حب الله عند الإمام الحسين(ع)

ألقى سماحة العلامة السيد علي فضل الله ، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:
 
الخطبة الأولى
 
 

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ} صدق الله العظيم.

 

نستعيد في هذا اليوم في العشرين من شهر صفر ذكرى الأربعين لاستشهاد الإمام الحسين(ع) والتي ارتبطت بزيارة مقامه في كربلاء، حيث يفد إليه ملايين البشر من كل بقاع الأرض ليعبروا عن حبهم وولائهم واستعدادهم لبذل التضحيات لتحقيق الأهداف التي سعى إليها كتلك التي بذلها هو وأصحابه وأهل بيته..

 

لذلك نحن ممن يدعون إلى هذه الزيارة لا في هذا اليوم، بل في كل يوم ونشجع عليها لكونها تمثل تعبيراً عملياً عن الوفاء لهذا الإمام(ع) الذي بذل كل ما بذل من أجل أن يصل الإسلام إلينا نقياً صافياً، وللآثار الروحية والإيمانية التي تتركها الزيارة على الزائرين وللثواب الذي يحظون به، ويكفي في ذلك ما ورد عن أحد أصحاب الإمام الصادق(ع) وهو معاوية بن وهب قال: استأذنت على أبي عبد الله(ع)، فقيل له: ادخل، فدخلتُ فوجدته في مصلاه في بيته، فجلست حتـّى قضى صلاته، فسمعته وهو يناجي ربّه، ويقول: "أللَّهم اغفر لي ولإخواني وزوّار قبر أبي الحسين بن عليّ صلوات الله عليهم، الّذين أنفقوا أموالهم، وأشخصوا أبدانهم، رغبة في برّنا، ورجاء لما عندك في صلتنا.. اللّهمّ إنّي أستودعك تلك الأنفس وتلك الأبدان حتّى ترويهم من الحوض يوم العطش الأكبر"..

 

 

إننا نريد لهذه الذكرى ذكرى الأربعين كما نريدها لكل ذكرياتنا، أن تمثل لنا فرصة ومناسبة لاستعادة المعاني والقيم التي عاشها الإمام(ع) في حياته لا لنكتفي كما يكتفي البعض بإظهار عظمة هذا الإمام(ع) بل حتى نقتدي به لنكون على صورته ومثاله..

وبهذا الاقتداء نحقق الولاية له، فالولاية ليست فقط عاطفة ومشاعر حب ودموعاً، فهي أبعد من ذلك هي سلوك وعمل على نهج من تتولاه..

 

وبذلك لا تعود هذه الذكرى مناسبة عابرة تنتهي بانتهائها بل تترك أثرها على سلوكنا ومواقفنا وتتحول بعدها إلى ورشة عمل تهدف إلى الإصلاح وإعادة البناء لنفوسنا وللمجتمع..

 

ونحن اليوم سنتوقف عند واحدة من القيم التي عاشها الإمام الحسين(ع) والتي طبعت شخصيته في كل مراحلها ولم تغادره حتى اللحظات الأخيرة من حياته.. وهي علاقته بالله، فقد عاش الحسين(ع) أسمى معاني الحب..

وقد عبرت عن ذلك فقرات دعاء يوم عرفة، الدعاء الذي يفيض حباً وتقديراً وشكراً لله على نعمه وعطاياه.. هذا الدعاء الذي يحرص الحجاج على قراءته في هذا اليوم المهيب، تعبيراً عن عمق هذه العلاقة، فقد جاء فيه:

"اللَّهُمَّ اجعَلني أخشَاكَ كأنِّي أرَاك، وأسعِدْني بِتَقواك، وَلا تُشْقِنِي بِمعصيتك، وخر لي في قضائك.. وَبارِكْ لي في قَدَرِكَ حَتّى لا أحُبَّ تأخيرَ ما عَجّلْتَ وَلا تَعْجيلَ ما أخّرْتَ.. اللهم اجعل غناي في نفسي، واليقين في قلبي والإخلاص في عملي، والنور في بصري، والبصيرة في ديني.."..

وفي فقرة أخرى من هذا الدعاء يستعرض الإمام(ع) مراحل خلق الإنسان والرعاية التي خصها الله به في مرحلة من هذه المراحل والتي تستوجب شكراً وإقراراً بالربوبية لله:

"أللهم إني أرغب إليك وأشهد بالربوبية لك مقراً بأنك ربي، وأن إليك مردي، ابتدأتني بنعمتك قبل أن أكون شيئا مذكوراً.. فابتدعت خلقي من مني يمنى، ثم أسكنتني في ظلمات ثلاث، بين لحم وجلد ودم.. ثم أخرجتني للذي سبق لي من الهدى إلى الدنيا تاما سوياً.. ورزقتني من الغذاء لبناً مرياً.. وكفلتني الأمهات الرواحم.. أوجبت علي حجتك بأن ألهمتني معرفتك.. ودللتني إلى ما يقربني إليك، ووفقتني لما يزلفني لديك فان دعوتك أجبتني.. وأن أطعتك شكرتني، وإن شكرتك زدتني كل ذلك إكمال لأنعمك علي، وإحسانك إلي فسبحانك سبحانك من مبدئ معيد حميد مجيد"..

وفي فقرة أخرى من هذا الدعاء يدخل الإمام(ع) في تفاصيل نعم الله فيقول: "يا من حفظني في صغري، يا من رزقني في كبري، يا من أياديه عندي لا تحصى ونعمه لا تجازى، يا من عارضني بالخير والإحسان وعارضته بالإساءة والعصيان، يا من هداني للإيمان من قبل أن أعرف شكر الامتنان، يا من دعوته مريضا فشفاني، وعريانا فكساني، وجائعاً فأشبعني، وعطشانا فأرواني وذليلا فأعزني، وجاهلاً فعرفني، ووحيداً فكثرني، وغائبا فردني، ومقلاً فأغناني، ومنتصراً فنصرني، وغنياً فلم يسلبني، وأمسكت عن جميع ذلك فابتدأني فلك الحمد والشكر، يا من أقال عثرتي ونفس كربتي، وأجاب دعوتي، وستر عورتي، وغفر ذنوبي، وبلغني طلبتي، ونصرني على عدوي، وان أعد نعمك ومننك وكرائم منحك لا أحصيها"..

وفي تعبير آخر عن هذه العلاقة هو ما حصل في ليلة العاشر من المحرم، عندما جاء إليه العباس قائلاً له: إن القوم استعدوا للقتال ويريدون الهجوم، فقال له: "استمهلهم هذه الليلة، لعلّنا نصلّي لربّنا الليلة وندعوه ونستغفره، فهو يعلم أنّي كنت قد أحبّ الصلاة له، وتلاوة كتابه، وكثرة الدعاء والاستغفار"..

وهنا تأملوا أيها الأحبة كيف سمت علاقته بربه فهو إذا أحب شيئاً أحب الصلاة وتلاوة القرآن والدعاء والاستغفار…

وتذكر السيرة أن الحسين(ع) وأصحابه باتوا ليلة العاشر ولهم دويّ كدويّ النحل ما بين راكع وساجد وقائم وقاعد..

وقد روى عن الإمام زين العابدين(ع): "أنّه في الليلة التي قُتل أبي في غدها، قام الليل كلَّه يصلّي، ويستغفر الله ويدعو ويتضرع"..

وفي يوم العاشر وفي أصعب الأوقات وأحلك الظروف، حرص على أن لا يفوته اللقاء بربه، فعندما جاء إليه من يقول له: حان وقت الصلاة.. أدى(ع) الصلاة جماعة بأصحابه رغم السهام التي كانت توجه إليه.. وقتها وقف أحد أصحابه أمامه يحميه بجسده حتى نخرت السهام جسده وسقط شهيداً بعد انتهاء الحسين من صلاته..

هذا هو الحسين(ع)، إذا أردنا أن نضيء أبرز معالم شخصيته فإننا لا نراها إلا في هذا الحب الدافق له، هذا الحب هو الذي جعله يبذل كل شيء ويضحي بكل شيء في كربلاء لأجله كان يرى الموت سعادة ولأجله كان لا يرى الألم حتى لو كان بحجم ذبح ولده الرضيع بين يديه والذي عبر عنه بقوله: "هون ما نزل بي أنه بعين الله"، ولسان حاله في ذلك:

إلهي تركتُ الخلقَ طُرّاً في هواكا *** وأيتمتُ العيالَ لكي أراكا

 فلو قطّعتَــني بالحـبّ إرباً *** لَـما مال الفؤادُ إلى سواكا

 

إننا أحوج ما نكون إلى هذا الزاد الروحي إلى تعزيز هذا الحب لله، ونحن إذا كنا نخشى على أنفسنا وواقعنا، فإننا نخشى أن تفقد هذا الحب حينها لن نعطي أهمية للصلاة أو لصلاة الجماعة أو الجمعة والدعاء وتلاوة القرآن وقيام الليل أو الحضور إلى المساجد وسنفقد هذه العناوين روحيتها في النفوس.. بحيث تتحول إلى طقوس لا آثار لها..

 

إن هذه العلاقة بالله أيها الأحبة هي صمام أماننا وحصننا التي نتحصن به.. وهي باب الذي نطرقه لبلوغ عزتنا وتحقيق أهدافنا في الدنيا والآخرة، والتي لا يمكن تحقيقها إلا من خلال الله.. فلا عزة إلا به ولا نصر لا رزق ولا تدبير إلا منه..

وهذا ما نقرأه في الدعاء: "فكم قد رأيتُ يا إلهي من أناسٍ طلبوا العزَّ بغيرك فذلّوا، وراموا الثروة من سواك فافتقروا، وحاولوا الارتفاع فاتّضعوا.. فلذلك اللهم إنّي أخلصتُ في انقطاعي إليك، وأقبلتُ بكلِّي عليك.."..

فنحن مع الله لن نخسر، نحن رابحون دائماً… نربح في الدنيا ونربح الربح الوفير في الآخرة، نربح في الدنيا قلوب الناس ومحبتهم واحترامهم.. ونربح عزة وحرية كما نربح الجزاء الأوفى عند الله وفي ظلال رضوانه.. وهنا نورد الحديث: "من أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس، ومن أصلح أمر آخرته أصلح الله أمر دنياه"..

والحسين(ع) هو خير مثال، فهو عندما أحب الله ومتن علاقته به تجلَّت شعاراته ومواقفه في القلوب والضمائر وتحققت في الحياة في استمرار الرسالة التي بذل حياته لأجلها..

هذه سنة الله في الحياة عبر عنها الله عندما قال: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً}.. نسأل الله أن نكون الموالين للحسين(ع) ولكل هذه العترة الطاهرة، ولن تجد لسنته تبديلاً.. لنعتبر أين هو وأين أعداؤه..

والحمد لله ربّ العالمين…

 
 
 
 
الخطبة الثانية
 
عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بما أوصانا به الله عندما قال لنا: {اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}، فقد أوصانا عندما تواجهنا التّحديات، وتشتدّ المصاعب، ونشعر بالأرض تكاد تهتزّ تحت أقدامنا، بأن نستعين بقيمتين؛ أن نستعين بالصّبر الَّذي يجعلنا نعيش هدوء النفس والسّكينة، ولا نجزع، ولا نيأس، ولا نفقد التفكير السليم والواعي. والقيمة الأخرى أن نستعين بالصّلاة، فهي معراج روح الإنسان إلى الله، ووسيلته الأفضل للتواصل معه، فالإنسان حين يرى نفسه أمام عواصف قاسية، ويشعر بضعفه في مواجهتها، يحتاج إلى سند قويّ، وأيّ سند هو أعز من سند الله الذي بيده الأمر والملك والتدبير!
 

والصّلاة تحقّق الارتباط والتواصل والعروج إلى هذا السّند، لتولد معها الطّمأنينة والسّكينة اللازمتان لمواجهة التحديات. ولذلك، يذكر أنّ علياً (ع) كان إذا هاله أمر، يفزع إلى الصَّلاة، مردّداً هذه الآية: {اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ}.

 

لبنان
 

والبداية من لبنان، الَّذي لا يزال تحت وقع الصَّدمة الَّتي نتجت من الاستقالة المفاجئة وغير المتوقعة لرئيس مجلس الوزراء، فرغم مرور عدة أيام على حدوثها، فإنها لا تزال محلّ تساؤل اللبنانيين على مختلف المستويات، عن حقيقتها وجديّتها وإذا ما كان قد أجبر عليها، وعن الأسباب والخلفيات الكامنة وراءها، والطريق الذي قد تؤدي إليه.

من حقّ اللبنانيين أن يطرحوا كلّ هذه التساؤلات، فالاستقالة حصلت، وبشكل غير مسبوق، من خارج حدود الوطن، وإلى الآن لم تقدّم بطريقة دستورية تؤدي مفاعيلها، إن كان الهدف منها هو الاستقالة فعلاً، وهي جاءت خارج السياق الّذي كان عليه الواقع السياسي. ورغم الخلافات الموجودة الَّتي حكمت الوضع السياسي الداخليّ، فإنها لم تكن تنذر بنشوب أزمة سياسية حادة تؤدي إلى الاستقالة، فباب التسويات الَّذي يحكم كلّ شيء في السّياسة الداخليّة، كان لا يزال مفتوحاً، والكل في الداخل اللبناني حريص على هذا التوافق.

 

لكن وإلى أن تنجلي الصورة وتتضح معالم المرحلة، تسيطر على اللبنانيين أجواء القلق والترقب مما ستحمله إليهم الأيام القادمة على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الأمني، وهم يعيشون تحت وطأة الشائعات والأخبار المختلفة التي تسعى إلى تسعير حرارة الأزمة، أو التغريدات النارية التي تحمل في كلّ يوم تهديداً للبنانيين بالويل والثبور وعظائم الأمور وانتظار المفاجآت، في ظلّ الحديث المتزايد عن أن التوافق السياسيّ الداخلي الذي نعم به اللبنانيون في الفترة الماضية، والذي أدّى إلى تفعيل حركة المؤسَّسات، قد انتهى، وأنّ لبنان عاد ودخل فعلاً أو أُدخل في عين العاصفة، بعد أن أفلت منها طوال السنوات السابقة، وأن حاله سيكون كحال بقية الدول، وأن طبول الحرب بكلّ عناوينها قد بدأت، وما على اللبنانيين سوى انتظار المستجدات.

 

وأمام هذا الواقع، وفي الوقت الَّذي لا نريد أن نهوّن من خطورة هذه المرحلة وتداعياتها، ومن المطلوب أن لا نهون منها، فإننا ندعو إلى عدم الاستسلام للتهويلات والانجرار خلف الشائعات والتحليلات المعروفة الأهداف التي تريد أن تسعر الخوف لدى اللبنانيين، ونحن لا نزال على قناعة بأن لبنان لا يزال محكوماً بتغطية دولية وإقليمية تضمن له الاستقرار، وتمنع أي انفلات أمنيّ، سواء على الحدود أو في الداخل، وهذا الذي نقوله دائماً، ليس لسواد عيون اللبنانيين، وإنما لوجود أعداد كبيرة من النازحين السوريين فيه، وهم في عهدة الأمم المتحدة، ويخشى البعض أن يشكلوا مشكلة للغرب، ولأن المرحلة هي مرحلة تسويات، وليست مرحلة حرب ودمار..

 

كما أنَّ القوى الأمنية أثبتت جدارتها في حفظ الأمن، وستبقى كذلك دائماً، كما أنَّ الاستنفار الحاصل على المستوى الاقتصادي، على صعيد المصرف المركزي والمصارف اللبنانية، سيترك أثره الإيجابي، ويبقى الأساس في ذلك هو الموقف الوطني الموحد الذي برز في مواجهة تداعيات ما جرى. ورغم ما صدر من أصوات محرّضة، فإنّ الجميع يتعاطى مع المستجدات بمسؤولية، ويحرص على عدم القيام بأية خطوة من شأنها زعزعة الاستقرار الداخلي، ويسعى إلى العمل على معالجة الأزمة القادمة بروح استيعابيَّة.

 

وهنا، لا بدَّ من أن نقدّر الحكمة التي تجلَّت في القيادات والفعاليات السياسية والدينية، ومن المطلوب استمرارها. ونحن من باب حرصنا على تحصين الساحة الداخلية التي قد يعمل البعض على زعزعتها، بالعودة إلى إثارة القضايا الخلافية الكبرى التي حرص اللبنانيون طوال المرحلة السابقة على تجنبها وإبقائها بعيداً عن التداول الداخلي، فإننا ندعو القيادات الفاعلة إلى أن تواصل منهجها في إطلاق الكلمة المسؤولة الواعية، والمواقف والتصريحات التي تقرب ولا تبعد، وأن لا تفسح المجال للموتّرين ليجدوا مجالاً رحباً لهم في هذه المرحلة، وأن تعمل لتفعيل الحوار الداخليّ، الذي لا ينبغي أن يحصل تحت وقع الضغوط القائمة، بل بفعل إرادة داخلية حريصة على الوحدة وعلى معالجة كل القضايا بروح وطنية ومسؤولة.. ومن الطّبيعي أن هذا الحوار لن يكتب له النجاح إلا بعد اكتمال عقد القوى السياسية الرئيسية وعودة الرئيس الحريري.

 

وتبقى الإشارة إلى كلّ الداعين إلى أن يقف اللبنانيون لمواجهة مكون من مكونات هذا البلد، كما يثار الآن، إلى أن يكونوا حريصين على هذا البلد وعلى استقراره، وأن يراعوا واقعه الداخلي والتوازنات التي تحكمه، وأن لا يكونوا سبباً لفتنة لن تقف إن حصلت، لا سمح الله، عند حدود هذا البلد.

 

إنَّنا نأسف على الواقع العربي، حين نرى أنَّ هناك في الغرب من هو أكثر حرصاً على استقرار الوضع اللبناني، حيث يتحدث مسؤولون غربيون عن أن ما يحدث في المنطقة هو محض جنون، وأن المنطقة بحاجة إلى حلول، وليست بحاجة إلى أزمات، وأن الحوار هو الباب الوحيد للوصول إليها، لا الحروب والفتن.

 

زوار الحسين(ع)
 
وأخيراً، إننا نتطلَّع اليوم باعتزاز إلى مشهد زوار الحسين (ع)؛ هذا المشهد الَّذي تنطلق فيه جموع المحبين، لتعبّر عن التزامها بالمبادئ والقيم التي عمل الحسين (ع) لأجل تثبيتها؛ قيم العدل والوقوف في وجه الظلم والفساد والانحراف.

إنَّ هذه الروح التي تحكم كلّ هذه الجموع، لا تنطلق من أسس مذهبية تريد أن تعبّر عن نفسها في مواجهة المذاهب الأخرى، بل من أسسٍ إسلامية ورسالية عالية تنفتح على كل المظلومين وعلى كل الرسالات السماوية.

إننا نحيي هذه الروح التي نريد لها أن تعيش في رحاب الأمة وقضاياها، بعيداً من كل الحسابات الضيقة، حتى نحفظ واقعنا الإسلامي كله، ونتوحّد بالحسين الحريص على وحدتنا وقوتنا ومنعتنا في مواجهة كلّ الظلم وكلّ الفتن.

 
المكتب الإعلامي لسماحة العلامة السيد علي فضل الله

التاريخ:21صفر 1439هـ الموافق:10تشرين الثاني2017م

 
 

Leave A Reply