الصوم وتحصيل التقوى

ألقى سماحة العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:

 

الخطبة الأولى

 

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون { صدق الله العظيم.

 

يتصدّر الصّوم كفريضة باقي العبادات، من جهة المشقّة والصّبر الذي يتطلبه من جانب، ومن جهة الانضباط الجمعي من جانب آخر. فيكفي أن ترتفع أصوات المآذن أو وسائل الإعلام لتعلن الإمساك، حتى يتوقف الجميع عن الطعام والشراب بدون تردّد وبانصياع تامّ، إلى حين يؤذَن لهم بالعودة إلى تناول الطعام والشّراب وبقية المفطرات.. وهذا يحصل بعيداً عن أيّ رقابة، بالرغم من أنهم يملكون القدرة على أن يأكلوا ويشربوا خفيةً، ولكنهم لا يفعلون ذلك، التزاماً منهم بأوامر الله، وإحساساً منهم بأن الله يراهم.

 

وهذا الالتزام التامّ والانضباط رغم مشقّة الصوم، ولا سيّما عندما يكون في أيّام الحرّ، أو عندما يكون النّهار طويلاً، يشعر الأمّة بالاعتزاز بنفسها والثّقة بنفسها، وبأهمّيتها، وأنها أمة قادرة، أمة قوية، أمة جبارة.. هي أمة تمسك بقرارها، لا يملكها طعامها وشرابها ولذاتها.. بل هي حرة أمام كل ذلك.. فيما قد تسقط أمم أخرى أمام حاجاتها ومتطلّباتها واستهلاكاتها وتخضع لها، ولأجلها قد تبيع قيمها ومبادئها..

 

فالصّوم دوره أن يثبت هذه القيمة.. أن يعزّز الإرادة التي هي بحاجة دائماً إلى تحصين وتدعيم.. فالإرادة حصن الإنسان المؤمن، وهي مظهر قوته وإنسانيته، وبدونها، يصبح الإنسان في مهبّ رياح الآخرين، أو رياح الشّهوات والغرائز.. وهذه الإرادة هي مستهدفة من الشّيطان، من النفس الأمارة بالسوء، ومن كلّ الأجواء التي تحيط بالإنسان، والتي تسعى إلى تهديم هذا الحصن الواقي.. ودور الصّوم أن يحصّنها.. ولذلك قال رسول الله(ص): "الصّيام جُنّة، وهو حصن من حصون المؤمن".

 

فالصيام، وكبقيّة العبادات التي فرضها الله على عباده، لم يرده الله لذاته (فهو الغنيّ عن عباده)، بقدر ما أراده أن يصنع إنساناً ــ على صعيد الفرد والمجتمع والأمة ــ إنساناً يملك إرادة قوية صلبة.. إنساناً لا يقدم على ما يسيء به إلى نفسه، إنساناً لا يخضع لضغط الألفة والعادة التي اعتادها، والّتي من الصّعب تغييرها.. إنساناً يسعى لتزكية نفسه وتطهيرها من كلّ ما قد يكون علق بها، لإعادتها إلى جادة الصواب، إلى حيث يريده الله أن يكون.

 

 ولا ريب في أنَّ هناك تساؤلاً يفرض نفسه لدى الجميع: إذا كان الصوم يعيد تأهيل الإنسان والمجتمع إيمانياً، ويؤدّي إلى تقوية إرادته وجعله حراً أمام شهوات نفسه، فلماذا لا نرى من هؤلاء الصائمين أو من المجتمعات الصائمة هذه العزيمة والصبر والصلابة والتدبر في باقي شؤون الحياة خارج فريضة الصوم، حيث لا تزال هذه المجتمعات تعيش في الركب تابعة، خاضعة، مستهلكة.. لماذا؟؟ فيما الصّوم هو من أبرز أدوات منطق القوّة التي أراد الإسلام للمجتمعات أن تنتهجها للنهوض بذاتها… هو سلاح انتهجه المسلمون في الأيّام الأولى من الدّعوة، من أجل اكتساب الصّلابة، وتخطّي صعوبات الطّريق، وتواضع الإمكانيات.

 

وحتى في غير المسلمين، رأينا نماذج للصوم والمقاطعة كسلاح فعّال لمواجهة المحتلّ (كما في فلسطين، نرى الذين يضربون عن الطعام)،  وقد قال الشاعر القروي (عن غاندي في الهند):

لَقد صامَ هِنْدِيٌّ فَجَوَّعَ دَوْلَةً     فهَلْ ضارَ عِلْجاً صَوْمُ مِلْيونِ مُسْلِمِ

 

والجواب لكلّ ذاك نراه في الفهم السطحي لحقيقة الصوم ولدوره، بل لحقيقة العبادات وغاياتها، فالكثيرون يفهمون الصوم بطريقة طقوسية موسمية بحتة، تقتصر فقط على وقف الطعام والشراب، ويظنّون أنهم بمجرّد إمساكهم عن المفطّرات، يحقّقون هدف الصيام، فيما أن الامساك عن الطعام ليس هدفاً بذاته، بل وسيلة لتحقيق أهداف مرجوّة على صعيد بناء النفس، وعلى صعيد بناء المجتمعات. إذاً الأمر مرهون بالنتائج.

 

والقرآن الكريم كان واضحاً من خلال الآيات التي تحدثت عن  فريضة الصّوم، إذ ركز على النتائج وأكد عليها. والملفت أن الآيات التي وردت عن الصيام في سورة البقرة قليلة، ولكن كانت واضحة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}..  وعمليّة اختبار فعالية الصوم لدى الفرد، تتمّ بقياس منسوب التقوى لديه.. وهكذا لدى الجماعات..

 

 فمن صام كلّ الشهر وأرهق نفسه وامتنع عن الطعام والشراب وعانى، لكنه لم تتشكّل لديه هذه الحساسية تجاه الحرام، والحساسية تجاه المنكرات والباطل والظّلم والفساد، ويتساهل في كلمةٍ من هنا وخبريَّةٍ من هناك، وفي قرار من هنا وإجراء من هناك، فهل نقول عنه إنّه صام؟.. لا بل نقول ما قاله رسول الله(ص): "ربّ صائم ليس له من صيامه الا الجوع والعطش". وقد ورد في الحديث: "من لم يدع قول الزّور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه". وجاء في الحديث أيضاً: "الصيام اجتناب المحارم، كما يمتنع الرجل من الطعام والشراب"، "ما يصنع الصائم بصيامه إذا لم يصن لسانه وسمعه وبصره وجوارحه".. عن الحرام… "إن الصّوم ليس من الطعام والشراب، وإنما جعل الله ذلك حجاباً عن سواهما من الفواحش من الفعل والقول يفطر الصائم. ما أقلّ الصوّام وأكثر الجوّاع!".

 

وجاء في الحديث: "صيام القلب عن الفكر في الآثام، أفضل من صيام البطن عن الطّعام". والشواهد على ذلك أبلغ مما يتسع له المقام..

 

نحن، أيّها الأحبّة، بحاجة إلى إعادة توصيف هذا الشّهر، حيث ارتكز في أذهان الناس أنّه امتناع عن الأكل والشرب، فيما يجب أن نركّز على أن فريضة الصوم ككلّ العبادات، لها شكل ولها مضمون وهدف، والعبادات بالنّسبة إلى الفرد مرهونة بنتائجها على أرض الواقع، ألا وهي التّقوى،  وأبسطها في الصلاة: "لا تنظروا إلى طول ركوع الرجل وسجوده… ولكن انظروا الى صدق حديثه وأداء أماناته".. إنّه أمر: لا تنظروا  الى الشّكل والقشر.. (فيما للأسف، مجتمعاتنا لا تفهم إلا بالشكل: يأسرها الشكل والكم والعدد)..

 

 ونتائج الصوم هي تحصيل التقوى على صعيد المجتمعات وعلى صعيد الأمّة، وتتمثل في التكافل والتعاون والوحدة، وتتمثل على صعيد أصحاب قرارها بتأمين العدالة، وتوفير الكرامة واحترامها.. هنا نقول إن هذا مجتمع أو دولة انتفعت من الصيام واكتسبت فعالية التقوى من خلاله.

 

وكملاحظة جانبية في هذا المجال، فإن المتأمل لآيات الصّوم، يجد أنه ورد مباشرةً، وفي أعقابها، ما يتصل بالعلاقة التي يقيمها المؤمن مع أمواله: فبعد آيات الصّوم في سورة البقرة 183-187.. نجد الآية 188 تقول: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}..

 

 ولعل هذا من قبيل إظهار الرابط الجلي بين الصوم وبين ضمان نتائجه الاجتماعية والاقتصادية، فمن التقوى تجنّب المعاملات الباطلة بالأموال والأرزاق، ومن التقوى الابتعاد عن مواطن الفساد والإفساد والرشوة، ومن التقوى عدم التواطؤ مع أصحاب النفوذ والسلطة والحكم، ومن هم في مواقع القضاء، ومن هم في الإدارات والأمن والبلديات والمحافظات، لظلم الناس والضعفاء ممن لا سند لهم ولا ظهير، ولعلّ هذه أبرز آفة تصيب مجتمعاتنا وحتى الصائمة منها.

 

فكم من قضية حقّ تضيع بسبب رشوة لقاض، وبسبب رشوة لرجل أمنٍ، وكم من قضايا تنام وتوضع في الأدراج خدمةً لمتنفّذ أو زعيم.. للأسف، صارت هذه الانتهاكات متجذّرةً، وصار لها روّادها ولغتها ووسطاؤها، وصارت هناك تسعيراتها وأثمانها، وعلى المكشوف..

 

نتمنّى ونحن في شهر التقوى أن يصاب مجتمعنا بالحساسية تجاه الراشين والمرتشين، سواء كانت الرشوة كثيرة أو قليلة، مباشرةً كانت أو بالوساطة،  بالتصريح أو بالتلميح، بالتواطوء أو بالمباشر. تعالوا نشير إلى كل فاسد ولا نغطّي أحداً مهما كان.. فلا أسباب تخفيفيّة لأحد، وحديث رسول الله(ص) بيننا: "والله لو سرقت فاطمة بنت محمّد لقطعت يدها".

 

تعالوا إلى مجتمع لا يشقى فيه الفرد ليأخذ حقّه، ولا يستغلّ من هو في موقع خدمة النّاس  الصلاحيات المعطاة له فيسخّرها لحسابه الشخصي.

 

تعالوا نتعاون جميعاً لأجل مجتمع تقيّ وورع، فإن لم نستطع سنّ القوانين الجادّة والمانعة، فعلى الأقلّ نعزّز ثقافة التغيير وثقافة رفض الفساد ومقاطعة الفاسدين وإنكار عملهم، وهذا إن حصل في مجتمعنا الصائم، سنقول حينها إننا بالفعل صمنا.

 

تقبل الله منا ومنكم، ونسأله أن يعيننا على أنفسنا بما يعين به الصالحين على أنفسهم، إنه سميع مجيب.

"اللّهمّ أعنّا على صيامه بكفِّ الجوارح عن معاصيك، واستعمالها فيه بما يرضيك، حتى لا نصغي بأسماعنا إلى لغو، ولا نسرع بأبصارنا إلى لهو، وحتى لا نبسط أيدينا إلى محظور، ولا نخطو بأقدامنا إلى محجور، وحتى لا تعي بطوننا إلا ما أحللت، ولا تنطق ألسنتنا ألا بما قلت، ولا نتكلّف إلا ما يدني من ثوابك، ولا نتعاطى إلا الذي يقي من عقابك".

 

الخطبة الثانية

 

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بما أوصانا به الله عندما قال: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا}. وهي وصية رسول الله(ص) عندما جاء إليه رجل، وقال له: أوصني يا رسول الله بوصية جامعة مانعة لا أحتاج بعدها إلى وصية، فقال(ص): "عليك بتقوى الله، فإنها رأس كل خير".

وقد اختصر القرآن الكريم التقوى بقوله سبحانه: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ}.. فالتقوى هي أن نخشى الله، وإن كنّا لا نراه، بأن نتحسّس حضوره ورقابته، وأن نحسب حساباً للموقف الذي سنقفه بين يديه، حيث لا جدوى من الإنكار وتزييف الحقائق، فالحاكم هناك هو الشاهد، كما نقرأ في الدعاء: "وكنت الرقيب عليَّ من ورائهم، والشاهد لما خفِيَ عنهم".
 
لنعزّز هذه القيمة في أنفسنا، فهي صمّام الأمان، وبها نصنع الحياة الأفضل للآخرين، وبدونها لن نسلم، ولن تسلم الحياة من حولنا، ولن نستطيع أن نواجه التحدّيات، فالله وعد الّذين اتقوا بأنه سيكون معهم، ولن يكون مع غيرهم..
 
لبنان
والبداية من لبنان، حيث يستمرّ الجدل على كلّ شيء، من دون أن نرى حلولاً لما يجري، وهي وإن وجدت، فهي حلول آنية، وكأن قدر اللبنانيين أن لا يصنعوا الحلول، بل أن تأتيهم إملاءً. هذا ما نشهده في الجدل الدائر حول مَن يكون قبل، الانتخابات النيابية أو الرئاسية أو عكس ذلك! ليتوقف بعدها البلد… أو الجدل الجاري حول القانون الانتخابي، حيث يسعى كل فريق سياسي إلى الوصول إلى قانون يتناسب مع مصالحه، ويؤمِّن التمثيل لطائفته أو مذهبه أو إطاره السياسي، وكأن الحياة تبدأ عنده وتنتهي عنده! حتى بات يُقال إن عدد مشاريع قوانين الانتخاب بعدد الطوائف والمذاهب، من دون أن يؤخذ بعين الاعتبار القانون الانتخابي الأكثر تطوراً وحداثة، والذي يضمن المشاركة للجميع، ويساهم في تجديد الحياة السياسية وتداول السلطات، وعندما يكون الأمر كذلك، فمن يحسم؟! وعندها من الطبيعي أن يعود الحديث عن التمديد أو إلى قانون الستين، كما تبدو الصورة حالياً، مع إجراء بعض التجميل عليه، ليصبح مقبولاً مع كل التبعيّات المترتبة عليه.
 
وهنا، نعيد دعوة القوى السياسية إلى أن تخرج ـ ولمرة واحدة ـ من حساباتها الخاصّة إلى حسابات إنسان هذا الوطن ومستقبله، وليكن قانون الانتخاب هو البداية. وعندما تفكّر في ذلك، فلن تحتاج إلى قانون انتخابي حتى يؤمن لها حضورها، بل ستكون حاضرة دوماً، فالتاريخ، كما الحاضر، لن يذكر إلا الذين كانوا أكبر من مصالحهم.
 
كلّ ذلك يجري والبلد عرضة لتحديات الخارج، حيث تكبر الحرائق من حوله ويشتدّ سعيرها من دون حلول قريبة، بل ما يبَشّر به البعض هو صيفٌ حار، وإذا كان من حلول، فهي لن تقوم على الخرائط السابقة، بل على خرائط جديدة للمنطقة قد لا يسلم لبنان من تداعياتها، وهو عرضة لأزمات الداخل على المستوى الاقتصادي والمالي، مما قد يصل به إلى الإفلاس، فيما التشظّي هو طابع الحياة السياسية، الأمر الذي يعقّد فرص الحلول. وفي الوقت نفسه، يسعى الإرهاب إلى ابتداع وسائل جديدة للنيل من الاستقرار في هذا البلد، وينتظر أي ثغرة حتى ينفذ منها.. تؤكّد ذلك التحقيقات الأمنية، وإيقاف بعض الخلايا الإرهابية. وهنا نقدّر سهر الجهات الأمنية على الاستقرار، ودورها في منع هؤلاء من تحقيق أهدافهم.
 
وبموازاة ذلك، يستمر العدو في ممارساته الاستفزازية، والتي تجلّت في اكتشاف معدات التجسّس في الباروك، والمناورات التي يجريها على مقربة من الحدود اللبنانية، والتي تحاكي الهجوم على قرى لبنانية، فضلاً عن حديث التوطين المتزايد للسوريين.
 
إنّ كلّ ذلك يستدعي ارتقاء القوى السياسية إلى مستوى التحديات التي تواجه هذا البلد، وإلى معاناة الإنسان فيه، الذي يزداد فقراً يوماً بعد يوم..
 
العراق
ونصل إلى العراق، حيث الإرهاب الذي تجلّى في التفجيرات الدامية التي جرت في كربلاء وبغداد وغيرها، والذي ما زال يمسك بقرار العديد من مناطق العراق، إذ يقف الجيش العراقي، ومعه الشعب بكل تنوعاته ومذاهبه، لمواجهته، بعد أن بات واضحاً أنه لا يفرّق بين مذهب ومذهب، أو بين دينٍ ودين، فهو مشكلة للجميع، ولن يكون يوماً ما قوةً لأحد.
 
وهنا، لا بدّ من أن نحذّر من الأصوات التي تسعى إلى تضخيم الأخطاء، إذا حصلت، أو تجييش الجانب الطائفي أو المذهبي لمصالح فئوية بعيدة عن مصلحة أية طائفة أو مذهب، فضلاً عن مصلحة العراق ككلّ. إنّ رهاننا سيبقى على وعي الشّعب العراقيّ ووحدته، في مواجهة من لا يريد للعراق أن يكون قوياً، وأن ينعم بالاستقرار والوحدة.
 
فلسطين
ونصل إلى فلسطين، حيث استطاع الشّعب الفلسطينيّ التأكيد مجدداً على حيويّته وعدم استطاعة العدو، رغم كل إجراءاته القمعية، الوقوف في وجه إرادته وعزيمته، كما استطاع أن يصل إلى حيث يهدّد عمق هذا العدو، وفي قلب عاصمته.
 
إنّ هذه العمليّة تؤكّد مجدداً أنّ جذوة الجهاد لا تزال حيّة في هذا الشعب.. ونحن نحيّي هذه الروح الجهادية الّتي هي السبيل لإعادة فلسطين إلى أهلها، ولإجبار العدوّ على إعادة النظر في غطرسته واحتلاله، وهي الردّ على سياسته القمعيّة واعتدائه المستمر على المسجد الأقصى.
 
المكتب الإعلامي لسماحة العلامة السيد علي فضل الله
التاريخ :5رمضان 1437هـالموافق : 10حزيران 2016م
 
 
 
 

Leave A Reply