حاضر في المجلس العاشورائي في بلدة جلالا البقاعيَّة فضل الله: الحلّ بالحوار لا بانتظار كلمة السرّ من الخارج
حاضر سماحة العلَّامة السيِّد علي فضل الله في المجلس العاشورائي الذي يقام في باحة مسجد الإمام الحسين (ع) في جلالا البقاعيَّة، بحضور عدد من الشخصيات الدينية والحزبية والاجتماعية وحشد غفير، وجاء فيها:
في كل سنة، نلتقي عاشوراء التي تأتي إلينا تحمل معها جراحاتها وآلامها وعذاباتها التي عاشها الحسين وأصحابه وأهل بيته (ع)، لنعبِّر عن مشاعر الحبّ والولاء لتلك الصَّفوة الطَّاهرة التي بذلت الدّماء من أجل الله، ومن أجل أن يبقى الإسلام صافياً ونقيّاً، ولمواجهة كلّ هذا الانحراف والفساد الَّذي أصاب المجتمع.
وأضاف: من مسؤوليتنا ونحن نستعيد ذكرى عاشوراء، أن ندرس مجدداً مكامن الخلل في أوضاعنا الفكرية أو العملية أو الاجتماعية والاقتصادية، لنخرج برؤية شاملة نأخذ منها العبرة في نقاط القوة ونقاط الضعف في واقعنا، وطبيعة التحديات القائمة،ـ وما تطرحه من فرص في ظل الظروف التي نعيشها، لنكون على وضوح في كيفية القيام بإصلاح ما فسد من واقعنا، لنجعل عاشوراء تجدّد فينا الحياة والشعور بالمسؤوليَّة، وتساهم في تغيير واقعنا، فلا يبقى في الشكل دون المضمون، وفي الدموع دون تجسيد الموقف.
وتوقَّف سماحته عند مفردة الكلمة، لما تتركه من آثار وتداعيات على عمليَّة إصلاح المجتمع أو إفساده، مشيراً إلى أننا تعوَّدنا أن نطلق كلماتنا جزافاً، من دون الأخذ في الاعتبار ما قد ينتج منها، وما قد تتسبَّب به من فساد وإفساد، سواء عندما تتَّصل بظلم إنسان أو مساعدة ظالم أو إعانة فاسد أو تشجيع على حرام، وقد يصل الأمر إلى أن تؤدي إلى إشعال فتن وحروب.
واعتبر أنَّ خطورة الكلمة قد توسعت بعد التطور الذي حصل على صعيد الإعلام ومواقع التواصل، حيث لم يعد لها حدود تقف عندها أو قيود، إن على صعيد الزمان أو المكان، وصار بإمكان أيّ شخص، ومن أيّ موقع، أن يطلقها، وبات لكلِّ إنسان وسيلته التي يعبِّر من خلالها…
وتابع: لا بدَّ من أن تكون كلماتنا مدروسة وحكيمة، لأنَّ مسؤوليَّتنا لا تتوقَّف عند حدود إطلاقها، بل تمتدّ آثارها المباشرة وغير المباشرة إلى أوضاع المجتمع في تماسكه وعافيته، وإلى مصير الإنسان في الآخرة، داعياً إلى عدم الاستعجال في إطلاق الكلام إلا بعد التثبّت من صحته، وإلى عدم التسليم بأيّ فكرة إلا بالدليل والحجَّة، والابتعاد عن اللغو في الكلام، والنميمة والسخرية والكلام البذيء والتنابز في الألقاب.
وقال: الله دعانا إلى قول الكلام الأحسن، ومبادلة السيّىء من الكلام بالحسن. لذلك، فلنحرص على الكلمة الطيّبة، أن نعوِّد ألسنتنا عليها، حتى نفتح قلوب النَّاس على الخير والمحبَّة، ونمدّ جسور التواصل، ونقي واقعنا الفتن والتوترات والتشنجات.
وتابع: من هذه البلدة الطيّبة الّتي تمثّل عنواناً للتلاقي الإسلامي والمسيحي والوطني، حيث عبَّرتم عنه عمليّاً من خلال التواصل والتلاقي بين الجميع، انطلاقاً من تعاليم دينكم ووصايا رسولكم التي تدعوكم إلى أن تكونوا خيراً لكلّ الناس، مشيراً إلى أن الاديان والرسالات السماوية جاءت للتكامل، ولتنشر المحبة والسلام والعدالة بين الجميع.
وختم سماحته قائلاً: من هذا الموقع، نجدِّد الدعوة إلى المحبة والوئام بين مكوّنات هذا الوطن الَّذي لا يمكن أن ينهض إلا بتعاون الجميع وتلاقيهم، وأن يكون مفهوم المواطنة هو الحكم، داعياً القوى السياسية إلى الحوار فيما بينها، رأفةً بهذا الوطن والإنسان، بدلاً من انتظار كلمة السرّ من الخارج.
***


