شهر رمضان :شهر البناء الروحي والإيماني

ألقى سماحة العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:


الخطبة الأولى

نقرأ في سيرة نبينا الاكرم وقدوتنا وحبيبنا رسول الله(ص) أنه في آخر جمعة من شهر شعبان وقف خطيباً بالمسلمين، خطبة بناء وإصلاح للذات، خطبة اجتماعية وروحية وسلوكية  بدأها ناصحا لهم، مذكّراً إياهم: "أيّها النّاس أنّه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرّحمة والمغفرة، شهر هو عند الله أفضل الشّهور، وأيّامه أفضل الأيّام، ولياليه أفضل اللّيالي، وساعاته أفضل السّاعات، هو شهر دعيتم فيه الى ضيافة الله، وجعلتم فيه من أهل كرامة الله، أنفاسكم فيه تسبيح، ونومكم فيه عبادة، وعملكم فيه مقبول، ودعاؤكم فيه مستجاب، فسلوا الله ربّكم بنيّات صادقة، وقلُوب طاهرة أن يوفّقكم لصيامه، وتلاوة كتابه، فإنّ الشّقي من حرم غفران الله في هذا الشّهر العظيم".

 

لم يكن رسول الله(ص) ينتظر دخول شهر رمضان، ليتحدث إلى المسلمين عن معاني الشهر، بل كان يبدأ بذلك منذ دخول شهر شعبان بدعائه: "اللهم بارك لنا في شعبان وبلغنا رمضان".. وفي دعوته المسلمين في آخر جمعة منه أن يتهيؤوا ويستعدوا للقائه والنيل من بركاته، لأن الشهر ليس شهراً عادياً في حساب الزمن.. هو علامة فارقة مضيئة فيه: أيامه أفضل الأيام وساعاته أفضل الساعات ولياليه أفضل الليالي وهو سيّد الشهور. وأي بركات هي أعلى وأفضل حين تتحول الأنفاس إلى تسابيح والنوم إلى عبادة، والدعاء كله مستجاب والعمل فيه مقبول والأجر مضاعف. ويكفي أن تفطر فيه صائماً حتى تحصل على مغفرة لما مضى من ذنوبك..

وأن تحسن فيه خلقك حتى تحظى بجواز على الصراط يوم القيامة..

وأن تخفف عن عمالك حتى يخفف الله عليك حسابه..

ولو أكرمت يتيماً فقيراً أكرمك الله..

فيما لو قرأت آية فكأنما قرأت القرآن كله..

أما الهبة الرؤوفة العطوفة في هذا الشهر فتكمن في الصلاة على رسول الله حيث من أكثر فيه من الصلاة على النبي(ص) ثقل الله ميزانه يوم تخف الموازين…

 

أيها الأحبة:

أيام قليلة ويحط بنا الرحال على ضفاف هذا الشهر، وأمام كل واحد منا أن يتوقف، ليأخذ إجازة نفسية على الاقل أو مسافة من واقعه وحياته واعماله وظروفه كلها.. فرصة لنسأل جميعاً أنفسنا بأي وجه سنلاقي هذا الشهر العظيم.. هل نلاقيه بوجوه مكفهرة لأنه سيحمل معه الجوع والعطش وتغيير روتين الحياة؟ هل نعتبره استثناءا ثقيلاً طارئاً، ونبدأ كما يفعل البعض بالعد العكسي لأفوله من أول يوم…أم نستقبله بفرح الظمآنين الذين يردون الماء وبسرور الجائعين حين يقفون أمام الطعام، وبهجة المتعبين العائدين من السفر والمسير؟ مثل هذه الأسئلة وغيرها، وكل على مستواه الشخصي، التي يجب أن نفكر فيها ونحن نتهيأ لهذا الشهر. ويبقى الاهم.. وهو أننا ونحن نطمع بكل هذا الثواب مما وعد الله به الصائمين ان نلتفت الى أن كل ذلك لا يتحقق الا بشرطه وبشروطه، كما هي كل السنن العبادية؛ الشكل نعم، ثم الكيفية والنوعية والجوهر، فعن الباقر(ع) قال: قال النبي(ص) لجابر بن عبد الله: "يا جابر هذا شهر رمضان من صام نهاره وقام ورداً من ليلته وصان بطنه وفرجه وحفظ لسانه يخرج من الذنوب كما يخرج من الشهر، قال جابر: يا رسول الله ما أحسنه من حديث، فقال رسول الله (ص) وما أصعبها من شروط".

 

 فأي الشروط هي التي تجعلنا نحظى بكرم الله في هذا الشهر؟

لقد أوضح الإمام الرضا(ع) هذه الشروط عندما قال لأحد أصحابه وهو أبو الصلت الهروي لما جاء يسأله وفي مثل هذا اليوم في آخر جمعة من شهر شعبان عما يقدم به على شهر رمضان فقال له(ع):

"يا أبا الصلت إنَّ شعبان قد مضى أكثره، وهذا آخر جمعة منه فتدارك في ما بقي منه تقصيرك في ما مضى منه، وعليك بالإقبالِ على ما يعنيك وترك ما لا يعنيك، وأكثر من الدعاء والاستغفار وتلاوة القرآن، وتب إلى الله من ذنوبك ليقبل شهر الله عليك وأنت مخلصٌ لله عزَّ وجلَّ، ولا تدعن أمانة في عنقك إلَّا أدَّيتها، ولا في قلبك حقداً على مؤمن إلَّا نزعته، ولا ذنباً أنت ترتكبه إلَّا أقلعت عنه، واتّق الله وتوكَّل عليه في سرائرك وعلانيَّتك.. وأكثر من أن تقول في ما بقي من هذا الشهر: "اللهمَّ إن لم تكن غفرت لنا في ما مضى من شعبان فاغفر لنا في ما بقي منه، "فإنَّ الله تبارك وتعالى يعتق في هذا الشهر رقاباً من النَّار لحرمة شهر رمضان".

 

أيها الأحبة:

 لقد أراد الله سبحانه وتعالى لهذا الشهر أن يكون محطة لبناء الشخصية الإيمانية الواعية الفاعلة.. محطة للتزود الروحي والإيماني والأخلاقي بالخصوص، وذلك بهدف الحصول على الحصانة الأخلاقية لذواتنا والغنى الروحي لأنفسنا، بما يمنحنا القدرة على أن نقول كلمة لا عندما يريد الله منّا أن نقولها ونقول كلمة نعم عندما يدعونا إلى ذلك. وبذلك نبني شخصية لا تسقط أمام غرائزها وشهواتها ولا تخضع لعاداتها، ولا تهزمها ضغوط الحياة وابتلاءاتها، شخصية تميز بين المعروف والمنكر وتميز بين الحق والباطل شخصية ثاقبة البصر واعية مدركة لا تلومها في الله لومة لائم.

وهذا كله أيها الاحبة يستوجب أن نعد له برنامجاً متكاملا تُقرن فيه العبادات بالمعاملات.. ولعل هذا ما يميز شهر رمضان من غيره من المناسبات الدينية .

 

 فمثلاً في هذا الشهر لا يكتمل الصيام من دون الزكاة ولا تكتمل الصلاة من دون التواصل مع الأرحام، ولا يكتمل الدعاء من دون الإصلاح وفعل الخير. لهذا يعد شهر رمضان مدرسة نموذجية لفهم وتطبيق الايمان الذي هو عبادة وعمل لا ينفصلان..

وأخيراً ملاحظة أساسية، نعم.. شهر رمضان مناسبة تتكرر كل عام، ولكن البرنامج الذي يجب أن نعده لشهر رمضان يجب ألا يكون مكروراً وإلا كيف نتطور أو نتقدم في بناء شخصيتنا الإيمانية؟ لهذا المطلوب ان نرجع بذاكرتنا إلى ختام شهر رمضان المنصرم فنتذكر ما قصرنا فيه، أو ما كنا نرغب أن ننجز فيه ولم تسعفنا انقضاء أيامه.. وأيضا فلننظر إلى خريطة حياتنا الشخصية والإجتماعية وحتى التعليمية والعملية، ولنفكر كيف يمكننا استغلال جو هذا الشهر لتدعيم هذه الخريطة إلى الأمام، وليس ان يكون الشهر سببا للتجمد، نعيش فيه برنامجاً يتكرر آلياً هو هو، وتراه أحياناً منسوخاً، أسير الشكليات والاجتماعيات والاعراف والاستهلاك..

 

لهذا ومن موقع دور وعظمة هذا الشهر، يجب أن نعد البرنامج, برنامجاً للتواصل مع أرحامنا وجيراننا والمؤمنين، برنامجاً للعطاء وعمل الخير.. برنامجاً للتفكر والتدبر وتطوير الذات.. برنامجاً لأسرنا التي غالباً ما نغفل عنها.. برنامجا يلحظ نقاط الضعف في حياة كل منا، حيث يصبح البرنامج ببركة الشهر فرصة لتقوية الضعيف وتمتين القوي من حياتنا وحذار ان يكون برنامجنا كما يسعى الاعلام لجعله يقترن كلياً بالمسلسلات والسهرات أمام الشاشات، وأجواء التسلية واللهو وتقطيع الوقت وبذلك لا تخلو تلك السهرات من شبهات أو حرام احيانا كثيرة، او يختلط فيها الحرام بالحلال ولا من يميز.. علينا أن لا نسمح لأحد أن يأخذنا إلى حيث يريد.. أن نملك نحن خياراتنا وهذا يحتاج إلى إرادة ودقة في التنظيم..

 

من هنا أيها الأحبة لندخل في شهر رمضان دخول من يرون في هذا الشهر فرصة قد لا تتكرر.. فما يدرينا هل نحظى بأن نقبل على شهر رمضان في العام المقبل.. وليكن دعاؤنا إلى الله من قلوب صادقة، أثقلتها الهموم، وتريد أن تتخفف في ضيافة الرحمن:

"أللَهُمَّ اشْحَنْهُ بِعِبَادَتِنَا إيَّاكَ، وَزَيِّنْ أَوْقَاتَهُ بِطَاعَتِنَا لَكَ، وَأَعِنَّا فِي نَهَارِهِ عَلَى صِيَامِهِ، وَفِي لَيْلِهِ عَلَى الصَّلاَةِ وَالتَّضَرُّعِ إلَيْكَ وَالخُشُوعِ لَكَ، وَالذِّلَّةِ بَيْنَ يَدَيْكَ.. أللَّهُمَّ وَاجْعَلْنَا فِي سَائِرِ الشُّهُورِ وَالأَيَّامِ كَذَلِكَ مَا عَمَّرْتَنَا، وَاجْعَلْنَا مِنْ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ، هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ، وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ، وَمِنَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ…".

 

 

الخطبة الثانية

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله، ولزوم أمره، وعمارة قلوبنا بذكره ومحبّته، والحذر من يوم حدَّثنا الله عنه، وهو أصدق الصادقين، حين قال: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ* قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ* إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ* فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}.

أيها الأحبّة، بالعمل والورع نحصل على نِعَم الله وعطائه، وأيّ عطاء أهمّ وأجزل من عطاء الله! وبالعمل والورع، واجهنا أصعب الظّروف، وبهما نواجه التّحديات.

 

لبنان

والبداية من لبنان، حيث لا تزال الأخطار تحدق بهذا البلد من حدوده الشرقيَّة، أو حدوده الجنوبية، في ظلّ استمرار الخروقات الإسرائيليَّة الاستفزازيَّة، أو الأخطار التي قد تحدث من جراء التطورات التي تجري في محيط هذا البلد، حيث يتنامى منطق مستبيحي الدّماء ومفتعلي المجازر، وليس آخرها المجرزة الَّتي حدثت بحقّ أخواننا الموحّدين الدروز في إحدى قرى مدينة إدلب.

وفي ظلّ هذا الواقع، وبدلاً من أن تستنفر هذه الأحداث النّادي السّياسيّ اللبناني، وتدعوه إلى المزيد من التّماسك والتّلاقي والتّعاون، لمواجهة كلّ هذه الأخطار، نرى أنّ السّجالات على حالها، وصولاً إلى السّير بمؤسَّسات الدَّولة إلى حالة الشّلل أو الفراغ، الَّذي يترك تأثيره في فعاليّة قوَّة الجيش اللبنانيّ، الذي يبقى صمام الأمان في الوطن، ولا سيما في مواجهة التحديات الأمنيَّة الخطيرة.

إنّنا أمام هذا الواقع، نعيد تذكير القوى السياسيَّة بمسؤولياتها عن الوطن والإنسان فيه، وندعوها إلى الإسراع في إيجاد الحلول الّتي تعيد تسيير عجلة الحكومة، والبحث عن الحلول الوسط بعدما أثبتت التجارب السابقة واللاحقة، أنها سمة الواقع السّياسيّ، فمن لا يقبل بالحلول الوسط الآن، يقبل بها غداً.

 

وفي هذا الوقت، ننبّه إلى خطورة الإمعان في الخطاب الطّائفيّ والمذهبيّ، الَّذي بات الحديث فيه أمراً عادياً، من دون التبصّر في تداعياته، حيث تضجّ المنطقة بصراعات تأخذ بعداً مذهبياً وطائفياً، وحيث بتنا نسمع من هذا المسؤول أو ذاك، حديثاً عن حقوق مهدورة لهذه الطائفة، ونسمع جهات دينيَّة تتحدَّث عن اضطهاد يحصل لهذا الفريق المذهبي أو ذاك، فيما لا نسمع أيّ حديث عن التّهديدات الّتي يتعرَّض لها لبنان في جنوبه وبقاعه، ما يهدّد مصيره، في وقت تُرسم خرائط المنطقة بالدم، بعيداً عن مصالح أبنائها ومستقبلهم وخياراتهم.

 

إنَّنا ندعو الجميع إلى الابتعاد عن هذا المنطق الَّذي لا يؤدي إلا إلى شدّ العصب واستدرار مشاعر الخوف من الآخر، وهو لا يبني وطناً ولا مستقبلاً، مع إيماننا بأنه لا ينبغي لطائفة أو مذهب أو موقع سياسيّ أن يشعر بالغبن والظّلم والإجحاف، وإذا طالبنا، فليكن بالمنطق الجامع الّذي يتحدَّث عن الغبن لدى الجميع، والمظلوميّة لدى الكلّ، فلا نمذهب الغبن، ولا نطيّف المظلوميَّة.

 

وهنا، نربأ بالعلماء أن يتحدثوا بهذه الطريقة، بالنظر إلى موقعهم وما يمثلونه، ولكونهم معنيين أكثر من غيرهم بإطفاء لهيب العقول والقلوب عندما تُستثار الغرائز المذهبيّة والطائفيّة، وتشحن النفوس بالحقد والعداوة، وأن لا يعملوا على إشعال فتيلها أو صبّ الزيت على نارها، وأن يكونوا منسجمين مع القيم التي يحملونها، والّتي هي قيم الوحدة، وأن لا يتنازعوا، ويعزّزوا القواسم المشتركة، وصولاً إلى تقديم التنازلات لحساب ذلك.

وانطلاقاً من ذلك، فإننا نعيد الدعوة إلى تعزيز لغة الحوار والخطاب العقلاني، كبديل من كل خطابات الشارع والبيانات النارية التي لا تجدي سوى استنفار غرائز الآخرين وشدّ عصبهم، وتسمح لكل المصطادين بالماء العكِر أن يجدوا مجالاً رحباً لهم.

إن رهاننا في هذه المرحلة لا ينبغي أن يُبنى على تغييرات قد تجري في هذا البلد أو ذاك، وقد أثبتت الوقائع في السابق، أن الظروف قابلة للتبدل والتغيُّر على إيقاع تبدل الحسابات الإقليمية والدولية، وأن المعادلات العسكرية ليست ثابتة، ولذلك، يجب أن يبقى رهاننا دائماً على التماسك الداخلي وإعادة الثقة المفقودة بين الطوائف والمذاهب والمواقع السياسية.

 

العالم الإسلامي

وفي هذا الوقت، تستمرّ طاحونة الموت بالعبث بالواقع العربيّ والإسلاميّ، حيث تستمرّ الحرب في سوريا واليمن والعراق، ويكثر الحديث عن مشاريع التقسيم المبنية على التناحر المستمر، فيما بات واضحاً عدم جديّة الحرب المعلنة على الإرهاب، بل صار الإرهاب أداة لدى البعض، وموقع استثمار لديهم.

 

وفي هذا المجال، يأتي حديث وزير الحرب الصهيوني، الذي اعتبر أنّ الصراع بين السنة والشيعة يزداد، وأنه لم يعد هناك خطر على إسرائيل من العرب، فالجيوش العربية لم تعد قادرة على غزو إسرائيل، فضلاً عن الدفاع عن نفسها. ويكمل قائلاً إنَّ الأمر المستقرّ في الشرق الأوسط، هو انعدام الاستقرار المزمن، الذي سيرافق المنطقة في السنوات المقبلة، ويبدو أن لا أمد له.

إن هذا التصريح لم يأتِ بجديد، بقدر ما جاء ليؤكد لنا الخطة المرسومة للمنطقة، والتي مع الأسف، انخرطنا فيها من حيث نشعر أو لا نشعر، وقد بات عدونا يشعر بالأمان والاستقرار بعدما تداعت من حوله أغلب مواقع القوة، ونخشى الإجهاز على المتبقي منها.

إنّ هذا الواقع يستدعي الوعي من الجميع، والعودة إلى لغة العقل والمنطق، وإعادة توجيه البوصلة إلى مكانها، فالخطر ليس متمثّلاً بالشيعة أو السنّة أو المسيحيّين، بل يتمثّل بالذين يستبيحون بلادنا وثرواتنا، والذين يسهّلون لهم مهمتهم، أو يكونون أدوات لخدمة مشاريعهم.

إن مفتاح الحلول بأيدينا إن أصغينا إلى بعضنا البعض، وأزلنا الهواجس المصطنعة، وشعر كلُّ منا بأن الأرض تتسع للجميع، ولا داعي لأن يلغي أحدنا الآخر، فهذا هو البديل من التسكّع في جنيف فيما خصّ اليمن أو سوريا، فيما يبقى القرار لصالح أعداء الأمة، لا لأبناء هذا الوطن أو ذاك. ومسؤوليتنا أيضاً، أن نعيد إنتاج اللقاء المبني على المصارحة، على أساس: "لو تكاشفتم لما تدافنتم".

 

ظاهرة اطلاق الرصاص 

ونعود إلى واقعنا، حيث تجدَّدت ظاهرة إطلاق الرصاص، وصولاً إلى إطلاق القذائف، في الوقت الذي يعرف الجميع تداعيات هذا الأمر، وهي ظاهرة للعيان.. إننا أمام ذلك، ندعو كل المعنيين إلى تحمّل مسؤولياتهم مجدداً، لمنع تجدد هذه الظاهرة، وعدم تغطيتها تحت أي اعتبار، أو المشاركة فيها، وندعو الدولة اللبنانية والأجهزة المعنية إلى ملاحقة الذين يقومون بها، حفظاً لأمننا ولمنطقتنا التي قدّمت أغلى التضحيات ولا تزال تقدم الكثير من أجل الوطن.

 

شهر رمضان

 

وفي الختام، لا بدّ من أن نشير إلى أنَّ يوم الأربعاء القادم هو المتمّم لشهر شعبان، الذي سيكون ثلاثين يوماً، وبالتالي، فإن أول أيام شهر رمضان سيكون نهار الخميس، بناءً على المبنى الفقهي الذي يتبناه سماحة السيد(رض)، وهو الأخذ بالحسابات الفلكية.

أعاد الله هذا الشهر عليكم وعلى كلّ المسلمين بالخير والبركة والمغفرة، ونسأل المولى تعالى أن يعمّ الاستقرار والأمن كلّ ربوع المسلمين.

 

المكتب الإعلامي لسماحة العلامة السيد علي فضل الله 

التاريخ : 25 شعبان 1436هـ الموافق :12 حزيران 2015م

 

 

Leave A Reply