تسبيحة الزهراء(ع)هدية من رسول الله(ص)

ألقى سماحة العلامة السيد علي فضل الله ، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه: 
 
الخطبة الأولى
قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}.. صدق الله العظيم
 

مرت علينا في الثالث عشر من شهر جمادى الأولى ذكرى وفاة الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، وذلك بناء على الرواية المعتمدة التي ترى أنّ وفاتها حصلت في هذا اليوم أي بعد وفاة رسول الله(ص) بخمس وسبعين يوماً.. وهناك رواية أخرى أنها حصلت في الثالث من جمادى الثاني ورواية في الثالث عشر من ربيع الثاني.

 

ونحن في هذه الذكرى الأليمة التي فجعت قلب علي وزينب والحسن والحسين وأم كلثوم(ع) وجددت فيهم أحزانهم على رسول الله(ص).. والذي برز أكثر ما برز في تأبين أمير المؤمنين(ع) لها عندما وقف على ملحودة قبرها وتوجه إلى حيث رسول الله(ص) قائلاً: "قلّ، يا رسول الله، عن صفيّتك صبري، ورَقَّ عنها تجلُّدي، إلا أنّ في التأسّي لي بعظيم فُرقتك، وفادح مصيبتك، موضع تعزٍّ، فلقد وسّدتُك في ملحدةِ قبرك، وفاضت بين نحري وصدري نفسُكَ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون. فلقد استرجعت الوديعة، وأخذت الرهينةُ! أما حزني فسرمَدٌ، وأما ليلي فمُسهّدٌ، إلى أن يختارَ الله لي دارك الّتي أنت بها مقيم"..

 

ونحن اليوم سوف نستلهم بعض ما ورد من سيرتها سلام الله عليها، لنقتدي بها وهذا هو ما تريده الزهراء(ع) منا، هي تريدنا أن تكون حياتنا أطهر وأصفى وأبقى كطهرها ونقائها وصفائها.. حيث ذكر فيها أنها(ع) جاءت يوماً إلى بيت أبيها رسول الله(ص) لتطلب منه خادمة تعينها على أعباء المنزل وثقل المسؤوليات الملقاة على عاتقها فيه مسؤوليات تضاف إليها في الحياة العامة وحمل هموم الناس، لكنها وجدت عنده جمعاً من الناس، فهي لم تشأ أن تشغله عنهم.. فاستأذنته ورجعت إلى بيتها.. فما إن انتهى رسول الله(ص) من الوافدين له حتى أسرع إلى بيت فاطمة ليستعلم حاجتها، فلم تشأ أن تخبره عن ذلك بوجود علي(ع) معها، فقال: "يا رسول الله، إن  ابنتك استقت بالقربة حتى أثّر في صدرها، وطحنت بالرحى حتى مجلت يداها، وكسحت البيت حتى اغبرّت ثيابها، وأوقدت النار تحت القدر حتى دكنت ثيابها.. فقلت لها: لو أتيت أباكِ فسألتيه خادماً يكفيكِ ضرّ ما أنتِ فيه من هذا العمل، (لعله يعطيك مما أفاض الله عليه والنبي(ص)) كان آنذاك على رأس الدولة وأمورها بيده* دمعت عينا رسول الله(ص) لما آل إليه حال ابنته الزهراء من التعب وثقل الأعباء..

 

لقد كانت الزهراء (ع) تحب بيتها والعمل فيه فهو جهادها، وهي تعي مدى التكريم الذي تحظى به المرأة من خلال هذا العمل، وهي من سمعت رسول الله(ص) يقول: "أيما امرأة رفعت من بيت زوجها شيئاً من موضع إلى موضع تريد به صلاحا نظر الله عز وجل إليها ومن نظر الله إليه لم يعذبه"، وقد كانت تقول عندما يراها رسول الله(ص) في بيتها الحمد لله على نعمائه والشكر على آلائه.. وهي ما كانت لتترك كل هذا التكريم وتطلب خادمة، ولكنها وصلت إلى حد باتت تنوء فيه بالأعباء..

 

لم يكن رسول الله(ص) ليبخل عن ابنته الزهراء(ع) بضعته وروحه التي بين جنبيه بخادمة توفر لها بعضاً من راحة هي أحوج ما تكون إليها.. ولكن رسول الله(ص) كان يريد لابنته أمراً آخر كان يراه أهم لها.. لذا قال لها ولعلي(ع) لكونهما كانا يتشاركان المسؤولية: "أفلا اُعلّمكما ما هو خير لكما من الخادم؟ إذا أخذتما منامكما فسبّحا ثلاثاً وثلاثين واحمدا ثلاثاً وثلاثين وكبّرا أربعاً وثلاثين".. قالت فاطمة(ع): رضيت عن الله وعن رسوله، ومثل ذلك قال علي(ع).. وأصبحت هذه التسبيحة على لسانهما يرددانها عند كل منام وبعد كل صلاة..

 

لقد كرم رسول الله(ص) ابنته السيدة الزهراء(ع) عندما اقترنت التسبيحة باسمها فسميت تسبيحة الزهراء بحيث كلما ذكرت ذكرت معها الزهراء والأحاديث التي أشرت إلى أهميتها والأثر الذي تتركه على كل من يقرأها ويأتي بها..

وقد أشارت الأحاديث إلى هذا الثواب، فقد ورد عن الإمام الصادق(ع): "ما عُبد الله بشيء من التحميد بعد الصلاة أفضل من تسبيح فاطمة ولو كان شيء أفضل منه لنحله رسول الله(ص) إلى فاطمة(ع)"..

 

وفي حديث آخر من أحد أصحابه قال سمعت أبا عبد الله (الإمام الصادق(ع)) يقول: "تسبيح فاطمة الزهراء(ع) في دبر كل صلاة أحب إلي من صلاة ألف ركعة في كل يوم".. يعني لو خير الإمام سلام الله عليه بين صلاة ألف ركعة وبين ذكر تسبيحة الزهراء(ع) لفضل تسبيح الزهراء وهذا لعظيم شأنها..

 

لكن كل هذا الثواب أو الآثار التي تتركها هذه التسبيحة هي مرهونة ككل العبادات والأذكار بمدى تفاعل القلب مع أذكارها.. فلا يكفي الإنسان حتى يحظى بهذا الثواب تحريك لسانه بها، بل لا بد أن يعيش معانيها حتى تترك أثرها في حياته، ولذلك ورد في آداب هذا التسبيح أنه لا بد فيه من التبتل والتضرّع والانقطاع والتذلل في القلب.. وحتى يؤدي هذا الذكر دوره فلا بد من أن يؤدي كاملاً غير منقوص..

 

ولذا ورد عن الإمام الصادق(ع): "إذا شككت في تسبيح فاطمة الزهراء فأعده".. أي عد واذكر ما شككت في إتيانه حتى تتأكد من اكتمال العدد.

أما الفوائد الروحية والمعنوية والتربوية التي تحصل من هذه التسبيحة، فقد أشارت الأحاديث إلى عدة من هذه الفوائد:

هو ما ورد عن الإمام الصادق(ع) أنه قال لأحد أصحابه: "يا أبا هارون، إنا لنأمر صبياننا بتسبيح فاطمة(ع) كما نأمرهم بالصلاة" (وفي هذا إشارة واضحة إلى أهمية التربية على الصلاة.. وهنا نسأل كم منا يهتم بإيصاء أولاده هذه التسبيحة).. ثم يقول الإمام(ع): "فالزمه فإنه ما لزمه عبد فشقي"..

 

فالحديث يشير إلى أن الشفاء من الشقاء يتم بالأخذ بالأذكار الواردة بهذه التسبيحة والالتزام بها، والشقاء ينشأ من الاضطراب النفسي والقلق والتوتر، وهو في مقابل السعادة التي تنشأ من الاطمئنان..

 

فالإتيان بتسبيحة الزهراء يعزز هذا الاطمئنان في القلوب لكونها تعزز الذكر لله وتعمقه في النفوس {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}، فيما الشقاء ينتج عن الإعراض وعدم الانصياع لإرادته كما ورد في القرآن الكريم: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى}، وقوله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً}.. {فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى}….

 

أما الفائدة الثانية فهي التي وردت في الحديث عن تسبيح الزهراء(ع): "من سبح تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام فقد ذكر الله الذكر الكثير"..

 

والذكر الكثير هو ما حث الله سبحانه وتعالى عليه عندما تحدث عن أولي الألباب، قال: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}..

وقال: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}..

 

وقد ورد في الحديث عن رسول الله(ص): "من أكثر ذكر الله عز وجل أحبه الله ومن ذكر الله كثيراً كتبت له براءتان: براء‌ة من النار وبراء‌ة من النفاق "..

أما لماذا كانت تسبيحة الزهراء من الذكر الكثير، فهذا يعود لأن عدد أذكارها كثيرة، فهي قد تصل إلى المئة، فكيف إذا تكررت بعد كل صلاة وقبل النوم وفي أية مواقع أخرى.. ما يعود إلى أنه عند ذكر التسبيحة يتجاوب مع ذكرها عالم الملائكة وساحات المكان وفضاءات الزمان عندما تلهج بهذه التسبيحة، وإذا كان هناك من يشكك في قدرة هذه العوالم على التسبيح فهذا مما أكده القرآن الكريم الذي يقول: {يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ}..

 

أما الفائدة الثالثة: فهي المعاني التي تشير إليها أذكار التسبيحة والتي لها أثر على بناء الإنسان الروحي والتربوي، فالتكبير الذي تعبر عنه كلمة الله أكبر هو إعلان من الإنسان بأن الله كبير ولا أحد بموازاته، لا في القدرة ولا في الرزق ولا في التدبير ولا في الخلق.. وهذا ما يدعو الإنسان إلى أن يكون وجهته إليه لا أحد غيره، والحمد لله هو إعلان من الإنسان أن الله هو المنعم والمتفضل عليه وأن كل ما عنده هو منه، ولذلك هو أحق بالشكر والتقدير من أي أحد..

 

وأما التسبيح بالقول سبحان الله، فهو إعلان من الإنسان بكمال الله وأنه عندما يستند إليه فهو يستند إلى ركن وثيق.. بأن ربه هو الكبير المتعال والذي لا نقص فيه ولا عيب وأنه مجيب لعباده ومعطاء وكريم.. فسيشعر بالأمل والاطمئنان والثقة.

هذا غيض من فيض الزهراء علينا، وإخلاصنا لن يكون من خلال الالتزام بما التزمت به والعمل بما عملت به وبما ترتب عليه، لقد أخلصت الزهراء(ع) لله أحبته وأكثرت من ذكره وشكره والثناء عليه في تسبيحها وعبادتها التي بلغت بها أن عبدته حتى تورمت قدماها.. فلنخلص لله الحب بالعبادة والتعظيم والشكر، وبذلك نكون أوفياء لها ومعبرين عنها..

نسأل الله أن يوفقنا لذلك والسلام عليها يوم ولدت ويوم انتقلت إلى رحاب ربها ويوم تبعث حية..

 
الخطبة الثانية
 
عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بأن نهتدي بوصيّة الزهراء (ع)، التي تنقل لنا سيرتها أنها دعت علياً (ع) عندما دنت منها الوفاة، وقالت له: "يا ابن عم! إنه قد نُعيت إليّ نفسي، وإنني لا أرى ما بي، إلا أنَّني لاحقة بأبي ساعة بعد ساعة، وأنا أوصيك بأشياء في قلبي. قال لها علي (ع): أوصِني بما أحببتِ يا بنت رسول الله! قالت: يا ابن عم! ما عهدتني كاذبة ولا خائنة، ولا خالفتك منذ عاشرتني".
 

لقد حرصت الزهراء (ع) قبل أن تغادر هذه الحياة، وتنتقل إلى رحاب الله، على أن تطمئن إلى أنها لم تسئ إلى عليّ (ع)، فهي لم تكذب عليه، وعملت بمسؤولياتها حياله، وحرصت على رضاه، فقد تخطئ المرأة بحق زوجها، وقد تسيء إليه بماله، أو قد لا تقوم بمسؤولياتها تجاهه، وقد كان ردّ عليّ (ع) معبراً عندما قال لها: "معاذ الله! أنتِ أعلم بالله، وأبر وأتقى وأكرم، وأشد خوفاً من الله من أن أوبّخك بمخالفتي. قد عز علي مفارقتك وفقدك، إلا أنّه أمر لا بدّ منه".

لقد أرادت السيدة الزهراء (ع) من خلال ذلك، أن تعطي درساً لكلِّ امرأة في أن تنتهج هذا النهج في حياتها الزوجية، وأن لا تغادر الحياة إلا بعد أن تطمئن إلى أنها أدت جميع واجباتها.

وبذلك، نبني بيتاً ملؤه السكينة والطمأنينة والمودة، ومجتمعاً مستقراً، وبذلك نواجه التحديات.

 

لبنان

والبداية من لبنان، الذي عانى في الأيام الماضية أزمة وعى الكلّ خطورتها على الاستقرار والسلم الأهلي وعلى انتظام عمل المؤسَّسات. ونحن هنا، لا نريد أن ننكأ الجراح مجدداً، في الوقت الذي بدأت تلوح في الأفق بوادر حلّ نأمل أن يصل إلى خواتيمه التي يريدها كلّ اللبنانيين، ولكن لا بدَّ من التوقف عند الإشكالات التي أدت إلى ما حدث.. وهي أولاً تتصل بالخطاب، فمن الواضح أن ما جرى كان سببه الخطاب الذي نعتقد أنه ما كان ينبغي أن يصدر عن موقع مسؤول، فهو لم يأخذ بعين الاعتبار موقع الشخصية التي أساء إليها، ورمزيّتها وتاريخها، وموقعها في نفوس اللبنانيين جميعاً، وليس فقط لدى أبناء طائفتها، كما لم يأخذ في الاعتبار الحسابات التي تنتج في هذا الوطن المتعدد الطوائف، والمستنفر دائماً على هذا المستوى، عندما يسيء رمز من بعد طائفيّ إلى رمز من بعد طائفي آخر.. وخصوصاً أن ذلك يصبّ الزيت على نار التوتر الذي كان يحكم الساحة، فالخلاف الذي حصل بسبب مرسوم الأقدمية لم تنته تداعياته بعد.

 

إنَّ من الطَّبيعي لدى البعض أن يختلف المسؤولون، أو أن يسعى البعض إلى شد عصب طائفته، ولكن لا بد من الأخذ بعين الاعتبار حساسيات الأرض التي نعيش عليها، والهواجس التي لا تزال تحكمها، وأنّ هناك من يتربص بالساحة اللبنانية، ممن لا يريد لها الاستقرار، وما العدو الصهيوني عنا ببعيد!

 

والإشكال الآخر الذي لا بد من علاجه، هو سرعة النزول إلى الشارع. إن من حق أي فريق أو جهة أو مجموعة من الناس أن تعبر عن سخطها، ومن حقها التعبير عندما يساء إلى رمز وطني أو ديني له دوره وموقعه، لكن لا بدَّ من الالتفات إلى تداعيات هذا الأسلوب ومخاطره، وإلى الداخلين على خطه، فلا بد من أن يدرس الأسلوب الأنجع الذي لا يخلق آثاراً سلبية في حركة المواطنين وفي البيئة، ولا يؤدي إلى توتر طائفي أو مذهبي.

 

ونحن هنا نتوجَّه إلى كلّ أبنائنا وإخواننا وأخواتنا، لنقول لهم: مهما كان الجرح عميقاً، ومهما كانت الإساءة كبيرة، لا بدَّ من أن تبقى قيمنا حاضرة عند التعبير عما يؤلمنا ويزعجنا ويوترنا، وأن نكون زيناً لمن نمثّل، لا شيناً، فقيمنا وأخلاقياتنا لا بدَّ من أن تبقى حاضرة في ممارساتنا السياسية، وعند الاختلاف، وفي الاحتجاج، وفي كلّ موقف.

 

إنَّ علينا أن لا نخضع لمنطق ردود الفعل السريعة الانفعالية التي قد تؤدي إلى أن يسقط الهيكل على رؤوس الجميع. ويبقى الإشكال الأخير هو عدم السرعة في حل الخلافات والتوترات والاعتذار عن الأخطاء، وهو ما يؤدي إلى أن يخرج الجمهور العام عن طوره، وينزل إلى الشّارع.

 

إنّنا في الوقت الَّذي ندعو إلى أخذ هذه الإشكالات بعين الاعتبار، لكي لا يتكرر ما حصل، نأمل أن تطوى آثار ما جرى نهائياً.. ونحن على ثقة بأنَّ القيادات الرسمية الواعية التي كانت طوال تاريخها صمام أمان للبنانيين، ومرجعاً لحلّ خلافاتهم، ستعيد تصحيح المسار، وتسير بالبلد إلى شاطئ الأمان.. لتعود لغة الحوار والمؤسّسات هي الحاكمة.

 

وفي موقع آخر، لا بدَّ من التنبه إلى خطورة انعكاس ما يجري في الداخل على عالم الاغتراب، ولا سيما البلدان الأفريقية، وتأثير ذلك في علاقات اللبنانيين ببعضهم البعض هناك، وفي دورهم وحضورهم الذي ينبغي الحرص عليه، ليبقى اللبنانيون موحدين، ففي ذلك قوة للبنان. وهنا نأمل من القيادات أن تقوم بدورها، ونحن ننتظر أن تقوم به، لتحفظ هذه الرئة التي يتنفّس منها لبنان.

 

وفي هذا الوقت، يدخل الكيان الصهيوني على خط الخلافات الداخلية، ليصوّب على ثروة لبنان النفطية التي ينتظرها كلّ اللبنانيين، في محاولة للاستيلاء على النفط.. ما يستدعي تنبهاً إلى ما قد يقدم عليه العدو في هذا الصَّدد، وإن كنا نعتقد أنَّ هذا العدو ليس قادراً، كما يدعي، على أن يحقق ما يريده، من خلال الضغط على بلد علَّمه دروساً سابقة، وأثبت أنه ليس ساحة سهلة له، أو لقمة سائغة يمكنه أن يبتلعها ساعة يشاء.

 

 

البحرين

وأخيراً، لا بد من أن نبقي في ذاكرتنا أن الأزمة المستمرة في البحرين، بكلّ تداعياتها وممارستها، والتي، مع الأسف، تسير في خط تصاعدي بدلاً من أن تجد لها حلولاً، قد أوصدت أبواب الحلول في وجهها، وآخرها المبادرة التي أطلقها العلامة السيد عبد الله الغريفي، والتي كنا نأمل أن تؤخذ بعين الاعتبار، للسير بهذا البلد إلى جادة الوحدة والاستقرار التي نريدها له.

 
المكتب الإعلامي لسماحة العلامة السيد علي فضل الله
التاريخ :16 جمادي الاولى 1439هـ الموافق:2 شباط 2018م
 

Leave A Reply