دروس وعبر في ذكرى رحيل رسول الله(ص)

ألقى سماحة العلامة السيد علي فضل الله ، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:

 

الخطبة الأولى 

 

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز {َمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ * كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}(الأنبياء/34-35).

 

نلتقي في هذا اليوم في الثامن والعشرين بذكرى وفاة رسول الله(ص)، هذه الذكرى التي تعيد إلينا مشاعر الألم والحزن التي عاشها المسلمون أصحاب رسول الله يوم غادرهم نبيهم إلى رحاب ربه.. هذا الحزن عبر عنه علي(ع) بكلماته المثقلة، بدموعه حين وقف ناعياً رسول الله وهو يبكي عليه ويجهزه "بِأَبِي أَنْتَ وأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ لَقَدِ انْقَطَعَ بِمَوْتِكَ مَا لَمْ يَنْقَطِعْ بِمَوْتِ غَيْرِكَ مِنَ النُّبُوَّةِ والإِنْبَاءِ وأَخْبَارِ السَّمَاءِ. ولَوْلَا أَنَّكَ أَمَرْتَ بِالصَّبْرِ، ونَهَيْتَ عَنِ الْجَزَعِ، لأَنْفَدْنَا عَلَيْكَ مَاءَ الشُّؤُوِن وَلَكَانَ الدَّاءُ مُمَاطِلاً وَالكَمَدُ مُحالِفاً وَقَلَّا لَكَ ولَكِنَّهُ مَا لَا يُمْلَكُ رَدُّهُ، ولَا يُسْتَطَاعُ دَفْعُهُ بِأَبِي أَنْتَ وأُمِّي أذْكُرْنَاَ عِنْدَ رَبِّكَ وَاجْعَلْنَا مِنْ بَالِكَ".

 

ونحن عندما نستعيد ذكرى رسول الله(ص)، فإننا لا نستعيدها حتى نتذكر رسول الله، فرسول الله(ص)، هو حاضر معنا لا يغيب في صلواتنا عليه وفي كل نداء للصلاة وفي كل حركة الإسلام فينا وفي الحياة.. لكننا نذكره حتى نجدد عهدنا معه بالاقتداء بسيرته والأخذ بسنته والسير على هديه، بحيث يكون قلبنا قلبه وفكرنا فكره وسيرتنا سيرته، وأن لا نخذله في المواقف التي وقف فيها رغم التضحيات والصعوبات، فلا نكون من أولئك الذين قال الله عنهم: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ}.. بأن لا ننقلب على أعقابنا مهما امتد بنا الزمن، ومن هذا المنطلق نحن في هذا اليوم سنتوقف عند أمر كان هو هم رسول الله(ص) قبل أن يغادر الدار الدنيا..

 

 تذكر السيرة أن رسول الله(ص) حين اشتد عليه المرض جاء إلى المسجد وهو معصوب الرأس يتكئ على علي(ع) وعلى ابن عمه الفضل بن عباس، بعد أن أخذت منه الحمى مأخذها، حمد الله وأثنى عليه ثم قال: معاشر أصحابي… أني كنت لله أجاهد بين أظهركم ألم تسيل الدماء على وجهي… ألم أكابد الشدة والجهد مع جهال قومي… ألم أربط حجر المجاعة على بطني… قالوا بلى يا رسول الله… لقد كنت يا رسول الله صابراً وعن منكر بلاء الله ناهياً فجزاك الله عنا أفضل الجزاء، قال(ص): (وأنتم فجزاكم الله)…

 

 ثم قال: (إنّ الله حكم واقسم أنْ لا يجوزه ظلم ظالم، فناشدتكم بالله واني قد دنا مني خفوق بين أظهركم… فمن كان له عندي عدة فليأتِ اعطه أعياها، ومن كان له دين فليخبرني به… وأي رجل منكم كانت له قبل محمد مظلمة فليقتص منه، فالقصاص في دار الدنيا أحب إلي من القصاص في دار الاخرة على رؤوس الأشهاد الملائكة والأنبياء، وفضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة… أيها الناس لا يدع مدع ولا يتمن متمن والذي بعثني بالحق نبياً لا ينجي إلا عمل مع رحمة ولو عصيت لهويت.."..

 

هنا تذكر السيرة أنه ما انتهى رسول الله(ص) من كلامه حتى قام إليه رجل من أقصى القوم فقال له: فداك أبي وأمي يا رسول الله إنك لما أقبلت من الطائف استقبلتك وأنت على ناقتك العضباء وبيدك القضيب الممشوق فرفعته وأنت تريد الراحلة فأصاب بطني فلا أدري أعمداً أم خطأ، فقال رسول الله: (معاذ الله أنْ أكون تعمدت)، ثم قال: (يا بلال قم إلى منزل فاطمة وأتني بالقضيب الممشوق)، فذهب بلال ــ والمسلمون في ذهول واعتراض كيف يقول هذا الرجل ما قال، ورسول الله هو من هو وفي تلك الحالة فهدأهم رسول الله، فالحق مهما كان لا بد أن لا يضيع…

 

لما جاء بلال بالقضيب فقال رسول الله: أين الرجل؟ فقال: ها أنا ذا يا رسول الله بأبي أنت وأمي، قال: (تعال فاقتص مني حتى ترضى ،فقال الرجل: فاكشف لي عن بطنك يا رسول الله فكشف عن بطنه فهم الرجل يقبل بطن رسول الله ويقول أعوذ بموضع القصاص من بطن رسول الله من النار،فقال رسول الله: أتعفو أم تقتص ،قال: لا يا رسول الله.. يا حبيب الله.. يا خير خلق الله.. بل أعفو فقال(ص): اللهم أعف عن سوادة بن قيس كما عفا عن نبيك محمد…

هذا هو رسول الله، ولنا فيه أسوة، ونحن لن نكتفي بأن نقول نحن معك يا رسول الله(ص) بل نقول ماذا نفعل لنكون معك {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً}..

 

أيها الأحبة : حين يصر رسول الله(ص) وهو في تلك اللحظات العصيبة ان يقوم بما فعل، فلأنه يريد تنبيهنا إلى أن نتأسى به في هذا السلوك الذي يحمل أكثر من درس.

 

الدرس الأول: لقد أراد رسول الله من خلال هذا الموقف أن يؤكد أنه في حسابات هذا الدين ليس هناك أحد فوق النقد… رسول الله(ص) هو جاء إلى الناس لينتقدوه وهو المعصوم المصطفى وفوق النقد..
 

هو وقف ليقول للناس أنقدوني في كل مسيرتي… هل وعدت أحداً ولم أف بوعدي له، هل ظلمت أحداً في ماله أو عرضه، هل تجاوزت حدودي… كان مستعداً لتعريض نفسه للمحاسبة والمساءلة..

 

وهو أراد لكل من يمتلك موقعاً أو مسؤولية كبيرة أو صغيرة أن يقدم حسابه للناس.. أن يتقبل نقدهم أن يبينوا له عيوبه وأن يشكرهم على ذلك.. فلا يرى في ذلك انتقاصاً منهم بل يدعو لهم.. كما ورد في الحديث: "رحم الله من أهدى إلي عيوبي"…

 

الدرس الثاني: أن لا احد فوق القانون، فالعدالة لا ينبغي أن تميز بين صغير وكبير ورسول الله(ص) والذي لا يدانيه أحد من خلق الله في موقعه.. هنا يضع نفسه للحساب في ميزانها… لأن العدالة هي منطلق الرسالة وغايتها… وفي فقدانها هلاك للمجتمع… وقد عبر عن ذلك رسول الله بوضوح: "إنما أهلك من كان قبلكم من الأمم أنه إذا سرق الشريف تركوه وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد فوالله لو سرقت فاطمة بنت محمد (و حاشاها) لقطعت يدها".

الدرس الثالث: أن يحرص كل أحد ألا يخرج من هذه الدنيا وعليه تبعة من دين أو ظلم، أن ينهي كل ملفاته العالقة مع الناس، فموقف رسول الله يؤكد لنا أن لا موقف أصعب من موقف الظلم يوم القيامة حيث يتعلق المظلومون بالظالمين يجرونهم جراً ليوقفوهم للحساب بين يدي الله جل وعلا… وقد ورد في الحديث: يوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم على المظلوم" اتقوا الظلم فإنه ظلمات يوم القيامة ".وقد ورد عن رسول الله(ص): "إنه ليأتي العبد يوم القيامة وقد سرَّته حسناته، فيجيء الرجل فيقول: يا ربِّ ظلمني هذا، فيؤخذ من حسناته، فيجعل في حسنات الذي سأله، فما يزال كذلك حتى ما يبقى له حسنة، فإذا جاء من يسأله نظر إلى سيئاته فجعلت مع سيئات الرجل فلا يزال يستوفي منه حتى يدخل النار"…

فليبادر كل منا الآن إلى أن لا يدع من تعرض لأحد من غيبة… من نميمة من إساءة … من ظلم لأحد… فليبادر إلى حلها معه في الدنيا ومع الله.. اليوم قبل الغد وهل يدرينا هل نصبح في غد..  وإذا كان البعض يخشى من ذلك فليتذكر كلام رسول الله "فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة".

والدرس الأخير: هو درس الاستعداد للموت، أن نستعد له حتى لا يفاجأنا بتبعاته ومسؤوليته، فمع الموت يبدأ الحساب.. وقد ورد في الحديث: "بادروا الموت وغمراته، وامهدوا له قبل حلوله، وأعدوا له قبل نزوله"، "إن أمراً لا تعلم متى يفجؤك ينبغي أن تستعد له قبل أن يغشاك.".. لقد استعد رسول الله(ص) وهو حبيب الله للموت ولما بعده، فالأجدر بنا أن نكون دائماً حاضرين له.. فلا نقول كما يقول بعض الناس: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ}.

إننا بأخذنا بهذه الوصية نؤكد حبنا وولاءنا لرسول الله ونحيي ذكراه.. وفلا يكفي الرجل أن يقول احب رسول الله وأتولاه ثم لا يتبع سيرته ولا يعمل بنهجه…

لقد أدى رسول الله(ص) مسؤوليته ووفى لربه فلنتحمل المسؤولية.. ولنؤدِّ الأمانة التي حملنا إياها كما حملها للذين من قبلنا، أمانة الإسلام، أن نوصله بصفائه ونقائه إلى من بعدنا… ولا ننسى أن نذكر في دعائنا رسول الله (ص) وهو شفيعنا يوم القيامة ان شاء الله: اللَّهُمَّ فَارْفَعْهُ بِمَا كَدَحَ فِيكَ إِلَى الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا مِنْ جَنَّتِكَ حَتَّى لَا يُسَاوَى فِي مَنْزِلَةٍ، ولَا يُكَافَأَ فِي مَرْتَبَةٍ، ولَا يُوَازِيَهُ لَدَيْكَ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، ولَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ. وعَرِّفْهُ فِي أَهْلِهِ الطَّاهِرِينَ وأُمَّتِهِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ حُسْنِ الشَّفَاعَةِ أَجَلَّ مَا وَعَدْتَهُ يَا نَافِذَ الْعِدَةِ، يَا وَافِيَ الْقَوْلِ، يَا مُبَدِّلَ السَّيِّئَاتِ بِأَضْعَافِهَا مِنَ الْحَسَنَاتِ إِنَّكَ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيم...
 

الخطبة الثانية

 

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بما أوصى به رسول الله معاذ بن جبل، حين قال له: "يا معاذ، أوصيك بـتقوى الله، وصدق الحديث، ووفاء العهد، وأداء الأمانة، وترك الخيانة، ورُحم اليتيم، وحفظ الجوار، وكظم الغيظ، ولين الكلام، وبذل السلام.. وحُب الآخرة، والجزع من الحساب، وقصر الأمل، وحسن العمل.. وأنهاك أن تشتم مسلماً، أو تُصدق كاذباً، أو تُكذب صادقاً.. وأن تُفسد في الأرض. يا معاذ، اذكر الله عند كل شجر وحجر، وأحدِث لكل ذنب توبة، السر بالسر، والعلانية بالعلانية… ولا تخف في الله لومة لائم".

 

بهذه الوصية، أراد رسول الله أن يبيّن الحقيقة الَّتي يغفل عنها الكثيرون، وهي أنه لا يكفي حتى تعرف إيمان إنسان أن تنظر إلى طول ركوعه وسجوده، وطنطنته في الليل، وصيامه في النهار، وكثرة تردّده إلى الحج، بل لا بدّ من أن ترى ذلك في حسن منطقه وسلوكه وأخلاقه، واهتمامه بالفقراء والمساكين والأيتام، وحسن تعامله مع الجيران، واستعداده لأن يجيب الله عندما يُسأل عن عمره فيما أفناه، وماله من أين اكتسبه، وفيما صرفه، ومدى خدمته للناس..

ومتى وعينا ذلك، يصبح الدين قيمة في الحياة، ويساهم في استقرارها ونموها وتطورها، ويصبح المجتمع أقدر على مواجهات التحديات.

 

لبنان

والبداية من لبنان، الذي لم يخرج بعد من وطأة الصدمة التي أحدثتها استقالة الرئيس الحريري المفاجئة، والتي تمت، كما بات من الواضح، في ظروف غير عادية، وأحاط بها الكثير من الغموض.. وما يزيد من هذا الغموض هو عدم تحقق الوعود التي وَعَدَ بها اللبنانيين بقرب عودته.

 

ولذلك من الطبيعي، ومن الحكمة أيضاً، الإصرار من كلّ اللبنانيين، ومن أعلى المواقع السياسية والروحية، على الانتظار وعدم ترتيب أية آثار على الاستقالة أو البت فيها قبل عودته إلى لبنان. ونحن في هذا المجال، نأمل أن تكون الحركة الدبلوماسية الغربية التي شعرت بثقل تداعيات هذه القضية عليها، والإصرار من الدولة اللبنانية، قد ساهمت في تحقيق هذه العودة.

 

لكن هذا لو حصل سيساهم في كشف الغموض أو بعض الغموض في هذه القضية، ويهدئ بال اللبنانيين عن مصير رئيس وزرائهم.. ولكن هذا لا يعني الحل، لكون الاستقالة قد تحصل، وكل الدلائل تؤكد ذلك، والأزمة سوف تستمر، وهي تعبر عن نفسها بمواصلة الضغوط على لبنان، ووضعه بين خيارين، إما اتخاذ موقف معادٍ من فريق لبناني وازن ومكوّن أساسي من مكونات الحكومة اللبنانية، وإما أن يكون البلد عرضة للعزل السياسي والاقتصادي، وقد يمتد الوضع إلى أبعد من ذلك، مع ما يعنيه ذلك من استدعاء فتنة داخلية تطيح بكل أجواء الاستقرار التي نعم به اللبنانيون طوال الفترة السابقة.

 

إنَّ هذا الواقع بات يستدعي حواراً بين اللبنانيين على كيفية التعامل مع كلّ المخاطر التي قد تحملها إليهم المرحلة القادمة وبكلّ أبعادها.. ونريده أن يكون حواراً موضوعياً تُراعى فيه كل الهواجس والمخاوف الداخلية والخارجية، من دون الخضوع لضغوط الآخرين وإملاءاتهم التي قد تؤدي بالبلد إلى الفوضى وتهديد استقراره ووحدته ومصيره.. وبالطبع، هذا الحوار لن يتوافر إلا باكتمال عقد القوى السياسية وعودة الرئيس الحريري.

 

وانطلاقاً من كلّ ما يجري، سنبقى نؤكد حرصنا في الانفتاح على المحيط العربي، ونريد أفضل العلاقات معه، ولكننا نريد للعرب أن يراعوا مصلحة لبنان واللبنانيين، وأن لا يحمّلوا لبنان أكثر من طاقته، أو يحمّلوه مسؤوليات ينوء بها، والجميع يعلم أن الحلول هي ليست بيد اللبنانيين.

 

إننا نريد من الدول العربية أن تراعي خصوصية لبنان في أية خطوة تخطوها معه، وأن تأخذ في الاعتبار توازناته على المستوى الطائفي والمذهبي، حتى لا تكون سبباً في فتنة لن تقف تداعياتها على الداخل اللبناني، بل ستمتد إلى المنطقة، فلا ينبغي لمن كانوا عوناً له في وأد الفتنة فيه وفي الملمّات، أن يدخلوه في فتنة تفتح لبنان مجدداً على أفق مجهول، وقد تعيد تصعيد الصراع في المنطقة، وتعطّل مشاريع التسويات التي قلَّصت من مساحة النيران المشتعلة إلى حد بعيد.

 

ويبقى تأكيدنا للبنانيين الحرص على إبقاء التماسك الداخلي، وقطع الطريق على أية فتنة، وحسن الخطاب، وعدم استخدام أسلوب الإثارة، وأن يقولوا، كما أمرهم ربهم، التي هي أحسن، حتى لا ينزغ شيطان الفتنة بينهم.. فلا يكفي أن تقتنع بالكلمة حتى ترددها، بل لا بدّ من أن تدرس تأثيراتها في كل الساحات.

 

إنَّ الوحدة بين اللبنانيين كانت الضّمانة لإزالة احتلال العدو الصهيونيّ واقتلاع الإرهاب من أرض الوطن، وهي ستكون السبب في تجاوز أيّة سلبيات تحدث، فالآخرون لن يستطيعوا أن يعبثوا بأمننا وسياستنا إن لم يجدوا أرضاً خصبة لهم، وسنعمل مع كلّ المخلصين على أن لا تكون هذه الأرض خصبة لأية مشاريع فتنة.

 

الجامعة العربية

وأخيراً، ينتظر العالم العربيّ اجتماع المجلس الوزاري للوزاء العرب نهار الأحد القادم، والذي يحمل عنواناً واحداً هو مواجهة إيران.. في الوقت الَّذي تتصاعد الممارسات الاستيطانية والعدوانية بحق الشعب الفلسطيني والأزمات التي تعصف بالواقع العربي.

 

إننا كنا، ولا نزال، نريد للجامعة العربية أن تقوم بدور الإطفائي، ومحاصرة المشكلات مع إيران، وأن تكون منبراً للحوار بين العرب وإيران، بدلاً من إبقاء الاستنزاف الذي يصيب الجميع.. ونحن نتطلّع إلى أن تعمل الجامعة بروحية المصلحة العليا العربية، على وأد الفتن التي تضج في العالم العربي، والتي لا تخدم إلا العدو الصهيوني الذي صار يتحدث بالفم الملآن عن أن قبته الحديدية ليست الصواريخ، بل هي الخلافات التي تعصف بالعالم العربي والعالم الإسلامي..

لقد آن الأوان لإيقاف هذا الاستنزاف الجاري، ولا سبيل إلى ذلك إلا باللقاء والحوار..

Leave A Reply