امتحان الإيمان أمام سلطة المال

ألقى العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:

 

الخطبة الأولى

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز:

{وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آَتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا الله مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ}. صدق الله العظيم.

 

قصَّة ثعلبة بن حاطب

ورد أنّ هذه الآيات من سورة التّوبة، نزلت في رجلٍ من الأنصار، هو ثعلبة بن حاطب، وكان من صحابة رسول الله(ص)، ممن لا تفوته صلاة خلفه في مسجده في المدينة المنوَّرة. كان ثعلبة فقيراً وأوضاعه الماليّة ضيّقة، لذا، ومن موقع صحبته للرّسول، كان يطلب منه أن يدعو الله أن يرزقه ليغتني ويصبح قويّاً بماله وثروته. وكان النبيّ(ص) ينصحه قائلاً: "قليلٌ تؤدّي شكره، خير من كثيرٍ لا تطيقه".

 

فقد كان رسول الله(ص) بفطنته وفراسته وذكائه الاجتماعيّ، يخشى على ثعلبة أن يُفقده المال صوابه، فيؤثّر في إيمانه والتزامه. ولكنّ ثعلبة بقي يلحّ ويصرّ على أنَّ الغنى لن يغيّره ويبدّله، وكان يقول لرسول الله(ص): والّذي بعثك بالحقّ نبيّاً، إن أغناني الله، لأتصدّقنّ وأكوننّ من الصالحين، ولأعطينّ الحقوق، وأؤدّين كلّ الواجبات.

المهمّ، دعا النبيّ(ص) الله بأن يرزق ثعلبة ـ ودعاء النبيّ مستجاب ـ ولم يمضِ وقت طويل حتى تغيّرت حال ثعلبة.

فعلى رواية، أنه توفي ابن عمّ له وكان غنيّاً، وورث منه الرّجل ثروة عظيمة، وعلى رواية أخرى، اشترى غنماً، فلم تزل تتوالد وتتكاثر، حتّى كانت سبب ثروته كما رغب وتمنّى.

 

بعد ذلك، انشغل ثعلبة، وأصبح يصلّي في المسجد بشكل متقطِّع، ولكنّه بقي يواظب على صلاة الجمعه. وتدريجيّاً، وعلى مرّ الأيام، تخلّف نهائياً عن المسجد، ولم يعد هناك لا صلاة يوميّة، ولا حتى صلاة الجمعة.

 

وكان رسول الله يجد له أعذاراً، إلى أن انقطع كلّياً عن الحضور والتّواجد في مسجده، فأرسل من يستعلم عن حاله، وكان من عادة رسول الله(ص) أن يتفقّد أصحابه الذين يتغيّبون عن المسجد، خشية أن يكون أصابهم مرض أو أيّ طارئ.

جاءه الخبر أنّ السّبب في انقطاع ثعلبة هو انشغاله التامّ بتجارته وتفرّغه لها، فأسف رسول الله حينها وقال: "يا ويح ثعلبة، يا ويح ثعلبة! غرّته الدنيا بغرورها، وشغلته عن عبادة ربّه".

 

على الفور، أرسل إليه رسول الله(ص) يذكِّره بوعده له، ولكنّ ثعلبةلم يستجب ولم يكترث، وأدار ظهره للوعد الذي كان قد قطعه لرسول الله، بأنّ المال لن يغيّره، وسيبقى على ما كان عليه، وظلّ متغيّباً عن المسجد وعن رسول الله وعن مجتمع المؤمنين.

 

مرَّت الأيام، ونزلت آية الزّكاة على رسول الله(ص): {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَالله سَمِيعٌ عَلِيم}.

 

وبمقتضى الآية، أرسل النبيّ جباةً لاستيفاء أموال الزكاة من الأغنياء لحساب الفقراء، لتنظيم التَّوازن في المجتمع.

وصل عاملان من عمّال الزكاة إلى ثعلبة، فسألاه أن يدفع الزكاة المتوجّبة ـ وبالطبع، كانت الزكاة كبيرةً لحجم ثروته ـ غير أنّه امتنع ورفض أن يدفع أيّ شيء من ماله أو ثروته، وحتى يبرّر لنفسه، راح يناقش حكم الزكاة في الأصل معترضاً عليه، ملتفّاً على الحكم بقوله: "نحن أسلمنا حتى لا نؤدّي الجزية كأهل الكتاب، فإذا وجبت علينا، فأيّ فرق بيننا وبينهم؟!".

إذاً، اعتبر الرجل أنه كمسلم له امتيازات وليس عليه واجبات دفع أموال كما يدفع أهل الكتاب.

 

وبكلّ صلافة وجرأة، طلب ثعلبة من عاملَي الزكاة أن يقولا لرسول الله ما مفاده: لا أريد أن أدفع، المال مالي، أنا حصلت عليه وأنا أحقّ به.

 

وبلغ رسول الله(ص) ما قاله ثعلبة، فغضب، وكرّر ما قاله سابقاً: يا ويح ثعلبة! يا ويح ثعلبة!

والويح في اللّغة: كلمةُ ترحُّم وتوجُّع . وقيل: هي بمعنى وَيْل.

بعدها، نزلت الآيات: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ الله لَئِنْ آَتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ* فَلَمَّا آَتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ}.

وهذا ما جعل هذا الصّحابي ينتقل من صفة الإيمان إلى أسوأ صفة وهي النّفاق: {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا الله مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ}.

 

اختبار المال

أيّها الأحبَّة؛ لم يكن ثعلبة حالة فريدة في التّاريخ، ولن يكون كذلك في الحاضر والمستقبل، هو حالة تتكرَّر في كلّ زمان وعصر، هو بلاء الخير والمال والجاه، هو الاختبار لمن لم يكن ثمّ كان، لمن هبطت عليه نعمة الثّروة أو الموقع، أقبلت عليه الدنيا بزخارفها، تبدّلت أحواله من العسر إلى اليسر، فبدّل مساره ومبادئه وقيمه، وأدار ظهره وأسقط تاريخه في التّواضع أو الإيمان أو الالتزام بالواجبات وأداء الحقوق، وتسلَّح بأعذار وراح يفلسف المعاصي، حتى لا يُدان أمام نفسه أوّلاً، وأمام الآخرين، وهذا بداية السقوط والانحدار.

 

ولقد أورد الله لنا هذه الحادثة تحديداً، لأثرها التربويّ العالي؛ إنّها دعوة لكلّ مؤمن ليحصّن دفاعاته، فلا يسقط عند أوَّل اختبار سلطة أو مال أو شهوات وأهواء وغرائز. وما أكثر هذه الابتلاءات في حياة الإنسان! وهي مكمن فساده وإفساده، ولأجلها تقام الحروب، وتشرَّع الأحقاد، ويُطمَس الحقّ، ويغيَّب الصَّواب، ويُقفَز فوق المنطق، ويُدخَل في التبريرات والأعذار وفلسفة المعاصي وتبرير الشرّ وما إلى هنالك.

 

إنّ المقياس الذي يقاس به الإيمان، لا يكون دقيقاً إلا في الحالات الصعبة وعند التحدّيات:

فالإيمان يُعرف عند الشدّة والعسرة، ويعرف أكثر عند الرّخاء واليسر.

والإيمان يختبر عند الضّعف، ويختبر أكثر في حال القوّة.

والإيمان يمتحن عند الفقر، ويمتحن أكثر عند الغنى.

 

وقد قيل للإمام الصادق(ع): "شيء يروى عن أبي ذرّ، أنه كان يقول: ثلاث يبغضها الناس وأنا أحبّها: أحبّ الموت، وأحبّ الفقر، وأحبّ البلاء. فقال الصّادق(ع): إنما عنى: الموت في طاعة الله، أحبّ إليه من الحياة في معصية الله، والبلاء في طاعة الله، أحبّ إليه من الصحة في معصية الله، والفقر في طاعة الله، أحبّ إليه من الغنى في معصية الله".

 

إنَّ الفقر مذموم، والغنى ليس مرفوضاً، والضّعف مذموم، والموقع ليس مرفوضاً… ولكنّ المصيبة، كلّ المصيبة، أن يملك الإنسان ثروةً أو جاهاً أو قوّة على حساب إيمانه، على حساب مبادئه وقيمه وإنسانيّته. والطامّة الكبرى، عندما يغرق الإنسان وينسى للحظة أنّ الرّازق هو الله، وأنّ المعزّ هو الله، وأنّ الرّافع هو الله.

 

وهو ذا قارون، من قبل ثعلبة بن حاطب، أورد الله قصّته، وبيّن لنا عاقبته:

{إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ الله لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ * وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ الله الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ الله إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ الله لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ * قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الله قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ}. إلى أن قال: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ الله وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ… تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}.

 

 

الخطبة الثانية

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بما أوصى به الإمام عليّ(ع) واليه مالك الأشتر، عندما ولاه ملك مصر، فقال: "وإذا أحدث لك ما أنت فيه من سلطانك أبّهة (عظمة)، أو مخيّلة (عجب وخيلاء)، فانظر إلى عظم ملك الله فوقك، وقدرته منك على ما لا تقدر عليه من نفسك، فإنَّ ذلك يطامن إليك من طماحك (يخفض من جماحك)، ويكفّ عنك من غربك (يرجع إليك ما غاب من عقلك)، ويفيء إليك بما عزب عنك من عقلك. إياك ومساماة الله في عظمته، والتشبّه به في جبروته، فإن الله يذلّ كلّ جبار، ويهين كلّ مختال. أنصف الله وأنصف الناس من نفسك، ومن خاصّة أهلك، ومن لك فيه هوى من رعيّتك، فإنّك إلا تفعل تظلم، ومن ظلم عباد الله، كان الله خصمه دون عباده، ومن خاصمه الله، أدحض حجّته (أبطل حجّته)، وكان لله حرباً حتى ينزع (يقلع عن ظلمه) أو يتوب، وليس شيء أدعى إلى تغيير نعمة الله وتعجيل نقمته من إقامة على ظلم، فإنّ الله سميع دعوة المضطهدين، وهو للظّالمين بالمرصاد".

 

لقد رسم الإمام عليّ(ع) من خلال هذه التوجيهات، صورة الحاكم في الإسلام، فالحاكم هو من لا يتحيَّز، ولا يتكبَّر، ولا يطغى، ويعطي الله ما يجب عليه له، ولا يغمط النّاس حقوقهم، ويأخذ قوّة الله وعظمته دائماً في الاعتبار.

 

إننا أحوج ما نكون إلى هذا الحاكم والمسؤول الذي يشعر برقابة الله عليه، وبحضوره الدائم معه في حياته، فلا يرى نفسه حرّاً يتصرّف في موقفه كما يشاء، فيظلم ويتحيَّز ويطغى ويتكبَّر، وبذلك نغيّر واقعنا، ونصبح أكثر قدرة على مواجهة التحدّيات.

 

هل تنقذ الحكومة البلد؟!

والبداية من لبنان، الّذي توشك حكومته أن تنال الثِّقة بأرقام عالية، على الرّغم من عصف الانتقادات التي أطلقها النوّاب من على الشَّاشات، وكان العديد منها موضوعيّاً يستند إلى الوقائع، وموثَّقاً بالأرقام، وكشف بوضوح مدى استشراء الفساد والهدر والتوظيف الانتخابي والمحاصصة والتلاعب بالمال العام، وهو ما يفترض من الحكومة عدم التهرب من مواجهتها، بل التحضير لمعالجتها، من خلال خطّة عمليّة تخفّف المعاناة التي يعيشها اللّبنانيون.

 

إنّنا، ورغم كلّ ما سمعنا ورأينا، لن نتسرّع في الحكم على أداء الحكومة الجديدة، فنراها تكراراً لما كانت عليه الحكومات السابقة، علماً أننا نعي أنَّ القوى السياسية التي تمثل في هذه الحكومة، هي نفسها الّتي كانت في الحكومات السابقة التي تثار حولها كلّ هذه الملفّات. وقد لمسنا في كلّ ما قيل ويُقال، عن أنَّ هناك توجهاً لدى الجميع يتركّز على إنقاذ لبنان من التّدهور الاقتصاديّ، وإخراجه من متاهة الأزمة الاجتماعية الخانقة، وإننا نأمل أن يكون ذلك أسلوباً جديداً في أداء الدولة، وليس آنياً فرضته الظروف الصعبة التي يمرّ بها لبنان، ليتحوّل هذه المرّة إلى موقف جدّي وإلى تضامن فعلي حقيقي داخل الحكومة وخارجها.

 

ومن هنا، وفي إطار السجالات والمماحكات التي سمعها اللّبنانيّون ورأوها، وظهرت آثارها على الأرض، فإننا نرى أنَّ على كلّ الأطراف أن يبتعدوا عن سجالات لا تغني ولا تُسمن من جوع، بل تفتح جروح الماضي من دون جدوى.

 

ولا يعني هذا أنّنا ضدّ النَّقد، فنحن مع كلّ نقد بنّاء، شريطة أن يبقى تحت سقف التوجّه الإصلاحي، وبعيداً من إثارة الحساسيات الداخليّة، وألا يفسح في المجال أمام المتورّطين بالفساد للإفلات من العقاب تحت وطأة هذه السجالات.

 

إنّنا نرى أنَّ الحكومة أمام امتحان فعليّ في الأشهر القادمة، وأنَّ عليها الاستثمار في كلّ شيء؛ في الرّغبة الشعبيّة في الخلاص من هذا الوضع المأزوم، وفي عودة الالتفاف العربيّ والإسلاميّ حول لبنان ــ ولا سيَّما بعد إعلان بعض الدول العربية رفع الحظر عن سفر رعاياها إلى لبنان ــ وفي التنافس الإقليمي الراهن لتحقيق المزيد من المكتسبات لمصلحة البلد.

 

إننا مع كلّ الناس، سنتريَّث في إعطاء الحكومة الثّقة إلى حين رؤية الأفعال بعد سماع الأقوال، وبعد أن نشعر بأنها أحدثت فارقاً نوعياً في ملاحقة الفاسدين، وفي إيقاف مزاريب الهدر من المال العام، وفي تحسين الأوضاع الاجتماعيّة والاقتصاديّة، وفي جعل البلد قادراً على مواجهة التحدّيات التي تنتظر في الداخل والخارج.

 

مؤتمر التّطبيع

وإلى وارسو، حيث حطَّت رحال بعض العرب، إلى جانب مسؤولي الكيان الصهيوني، في مؤتمر بات واضحاً أنَّ الإدارة الأميركيّة أرادت منه فتح الأبواب أكثر على التطبيع بين العرب وهذا الكيان، وعلى حساب الشعب الفلسطيني، لحساب ما يُسمَّى "صفقة القرن"، لتكون المواجهة مع إيران.

إنّنا نرى أنَّ هذا المؤتمر الذي حمل عنوان "السلام في الشّرق الأوسط"، لن يؤدّي إلا إلى رفع منسوب التوتر في المنطقة، فلا سلام في ظلِّ القهر والاستبداد الَّذي يمارَس على الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة. ونحن نتساءل عن أيّ سلام يتحدّثون في ظلِّ تعويم الكيان الصهيوني وتعزيز حضوره، وهو المسؤول الأوّل عن معاناة المنطقة وشعوبها، ولأجله تحدث كلّ الفتن والحروب؟! ومن المؤسف أن نرى، ومع بداية هذا المؤتمر، تقديم الخدمات المجانية للعدوّ، بالإسراع في التطبيع معه والتواصل المباشر بين بعض المسؤولين العرب ورئيس وزراء العدو.

 

وقد لا يكون من قبيل المصادفة، أن يتزامن هذا المؤتمر مع الاعتداء الَّذي استهدف إيران في عمليّة التفجير التي وقعت في زاهدان، والتي يعتقد الكثيرون أنها تشكّل ضغطاً أمنياً يستكمل الحصار السياسي والاقتصادي والإعلامي الظالم، والذي يجري بعيداً من القرارات الدولية والمواثيق الإنسانيّة.

 

مؤتمر سوتشي

وبالانتقال إلى مؤتمر سوتشي، فإننا نتمنّى أن ينجح في تذليل العقبات، وأن يفتح الطريق أمام الحلّ في سوريا، وأن يغلب منطق الحوار السياسي في نهاية المطاف، ليخرج البلد من دائرة الفتنة والحرب، ويبدأ عمليّة الإعمار الشّاملة، ويستعيد دوره على مختلف المستويات.

 

ذكرى شهداء المقاومة

وأخيراً، ونحن نستعيد في هذه الأيّام ذكرى القادة الشهداء في المقاومة الإسلاميَّة، الَّذين بذلوا أرواحهم في سبيل عزّة هذا الوطن وحريته وكرامته واستقلاله، فإننا ندعو إلى أن يبقى هؤلاء في ذاكرة كلّ اللّبنانيّين، وأن لا ينسوهم تحت أيّ ضغط طائفي أو مذهبي أو سياسي، ولا ينسوا تضحياتهم لأجل هذا الوطن.

 

Leave A Reply