الإمام علي(ع): بطل في مواجهة الفساد وتحدي الفاسدين
قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}. صدق الله العظيم
في الثالث عشر من رجب الحرام وفي مثل هذا اليوم يوم الجمعة كانت الولادة المباركة لأمير المؤمنين وسيد الوصيين الإمام علي بن أبي طالب(ع)..
هذه الولادة التي شاء الله سبحانه وتعالى أن تكون في أقدس بقعة في الأرض في رحاب أول بيت وضع للناس مباركاً في الكعبة المشرفة..
وبعد الولادة المباركة حظي برعاية خير خلق الله له عندما تعهده رسول الله(ص) بالتنشئة والتربية، وهو وليد فانطبع بأخلاقه واقتدى بسيرته فكان مثاله وصورته وأخاه ونفسه..
ونحن عندما نستعيد هذه الذكرى، فإننا نستعيدها لنتعلم من هدى هذا الإمام(ع) ونتزود من معين أخلاقه وعلمه وحلمه وعدله وكرمه وإحسانه وكل الصفات التي تميز بها ولنعرض بعد ذلك حياتنا على حياته حتى نطمئن إلى سلامة سيرنا في هذه الحياة وصدق ولائنا وحبنا له.. ولكن المقام لا يتسع للحديث عن كل جوانب سيرته مما امتلأت به كتب الأدباء والعلماء والمفكرين من شتى الأديان والمذاهب والمسارات.. يكفي في ذلك كلام الخليل بن أحمد الفراهيدي ليبين عن مدى وسعة انتشار فضله عندما قال: "ماذا أقول في رجل أخفى أعداؤه فضائله حسداً، وأخفاها محبوه خوفاً، وظهر من بين ذين وذين ما ملأ الخافقين"..
ولذلك سنتوقف اليوم عند بعض النصوص التي وردت عنه كحاكم لنرى من خلالها كل الحاكمين لنقيمهم ولنحاسبهم على هذا الأساس..
النص الأول، هو الذي جاء على لسان امرأة اسمها سودة بنت عمارة بن الأشتر الهمدانية حين قالت: "قدمت على أمير المؤمنين(ع) في رجل كان قد ولاه فجار علينا، فصادفته قائماً يصلي، فلما رآني انفتل من صلاته، ثم أقبل علي برحمة ورفق ورأفة وتعطف، وقال: ألك حاجة؟ قلت: نعم فأخبرته الخبر، فبكى ثم قال: "اللهم أنت الشاهد علي وعليهم، وإني لم آمرهم بظلم خلقك ولا بترك حقك" ثم أخرج قطعة جلد فكتب فيها للوالي: "{قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}.. فإذا قرأت كتابي هذا فاحتفظ بما في يدك من عملك حتى يُقدم عليك من يقبضه والسلام".. ثم دفع إليّ الرقعة، فجئت بالرقعة إلى صاحبه فانصرف عنّا معزولاً..
هذا هو علي(ع) في حساسيته المطلقة تجاه الظلم، فهو لم يعاقب واليه أو يطلب إليه أن يسوي الأمر مع الناس، بل رأى أن من سلوك واليه ما يجافي المعايير في الحكم التي لا يمكن التهاون فيها وهو ظلم الناس وعدم إعطائهم حقوقهم..
النص الثاني: هو رسالة أرسلها علي أمير المؤمنين(ع) إلى واليه في البصرة عثمان بن حنيف الأنصاري يؤنبه فيها على سلوك صدر عنه:
"أما بعد يا ابن حنيف فقد بلغني أن رجلاً من فتية أهل البصرة دعاك إلى مأدبة، فأسرعت إليها تستطاب لك الألوان وتنقل إليك الجفان، وما ظننت أنك تجيب إلى طعام قوم عائلهم مجفو، وغنيهم مدعو.. فانظر إلى ما تقضمه من هذا المقضم"..
من خلال هذا النص يتضح أن الإمام علياً(ع) ما كان يترك ولاته من دون رقابة، بل كان يحرص على متابعة أدق التفاصيل وتتبع أخبارهم..
وهنا نراه يتابع واليه في مأدبة ذهب إليها فيها مدعوون أغنياء فيما الفقراء لا وجود لهم، فهو كان يرى في هذه المائدة رشوة له من قبل من دعاه وهو بداية انزلاق للوالي عندما يقربه الأغنياء إليهم وعلى حساب مخالطة للفقراء..
بعدها أشار الإمام(ع) ما لا بد أن ينتهجه أي حاكم وهو أن يشارك الفقراء فقرهم ما داموا فقراء، فقال(ع): "ولو شئت لاهتديت الطريق إلى مصفى هذا العسل، ولباب هذا القمح، ونسائج هذا القز، ولكن هيهات أن يغلبني هواي، ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة، ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص، ولا عهد له بالشبع، أو أبيت مبطاناً وحولي بطون غرثى، وأكباد حرى"..
إذاً الحاكم في منطق علي(ع) لا يعيش في برجه العاجي أو يتأنف أن يكون مع الفقراء أو يستميله الأغنياء إليهم، بل لا بد أن يعيش آلام الناس الفقراء من حوله ومعاناتهم..
النص الثاني: "والله لقد رأيت عقيلاً، وقد أملق حتى استماحني من بركم صاعاً.. وعاودني مؤكداً وكرر علياً القول مردداً فأصغيت إليه سمعي فظن أني أبيعه ديني وأتبع قياده مفارقاً طريقي، فأحميت له حديدة، ثم أدنيتها من جسمه ليعتبر بها، فضج ضجيج ذي دنف (مرض) من ألمها، وكاد أن يحترق من ميسمها.. فقلت له: ثكلتك الثواكل يا عقيل، أتئن من حديدة أحماها إنسانها للعبه، وتجرني إلى نار سجرها جبارها لغضبه، أتئن من الأذى ولا أئن من لظى"..
لقد أراد الإمام(ع) أن يؤكد من ذلك على عدم جواز التصرف بالمال العام بعيداً عن منطق العدل والمساواة والنظام.. وهو رد على ما قد يعتقده البعض أن للحاكم أو المسؤول حرية التصرف بالمال العام.. أو أن يمد يده إليه أو يتلاعب فيه هو في منطق الإمام علي(ع) سارق وخائن لأمانته.
النص الثالث: فقد جاء رهط من شيعة علي(ع) وأنصاره مشفقين على حكم علي من معارضيه مراكز القوى فقالوا يا أمير المؤمنين: "يا أمير المؤمنين لو أخرجت هذه الأموال ففرّقتها في هؤلاء الرؤساء والأشراف، وفضّلتهم علينا حتّى إذا استوثقت الأُمور عدت إلى أفضل ما عوّدك الله من القسم بالسويّة والعدل في الرعية.. لكن الإمام علياً(ع) لم يقبل بهذا المنطق وقال: أتأمروني ويحكم أن أطلب النصر بالظلم والجور فيمن ولّيت عليه من أهل الإسلام، والله لا أطور به ما سمر سمير، وما أم نجم في السماء نجماً، والله لو كان المال لي لسوَّيت بينهم، فكيف وإنّما المال مال الله"..
فهو أراد أن يبين من خلال ذلك أنني لا يمكن أن أثبت موقعي على رقاب الناس ومصالحهم حتى لو كلفني ذلك ما كلفني..
وفعلاً كلف ذلك الإمام علياً(ع)، ممن وقفوا في مواجهته من القاسطين والمارقين والناكثين، فهم ما خرجوا عليه إلا لعدله..
هذه لمحات سريعة من تجربة حكم كان الأساس فيها عند الإمام علي(ع) أن الحكم ليس هدفاً هو وسيلة، وهو الذي قال لابن عباس عندما رآه وهو يخصف نعله.. ما قيمة هذه النَعل؟ فقال ابن عباس: لا قيمة لها.. قال(ع): والله لَهيَ أحبُّ إليَّ من إمرتكم إلاّ أن أُقيم حقّاً، أو أدفع باطلاً"..
وهذا ما عبر عنه في دعائه: "ألّلهمّ إنّك تعلم أنّه لم يكن ما كان منّا تنافساً في سلطان، ولا التماساً من فضول الحطام، ولكن لنري المعالم من دينك، ونظهر الإصلاح في بلادك، ويأمن المظلومون من عبادك"..
لقد قدم علي(ع) أنموذجاً عملياً في قدرة الإسلام على أن يرتقي بالحاكم إلى أعلى قيم الإنسانية، وأن تتحقق على يديه العدالة، وإذا كان هناك من تجارب فاشلة قد عنونت بالإسلام، فهي لم تفشل لعدم قدرة الإسلام على بناء حكم عادل، بل لأن من طبق التجربة هو فشل إما لسوء في التطبيق أو لسوء فهم للإسلام أو للأهواء أو لضغوط الواقع..
إن السمات التي جعلت شخصية علي(ع) لا تتجزأ ولا تتبدل ولا تتغير.. هي أن علياً عاش الإيمان بعمق فباع نفسه لله، ولذلك هو في الحكم نفسه بعد الحكم.. لم تغيره المواقع ولم يخضع لتقلبات الأحداث والمصالح والأهواء..
لقد اعتدنا عندما نذكر علياً(ع) أن نذكره كبطل بدر واحد والأحزاب وخبير وصاحب سيف ذي الفقار، ومن حقه علينا أن نذكره في ذلك.. ولكن علينا أن نذكر أيضاً بطولته في مواجهة الفساد، وهو تحدى الفاسدين ورفض الانصياع لمنطقهم عندما لم يستسلم للدنيا التي أقبلت عليه بزخارفها فلم تغره ولم تخدعه ولم تسقطه في حبائلها..
وقال لها: "إليك عني يا دنيا فحبلك على غاربك، قد انسللتُ من مخالبك، وأفلتُّ من حبائلك، واجتنبت الذهاب في مداحضك.. أعْزُبِي عَنِّي!..
بطولة علي(ع) عندما لم يأخذ بالاعتبار حساباته الشخصية، كانت حساباته دائماً مع ربه، وقد قالها: " قد يرى الحول القلب وجه الحيلة ودونهما مانع من أمر الله ونهيه فيدعها رأي عين بعد القدرة عليها ، وينتهز فرصتها من لا حريجة له في الدين"..
بطولة علي(ع) أنه لم يساوم حتى لأجل نفسه على الحق، ولذلك نراه وهو في النزع الأخير وبعدما ضربه ابن ملجم، يقول لأهل بيته: "لا تظلموا قاتلي، أحسنوا إساره، وإن أنا مت من ضربتي هذه، فاضربوه ضربة بضربة، ولا تمثلوا بالرجل.. وأحسنوا القتلة"..
هذا هو علي في عليائه فلنعلوا إلى عليائه لنكون الصادقين في ولائنا..
لنقول له: السلام عليك يا أمير المؤمنين، السلام عليك يا سيد الوصيين، السلام عليك يا إمام المتقين.. أشهد أنك أقمت الصلاة وآتيت الزكاة وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر وعبدت الله مخلصاً حتى آتاك اليقين..
الخطبة الثانية
عباد الله، أوصيكم بما أوصانا به أمير المؤمنين (ع) عندما قال: "أوصيكم، أيها الناس، بتقوى الله، وكثرة حمده على آلائه إليكم، ونعمائه عليكم، وبلائه (إحسانه) لديكم.. فكم خصَّكم بنعمة وتدارككم برحمة.. وأوصيكم بذكر الموت، وإقلال الغفلة عنه.. وكيف غفلتكم عما ليس يغفلكم! وطمعكم فيمن ليس يمهلكم، فكفى واعظاً بموتى عاينتموهم حملوا إلى قبورهم غير راكبين (بغير إرادتهم)، وأنزلوا فيها غير نازلين، كأنهم لم يكونوا للدنيا عمّاراً، وكأن الآخرة لم تزل لهم داراً، أوحشوا (هجروا) ما كانوا يوطنون، وأوطنوا (اتخذوا وطناً) ما كانوا يوحشون، واشتغلوا بما فارقوا، وأضاعوا ما إليه انتقلوا.. فسابقوا رحمكم الله تعالى إلى منازلكم التي أمرتم أن تعمروها ودعيتم إليها.. فإنَّ غداً من اليوم قريب، ما أسرع الساعات في اليوم! وأسرع الأيام في الشهر! وأسرع الشهور في السنين! وأسرع السنين في العمر!".
هذه وصايا أمير المؤمنين (ع)، هو يريدنا أن لا ننسى الله وموقفنا بين يديه، أن نذكره حتى نفهم الدنيا، حتى لا تخدعنا وتغرنا بغرورها، وأن نعي مسؤوليتنا حين سينادى بنا: {وقفوهم إنهم مسؤولون}. وبذلك، نصبح أكثر وعياً ومسؤوليةً وقدرةً على مواجهة التحديات…
لبنان
والبداية من لبنان، الذي دخل في المرحلة ما قبل الأخيرة من الانتخابات النيابية، بتشكيل اللوائح التي ستتنافس فيما بينها، وبحسب توزيعها المناطقي، لكسب عطف الجمهور، وكل منها يهدف إلى الوصول إلى الندوة البرلمانية، أو إثبات حضوره فيها أو تعزيزه، إن أمكن له ذلك، وهذا أمر طبيعي في أيّ انتخابات.
ولكننا كنا نخشى، ولا نزال، أن يخرج هذا التنافس عن إطاره، ليتحوَّل إلى صراع تستعمل فيه كل الوسائل، حتى تلك المحرمة دينياً وأخلاقياً أو وطنياً، بحيث تستباح في ذلك كلّ الحرمات. ومن هنا، فإننا نعيد دعوة هذه القوى والشخصيات التي تنضوي في هذه اللوائح إلى الارتقاء بخطابها، لتحاكي أولويات الناس واهتماماتهم، بدلاً من أساليب لا تخدم وحدة البلد واستقراره.
إنَّ من المعيب في بلد عنوانه بلد الأديان وبلد القيم، أن نسمع من الذين تصدَّروا أو يتصدَّرون مواقع المسؤولية، مثل ما سمعناه في الأسبوع الماضي بحقّ من ينافسونهم في الانتخابات.
إننا نرى أنّ هذا الأسلوب غير مقبول في التخاطب بين أبناء الوطن الواحد، ومن يفترض أن يتحملوا المسؤوليات الكبيرة.. إنَّ اللبنانيين ينتظرون من كلِّ المرشحين أن يقنعوهم بأشخاصهم وببرامجهم، لا بشد عصبهم، وزيادة منسوب توترهم، وزرع أحقاد وضغائن تجاه من يعيشون معهم في الوطن أو في المنطقة أو داخل العائلة أو العشيرة، أو استخدام الحرب على هذا الفريق أو ذاك للحشد والتعبئة الشعبية والانتخابية.
إنَّ على اللبنانيين أن يعبّروا عن رفضهم لكلِّ هذه الأساليب، وأن يعتبروا ذلك علامة سوداء في سجلّ من يقوم بها.. إنَّ خيار اللبنانيين أن يعيشوا معاً بكلّ تنوعاتهم الطائفيَّة والمذهبيَّة والسياسيّة، فلا نجعل هذا الخيار صعباً عندما تُثار في البلد أجواء الانقسام والفتنة.
في غضون ذلك، هناك حديث متزايد، ومن أعلى المواقع، عن واقع اقتصادي صعب، ونحن في هذا المجال، لا نتفق مع من يقول إن البلد دخل مرحلة الانهيار أو الإفلاس.. هذا لا يعني، كما يتحدث البعض، أنه في وضع اقتصادي مقبول، هو مقبل على مخاطر حقيقيَّة إن لم تتم معالجتها جذرياً. ومع الأسف، لا تجد الكثيرين ممن هم في مواقع المسؤولية في الدولة يتعاملون مع هذا الأمر بجديّة، حيث لا يزال الإنفاق على حاله بلا حدود ولا ضوابط.. والبلد يضجّ بالفساد والهدر والعشوائية في التوظيف والتعيينات والتلزيمات.
وفي هذا الاتجاه، استمع اللبنانيون إلى السّجال الَّذي جرى في المجلس النيابي حول الموازنة، التي أصبح واضحاً أنها "سُلقت"، وفيها من العيوب ما يحتاج إلى إعادة النظر في العديد من بنودها.. وحسناً فعل الذين لم يصوّتوا لها مع بقاء هذه الثغرات.. ونحن في الوقت الذي نرى الإيجابية في النقاش التفصيلي الذي جرى، فإننا ندعو إلى تعزيزه في كلِّ مواقع الدولة.
ونحن في هذا المجال، نشدّد على أنَّ مهمة المجلس النيابي لا تقتصر على إحصاء الفضائح والارتكابات، ثم يعود كلٌّ إلى موقعه.. إنَّنا نريده منبراً للمحاسبة الحقيقيّة للفاسدين، وصوتاً للنّاس، ومعبراً عن آلامهم وآمالهم وطموحاتهم، ومساهماً في تقديم الحلول لمشاكلهم وإرغام المسؤولين على الالتزام بتنفيذها.
وضمن هذه الأجواء، ينتظر لبنان انعقاد مؤتمر سيدر فر فرنسا لدعم لبنان، حيث تنهال وعود المنّ والسّلوى عليه، ونحن نأمل أن يكون ذلك، ولكننا نرى، وانطلاقاً من الوقائع الحالية ومن المؤتمرات السابقة، أنها لن تحمل الكثير للبنانيين، بل نخشى أن تزيدهم أعباء سياسية واقتصادية، لكونها تنحصر في القروض والمشاريع الاستهلاكية التي لا تمنح من هذا العالم بالمجان.. لذلك، فإنّنا ندعو إلى دراسة واعية لما سيلتزم به لبنان في هذا المؤتمر، وإلى أن يكون ذلك ضمن خطّة اقتصادية ومالية تساهم في النهوض الاقتصاديّ وفي بناء مشاريع ذات طابع إنتاجيّ، لا مشاريع استهلاكيّة، وأن يكون هناك وعي مسبق للتبعات التي قد تترتّب عليها.
فلسطين
ونعود إلى فلسطين، لنحيي الشّعب الفلسطينيّ في هذا اليوم؛ في الثلاثين من آذار، في ذكرى يوم الأرض.. وهو اليوم الَّذي أقدم فيه الكيان الصهيوني في العام 1976 على مصادرة آلاف الدونمات من الأراضي ذات الملكية الخاصَّة أو المشاع في أراضي الـ48 ذات الأغلبية السّكّانية الفلسطينيّة.. ليعمّ آنذاك إضراب عام ومسيرات شاملة في كلِّ المناطق الفلسطينية، ومواجهة واسعة أدت إلى استشهاد الكثير من الفلسطينيين واعتقالهم.
إنَّنا نحيي إصرار هذا الشَّعب على صموده، وعلى التّضحيات الغالية التي يقدّمها، وعلى تصميمه في إحياء هذا اليوم، من خلال مسيرات العودة التي ستتم عبر بوابات العبور بين قطاع غزة وبقية فلسطين والأرض المحتلّة، رغم تهديدات العدو بقمعها.
إنَّنا ندعو الدول والشعوب العربية والإسلامية إلى الوقوف معه في خطوته هذه، والقيام بمسؤوليتها تجاهه، فلا يستفرد به أمام الغطرسة الصهيونية ومن يقف وراءها.
عيد الفصح
وأخيراً.. إننا، وبمناسبة عيد الفصح الذي يأتي بعد أداء فريضة انتهاء الصوم لدى المسيحيين، بكل ما يمثله الصَّوم من تزكية للنفس وطهارة لها، نتوجَّه في هذه المناسبة إلى مواطنينا اللبنانيين جميعاً، والمسيحيين منهم على وجه الخصوص، بالتهنئة لهم بهذا العيد.. سائلين المولى تعالى أن تحمل هذه المناسبة كل تباشير الخير والعافية للبنان واللبنانيين والوحدة، وتعزّز لديهم القيم الروحية والأخلاقية التي يتلاقون عليها.
المكتب الإعلامي لسماحة العلامة السيد علي فضل الله