إشاعة الفحشاء: مساس بمناعة المجتمع

ألقى سماحة العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:

 
الخطبة الأولى

 

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} صدق الله العظيم.

 

سعى الإسلام من خلال أحكامه وتشريعاته وتوجهاته إلى حماية المجتمع ووقايته ممن يتهددونه ويسعون إلى تقويض أركانه، وهو لم يقف في ذلك عند التهديد الذي يتعرض له من الداخل والخارج من العابثين بأمنه واستقراره ممن لا بد من الأخذ على أيديهم ورد كيدهم وعدوانهم.. فهو تعدى ذلك إلى الذين يتهددونه بالمس بقيمه وأخلاقه تلك التي يقوم عليها المجتمع في قواعده وأركانه.. فضمان تقدم المجتمعات والأوطان هو بحفظ قيمها وأخلاقها وعدم المس بها.. وكما قال الشاعر:

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت … فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

 

والتركيز على حماية المجتمع بصون أركانه، هو الذي سيكون عليه حديثنا اليوم، والذي يبدأ وفي الأساس بالتشديد على الوقاية بتعزيز مناعته الروحية والإيمانية وخلق حساسية داخل النفوس من الفساد والانحراف وأيضا على عدم إشاعة الفساد والانحراف من خلال تتبع أخبار الفساد التي تحصل داخل المجتمع والإضاءة عليها لا لعلاجها بل لنشرها والتشهير بها وتوسعة دائرتها، لما لهذا الأمر من مردود سلبي أولاً على الأفراد الذين يرتكبون مثل هذه المعاصي عندما تشوه صورتهم داخل المجتمع أو الوطن ويسقطون بحيث يعطل دورهم ويحرمون المجتمع من أية مزايا إيجابية قد يمتلكونها مما قد يحتاجها المجتمع، والمردود السلبي الآخر والأكبر على سلامة المجتمع وأمنه الأخلاقي عندما يؤدي ذلك إلى تعميم ثقافة الانحراف على مدى أوسع مما فيه، فيلتفت إليها من لم يكن ملتفتاً، وليتحول بذلك الانحراف والفساد بمختلف أنواعه إلى أمر طبيعي بحيث يتطبع المجتمع على هذه الصورة، فلا تجد بعدها أية ردود فعل تجاه مثل هذه الانحرافات.

 

وإذا أردنا مثالاً على ذلك وتأكيداً عليه هو الاعتداء الجسدي والذي قد يصل إلى القتل، فقد كان قتل إنسان يحدث صدمة داخل المجتمع، لكن بعد أن كثر الحديث عن القتل صار خبراً كبقية الأخبار وحتى أصبحت توجد التبريرات بشكل مباشر أو غير مباشر لهذه الأفعال، والأمر نفسه في الزنا، أو السرقة أو في الحديث عن الفساد وقد يصبح شاملاً لكل أنواع الحرام عندما يبرر أو يوجه ويصبح هو الحقيقة، ولعله إلى هذا المجال أشار رسول الله(ص) عندما قال: "كيف بكم إذا فسدت نساؤكم، وفسق شبابكم، ولم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر.. فقيل له: ويكون ذلك يا رسول الله؟ قال(ص): نعم.. فقال: كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر، ونهيتم عن المعروف.. فقيل له: يا رسول الله ويكون ذلك؟ فقال: نعم وشر من ذلك كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكراً والمنكر معروفاً؟".

 

ومن هنا جاء التوجيه الإلهي حاسماً في رفض فكرة إشاعة الفساد والانحراف وفي الإشارة إلى نتائجها، فالله سبحانه وتعالى يقول: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ}.. فهو توعد بالعذاب الأليم للذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا.. وهذا العذاب لا يقتصر كما غالباً ما يكون الحديث عنه عن عذاب الآخرة بل إن هذا العذاب سيكون أليماً أيضاً في الدنيا.

 

والفاحشة التي أشارت إليها الآية الكريمة هي لا تعني الزنا فحسب، كما قد يتبادر عند الحديث عنها هي واحدة منها ولكن هذه المفردة تعني كل الذنوب الكبيرة سواء أكانت بالقول أو الفعل.. فالمطلوب في هذه الآية هو حرمة عدم إشاعة كل ما يسيء إلى أخلاق المجتمع ويعزز عناصر الانحراف فيه وسبل الوصول إليه، من خلال الحديث عنها بين الناس أو بأن تنقل عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو وسائل الإعلام.. وما أكثر في هذه الأيام من يسارع إلى نقل مثل هذه الأخبار وهناك برامج تعرض في وسائل الإعلام كل همها أن تثير الانحرافات التي تحصل في داخل المجتمع والإضاءة عليها من دون النظر بمسؤولية إلى تبعات هذا النشر وتداعياته..

 

ونظراً لخطورة مثل ذلك اعتبر رسول الله(ص) الذي ينشر مثل هذه الأخبار ويروجها هو في حساب الله كفاعل الذنب ومرتكبه هما على حد سواء فقال(ص): "من أذاع فاحشة كان كمبتدأها".

 

ومن هنا نبّه الإمام الصادق(ع) ناقل كلام رسول الله(ص) إلى ضرورة عدم التسرع بنقل ما يسمع وما يشاهد، بل إلى حصره ضمن دائرة محدودة، فقال(ع): "من قال في مؤمن ما رأت عيناه وسمعت أذناه ما يشينه ويهدم مروّته فهو من الذين قال الله عزّ وجل: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.

 

ومن هنا جاء التأكيد إلى ضرورة ستر العيوب وعدم افتضاحها، "من ستر عورة مؤمن (والصورة هي النقيصة فيه) ستر الله عزّ وجلّ عورته يوم القيامة"، وقد ورد في الحديث "مَن تتبَّع عورة أخيه المسلم، تتبَّع الله عورته، ومَن تتبَّع الله عورته، يفضحه ولو في جوف بيته".. ومن هذا الباب جاء تحريم الغيبة، فالغيبة فضح لعيوب مستورة ونقلها إلى من لا يعرفها بحيث توسع دائرتها.

 

أما منهج رسول الله(ص) في التعامل مع هذه الحالات فتذكر السيرة أن أحد أصحابه وهو حاطب بن أبي بلتعة ارتكب ذنباً كبيراً عندما أفشى سراً حرص رسول الله(ص) على إخفائه وهو أمر خروجه من المدينة إلى مكة لفتحها.. ليفاجئ قريش بوصوله دون أن تستطيع مواجهته لأنه كان يريد دخول مكة دون قتال، لكن حاطب أرسل رسالة إلى بعض رجالات قريش ينبههم مما سيقدم عليه رسول الله(ص) ويحذرهم من تداعياته عليه مقابل عدم التعرض لعائلته وأرحامه الموجودين في مكة، وهذا عمل خطير، هو خيانة كبرى.. لكن خبر هذا الصحابي وصل إلى رسول الله(ص) سواء عبر الوحي أو غيره ولم تصل الرسالة إلى قريش.. فجيء به إلى رسول الله(ص) فاعترف بذنبه وبرر فعلته بأنه كان يريد الحفاظ على عائلته، فأنبه رسول الله(ص) ولكنه قال للمسلمين العارفين بأمره: "ولا تقولوا فيه إلا خيراً"..

 

لكن السؤال الذي قد يطرح ألا يساهم هذا التستر على تشجيع من يرتكبون هذه الموبقات على القيام بها بينما لو عرفوا أنهم سيفضحون لتراجعوا عنها.. وعلى هذا التساؤل نقول ونؤكد على اننا عندما ندعو إلى عدم التحدث عن الانحرافات والفساد والتي تقع داخل المجتمع لا نعني السكوت عنها والقبول بها، بل لا بد من أن ننصح بكل وسائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان".

 

ولكن ما لا ينبغي حصوله وما نحذر منه هو نشر هذا المنكر وإيصال فعل المنحرفين إلى أبعد من حدوده والمكان الذي حصل فيه الى أن يصل الى إيجاد التبريرات في ذهن المتلقي أو ترسيخه كأمر واقع يتداول أو يتندر به على أوسع نطاق.

 

نعم لا بد أن نشير إلى أمر وهو أن بعض الأفعال قد يكون من المفيد نشرها عندما لا يرتدع أصحابها إلا بذلك أو عندما يفعلونها علانية أمام عموم الناس أو لنشر العقوبة الرادعة التي حصلت بسببها.. ولذلك نجد أنه يجوز الغيبة إذا توقف على الغيبة الردع عن المنكر، فبعض الناس لا يرتدعون عن الحرام إلا بالأحاديث عنهم عند الناس، وكذلك تجوز الغيبة للمتجاهر بالمعصية وأيضاً نجد القرآن في حديثه عن الزنا {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}.. فهذا الأمر مع إن فيه تعريفاً بالجرم الذي ارتكبه هؤلاء إلا أن فيه ردعاً لمن يريد ارتكاب مثل هذا الفعل عندما يشهد العذاب.

 

أيها الأحبة:

لقد أراد الإسلام من خلال كل هذا التوجه بعدم إشاعة الفاحشة حماية القيم التي أراد لها أن تحفظ وأن تترسخ، وأن لا تهدد تحت أي اعتبار..فقوام المجتمع بأخلاقه وقيمه ومتى تعرضت للتهديد فالمجتمع في خطر..

 

ولذلك اختصر رسول الله(ص) دعوته بقوله: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".. وقد أرسل الله أنبياء ورسل ليعالجوا الفساد والانحرافات التي تحصل في داخل مجتمعاتهم..

 

ومن مسؤوليتنا أن نعمل على الحفاظ على هذه القيم التي إن أسيء إليها فتهدد أركان المجتمع وقواعده.. وعلينا في ذلك أن لا نكتفي بوعيد الله بل أن نأخذ على أيدي العابثين بقيم هذا المجتمع سواء الذين ينشرون الفساد أو الذين يسعون إلى تسميم أجواء المجتمع بالفساد.

 

إن من الطبيعي أن تحدث أخطاء وانحرافات داخل المجتمع فهو لم يكن ولن يكون معصوماً ولكن ليس من الطبيعي أن يقوم البعض في نشرها وتكبيرها وتوسعة دائرتها، بل الواجب هو العمل على مواجهتها عبر استخدام الوسائل المناسبة لمعالجتها.. ذلك أنه عند هذه المفاسد المطلوب الموقف الوسط فمن ناحية لا ندفن رؤوسنا في الرمال وكأنه لا مشاكل يجب معالجتها ومقاربتها في مجتمعاتنا ومن ناحية أخرى لا نشجع هذه الظواهر باشاعتها على السنتنا أو على وسائل التواصل أو الوسائل الإعلامية التي غالبا ما تقدم الربح المادي من خلال الإعلانات على ما ينفع الناس والمجتمع وهو كثير.

 

إن إشاعة الفحشاء يمس بمناعة المجتمع الداخلية وحصانته.. والبديل عن ذلك أن تنقل صور الخير والعطاء والمعروف والإحسان والتسامح داخل المجتمع أو قصص التضحية والجهاد والإباء التي يذخر فيها مجتمعنا. فهذا ما نرتقي به وهذا ما دعا الله إليه عندما قال: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}
 

وقد قال رسول الله(ص): "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت".

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالاً طَيِّباً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}..

 

 

الخطبة الثانية

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بالالتفات جيداً إلى الحديث الوارد عن الإمام الباقر (ع)، حين قال: "لما دعا نوح (ع) ربه على قومه، أتاه إبليس، وقال له: يا نوح، إن لك عندي يداً أريد أن أكافئك عليها. قال نوح: والله، إني لبغيض إليَّ أن يكون لك عندي يد، فما هي؟ قال: بلى، دعوت الله على قومك فأغرقتهم، فلم يبق أحدٌ أغويه، فأنا مستريح حتى ينشأ قرن آخر فأغويهم، فقال له نوح: ما الذي تريد أن تكافئني به؟ قال له: اذكرني في ثلاثة مواطن، فإني أقرب ما أكون إلى العبد إذا كان في إحداهن: اذكرني إذا غضبت، واذكرني إذا حكمت بين اثنين، واذكرني إذا كنت مع امرأة خالياً ليس معكما أحد".

 

إذاً، هذه هي مواطن حضور الشيطان. ولذلك، لنحذر أن يتحكّم بنا عند الغضب، فنتصرف بما يسيء إلى أنفسنا أو الناس من حولنا، ولنحذره عند الحكم، لئلا يتحكم بنا، فيدعونا إلى أن نستجيب لهوى أو مصلحة، وما أكثر ما يوسوس الشيطان عند الحكم على الأشخاص أو بين الناس! وثالثاً، لنحذره عند الاختلاط، وهذا لا يعني أن يعزل الرجال عن النساء أو العكس، بل ندعو إلى الحذر الشديد حين تفرض الظروف أن يجتمع رجل وامرأة لوحدهما.

 

بهذا الوعي، وبقوة الإرادة، نستطيع أن نتقي منزلقات الشيطان وفكره وأحابيله، ونصبح أكثر قدرةً على مواجهة التحديات.

 

لبنان

والبداية من لبنان، حيث لا يزال المشهد السياسي على حاله في التعامل مع الملفات المطروحة، فلم نشهد التغيير الذي كان اللبنانيون يأملونه، والذي جاء العهد الجديد على أساسه، فهو جاء محمّلاً بكل دعوات الإصلاح والتغيير، لقلب الطاولة على رؤوس الفساد والمفسدين والمتلاعبين بهذا البلد، ورغم الإيجابيات التي حصلت، والتي تمثّلت في إنجاز التعيينات في المواقع الأمنية وغير الأمنية في البلد، فإنَّ كثيراً من الأمور لا تزال على حالها، فآلية التعيينات لم تتغيَّر، وبقيت رهينة المحاصصة بين زعماء الطوائف، من دون حسيب أو رقيب، ومن دون أن يكون ذلك عرضةً للنقاش في مجلس الوزراء.

 

وهذا ما عبر عنه أحد الوزراء، حين قال عن التعيينات المطروحة: هل نحن هنا لنبصم؟ وقال آخر: بدأت التهاني، فالوزراء لم يتسلموا السيرة الذاتية لمن يُراد تعيينهم إلا عند الجلسة، ولم يتح لهم الوقت الكافي لدراستها. طبعاً، نحن لا نريد الانتقاص ممن عُيِّنوا، فقد يكون لديهم الكفاءة، ولكننا نتحدث عن آلية التعيين.

 

والأمر نفسه في التعامل مع الموازنة التي ستقرّ أرقامها من دون أن يكون هناك استعداد كافٍ لمعالجة مواقع الهدر الموجودة في الدولة، ورغم عدم مواكبتها بخطة نهوض اقتصادي ومالي، أو توفير السبل التي تضمن تأمين موارد للدولة، من دون ضرائب تفرض على الطبقات الفقيرة أو المتوسطة. وهنا، نقدّر كل المواقف الحريصة على عدم القبول بأي ضرائب جديدة.

 

ونصل إلى سلسلة الرتب والرواتب، حيث نجد أنها لم تخضع لمعيار واحد، هو إعطاء الموظفين حقوقهم جميعاً، وهو ما ينبغي أن يتساوى فيه الجميع، بل خضعت لمعايير متفاوتة، رغم أن السلسلة واحدة، وقد يبرر البعض بأنه لا ينبغي الرهان على التغيير الآن، بل بعد الانتخابات القادمة، لكونها ستساهم في جعل المشهد السياسي قادراً على تحقيق أحلام التغيير، لكن هذا الأمر غير واقعي، في ظل مبدأ التسويات الذي يظلّل الواقع السياسي، والذي من الطبيعي أن لا يأتي بقانون يلبّي الطموحات التي ننشدها.

 

إن ما نريده للعهد الجديد، ولكل داعمي التغيير، أن يفرضوا منطقهم التغييري بعيداً عن تغيّرات قد لا تحصل، وأن يثقوا باللبنانيين الذي ملّوا من كل هذا الواقع، وسيكونون سنداً لهم ولكل الصادقين في التغيير والعاملين له، بعيداً عن الحسابات الذاتية.

 

سوريا

ونصل إلى سوريا، التي لم تُفلح جهود مؤتمر جنيف في إيجاد حل ينهي معاناة إنسانها المتزايدة، حيث يستمر الصراع بين قوى دولية وإقليمية على هذا البلد، ويسعى كلٌ منها لتثبيت مواقع نفوذه، مما نخشى أن ينتج صراعاً فيما بينها، الأمر الّذي استدعى أن يجتمع رؤساء أركان جيوش أميركا وروسيا وتركيا في أنطاليا، لمنع حصول أي احتكاك على الأرض.

 

وهذا بالطّبع سيجعل سوريا في مهبّ التجاذبات، ما يستدعي من كل مكونات الشعب السوري أن يعوا مكامن الخطر، ويُسرعوا إلى ردم الهوة بينهم، لإخراج بلدهم من أتون هذا الصراع، حيث يكون الحلّ الأمثل بتقديم تنازلات لحساب الوطن واستقراره.

 

اليمن

ومن سوريا إلى اليمن، الّذي تستمرّ معاناة أهله، ولا تتوقّف عند استمرار نزيف الدم فيه، حيث تستعمل في الصراع ـ كما أشارت منظّمة العفو الدولية ـ أسلحة فتّاكة محرّمة، بل يمتد الأمر إلى معاناة الجوع وتفشّي الأمراض.. ونحن في هذا المجال، نعيد الدعوة إلى الوقوف مع هذا الشعب، وكفّ يد العدوان عنه.

 

فلسطين

وإلى فلسطين، حيث صادق الكنيست الصهيوني في قراره التمهيدي على قانون حظر الأذان في مساجد القدس الشرقية والبلدات العربية داخل الخط الأخضر بحجة الإزعاج، وهي حجة واهية يستخدمها العدو كخطوة إضافية في مشروعه لتهويد القدس وكلّ فلسطين، ما يدعو إلى موقف حاسم من السلطة الفلسطينية، والدول العربية والإسلامية، ومنظمات حقوق الإنسان، لمواجهة هذا المخطط ومنع تداعياته.

 

عيد المعلم

وأخيراً، نتوقف عند مناسبة عيد المعلم، لنهنِّئ المعلمين والمعلمات في عيدهم، ولنعبّر عن التقدير والشكر لدورهم في تنمية العقول، وتربية الأجيال، والنهوض بها. إننا نغتنم هذه المناسبة، لنجدد الدعوة إلى تكريمهم وإعزازهم، لأن من حقهم على أمتهم أن تكرمهم، فلا بقاء لأمة ولا نهوض لها إن لم تنهض بمعلميها.

 

ذكرى مجزرة بئر العبد

كما نتوقّف عند ذكرى مجزرة بئر العبد الأليمة، التي تعيدنا إلى ذلك اليوم الذي أزهقت فيه أرواح بريئة، وسقط العشرات من الجرحى، ووقع الكثير من الدمار، حين كان الهدف منها إسكات صوت المرجع فضل الله الموجِّه والمربِّي والباعث على الحياة في العقول والنفوس، بحيث أزعج السياسة الأميركية وأرعبها، فقرروا إسكاته، لكنهم فشلوا، واستمر السيد في جهاده إلى أن اختاره الله إلى جواره.

 

إننا نستعيد هذه المناسبة، لندعو للذين استشهدوا في هذه المجزرة بالرحمة، وللمعوّقين بالصبر، ولنؤكّد الالتزام بهذا النهج الواعي والمنفتح والجريء في قول الحق والعمل به، مهما كانت التحديات والصعوبات.

 

 

 

فلسطين

Leave A Reply