حسن الظن بالله عند محطات البلاء

بسم الله الرّحمن الرّحيم

ألقى سماحة العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:

 

الخطبة الأولى

 

 

في تاريخ الأنبياء ومسيرة الدعاة إلى الله، وباختلاف الأزمنة والأمكنة والمراحل على مدى التاريخ، محطات من البلاء ومن التحديات والصعاب.  وقد عرض لنا القرآن الكريم أبرز هذه المحطات.. لندرك من جهة حجم المعاناة والكلفة العالية للذين يخوضون صراع الخير ضد الشر، والايمان ضد الكفر، والعدل ضد الظلم. ومن جهة أخرى، يعرضها القرآن ليرينا الأسلوب الذي اتبعه أؤلئك، مصوّراً  أدق تفاصيل معاناة النفس البشرية  لتكون سيرتهم باباً من أبواب التربية الحقيقية البناءة ونموذجاً يحتاج إليه المؤمنون في هذه الحياة.

 

من هذه المحطات نختار ثلاثاً.. الأولى كانت عندما جاء أمر الله للنَّبي إبراهيم(ع) أن يأتي بزوجته هاجر وولده إسماعيل من فلسطين إلى مكَّة، ومكَّة لم يكن فيها آنذاك لا زرع ولا ماء ولا حتى بشر، فالكعبة لم تكن قد رُفعت قواعدها بعدُ..لم يتردَّد النَّبي إبراهيم(ع) في تنفيذ أمر الله، وجاء بزوجته وولده، وأنزلهما في تلك الأرض، تاركاً معهما قليلاً من الطعام والماء. وقبل أن يرحل تمسَّكت به زوجته هاجر متوسّلة، قائلة له: لمن تتركنا هنا، ولا معين يعينني، أو يعين ولدي الرضيع، ولا طعام ولا ماء؟ فقال لها: الله يكفيك كل ذلك، فقالت له، وهي المؤمنة بالله، الراضية بما يأتي من الله: إذاً فهو لا يضيعنا.

وغادر النبي إبراهيم أرض مكّة وكلّه ثقة بربه، وقد اكتفى بأن يتوجه إليه بهذا الدعاء: {رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ}.

وما هي إلا أيام قليلة حتى نفد الماء، وبقي القليل من الطعام، وبدأت معها هاجر مسيرة الحيرة واللهفة واسماعيل الصغير يعاني وهي وحدها في صحراء ومع ذلك لم تفارقها كلمات النَّبي إبراهيم(ع) المطَمْئنة، بأن الله سوف يجعل لها مخرجاً. وما إن أنهت الشوط السابع، وعادت إلى جبل الصّفا، حتى لمحت شيئا ما عند قدمي وليدها: إنه الماء يفيض بأمر من الله.. وكانت زمزم..

 

وفي المحطَّة الثانية، نتوقَّف عند قصَّة النبي موسى(ع)، عندما خرج بقومه من مصر، هرباً من طغيان فرعون وجبروته، لحق بهم فرعون بجيشه الجرار، ليعيدهم إلى سلطته بالقوة. في ذلك الوقت، دبَّ الفزع والرعب في نفوس أصحاب موسى ولم يكن لديهم أدنى شك بأنهم هالكون وأن فرعون سيدركهم وقد صور  القرآن حالتهم: {فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ}، ولكن النبي موسى معهم وهو يقول وهو مطمئن: {إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} ولسان حال الناس: كيف سننجو والبحر من أمامنا وفرعون وجنوده من ورائنا.. وهنا أيضاً يأتي الفرج من الله، يشق موسى البحر بعصاه  فعبر قومه وهلك الظالمون، وإلى ذلك أشار الله تعالى: {وَأَنجَيْنَا مُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ}.

 

والمحطَّة الأخيرة من سيرة رسول الله(ص)، عندما خرج مهاجراً من مكَّة إلى المدينة، وقد لاحقه المشركون بعدما علموا بخروجه، حتى وصلوا إلى فم الغار. صاحبه الذي  كان معه شعر بالخوف، كان في قمة القلق والتوتر ولسان حاله يقول: كيف ننجو والمشركون على فم الغار.. هي خطوات قليلة  تفصلهما عن أن يقعا في قبضة المشركين الذين يتطاير الشرر من أعينهم. لكنّ حبيبنا رسول الله  يَقُولُ لِصَاحِبِهِ: {..لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا..} ونجا رسول الله لتكون هذه المحطة هي المفصل في تاريخ الرسالة {..فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.

 

ايها الأحبة:

هذه المحطات التي توقّفنا عندها  إنما يجمعها أمرٌ واحد هو: حسن الظن بالله.. الثقة الكبيرة بالله.. التسليم الخالص لله.. فالأنبياء والصّالحون يعرفون الله حق معرفته، فيعيشون منتهى الاطمئنان والتسليم والرضا.. والأنبياء كما البشر ممتحنون.. بل هم ممتحنون أكثر، وهم خير من يعلمنا كيف يكون حسن الظن بالله.

 

عندما تُسد عليك الامور وتسودّ الدنيا في وجهك وتُقفل الابواب في طريقك (ومهما تنسد فلن تكون كما سُدت بوجه هاجر وكما سدها فرعون على موسى وكما سدها المشركون على الرسول) عندما تنسد كل الطرق في وجهك هنا يظهر حسن ظنّك بالله. تُسلم أمرك إلى مشيئته وتمضي وعينك على السماء فهناك من يحبك وهو العطوف الرحيم، وهناك من عينه عليك وهي التي لا تنام، ولا تأخذه سنة ولا نوم، هناك من تعني له أنت، كما أنت، لأنه هو من خلقك وسواك وعدلك ورزقك، هو إلهك ولن يتركك، هو القادر على كل شيء.. ما عليك الا ان تستحضره وتتوجه اليه بقلبك ووجدانك، اترك همك عنده ولا تخف، اترك مشكلتك عنده واطمئن، اتركها وأنت تثق به بأنه سييسرها لك.. قل له يا رب دبّرها..

 

وسيدبرها  من دون علمك المهم أن تظن به خيراً فتلقى خيراً، أما اذا ظننت به سوءا فستلقى سوءا.

وعن هذا قال الصادق(ع):"ما ظنّ عبدٌ بالله خيراً إلا كان الله عند ظنّه به، (أيضاً) ولا ظنّ به سوءاً إلا كان الله عند ظنّه به، وذلك قوله عزّ وجلّ: {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ}".

 

إنّ أهمّ باب نطرقه أيّها الأحبَّة، لنعزز علاقتنا بالله، ونحصل على وعوده، هو أن نرتقي بقلوبنا إلى مستوى حسن الظنّ به. ومعناه أن نثق بالله كلّ الثقة، أن نثق به أكثر من ثقتنا بأيّ أحد، وحتى أكثر من ثقتنا بأنفسنا، أن نثق برحمته وعفوه وإحسانه وفضله وكرمه، وأنه المؤمل في كلّ حاجة، والكاشف لكلّ كرب، والراد لكلّ خوف وبلاء، وبيده الخير، وأنَّه على كلّ شيء قدير.

وقد ورد في الحديث عن الإمام الصَّادق(ع): "حُسْنُ الظَّنّ باللهِ أن لا ترجوَ إلا اللهَ، ولا تخَافَ إلا ذْنبَكَ".

إن حسن الظنّ بالله أساسه المعرفة بالله، فكلَّما عرف الإنسان ربّه أكثر في كماله وصفاته وأفعاله ورأفته ورحمته وحبّه لعباده وإرادته الخير لهم، تعزّز حسن ظنّه به.

 

لهذا أيها الأحبَّة، فلنعزّز حسن ظننا بالله، في كل أمورنا من أصغر تفصيل فيها إلى أكبر المحطات صعوبة وصولاً للابتلاءات والتحديات، على مستوى الشخصي والعائلة والشغل وعلى مستوى الجماعة والأمة.. وكلما اشتدت الامور وصعُبت احتجنا إلى حسن الظن بالله. ان الأزمات هي ميدان اختبار لحسن الظن بالله.. وحذار أن نسقط في أي امتحان من هذه الامتحانات، خصوصاً في هذه المرحلة التي نعيشها.

 

حذار أن نسقط في اليأس، وفي فقدان الأمل بأن الله لا بد جاعل من بعد العسر يسراً، وبعد الشدة فرجاً.

حذار من أن نقع فريسة الرفض وعدم التسليم لمشيئة الله كما يحدث للأسف عند البعض الذين يلومون الله على بلاء نزل بهم وكأنه مستقصدهم (ليش أنا بالذات ليش أعطيت فلان ومش أنا؟ أو ليش نحن، وشو عاملين؟ يقولون هذه مرات عن طريق الجد أو المزح: «الله تارك الكل ومتفضيلنا»، «وللأسف منسمع كلمة أنا شو عاملك يا الله!» وهذه للأسف قمة سوء الظن بالله).

 

علينا ايها الاحبة.. وتحت أي ظرف أن لا نسمح لثقتنا بالله أن تهتز  أو تضعف، وأن نتعهدها بالتربية ونصلحها على الدوام. ان لا نشك ولا طرفة عين أن ما عند الله لنا هو شيئ غير الخير.. علينا أن لا نسيء الظن بالله فنخسر ونندم.

إن حسن الظن بالله هي التي دفعت مرة بأحد الأولياء الصالحين الذي فُجع بفقد ابنته أن يقول: والله لو خيروني بين أن يعيد الله لك ابنتك للحياة، أو أن  ترضى باختيار قضاء الله.. لفضلت اختيار قضاء الله.. ولا رأيت أنسب منه لي.

 

وورد في الحديث.. «يا موسى ما خلقت خلقا أحبّ إليّ من عبدي المؤمن، وانّي انما أبتليه لما هو خير له، وأعطيه لما هو خير له، وأزوي عنه لما هو خير له، وأنا أعلم بما يصلح عليه عبدي، فليصبر على بلائي، وليرضَ بقضائي، وليشكر نعمائي، أكتبه في الصدّيقين عندي إذا عمل برضائي وأطاع أمري ..»

وفي كلّ حال، لِتبقَ ألسنتنا وقلوبنا تلهج: «يا رَبِّ إِنَّ لَنا فِيكَ أَمَلاً طَوِيلاً كَثِيراً، يا رب إنَّ لَنَا فِيكَ رَجاءً عَظيماً، يا رب ارزقنا اليقين وحسن الظن بك واقطع رجاءنا عمن سواك حتى لا نرجو غيرك ولا نثق الا بك برحمتك يا أرحم الراحمين».

 

الخطبة الثانية

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله. ولبلوغ التقوى، علينا أن نستهدي بما اهتدى إليه ذلك الإعرابي عندما قيل له، وكان قد أشرف على الموت: إنك ميت، فقال: إلى أين يذهبون بي؟ (ويقصد ملائكة الموت)، قالوا له: إلى الله. فقال: ما أكره أن أذهب إلى من لا أرى الخير إلا منه. وهذا ما أشار إليه الإمام علي(ع) عندما كان يناجي ربه فيقول: "إلهي كيف أيأس من حسن نظرك لي بعد مماتي، وأنت لم تولني إلا الجميل في حياتي".

أيها الأحبة، بالثقة بالله، وبحسن الظن به، وبالأمل المنبعث من وحي آياته: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ}، {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}، نرى الحياة واسعةً بسعة علمه وقدرته وقوته وغفرانه ورحمته، مشرقةً بأشراقة نوره الذي أضاء السماوات والأرض. وبذلك نستطيع أن نواجه التحديات، وهي كثيرة.

 

 

لبنان 

والبداية من لبنان، الَّذي لا يزال يعاني تداعيات الخطر الداهم عليه من حدوده الشرقيَّة، واستمرار اختطاف جنود الجيش اللبناني والقوى الأمنية. إننا أمام ذلك، نريد للدولة اللبنانية أن توحّد جهودها لحلّ هذه الأزمة الإنسانيّة والوطنيّة، واستنفاد كلّ الوسائل التي تؤدي إلى عودة هؤلاء الشباب إلى أهلهم وذويهم سالمين، حفظاً لهيبة الجيش اللّبناني ومعنويات أفراده وكلّ اللبنانيين، وندعو اللبنانيين إلى وعي المخاطر التي قد تترتَّب على أيّ تحرك انفعالي غير مدروس، كالّذي حصل أخيراً بعد إقدام الخاطفين على قتل الشهيد عباس مدلج، وذلك منعاً لإثارة فتنة داخليّة.

ونحن نقدّر وعي اللبنانيين الَّذين استطاعوا أن يتجاوزوا سريعاً تداعيات ما حصل في الأيام السابقة، وفوتوا على الخاطفين تحقيق أي هدف يسعون إليه. وفي هذا المجال، وانطلاقاً من قول الله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ}، فإننا ندين كلّ محاولات الاعتداء على إخواننا النازحين السوريين، ولكن هذا لا يعني عدم تنظيم وجودهم في لبنان، منعاً من الإساءة إلى أمن البلد واستقرار النازحين.

وهنا، نناشد اللبنانيين الكف عن أسلوب أدمناه عند كلّ احتجاج، وهو أسلوب قطع الطرقات، وإحراق الإطارات. إنَّنا مع تقديرنا للمشاعر والأهداف التي تدعو البعض إلى استخدام هذا الأسلوب، نهيب بالجميع ابتداع أساليب أكثر حضارية، ولا تنافي الحكم الشرعي الذي لا يجيز قطع الطرقات، ولا الإضرار بمصالح الناس أو البيئة أو الصحة.

 

وانطلاقاً من كلّ هذا الواقع الصعب الذي يعيشه اللبنانيون، على المستوى السياسي والاقتصادي والمعيشي والأمني، نعيد دعوة المسؤولين إلى الارتفاع إلى مستوى المخاطر التي تتهدد البلد على مختلف المستويات، وإيلاء هذه القضايا اهتماماً كبيراً، ولا سيما مشكلة الشغور في رئاسة الجمهورية، وتعطيل العمل في المجلس النيابي، فمِن حق اللبنانيين على المسؤولين أن لا يتركوا الدولة دون ركائز، في الوقت الذي يداهم الخطر الجميع.

 

العراق

وبالانتقال إلى العراق، فإننا نهنئ العراقيين وكلّ القيادات السياسيّة فيه، على الوصول إلى التوافق على حكومة جامعة كنا ندعو إلى تشكيلها؛ حكومة يتواجد فيها كل الأطراف السياسيين، وتؤدي إلى توحيد العراقيين، وحل المشكلات المستعصية التي تواجه هذا البلد، فمشكلات العراق لا تحلّ إلا بالوحدة بين كل أطيافه.

 

فلسطين

وإلى فلسطين، حيث ندعو القيادات الفلسطينية والفصائل إلى الخروج من كل الخلافات التي طفت على السطح، بعد فشل العدوان الصهيوني على غزة، وهي خلافات نخشى أن تطيح كل الإنجازات التي تحققت في مواجهة العدو الصهيوني، وأن تهدّد مستقبل أهالي غزة، ولا سيما بعد تدمير البنية التحتيَّة ومقوّمات الحياة، وفي ظلّ استمرار إقفال المعابر.

وهنا، ندعو الدّول والشّعوب العربيّة والإسلاميّة، إلى أن يهبوا لنجدة الشّعب الفلسطينيّ وتأمين حاجاته الضروريّة، بعيداً عن التجاذبات السياسية، والتعاون معه للبدء بمرحلة الإعمار بعد رفع الحصار.

 

وفي ظلّ الحديث عن استراتيجية غربية وغير غربية لمواجهة الإرهاب، فإننا في الوقت الذي نؤكد  وقوفنا مع كل دعوة لمواجهة الإرهاب، نشكّك بمصداقية هذه الدعوة، ومدى جديتها.

إنَّ الجدية في مواجهة الإرهاب تتّضح عندما تكون المواجهة شاملة لكل إرهاب، بحيث يُحَمَّل العدو الصهيوني أيضاً نتيجة جرائمه، لا أن يظهر بمظهر الضحية، فضلاً عن أن هذا المشروع المطروح يبدو في استهدافاته أنه يتجاوز مواجهة الإرهاب، وربما يحمل أهدافاً تتصل بتصفية حسابات مع دول وقوى أخرى.

 

إننا نتمنى أن تتم مواجهة منطق التكفير الَّذي يعانيه العالم العربي بأيادٍ عربية وإسلامية، وأن تكون هذه المواجهة قائمة على أسس فكرية وثقافية تقنع الكثير ممن غرَّر بهم، لأن يعيدوا النظر فيما حملوه من هذا المنطق.. فلا نكتفي بالجانب الأمني الذي لا يشكل حلاً، بل قد يعزز هذا المنطق ويقوّي حضوره.

 

وهنا، لا بد من أن نقدر أي جهد يبذل في هذا المجال، ولا سيما الفتاوى التي صدرت في هذا السياق عن شيخ الأزهر أو مفتي السعودية أو غيرهما، ونأمل أن تستتبع بفتاوى وآراء لعلماء آخرين، لمواجهة هذه الظاهرة التي باتت تشكل خطراً على صورة الإسلام وحضوره، وإعادة تصويب البوصلة نحو مقاومة العدو الصهيوني، بدلاً من هذا البلد العربي أو ذاك الإسلامي، كما يحصل الآن.

أيها المسلمون، أيها العرب، احفظوا حاضركم وخططوا لمستقبلكم، كونوا واعين حتى لا تتكرر التجربة مع الغرب الَّذي احتلنا يوماً تحت عنوان الاستعمار وبذريعة إعمار بلداننا.. واليوم، بذريعة إزالة الإرهاب من ساحتنا..

 

المكتب الإعلامي لسماحة العلامة السيد علي فضل الله 

التاريخ : 17 ذو القعدة 1435هـ الموافق :12 سبتمبر 2014م
 

 

Leave A Reply