اجعل من نفسك على نفسك رقيبا

ألقى سماحة العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:

 

الخطبة الأولى 

 

«اجعل من نفسك على نفسك رقيبا»

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ، وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ، أُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}

عندما خلق الله الإنسان وأعدّه ليقوم بدوره في بناء الأرض وإقامة العدل فيها..سلحه بالأدوات اللازمة لأجل ذلك.

سلّحه بالقدرة على العمل والانتاج والحركة، بحثاً عن رزقه ورزق من حوله، فكان العقل المجهز للمعرفة وكان البدن للطاقة.

ولأن حركة الانسان ليست من قبيل نعيش لنأكل فنعمل كالآلة، ونندفع بالغرائز والشهوات، بل نأكل لنعيش فننشر الخير والرحمة وكل القيم التي جعلت الانسان انسانا، وميّزته عن الحيوان.. لهذا كان لا بد لحركة الانسان ان تكون حركة عاقلة، قابلة للضبط، كي لا تنقلب الى عكس أهداف وجوده على الارض واستخلافه فيها، فهو خليفة الله وليس مجرد كائن كباقي الكائنات.

وأول آليات الضبط داخلية، من داخل الانسان، بإمكانه ان يترصّد حركته .. يراقبها.. يحاسبها وحتى قد يعاقبها.. بهذه التركيبة التي منحها الله للإنسان : (فهو من يعمل وهو نفسه يراقب وهو الذي يحاسب ) هكذا يمكن أن يكون أداء الإنسان شفافا، يتطور وينمو بشكل سليم وصحي …، ليست القضية ان لا يخطئ الانسان، الإنسان ليس معصوماً، انما القضية هي ان يشكّل الانسان وعيا بالخطأ الذي يرتكبه.. هذا الوعي هو الضروري للاستمرار.. والضروري أيضاً إرادة الاستمرار في المراقبة.. لماذا؟

إن تعطيل اجهزة الرقابة الداخلية، وتعطيل عمل البصيرة وتعطيل المحاسبة والردع من الانسان العاقل تجاه نفسه من شأنه ان يحوله الى انسان أناني متعصب، يبطش ويظلم وقد يتحول لطاغية .. والخطورة، هي ان أجهزة الرقابة هذه ان تعطلت لفترة طويلة، فقد تنقلب الى أجهزة تزيين وتجميل ..ويستثمرها الشيطان ويشغلها { كذلك زين الشيطان للناس}

والاسلام ومن خلال دوره التربوي اهتم بعلاقة الانسان مع نفسه اهتماما شديدا واعتبره اساسا في الرشد والايمان، ودعانا ليكون لسان حالنا: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ …}

يقول الامام علي عن حال المتقي: الناس منه في راحة ونفسه منه في تعب .. لماذا؟ لانه ليس بالسهولة يرضى عن حاله ونفسه وليس بالسهولة ان يقنع منها، فهو شكاك تجاهها،

«المؤمن ظنون عند نفسه».. يشكك في نوايا نفسه.. في منطلقات كل حركة يقوم بها.. يضعها اولا تحت المراقبة، ثم يضعها تحت التمحيص .. ولا يقبل حيالها أعذاراً من قبيل (أنا رب البيت ولازم يسمعوا كلمتي، وتحت هذه العبارة تُظلم الزوجة ولا تُرحم ويُظلم الاولاد. وكذلك صاحب العمل او المدير او المسؤول تقنعه نفسه بانه يجب ان يُطاع، وبأنه لا يمكن ان يبدو ضعيفا امامهم، لهذا لا يتراجع عن خطأ بل يصر عليه)

وللاسف هناك الكثيرون ممن لا يتواصلون مع أنفسهم، ولا يبتعدون عنها كي يروها على حقيقتها، على العكس تراهم دوما في موقع الدفاع، لهذا فإن الانسان والحال هذه نادرا ما تسمعه يعترف فيقول: صحيح انا اخطأت، صحيح انا تسرعت، انا ظلمت.. انا اخفيت الحقيقة، انا حرضت، انا فتنت، انا قسوت.. هو لا يفعل هذا لانه يعتبر نفسه منزهة عن الخطأ، ويجد لها الاعذار تلو الاعذار….

اما بالنسبة لله فالامر مختلف، يقولها لنا بكل وضوح: بلى انت تعرف نفسك: {بل الانسان على نفسه بصيرة ولو القى معاذيره}… نفسك مكشوفة امامك، ويمكنك ان تفضح الاعيبها وتفضح نزواتها ورغباتها مهما جمّلتها ومهما جمّلها الآخرون وصفقوا لك..

والآية واضحة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}

وورد في الحديث: «على العاقل أن يحصي على نفسه مساوئها في الدين، وفي الأخلاق، وفي الآداب، فيجمع ذلك كله في صدره، أو في كتاب، ثم يكثر عرضه على نفسه، ويكلفها إصلاحه ». «اجعل من نفسك على نفسك رقيبا»

والرقابة.. أيّها الإحبّة.. أكانت في النفس أم خارجها رغم أهميتها، لا تكون كافية.. إن لم ترفق بالمحاسبة، فقد ورد في الحديث: «حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، وتزينوا للعرض الأكبر يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية». «لا يكون الرجل من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة الشريك لشريكه»

ولنقرب الفكرة أكثر سنأخذ نموذجين للمحاسبة:

حصل في أيام رسول الله (ص) أن رجلاً من صحابته راح يتمرّغ في الرمضاء، والشمس تتلظّى، وهو يخاطب نفسه ويبكي: «يا نفس ذوقي العذاب فعذاب جهنم أشد حراً، أجيفة بالليل بطالة بالنهار» واستمرّ في تململه حتّى أبصره النبي (ص) فأتاه وقال له: ما الذي دفعك إلى ذلك؟ قال: يا رسول الله قد غلبتني نفسي (ارتكب ذنبا ما) عندها احتضنه رسول الله، وقال: لقد فتحت لك بهذا أبواب السماء، وباهى الله بك الملائكة.وقال لاصحابه تزودوا من أخيكم فإنه على خير..

والنموذج الثاني ما بينه الإمام علي (ع) لنقوم به عمليا إذ سُئل: كيف يُحاسب الرجل نفسه؟ قال: «إذا أصبح ثم أمسى رجع إلى نفسه وقال: يا نفس إن هذا يوم مضى عليك لا يعود إليك أبدا والله سائلك عنه فيما أفنيته، فما الذي عملت فيه؟ أذكرت الله أم حمدتيه؟ أقضيت حق أخ مؤمن؟ أنفّست عنه كربته؟ أحفظته بظهر الغيب في أهله وولده؟ أحفظتيه بعد الموت في مخلفيه؟ أكففت عن غيبة أخ مؤمن بفضل جاهك؟ أأعنت مسلما؟ ما الذي صنعت فيه؟ فيذكر ما كان منه، فان ذكر أنه جرى منه خير حمد الله عز وجل وكبره على توفيقه، وإن ذكر معصية أو تقصيرا استغفر الله عز وجل وعزم على ترك معاودته ومحا ذلك عن نفسه بتجديد الصلاة على محمد وآله الطيبين ..»

ايها الاحبة

ان قيمة وأهمية الرقابة الداخلية والذاتية لا تنعكس ايجابا على الانسان الفرد فقط بل تجاه المجتمع وتجاه الحياة ككل، لانه وبكل بساطة من اعتاد الرقابة الذاتية فمن السهل عليه ان يتقبل رقابة المجتمع او المؤسسة، تصبح الشفافية طابع شخصيته، ولا فرق لديه بين ظاهره وباطنه، ولا يظهر بعكس حقيقته، وكذلك لا مشكلة لديه مع المحاسبة لانه اعتادها وبات جاهزاً لممارستها.

للاسف، ايها الاحبة، فان هذه الروحية، روحية النقد، بدأت تختفي في مجتمعاتنا وفقدنا قيمة مقولة «رحم الله من اهدى الي عيوبي» فعلى مستوى الفرد، تراه لا يقبل اي مساءلة او استفسار حول عمل او خطأ ويعتبره اتهاما، ويتمترس خلفه ويصبح الامر بالنسبة له شخصيا وعدائيا.. وكذلك الامر في دوائر العمل، فحضور التفتيش الى المؤسسة او طلب ملفات او تقارير بات يخيف أو يربك.. لقد بتنا نخشى أن يُعامل الإنسان نفسه باعتباره قديسا وفوق النقد وفوق المساءلة، وهذا ما كان ليحصل لو ان الانسان اعتاد ان يسائل نفسه ويحاسبها ويصلحها، فإن هذه هي بداية لتلك.

ايها الاحبة

نعيش في مجتمع يوشك ان ينفلت من عقاله، كل يريد مساحة الحياة له وحده، وكل يسعى للاستئثار بالنعم وحده، وكل يعتبر ان الآخر هو مصدر الخطأ وليس هو، مجتمع يعيش الاستنفار والتوتر تجاه بعضه البعض ..

ومن هنا.. فإنّنا مدعوون في كل يوم، وفي كل رأس سنة، ميلادية أو هجرية، بأن نقف لا كما يحدث في الكثير من واقعنا.. لنلهو ونعبث وحتّى قد نعصي الله في ذلك استجابة للجو العام، بل لنفكّر جيّداً بما سنقدم عليه.. بحيث نتجاوز في السنة الجديدة ما أمكننا من سلبيات السنة الماضية، نقف ونراقب اهم ما حدث معنا ولنا، ولنجعل من السنة القادمة أفضل على مستوى الإيمان والعمل والعلم والسلوك والمواقف ويكون مرشدنا في ذلك: «اللهم اجعل مستقبل أمرنا خيراً من ماضيه وخير أعمالنا خواتيمها وخير أيامنا يوم نلقاك».

أيّها الأحبّة..

ونحن نتطلّع إلى رقابة أنفسنا ومحاسبتها ورقابة المجتمع.. يجب  أن لا ننسى رقابة الله ومحاسبته لنا.. ورقابة الرقباء الذين جعلهم الله علينا، حيث ورد في الحديث: «اعلموا عباد الله أنّ عليكم رصدا من أنفسكم، وعيونا من جوارحكم، وحفّاظ صدق يحفظون أعمالكم وعدد أنفاسكم، لا تستركم منهم ظلمة ليل داج (أي حالك)، ولا يكنّكم منهم باب ذو رتاج (أي أغلاق )»

«ما من يوم يأتي على ابن آدم إلاّ قال ذلك اليوم يابن آدم أنا يوم جديد وأنا عليك شهيد فافعل بي خيراً أو اعمل فيّ خيراً أشهد لك يوم القيامة فإنّك لن تراني بعدها». أما الحساب فهو يوم ينادي المنادي: {وَقِفُوهُمْ، إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ}، {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}

اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم والحمد لله رب العالمين.

 

الخطبة الثانية

 

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله، فهي عوننا في الدنيا وزادنا في الآخرة، وخير الزاد التقوى. ومن التقوى أن نهتدي بهدي رسول الله(ص) في كيفية تعاطيه مع ليلة رأس السنة الهجرية، لتكون نموذجاً لتعاطينا مع ليلة السنة الميلاديَّة، فقد كان يقف في تلك الليلة ليصلي ركعتين، يقرأ في كل ركعة سورة الفاتحة مرة، وآية الكرسي عشر مرات، ثم يجلس بعد أن ينتهي من صلاته ليدعو ربه، فيقول: "اللهم ما عملت في هذه السنة(السنة الماضية) من عمل نهيتني عنه، اللهم فإني استغفرك منه، فاغفر لي وتب علي. وما عملت من عمل يقرّبني إليك، فاقبله مني، ولا تقطع رجائي منك يا كريم…".

 بعدها، يتوجَّه إلى الله طالباً حوائجه للسّنة الجديدة، فيقول: "اللهم وهذه سنة جديدة… فأسألك فيها العصمة من الشيطان، والقوة على هذه النّفس الأمّارة بالسّوء، والاشتغال بما يقربني إليك يا ذا الجلال والإكرام… ربّ لا تزغ قلبي بعد إذ هديتني، وهب لي من لدنك رحمة، رب عليك توكّلت وأنت ربّ العرش العظيم…".

أيها الأحبة، بهذه الصورة في إحياء ليلة رأس السنة نضمن أننا لن نحمل معنا تبعات السنة الماضية، وأننا سنقبل بكل وعي ومسؤولية على السنة الجديدة. وعلينا أن لا ننسى وسط هذه المناسبة، أن نذكّر أنفسنا ونذكّر الناس الذين يريدون تحقيق أحلامهم، أن لا سبيل لتحقيق أمانينا وأحلامنا في السنة الجديدة إلا بتمتين علاقتنا بالله، الّذي بيده الأمر والتدبير، فلنذكره بالصّلاة والدّعاء والذكر كي يوفّقنا في مستقبل أيامنا، ولنكون قادرين على مواجهة التّحديات، وما أكثرها!

والبداية من لبنان، حيث مرّت علينا ذكرى ميلاد السيد المسيح(ع)؛ الذكرى الجامعة لكل اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين، وقد كنّا نأمل أن تترك هذه المناسبة أثرها في من هم في مواقع المسؤولية، ممن شاركوا في هذه الاحتفال المناسبة وتبادلوا التهاني فيها، فتترسخ في قلوبهم القيم التي دعا إليها السيد المسيح(ع)، والتي هي قيم الإسلام وكل الرسالات السماوية؛ قيم المحبة والعدالة والتسامح ومدّ جسور التواصل والحوار، بحيث يتداعى بعدها كل هؤلاء لنبذ ماضي التوتر والتشنج والانقسام، والعمل سوياً لتحريك عمل المؤسَّسات كافّة، ومنع أيّ فراغ فيها، والحدّ من الخطاب الموتِّر والمتشنِّج الّذي بات يترك تداعياته على الواقع الاقتصاديّ والمعيشيّ، ويهدّد البلد في استقراره الأمنيّ والسياسيّ.

إنَّ استمرار هذا الواقع المتمثّل بالسّجال الحادّ، والتلهّي بأمور لا ترتقي إلى مستوى الوضع المشحون والخطير الذي تعيشه البلاد، سوف يتيح لكل المصطادين في الماء العكِر، من أجهزة استخبارات دوليّة وإقليميّة، استغلال هذه الأجواء الأمنيّة، وتهديد الاستقرار الداخلي، وتعميق الهوة بين اللبنانيين، ويأتي ما حدث اليوم من اغتيال لشخصية سياسية وسقوط عددٍ من المواطنين في هذا السياق. ونحن إذ ندين بشدّة هذا الاغتيال وكل أعمال التفجير السابقة التي نرى فيها خدمةً لأعداء هذا البلد، الذين يريدون العبث بأمنه واستقراره وسلمه الأهلي، وإدخاله في أتون حرب مذهبية وطائفية، نرى أنَّ استهداف أيّ مكوّن سياسيّ في لبنان، يستهدف كل لبنان، فهذا البلد لا يقوم إلا بتوافق كل مكوناته وتواصلهم.

ومن هنا، ندعو جميع الفعاليات والمسؤولين السياسيين إلى الارتقاء إلى مستوى المسؤولية، وعدم التسرّع في إصدار الأحكام المسبقة، وترك الأمور للعدالة كي تأخذ مجراها في ملاحقة المجرمين، كي لا نسمح لمخطط الأعداء بأن يمرّ من خلال إثارة الانفعالات والحساسيات والعصبيات وردود الفعل، ولا سيما في هذه المرحلة المشحونة أصلاً.

إنّ كل هذا الواقع بات يستدعي من كل الحريصين على هذا البلد، العمل للحؤول دون استمرار هذا المخطط الإجرامي، والتصدي للفتنة التي أطلّت برأسها، من خلال الإسراع في التلاقي والتواصل، والعمل لتشكيل حكومة جامعة باتت اليوم حاجة أكثر من أي وقت مضى؛ حكومة تدير دفّة البلد في هذه المرحلة الخطيرة، وتحمي لبنان من تداعيات ما يجري في محيطه، ومن التوترات الأمنية المستجدة التي تُربك ساحته. وإنَّ أي خطوة أخرى قد تكون ناقصة في هذا المجال، نخشى من تداعياتها في هذه المرحلة الدقيقة والحساسة، فنحن نريد لكلّ الذين يتصدّون لمواقع المسؤولية العليا، العمل على تجنيب هذا البلد الوقوع في مهبّ الريح، وحمايته من الأخطار التي تهدّده من الداخل والخارج.

أما مصر، ففي الوقت الذي ندين بشدة الأعمال التي تقوم بها الأيادي المجرمة التي تعبث بأمن هذا البلد واستقراره، ننبه إلى الخطورة الكامنة في التسرّع بإطلاق الأحكام، وإصدار القرارات، والاعتقال، ومنع التعبير عن الرأي، فهو ليس الحل الأمثل لمعالجة الخلافات الداخلية، لأنه يزيد حالة الانقسام الداخلي، ويعقّد الأمور ويفاقمها.

ومن هنا، ندعو المصريين إلى المزيد من الوعي، والتنبّه من الداخلين على خط الصراع في هذا الوطن، والإسراع إلى تأمين مناخات الحوار الداخلي والحل السياسي، بدلاً من إلقاء التّهم جزافاً على هذا الفريق أو ذاك.

ونصل إلى فلسطين، التي نخشى أن تكون الحلقة الأضعف في سلسلة أزمات المنطقة، حيث يعمل لإنهاك الشعب الفلسطيني، سواء من خلال الاستهداف المباشر والعدوان الصهيوني المتواصل عليه، أو استمرار سياسة الاعتقال والاستيطان، أو الضغط لتوقيع اتفاق إطار قد يُعطى فيه الفلسطينيون عنوان دولة، ولكنَّها دولة في أدنى مقوّماتها السياسية؛ دولة بلا جيش، دولة لا تمتلك حق السيطرة على حدودها، دولة مقسّمة ومليئة بالبؤر الاستيطانية، دولة لا تملك قرار إنسانها، ولا تملك حتى أن تتحدث عن حق العودة لأبنائها المشردين في أصقاع الأرض.

وأخيراً، ونحن نستقبل سنة ميلادية جديدة، ندعو الله أن تكون هذه السنة سنة خير ويمن وبركة على اللبنانيين، وسنة أمن وأمان على العرب والمسلمين وكل العالم؛ سنة نخرج فيها من أتون الأنانيات والأحقاد والعصبيات والتوترات والفتن التي يُراد لها أن تكون طابع هذه المرحلة.

وللتذكير، فإننا نريد لليلة رأس السنة أن تكون ليلة خالية من المفرقعات والرصاص وارتكاب المحارم، كما نريدها ليلة هادئة تسمح بالتفكير والتأمل، في وقت نحن أحوج ما يكون إلى التفكير والتأمل والدراسة والتخطيط لمستقبلنا، وكل عام وأنتم بخير.

 

 

المكتب الإعلامي لسماحة العلامة السيد علي فضل الله 

التاريخ : 25 صفر 1435هـ  الموافق : 27  كانون الاول 2013م

 

Leave A Reply