولكننا سنبقى نراهن على وعي اللبنانيين، الَّذين من مسؤوليّتهم أن لا يتركوا بلدهم ينهار أو أن يكون في عين العاصفة، وأن يشكّلوا أداة ضغط على القوى السّياسيّة، لكي تراجع حساباتها، وتعمل على رفع معاناة الإنسان والتّخفيف منها.

 

في هذا الوقت، نأمل في ظلّ الحديث عن خوف من توتر يحدث في مخيم عين الحلوة، أن تتضافر جهود القيادات الفلسطينيّة لمنعه ومحاصرته، والقيام بتنسيق شامل مع القوى الأمنيّة اللبنانيّة الّتي نثق بقدرتها على النيل من كلّ الّذين يريدون الإساءة إلى الفلسطينيّين في لبنان، أو إلى العلاقات الفلسطينيّة اللبنانيّة.

 

المكتب الإعلامي لسماحة العلامة السيد علي فضل الله 

التاريخ :  25شوال 1437هـ الموافق :29تموز2016م

 

Leave A Reply