الخوف من الله: أمن وأمان

ألقى سماحة العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:

 

الخطبة الأولى

 

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز:{قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} صدق الله العظيم

 

في عصر الامام الكاظم كان في بغداد عاصمة الدولة العباسية رجل من الأعيان اسمه بشر، (والعصر آنذاك عصر رخاء مادي واقتصادي) كان الرجل ميسوراً ومغرماً بمجالس اللهو والطرب والمجون يعقدها في داره.. وحدث يوماً أن مر الإمام الكاظم(ع) من أمام دار بشر، وكانت الأصوات الصاخبة الصادرة من البيت تملأ المكان.. وصودف أن خرجت في ذلك الوقت جارية (خادمة) لبِشر من بوابة الدار فسألها الإمام الكاظم(ع) لمن هذه الدار قالت له: لسيدي بشر، قال لها: سيدك هذا حرّ أم عبد…
 
استغربت الخادمة السؤال، فمن في بغداد لا يعرف سيدها بشر، ولذا سارعت إلى القول: بل هو حر.. فقال لها الإمام(ع): "صدقتِ، لو كان عبداً لخاف من مولاه".
 
هزت هذه الكلمات،التي نقلتها الخادمة، أعماق بِشر، وكانت كافية أن توقظه من غفلته التي كان فيها وأن تعيد إليه صوابه، فيسرع من دون أن يلتفت حتى لانتعال حذائه، ويدرك الإمام(ع)، فيبكي بكاء النادم بين يديه على كل معصية سوّلت له نفسه بارتكابها ودفعه إليها شيطانه الذي يغويه.. ويعلن أمامه توبة صادقة نصوحة.. ويصبح بعدها واحداً من العابدين الزاهدين في الدنيا وسمي ببشر الحافي، وهي إشارة إلى الحالة التي خرج بها لملاقاة الإمام(ع).
 
وكان مفتاح هذا التحول: إشارة من الامام الكاظم(ع) شخصت حاله بمنطق واضح لا لبس فيه ( لو كان عبدا لخاف من مولاه): اذاً سبب غفلة الرجل وانغماسه بشهوات الدنيا ولهوها.. هو في حقيقته غياب الإحساس لديه بالخوف من خالقه وربه سبحانه وتعالى، بحيث لم يعد الله حاضراً في حياته ومتجاهلاً الموقف الذي سيقفه بين يديه في حساباته.. فبشر من ناحية الاعتقاد والإيمان كان موحداً ومسلماً ولكنه شذ بسلوكياته بعد، ولم يفعّل خوفه من الله، ولذلك خضع لتسويلات نفسه الأمارة بالسوء. وفقد الرادع الداخلي الذي يقيه من الحرام الذي حدده الله لعباده الذين آمنوا به وعرفوه
 
هي إذاً معادلة حرص الإمام الكاظم(ع) على تأكيدها: أنت مخلوق عبدٌ لله، إذاً عليك ان تخاف منه. وهذه المعادلة هي التي أشار إليها الله سبحانه وتعالى واعتبرها مقياساً للإيمان واعتبرها سبب نجاة لمن يحملها، فقال: {وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}{وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}، {جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ}.. وقد جاء عن رسول الله(ص): "رأس الحكمة مخافة اللَّه".. وعن الإمام زين العابدين(ع): "ابن آدم، لا تزال بخير… ما كان الخوف لك شعارا".
 
وقد أشار القرآن الكريم إلى الأثر الإيجابي الذي يتركه الخوف في داخل الإنسان عندما يتحول إلى مسار وسلوك.. فالخوف من الله هو الذي دفع هابيل إلى عدم مواجهة أخيه بنفس منطقه عندما قال له: لأقتلنك.. وإن رد عليه: {لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ}…
 
وهو الخوف الذي كان يعيشه النبي يوسف(ع) بكل عمق ومكنه أن لا ينقاد لإغراءات امرأة العزيز له وتسويلاتها.. وأن يقول: {قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ}.. وبعد ذلك لنسوة المدينة: {رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ}.. والخوف نفسه هذا هو الذي ربى الله عليه نبيه محمد(ص) وجعله يقف صلباً أمام الإغراءات والتحديات ويقول فيها ما قاله الله له: {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}..
 
وهذا الخوف هو الذي جعل من أهل البيت(ع) يتحملون الجوع القاسي ويحرمون أنفسهم من الطعام ليبذلونه للفقراء والمساكين والأيتام والأسرى فقال: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُوراً * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً}.
 
لكن يبقى السؤال أي خوف هو الذي يريده الله منا ويدعونا إليه ويحثنا حتى نسلكه..
 
الخوف من الله لم يرده الله أن يكون رعباً، هو الحالة التي يعيشها المؤمن حين يستشعر عظمة الله وقدرته المتجلية في خلقه، وإحساسه بإحاطة الله به ومراقبته لأعماله، ما يدفع الإنسان إلى امتلاك الحافز القوي للاستسلام والانقياد لأمر الله والابتعاد عن معصيته ومواجهة كل المغريات وتحمّل كل المصاعب والشدائد في هذا السبيل.. وهذا الخوف يأتي نتيجة بناء على تربية أساسها معرفة الإنسان بربه.. فهذا الخوف يزداد حضوره كلما ازداد الإنسان معرفة بعظمة الله بحكمته بعلمه، بجبروته وقدرته.. ولذلك أشار القرآن الكريم {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}..
وقد ورد عن رسول الله(ص): "أنا أعلمكم بالله وأشدكم له خشية"..
وقد ورد في دعاء الإمام زين العابدين(ع): "إلهي عجبت لمن عرفك كيف لا يهابك".
 
ومن هنا، نعي أن فكرة الخوف من الله ليست فكرة سلبية تسيء الى العلاقة بين الانسان وربه.. فنحن إذا درسنا أسلوب القرآن في طرح فكرة الخوف من الله فإننا سرعان ما نكتشف انه خوف صحي انساني سليم وضروري للحياة ولا يمكن أن نماثله بالخوف المرضي من ظالم أو طاغية بطاش مستبد، لا تجرؤ على محادثته أو الطلب منه، يقفل الأبواب في وجهك، هو يريدك لحسابه ولن يوفر جهداً إن اقتضت مصلحته أن يسلبك رزقك وأمنك وحريتك وإرادتك، يجلدك على أخطائك ويفضحك..
 
اما في حالة الخوف من الله فأنت تخاف منه استحياءً أمام عظمة من قدّم نفسه لعباده بالرحمن الرحيم، من سمح لك بلقائه، لتتواصل معه في أي وقت.. أبوابه مفتوحة حتى للعاصين.. وكرمه معك لا حدود له ، قال لك أنا قريب منك وإن دعتك حاجة، ادعوني استجب لكم، يستر عليك ويستجيب لك ان استغفرت وندمت وتبت.. وفوق كل هذا الله خيرك ولم يجبرك ولم يكرهك مع قدرته على إجبارك.. قال لك الأمر بيدك في الحياة الدنيا : طاعتك لي هو خيارك انت. اريدك ان تقبل علي من تلقاء نفسك.
 
وإذا كان من أسلوب تخويف وترهيب موجود في القرآن الكريم وفي الأحاديث الشريفة كما في قوله:  {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} {إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.. فهو لضبط الفساد والانحراف، هو لردع أصحابها وأعادتهم لفطرتهم السليمة. {وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} حيث تأتي الدعوة للخوف من الله كمنبه يقرع في جنبات العقل والنفس عندها تتحقق التقوى عملياً: فالخوف حالة نفسية تتمظهر عمليا بالتقوى..
 
 فكلما ارتفع منسوب الخوف من الله وشاعت حالة التقوى زخرت الحياة بالأمن والأمان. ورد في الحديث "من خاف ربه كفَّ ظلمه".. "من كثرت مخافته قلت آفته". لذا فإن من يخاف الله لا يخاف الناس منه: لأنه يترجم هذا الخوف من الله إلى خوف من إن يكذب أو يفتن أو يرتشي أو يرشي أو يفسد حياة من حوله، وخوف من ان يأكل حقا ليس له أو ان يدخل في ماله قرش حرام وخوف من ان يظلم ولو بمقدار سلب نملة جلب شعيرة كما قال الامام علي: " لو اعطيت الاقاليم السبعة بما تحت افلاكها على أن اعصي الله في نملة اسلبها جلب شعيرة ما فعلت وإن دنياكم عندي لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها".
 
أيها الأحبة..
ان الحياة في كل زمان ومكان تحتاج لأن تتركز فيها لغة الخوف من الله، لأن الإنسان بطبيعته ان امتلك طغى وان قدر بطش وان غني قتر وان علا تكبر وان تحكم تجبر وان افتقر كفر… ولا بد من رادع يضبط الخلل الذي يصيب الضمير تارة أو الإرادة أو العقل، أو النفس… أو القلب.. هنا يكون الخوف من الله السلاح الأمضى لإيقاظ الضمير من غفوته، واستعادة الإرادة من شللها ، وتحرير العقل من جموده، والقلب من قسوته وبعث الليونة فيه والنفس من سوئها..
 
في عصر الفتن والحروب والفساد والاستغلال نرى ان لغة الخوف من الله ومن الحساب بين يديه قد انزاحت لحساب لغة التخويف باسمه وتحت عنوان دينه.. ففي الوقت الذي نفهم أنّ الدين هو مصدر أمن وأمان وسلام.. نرى أنه لدى البعض مصدر قلق ورعب.. وهذا بحد ذاته انحراف معقد يحتاج للكثير الكثير من الجهد والعمل: لدراسة الأسباب والمنطلقات ولإعادة النظر في فهم النصوص واستنباط الأحكام وما ورد في الكتب مما يتخذه هؤلاء ذريعة ومن ورائهم الممسكون بزمام الأمور والخيوط..
 
من جهتنا، لا بد لنا وانطلاقا من خوفنا من الله: أن نعزز لغة المحبة الانسانية والايمانية بيننا: أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق، ليس لأحد سلطة على أحد: يخوفه، أو يقمعه أو يعنفه، لا يحق لأحد أن يسلب الطمأنينة والاستقرار والسكينة وقد منحها الله لكافة عباده سواسية.. فهو ينزل رحمته وعطاءه ونعمه على الجميع لا يفرق بينهم وهذا ما يريده أن يكون سمة لعباده.. فأنت إذا خفت من الله فستحب الناس وستمد جسور التواصل معهم ولن تكون مشكلة إلا للذين يسيئون إلى الحياة وكرامات الناس.. لذلك مزيداً من الخوف من الله لتصفو الحياة وتعمر وتطهر وتنمو.
 
اللهم انا نسألك خوف العابدين لك وعبادة الخاشعين لك ويقين المتوكلين عليك.. وارزقنا امنا وامانا من عندك يا كريم.
 
 
 
الخطبة الثانية
عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بأن نستهدي بأولئك الَّذين عاشوا الخوف العميق من الله، فكانت ترتعد فرائصهم عندما يقفون بين يديه أو يتذكَّرون الموقف عنده. فلنتذكَّر علياً(ع)، الذي قال عنه أحد أصحابه بعدما سأله معاوية عن خصاله(ع): "كان والله غزير الدّمعة، طويل الفكرة، لقد رأيته في بعض مواقفه، وقد أرخى الليل سدوله، وغارت نجومه، ودموعه تنحدر على لحيته، وهو يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين".
 

ولنستهدِ بالإمام زين العابدين(ع) حين كان يقف بين يدي الله ويبكي ويقول: "وما لي لا أبكي، أبكي لخروج نفسي، أبكي لظلمة قبري، أبكي لضيق لحدي، أبكي لسؤال منكرٍ ونكيرٍ إياي، أبكي لخروجي من قبري عرياناً ذليلاً حاملاً ثقلي على ظهري، أنظر مرةً عن يميني وأخرى عن شمالي، إذ الخلائق في شأنٍ غير شأني".

 

فلنعزّز، أيها الأحبّة، هذا الخوف في داخلنا، ولنذرف دموع الخشية من الله في قلوبنا قبل أن تنزل من مآقينا، ولنتذكَّر دائماً قول رسول الله(ص): "ما من قطرة أحبّ إليّ من قطرة دمٍ في سبيل الله، ودمعة في سواد الليل، لا يريد بها العبد إلا الله عزَّ وجلَّ. كلّ عين باكية يوم القيامة إلا عين فاضت من خشية الله".

 

ومتى حصل ذلك، فستفيض علينا نسائم الرحمة، وسنكون بعين الله الَّتي لا تنام.. وبهذا نواجه التحديات..

 

لبنان

والبداية من لبنان، الَّذي انطلق فيه العد العكسي، كما يبدو، لإنهاء الشغور الرئاسي الذي قضّ مضاجع اللبنانيين، وكاد يظهر بلدهم أمام العالم كدولة فاشلة لا تملك القدرة على الاستمرار..

 

ونحن في هذا المجال، كنا، ولا نزال، نقدر أية خطوة تساهم في تحقيق هذا الهدف، لإخراج البلد من حالة عدم الاستقرار السياسي، الذي ينعكس على الاستقرار المعيشي والاقتصادي والأمني، في مرحلة كانت، ولا تزال، من أصعب المراحل.

 

وقد كنا دائماً نؤكد ضرورة أن يأتي هذا الاستحقاق كنتيجة لتوافق كلّ القوى السياسية الفاعلة، حتى يؤدي هذا الموقع الجامع دوره، ويساهم في بلوغ التوافق المنشود. إنّنا نرى أنَّ المشهد السّياسيّ يتّجه إلى انفراج كبير، ولعلّ تسارع المبادرات في الأيام المقبلة يؤدي إلى بلوغ هذا التّوافق الَّذي نريده أن يؤسّس لقواعد متينة للمرحلة القادمة يطمئنّ إليها الجميع، وتسهّل عملية تشكيل الحكومة، وإقرار قانون الانتخاب، وغير ذلك من الأمور، حتى لا يتقدَّم البلد خطوة ويتراجع بعدها خطوات.

 

ونحن نعتقد أنَّ صدق النيات، وسعي كل فريق سياسي إلى الأخذ بالمصلحة الوطنية أكثر من مصلحة طائفته أو مذهبه أو موقعه السياسي، يؤديان إلى إيجاد الحلول والوصول إلى توافق عام، بما يفتح الباب أمام معالجة القضايا المعيشية والاقتصادية التي عانى منها اللبنانيون، الذين يستحقون أن يشعروا بالأمان والاستقرار، وأن تتحقَّق طموحاتهم وأحلامهم، ولو بعد حين.

 

العراق

وإلى العراق، حيث نهنئ القيادة العراقية على متابعة العمل من أجل إخراج البلد من كابوس الإرهاب الّذي قضّ ويقضّ مضاجع العراقيين جميعاً، بعد أن بات واضحاً أن هذا الإرهاب، وإن اتخذ غطاءً مذهبياً، أو سعى البعض إلى استثماره في هذا الاتجاه أو ذاك، لن يكون لحساب أحد، بل هو استثمار من الدول الكبرى التي غذّته لتمرير مشاريعها، والأيام ستكشف مدى الاحتضان الَّذي يحظى به هذا التنظيم.

 

ونحن نرى أهمية الاتفاق الحاصل بين أبناء الشّعب العراقيّ بكل مكوناتهم، لخوض معركة الموصل، ليردوا على كل الذين يثيرون الخوف من مذهبة المعركة أو إعطائها طابعاً قومياً، أو يعتبرون أنها ستهيِّئ لفتنة مذهبية أو صراع قومي سيحصل بعد التّحرير، مما نرى أن العراق قد تجاوزه، وهذا ما أثبتته المعارك السابقة.. ونحن هنا لا نغفل حصول أخطاء، رغم الحرص الشديد على تجاوزها، ولكنها ليست بموازاة الإيجابيات الكثيرة التي سوف ينعم بها البلد بعد القضاء على الإرهاب..

 

ورغم معرفتنا بحجم تعقيدات ما يجري في الموصل، وتبعات هذه المعركة، فإننا سنبقى نثق بقدرة الشعب العراقي، بجيشه وشعبه وحشده وعشائره، على أن يلحق الهزيمة بالمشروع التدميري الذي لا يستهدف العراق فقط، بل المنطقة برمتها.

 

سوريا

وإلى سوريا، الَّتي تشهد احتدام الصراع الدولي والإقليمي، والذي تعبر عنه العراضات العسكرية في البحر والجو والبر، ما يوحي بأنَّ الحلّ لا يزال بعيداً، وأن أي حسم عسكري يحصل في هذا الموقع أو ذاك، قد يغيّر في بعض المعطيات، لكنه لا ينهي هذا الصراع.

 

 

وهنا، لا زلنا ندعو إلى استثمار جهود المخلصين في الداخل السوري وخارجه، ومواصلة إجراء مصالحات داخلية، بعدما بات واضحاً أن المستهدف الأول في كل ما يجري، هو تدمير هذا البلد، ومنعه من أداء دوره الريادي.

 

وفي هذا الوقت، فإننا نحذّر من المشروع الذي يجري الحديث عنه، بنقل آلاف المقاتلين من الموصل إلى شرق سوريا، لما في ذلك من تبعات على هذا البلد وزيادة محنته.

 

اليمن

أمّا اليمن، فإنَّنا نأمل أن تؤدّي الهدنة التي تمّت بموافقة كلّ الأطراف إلى حلّ سياسيّ يعيد فتح باب الحوار على مصراعيه، بعد هذه الحرب العبثية الّتي لا تنتج سوى الخراب والدمار والويلات لهذا البلد، وتزيد من معاناته، ولن يستفيد منها حتى الذين كان لهم دور في إشعالها، في ظلّ الحديث المتزايد عن معاناة هذا الشعب، الَّتي وصلت إلى لقمة عيشه وأبسط مقوّمات الحياة لديه.

 

فلسطين

ونعود إلى فلسطين، التي لا تزال تقدّم كل يوم أنموذجاً من شبابها وفتياتها، الَّذين يعبّرون بقدراتهم المتواضعة وبدمائهم، عن رفض الاحتلال وإجراءاته القمعية بحق الشعب الفلسطيني. إننا نحيي هذه الروح الجهادية التي ستبقى هي السبيل الوحيد لمواجهة غطرسة هذا العدو واحتلاله.

 

Leave A Reply