القضاء والقدر، وإختيار الإنسان

ألقى سماحة العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:

 

الخطبة الأولى

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} صدق الله العظيم.

 

يتردد كثيراً في أحاديثنا عند تحديدنا لمن يقف وراء الحوادث التي تجري في حياتنا والكون.. أنها حصلت بقضاء الله وقدره…فما هو المقصود من هذه الفكرة التي اعتبرها رسول الله من أساسيات الإيمان وأركانه حين قال: "لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربعة: حتى يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنّي رسول الله بعثني بالحق بشيراً ونذيراً، وحتّى يؤمن بالبعث (يوم القيامة) بعد الموت، وحتى يؤمن بالقدر".

 

وفي حديث عنه(ص): "قال الله عزّ وجلّ، من لم يرض بقضائي ولم يؤمن بقدري فليلتمس إلهاً غيري".

ثم هل يعني الإيمان بالقضاء والقدر أن كل ما جرى ويجري في الحياة عائد إلى الله كونه يتم ويحدث بقضائه وقدره، وليس كل ما يجري في الحياة خير  ففي الحياة أيضاً مآسٍ وآلام وبلاءات وكوارث وحروب وفظائع.

القضاء في اللغة: هو الحكم، أما القدر فهو من التقدير أي التحديد، وهو وضع الشيء في مكانه المناسب، وضمن الحدود التي تضمن تحقيق الغاية منه . وبعبارة اخرى هي القوانين والانظمة التي اودعها الله في الكون، فما من شيء إلا ويتم بمشيئته النافذة وقدرته الشاملة وعلمه السابق .

 

وهو الأمر الذي يجري على الإنسان أيضاً.. فالإنسان يرتبط وجوده وقواه وأفعاله وجميع حركاته وسكناته بما قضاه الله وقدره له، فهو لا  يملك أن يتحرك إلا في إطار الحدود وضمن القوانين التي رسمها الله له وقد ثبت الله ذلك في سجل محفوظ وهذا ما أشار إليه الله بقوله سبحانه: {وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِير} {وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا}.

 

هنا نعود للتساؤل الذي طرحناه، ألا يعني كل هذا أن الإنسان لا يملك قراره واختياره، ما دام كل ما يجري في حياته قد رسم وكتب وحدد بمشيئة الله وإرادته مما يجعله غير مسؤول عن أفعاله وتصرفاته. هذا المنطق هو ما قاله المشركون فيما تحدث به القرآن عندما قال: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا}.

وهنا نجيب عن هذا السؤال، بالتفريق بين القضاء والقدر الذي يجري على الكون والأشياء والحيوان من جهة.. وذلك الذي يجري على الانسان من جهة أخرى. فالقوانين على الأولى تجري ولا خيار لها إلا الانصياع {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا}. والامانة حسب المفسرين هي الاختيار وتحمل المسؤولية.

 

أما بالنسبة للإنسان  فهو يخضع للقضاء والقدر بالإجبار(او باللاإختيار) في مسائل محدودة.. فالإنسان لا يملك أمر اختيار وجوده في زمن معين،لا شكله، ولا المكان الذي ولد فيه، أو أن يكون من أبوين معينين، هذه الأمور كتب على الإنسان أن يخضع لمشيئة الله سبحانه فيها، لكن تبقى هناك مساحة واسعة جداً في حياة الإنسان تُركت أمورها لخياراته، تتم بالاختيار، هذه الأمور هي الأساس في انسانية الانسان  فالله قضى وحكم وشاءت إرادته أن يملك الإنسان الاختيار في حركاته وتصرفاته، فله أن يفعل ما يريد، يأكل ما يريد ويشرب ما يريد، يؤدي واجباته أو لا يؤديها، يقوم بمسؤولياته أو لا يقوم بها.. يؤمن أو لا يؤمن..  وقد بين الله حرية الإنسان في الاختيار بكل وضوح عندما قال: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً}.

ولذا قال: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً}.. فالله يمكنه أن يجعل الناس كما هو الكون خاضع له لا يملك اختياره.. ولكنه شاء للإنسان أن يعطيه حرية الاختيار..

 

إذاً، ليس صحيحاً القول أن القضاء والقدر يسلب اختيار الإنسان بالمطلق.. وليس صحيحاً أيضاً القول أن الله ترك الحرية للإنسان بالمطلق بالشكل الذي يخرج فيه عن إرادته.. ومن هنا القاعدة عند الامام الصادق (ع)  : "لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين الأمرين"  اذا هو قضاء وقدر ولكن الله لا يجبرك عليه, انما رسم الطريق وقضى ان من يمشي في هذا الاتجاه يحقق الثواب ويحظى بالتأييد.. وعلى الانسان ان يقرر ويختار ويتحمل المسؤولية.

 

ومن خلال كل ذلك نستطيع القول إن من نعم الله على الانسان وتكريمه له أن جعله قادراً بمشيئته أن يصنع قضاءه وقدره بنفسه.. نعم، الإنسان قادر أن يصنع خيره وشره، أن يصنع نصره وهزيمته، وأن يصنع غناه وفقره، وقادر أن ينهي حياته أو يبقيها، لكن كل ذلك يحدث في سياق نظام الأسباب والمسببات الذي أوجده الله فإذا تحققت الأسباب حصلت النتائج وهكذا..

 

ولذلك ورد عن أمير المؤمنين(ع) أنه عَدَل من حائط مائل إلى حائط آخر فقيل له: يا أمير المؤمنين أتَفرّ من قضاء الله؟ فقال: "أفرّ من قضاء الله إلى قدر الله عز وجل"، فقضاء الله للحائط المائل أن يقع ما يسبب خطراً على الإنسان، لذا فإني أفر منه إلى وضعية أخرى قدر الله أنها آمنة..

 

أيها الأحبة..

ما يهمنا من هذا الموضوع هو ما يتعلق بحياة الانسان ومصيره، وبما سلحه الله من حرية وصلاحية ليغيّر القضاء والقدر حتى لو أُبرم.. نعم ان الله  يجمد قضاءه وقدره، يعطل ويمحو او يثبت  كما ورد :{ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} اما الوسائل الى ذلك فهي، تعود الى خيارات الانسان:  الدعاء- بر الوالدين- الصدقة – صلة الرحم وغيرها مما شاء الله أن تغير مجرى القضاء  . ولطالما شدد رسول الله" الصدقة تدفع البلاء وترد القضاء" : "الصدقة والدعاء يدفعان البلاء ويردان القضاء وقد أبرم إبراماً".  ويكفي ما ورد في تأثير الدعاء لتغيير مسار الأمور في حياة الانسان واكبر محطة هي في ليلة القدر حيث يقدر الله من خلالها مصائر الناس واعمارهم وارزاقهم ويمحو مما كتبت الملائكة في صحائفهم ..

 

وقد ورد أيضا أن "صلة الرحم تنسأ في الأجل وتزيد في العمر".. فقد يكون عمر الإنسان محدداً  ولكن الله يزيده بصلة الرحم مثلاً.  نتيجة استجابة الله لدعاء ام او اب او رحم .. والله قد قضى بالاجابة : ادعوني استجب لكم.

 

ان هذا النظام الرحماني المتمثل في هذا المزج بين قضاء الله من جهة  واختيار الانسان من جهة أخرى هو الذي كما اسلفنا ، ميز الانسان بإنسانيته عن باقي الكائنات، وجعل حياته متحركة وحيوية، يكدح فيها ويجرب ويتعثر ويقوم من عثرته،  وبيده يغير مسار حياته ومصيره في الدنيا والآخرة ، كل هذا ضمن نظم وقوانين وضعها الله سبحانه لمصلحة الانسان، فهو خالقه واعلم بما يصلح له على وجه هذه الارض.

 

إن هذه المنحة من الله، منحة حرية الاختيار هي اغلى ما يملك الانسان، ولا يمكن لأحد ان يسلبه اياها تحت اي عنوان حتى عنوان الدين: فلا اكراه في الدين.. ابدا والله لو شاء لآمن من في الأرض جميعا .. ولكن الله قضى ان تكون العلاقة معه مبنية على الاختيار الشخصي المحض. وللأسف فقد ارتبطت التربية الدينية بصفات الجبر والضغط والاكراه مما يخلق اجيالا إما من المنافقين واما من المعقدين من الدين… والحقيقة أن الطريق الى الله لا تمر الا بارادات واعية وحرة.

 

أيها الأحبة:

لقد فتح الله لنا الباب، فلنكن ملحين على الله، نتوسل اليه بالدعاء والاعمال الصالحات  لتغيير واقعنا الى الاحسن، ولا يكون هذا الا بوضوح الهدف وصفاء النية ونقاء السريرة  والاخلاص…لنكن جديرين بالامانة التي اوكلها الله الينا  فلا نختار الا ما ينسجم مع الفطرة، فطرة الله التي فطر الناس عليها. لنكن جديرين بصقل هذه الفطرة وتنقيتها وإزالة ما يعلق بها من أدران الدنيا وشوائبها ولنكن كما قضى الله وقدر خلفاء له على هذه الأرض نسير وفق هديه، وفي خط رضاه لنعمر الارض، بالخير والعدل والحق والجمال.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

الخطبة الثانية

 

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله، الَّتي تجعل الإنسان أكثر رضا بقضاء الله وقدره، فلا يمكن لمن يرى الله؛ هذا الرب الرحيم الودود والعطوف ممسكاً بزمام الكون بقوانينه وحركته، لا يغيب عنه شيء، ولو للحظة، ولا يعزب عن علمه شيئاً مثقال ذرة، إلا أن يشعر بالاطمئنان والرضا بحكمه وقضائه بتقسيم الأرزاق وتقديره الأمور، فيرى في ذلك كل الخير، حتى لو كان على حسابه، قائلاً الحمد لله على كل شيء في السّرّاء والضَّراء.

 

بهذه الرّوح المطمئنة الواعية المستهدية بالله، استطاع المؤمنون أن يتقدَّموا في ساحات الحياة، فلم يهابوا ولم يخافوا أحداً، ولم يتأففوا من فقدان أيّ شيء، ولم يتأثروا بما أصابهم.. وهم بذلك نالوا ما وعدهم الله به: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}.. وبهذه الروحيّة نواجه التّحدّيات…

 

لبنان

والبداية من لبنان، الذي لا يزال ينتظر توافق القوى السياسية فيه على شخص رئيس الجمهورية، بعدما أصبح واضحاً أنَّ هذا التوافق هو السبيل الوحيد للوصول إلى إنهاء هذا الفراغ، وهو الطريق الأسلم لبلوغ هذه الغاية وإنجاز هذا الاستحقاق، ولكن لا يبدو أن هذا الأمر توفرت ظروفه داخلياً، في ظل بقاء المواقف الخلافية على حالها، رغم أنها تدور داخل البيت الواحد والمحور الواحد.

وفي هذا المجال، نحن مع الرأي الّذي يقول إن الثمرة الرئاسية في لبنان ناضجة لقطافها الآن قبل أن تسقط ويحتدم الصراع أكثر بين القوى الإقليمية.

 

لذلك، إنّ المسؤوليّة كبيرة، وهي تقع على عاتق القوى السياسية اللبنانية في الإسراع بتحقيق هذا التوافق، الذي سيساهم، إن حصل، في تأمين الاستقرار الدّاخليّ وتحريك عجلة السياسة، بعدما صار واضحاً حجم الأزمات التي تنتظر البلد، ولا سيما الحديث، وبالأرقام، عن تردّي الوضع المالي والاقتصادي، وعن البطالة، وانعكاس الأزمات الماليَّة التي تحدث في المنطقة على الداخل اللّبنانيّ.

 

في هذا الوقت، تستمرّ السّجالات بين القوى السياسيَّة، والّتي هي طابع الحياة السياسيّة اللبنانيّة، وقد اعتدناها وعلينا أن نعتادها دوماً، ولكن ما نريد التوقّف عنده والإشارة إليه، هو أن لا تخرج هذه السجالات عن حدود اللياقة في التعبير وآداب التعامل عند الاختلاف، حرصاً على صورة هذا البلد؛ بلد القيم والمبادئ، وعلى ثقافة أجياله، وأن لا تأخذ البعد الطائفيّ، الذي يعرف الجميع مدى تداعياته في هذه المرحلة، من خلال تضخيم ما جرى في وزارة هنا أو وزارة هناك، والذي لم يقف عند حدود مرجعيات سياسية، بل دخلت على خطه مرجعيات دينية وروحية، يُفترض منها أن تنأى عن هذا السجال، نظراً إلى ما تمثله.

 

إننا مع التوازن في هذا البلد ومع الكفاءة، ولكننا لسنا مع تضخيم الأمور وتجييش الحسّ الطائفي لحسابات سياسيّة في كلّ المراحل، ولا سيما في هذه المرحلة. ووسط كلّ هذا الجوّ، فإننا ننوّه بالدور الذي تقوم به الجهات الأمنية في حفظ الأمن في الداخل وعلى الحدود مما يتهدّد البلد، ولا سيما على حدوده الشرقيّة.

 

كما نقدّر خطوة الحكومة في إجراء الانتخابات البلديَّة الّتي قد تساهم في تفعيل العمل البلديّ والإنمائيّ، في الوقت الذي لا نريدها أن تكون سبباً في الصّراع داخل كلّ بلدة وقرية، بل أن يُختار فيها الأكثر كفاءة لإدارة شؤونها، ومن يملك الخبرة والعدالة ونظافة الكفّ.

ولا بدّ من أن نلفت إلى ضرورة الإسراع بحلّ ملف متطوّعي الدّفاع المدنيّ وحسمه لصالحهم، نظراً إلى الجهود الكبيرة التي يبذلونها، والتضحيات التي يقدمونها..

 

سوريا

أما في سوريا، التي كنا ننتظر أن تبدأ خطواتها نحو الحلّ، والتي كنا نراها معقّدة من الأساس، لذلك قلنا إنها رحلة الألف ميل، فإننا لا زلنا ننتظر متابعة هذه المفاوضات لأجل الوصول إلى الحل، بعدما بات واضحاً للجميع أن الحل العسكري قد يقوّي موقع فريق، لكنه لا يحسم الصراع الداخليّ، في ظل احتدام الصراع الإقليمي وانعكاسه على الداخل السوري..

إنَّ الَّذين يحرصون على سوريا وعلى شعبها، من الدول الإقليميَّة أو الدوليَّة، عليهم أن لا يحوّلوا هذا البلد إلى رهينة لمصالحهم، بقدر ما عليهم أن يخفّفوا من معاناته، ويوفروا كلّ الظروف لإيقاف نزيف الحرب والدمار وطاحونة الموت فيه، والعودة إلى المفاوضات الجادة التي تعيد إلى هذا البلد أمنه ودوره، والاستفادة من الجوّ الدّوليّ لتحقيق ذلك.

وفي هذا المجال، فإننا ننوّه بالإنجاز الكبير الذي حصل بفكّ الحصار عن أهلنا في قريتي نبل والزهراء، بعد المعاناة الطويلة التي عاشوها جراء ذلك، ونأمل أن يكون ذلك مقدمة لفكّ الحصار عن مدن سوريا وقراها الأخرى، حتى تتنهي معاناتها.

 

العراق

أمّا العراق، فقد عادت لغة التقسيم فيه، انطلاقاً من الحديث عن الاستفتاء الّذي تسعى له السّلطات في المنطقة الكردية، والذي يحمل أبعاداً خطيرة، لكونه يتلاقى مع الحديث عن تحويل العراق إلى أقاليم ثلاثة: كردية وسنية وشيعية، ما يشكل خطراً، ليس على وحدة هذا البلد فقط، بل على كل البلدان المجاورة.

إنّنا نعتقد أنَّ الحلّ الوحيد للعراق يتمثّل بوحدة شعبه وأرضه، فلا يمكن لأيّ مكوّن أن يستقرّ إلا بتلاقيه مع المكوّنات الأخرى، ولا يستطيع أحدٌ أن يمنّي نفسه بأنه سيكون أكثر استقلالاً أو قدرةً، بل إنه سيقع أسير الآخرين وحساباتهم..

 

فلسطين

أما فلسطين، فإننا نتطلَّع بعين الاعتزاز إلى ما يسطّره الشباب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال، والَّذي يستمر في تحدّيه لإجراءات الكيان الصهيوني وقمعه، ويتابع مسيرته لامتلاك الحرية التي يصبو إليها..

إنَّ ما يجري في فلسطين هو حجةٌ على العرب والمسلمين وكل العالم، وإنّ التوجّه إليها هو السبيل للخروج من كل ما نعانيه من انقسامات وفتن.

 

زيارة أوباما لمسجد في أمريكا

وأخيراً، فإنّنا ننظر بإيجابيَّة إلى زيارة الرئيس الأميركي إلى أحد مساجد أميركا، رغم أنها تأتي في ظلّ الصّراع الدّاخليّ والحملات الانتخابيّة، حيث أكّد موقع الإسلام في أميركا، والدور الإيجابي الذي يقوم به المسلمون في هذا البلد، وأعلن وقوفه في وجه الحملات العنصريّة التي توجّه ضد المسلمين.

إنَّنا نأمل أن تتحوَّل هذه المواقف إلى أفعال، وأن لا تقف عند حدود المجاملات والكلام الدافئ والمعسول الَّذي اعتدناه في مواقع أخرى.

 

المكتب الإعلامي لسماحة العلامة السيد علي فضل الله

التاريخ : 26ربيع الثاني1437هـ الموافق : 5 شباط 2016م

Leave A Reply