قبل أن يغادرنا شهر الله

ألقى سماحة العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:

 

الخطبة الأولى

 

اللّهُمّ وهذه أيام شهر رمضان قد انقضت، ولياليه قد تصرَّمَت، وقد صِرْتُ يا إلهي منْهُ إلى ما أنتَ أعْلمُ به منِّي، وأحْصى لعدَدهِ من الخلْقِ أجمعين، فأسألُكَ بما سألَكَ به ملائِكتُك المقرَّبون، وأنبياؤك المرْسلون، وعبادُكَ الصّالحونَ.. إنْ كُنتَ رضيتَ عنّي في هذا الشّهر، فازْدَد عنِّي رضًى، وإنْ لم تكُن رضيتَ عنِّي، فمنَ الآن فارضَ عنّي يا أرحمَ الراحمين..

 
هذه آخر جمعة من شهر رمضان وقد بقي من أيامه ولياليه ثلاثة أيام نصومها وأربعة ليال نقوم فيها.. فنسأل الله أن يوفقنا لإتمام هذا الشهر حتى نحظى  بجوائزه وآثاره.
 
وقد ورد عن رسول الله (ص): "أُعْطِيَتْ أمَّتِي خمسَ لم تُعْط أمة منه غيرها.. وذكر خامسها: ويُغْفَرُ لهم في آخر ليلة، قِيْلَ يا رسول الله أهِيَ ليلةُ القَدْرِ؟ قال: لاَ ولكنَّ العاملَ إِنما يُوَفَّى أجْرَهُ إذا قضى عَمَلَه".. أي أن المغفرة تتوقف على إتمام هذا الشهر في العبادة.. فالأعمال عند الله مرهونة بخواتيمها، والهمة التي ابتدأناها في شهر رمضان ينبغي أن نتابعها إلى آخر يوم من أيامه وآخر ليلة من لياليه.. فلا تفتر همتنا ولا تبرد فالذي يطلب ما نطلب مما وعدنا به من المغفرة والعتق من النار لا ينبغي أن يهدأ حتى يطمأن إلى بلوغ مقصده.
 
لذا علينا أن نجهد في الأيام الباقية للاستفادة والاستزادة والتملي من بركات هذا الشهر الروحية والثواب العظيم والأجر الكبير الذي وعد به الصائمون والقائمون والداعون والذاكرون والتالون للقرآن والباذلون للخيرات والعاملون للباقيات الصالحات في هذه الأوقات الشريفة والثمينة والغالية التي هي من أفضل أيام هذا الشهر هي من الأيام العشر الأخيرة من شهر رمضان التي لأهميتها كان رسول الله(ص) يحرص على أن يتخلى فيها عن كل شيء من أمور الدنيا وينقطع فيها للعبادة…
 
فعلنا بذلك نعوض بها تقصيرنا فيما أسلفنا ولنكون بذلك لائقين لكي ينظر الله إلينا بعين الصفح والمغفرة والرضا والقبول..
 
أيها الأحبة:
يغادرنا شهر رمضان والحسرة تطبع قلوب المؤمنين العارفين بقيمة هذا الشهر وأهميته والواعين لها.. فرغم أنهم عانوا من الجوع والعطش والحرمان وما صاحبه من أوضاع قلقة، هم يشعرون بأنهم سيفقدون بغيابه نعمة كبيرة وأية نعمة هي أكبر مما أودع في هذا الشهر من بركات حيث الأنفاس كانت فيه تسابيح والنوم عبادة والعمل مقبول والدعاء مستجاب والأجر مضاعف أضعافاً كثيرة.. شهر فيه ليلة هي من خير ألف شهر يتحسسون فيه الفرح عند إفطاره والأنس في ليله وأسحاره، شهر تلاقي العائلات والأرحام والمؤمنين، شهر لا يشعر به الفقير بفقره ولا اليتيم بيتمه، ولا ذي الحاجة بأنه يعاني وحده.. وهذا ما أشار إليه الإمام زين العابدين في وداع شهر رمضان عندما قال:
"ونحن مودعون وداع من عزَّ فراقه علينا وغمنا.. وأوحشنا انصرافه عنا".
 
 
ولذا كان يتوجه إليه بالقول: "السلام عليك يا شهر الله ويا عيد أوليائه السلام عليك يا أكرم مصحوب من الأوقات ويا خير شهر من الأيام والساعات.. السلام عليك من شهر قربت فيه الآمال ونشرت فيه الأعمال.. السلام عليك من قرين جل قدره موجوداً وأفجع فقده مفقوداً.. ومرجواً آلم فراقه.. السلام عليك، ما أكثر عتقاء الله فيك! وما أسعد من رعى حرمتك بك! السلام عليك، ما كان أمحاك للذنوب، وأسترك لأنواع العيوب! السلام عليك، ما كان أطولك على المجرمين، وأهيبك في صدور المؤمنين".
 
ويبقى السؤال هنا هل عندما يغادرنا الشهر نغادره ليعود كلٌّ إلى سابق عهده، وكأن شهر رمضان لم يمر علينا، وبذلك يكون هذا الشهر شهراً فريداً من السنة وينهى بانتهائه. الأمر ليس كذلك فالله سبحانه لم يرد لشهر رمضان أن يكون كذلك بل أراده أن يكون سيد الشهور وقائدها وعمدتها، وقد جعل من حقه علينا بأن نستمر وبعد انتهائه في أن نعيش روح شهر رمضان في نفوسنا وعقولنا وسلوكنا وتطلعاتنا على مدى العام، فنتابع ما بدأناه فيه من العبادة والدعاء وقراءة القرآن والتهجد في الليالي والصدقة وإكرام الأيتام وأداء النوافل وصلة الأرحام والجيران والتردد إلى المساجد والحرص على صلاة الجماعة..
 
نعم قد لا يكون ذلك بالصورة التي عليها في شهر رمضان حيث الظروف مهيئة لذلك مما لا يتوفر في بقية الشهور.. ولكن لا بد من عدم الانقطاع.. والأمر نفسه في الانضباط في كلماتنا وتصرفاتنا، حيث ينبغي أن تبقى كلمة إني صائم حاضرة لدينا وهذه المرة الصيام عن الحرام، وبأن نداوم الصيام عن الطعام والشراب سواء الصيام في المناسبات أو الصيام العام كالصيام الوارد اثنين وخميس، أو أيام البيض في الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر هجري.. 
 
وهي سميت بالبيض لأن السماء يضيئها بالبدر.. وقد ورد أن صيامها يعادل صيام السنة.. لأنه يقال الحسنة بعشر أمثالها فمن صام الأيام البيض: والتي ستة وثلاثون يوماً من السنة فكأن صام ثلاثمائة وستون يوماً في السنة نظراً لأهمية الصيام في البناء والتربية وتطويع النفس.
 
أيها الأحبة:
لا يكفي حتى نضمن نتائج هذا الشهر بأدائه وبالقيام بالواجبات فيه، بل بقبوله الذي نسأل الله أن يوفقنا له والقبول لا يتحقق إلا بتحقيق الهدف المرسوم لهذا الشهر والهدف هو إحداث التغيير في داخلنا بأن نكون قد امتلكنا القدرة على الإمساك بزمام أنفسنا، فلا نعود أسرى لها بل هي أسيرة لنا بحيث نحركها حيث ينبغي أن نكون… نحرر عقولنا من الباطل وقلوبنا من الحقد والبغضاء والعصبية وألسنتنا من الكذب والغيبة والنميمة ونصير أكثر استجابة للخير وعون الفقراء والمساكين..
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفي الوقوف في مواجهة الظالمين والمستكبرين.. 
 
وقد اختصر القرآن ذلك بالتقوى عندما قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} والتقوى تعني التغيير لحساب الله.. هي تعني أن يخشى الإنسان ربه فلا يقدم رجلاً ولا يؤخر أخرى حتى يعلم أن لله فيها رضا.. هو أن يجده الله حيث أمره ويفقده حيث نهاه.. والتقوى أن يكون الإنسان في كل الساحات التي أرادها، ساحات الخير والعمل الصالح وخدمة عباد الله، وأن يبتعد عن كل الساحات التي تسيء إلى حياة الناس ومستقبلهم.
 
أيها الأحبة:
أوشك شهر رمضان أن يغلق أبوابه، فلا ندع أبوابه تغلق قبل أن نأخذ كل بركاته وخيراته وعطائه، لنصل إلى العيد، عيد توزيع الجوائز والعطايا لنكون ممن ينالونها.. إنما هو عيد لمن قبل الله صيامه وقيامه.. هو عيد للذين أحسنوا العمل وحققوا النتائج.. فالعيد ليس كما يتصوره الكثيرون هو عيد لأننا أفطرنا وانتهينا من أعباء الصيام وتكاليفه والحمد لله على ذلك.. فهذا تفريط بنعمة الله الكبرى وهو جهل بالصيام والعيد.. فلنسأل الله ومن أعماق قلوبنا أن يتقبل صيامنا، وأن نخرج منه خروج المطهرين من الذنوب والمغفور لهم.. ممن حظوا بنعمة فك رقابهم من النار وهو الفوز العظيم…
 
"اللّهُمَّ أدِّ عنّا حقَّ ما مضى من شهر رمضان، واغفِر لنا تقصيرَنا فيه، وتسلَّمْهُ منّا مقبولاً، ولا تؤاخِذنا بإسرافنا على أنفسنا، واجعلنا من المرحومين، ولا تجعلنا من المحرومين".
اللهم لا تجعله آخر العهد من صيامنا لشهر رمضان وأعده علينا ونحن على أتم من الصحة والعافية والإيمان.
 
 
الخطبة الثانية
عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي ببلوغ الدرجة الَّتي يُقبل بها صيام الصّائمين وعمل العاملين، فلا يقبل الله إلا من المتقين. وقد وصف أمير المؤمنين(ع) هؤلاء قائلاً:

"عَظُمَ اَلْخَالِقُ فِي أَنْفُسِهِمْ، فَصَغُرَ مَا دُونَهُ فِي أَعْيُنِهِمْ، فَهُمْ وَاَلْجَنَّةُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا، فَهُمْ فِيهَا مُنَعَّمُونَ، وَهُمْ وَاَلنَّارُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا، فَهُمْ فِيهَا مُعَذَّبُونَ، أَمَّا اَللَّيْل، فَصَافُّونَ أَقْدَامَهُمْ، تَالِينَ لِأَجْزَاءِ اَلْقُرْآنِ، يُرَتِّلُونَهَا تَرْتِيلاً، يُحَزِّنُونَ بِهِ أَنْفُسَهُمْ، وَيَسْتَثِيرُونَ بِهِ دَوَاءَ دَائِهِمْ، فَإِذَا مَرُّوا بِآيَةٍ فِيهَا تَشْوِيقٌ، رَكَنُوا إِلَيْهَا طَمَعاً، وَتَطَلَّعَتْ نُفُوسُهُمْ إِلَيْهَا شَوْقاً، وَظَنُّوا أَنَّهَا نُصْبَ أَعْيُنِهِمْ، وَإِذَا مَرُّوا بِآيَةٍ فِيهَا تَخْوِيفٌ، أَصْغَوْا إِلَيْهَا مَسَامِعَ قُلُوبِهِمْ، وَظَنُّوا أَنَّ زَفِيرَ جَهَنَّمَ وَشَهِيقَهَا فِي أُصُولِ آذَانِهِمْ، فَهُمْ حَانُونَ عَلَى أَوْسَاطِهِمْ، مُفْتَرِشُونَ لِجَبَاهِهِمْ وَأَكُفِّهِمْ وَرُكَبِهِمْ وَأَطْرَافِ أَقْدَامِهِمْ، يَطْلُبُونَ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى فِي فَكَاكِ رِقَابِهِمْ، وَأَمَّا اَلنَّهَار، فَحُلَمَاءُ عُلَمَاءُ أَبْرَارٌ أَتْقِيَاءُ..".

 

أيها الأحبة، ونحن نودّع شهراً أراده الله أن يكون شهراً للتقوى، عندما قال: {يا أيها الذين آمنوا كُتِبَ عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون}، لا بدّ من أن نسارع إلى العمل حتى نكون من هؤلاء المتقين، فبذلك نضمن قبول صيامنا وقيامنا وكلّ ما قمنا به، وبذلك نواجه التّحدّيات…

 

لبنان

والبداية من لبنان، حيث عاد الهاجس الأمنيّ إلى الواجهة، بعد ما حصل في القاع، ليشير إلى حجم الخطر الذي بات يحدق بالسّاحة اللبنانيّة، والّذي لم يعد مقتصراً على طائفةٍ أو مذهبٍ أو موقعٍ سياسيٍّ أو منطقةٍ محدّدة.. بل أصبح يمتدّ إلى كل الأماكن التي تغفل العيون الأمنيّة والشعبيّة عنها، وتكون الأرض رخوةً فيها.

 

ونحن في الوقت الّذي نعبّر عن اعتزازنا بصمود أهل هذه البلدة الطيّبة من بلدات البقاع الصّامد، وتجذّرهم في أرضهم، واستعدادهم لتقديم التضحيات، أسوة بالمناطق الأخرى الممتدّة على الحدود الشّرقيّة، وأيضاً بالتّضامن الّذي حصل بين اللبنانيين في مواجهة ما حصل، ما فوّت الفرصة على الّذين كانوا يريدون زرع فتنة طائفيّة داخل السّاحة اللبنانيّة وبين اللبنانيّين والسّوريّين… فإنّنا نقدّر الدّور الكبير الّذي تقوم به القوى الأمنيّة في مواجهة الإرهاب، وفي السّهر على أمن اللبنانيّين واستقرار بلدهم…

 

 وندعو في مواجهة ما حصل وما قد يحصل، إلى حالة طوارئ أمنيّة وسياسيّة تساهم في تعزيز الواقع الأمنيّ في هذه المنطقة، لمنع تسلّل الإرهابيّين، وعدم توفير حواضن لهم، وتحصينها من كلّ ما قد يعرّضها لمخاطر لاحقة..

 

ولا بدَّ لنا من الدّعوة إلى تنظيم وجود اللاجئين السّوريين، حفظاً لهم، وحتى لا يستغلّ وجودهم لحساب الإرهابيين، ولا يقعوا فريسة لهم.. وهنا، ننبّه إلى خطورة الأصوات الّتي دعت إلى التعامل مع هؤلاء بصورة المتّهمين، لما في ذلك من تداعيات خطيرة على التّماسك الداخليّ، ولما يسبّبه من شعور بالظلم أو القهر، قد يكون باباً من الأبواب الّتي يستفيد منها الإرهاب.

 

إنّنا نأمل أن يساهم ما حصل في تحريك عجلة المؤسَّسات وتفعيلها، والخروج من حالة التعطيل الّتي تعانيها، وتجاوز الخلافات، لتدعيم وحدة الساحة الداخلية، فلا يوجد الآن وقت للمماحكات والسّجالات، وتسجيل النقاط، أو الاستغراق في الحسابات الطائفيّة والمذهبيّة والسّياسيّة.

 

وفي هذا الوقت، لا ينبغي أن يعيش اللبنانيون حالة من الذعر والشّلل باتت تجثم على واقعهم، كما لا ينبغي أن نستسلم للشّائعات الّتي تتحدَّث عن تفجيرات هنا وهناك، فهذا ما يهدف إليه هؤلاء، بل ينبغي أن نكون حذرين يقظين متعاونين مع القوى الأمنيّة والدّاعمين لها.

 

التفجيرات الإرهابية في تركيا

ونصل إلى ما جرى في تركيا من اعتداء إرهابيّ أصاب المدنيين، ونحن إذ ندين ونستنكر ما حصل، فإنّنا نأمل أن يكون ذلك حافزاً للجميع على العمل لإغلاق ملفّ الحروب، والتصدي للفتن الّتي تجري في أكثر من بلد، والتي باتت تتجاوز بتداعياتها حدودها، لتضرب كلّ مكان تملك القدرة للوصول إليه، فالإرهاب يتغذّى من تلك الفتن ويقوى بها.

 

وهنا نأمل أن تساهم أجواء التّقارب بين القوى المؤثرة في الصراع الدائر، في تسهيل فرص الحلول والإسراع فيها، رغم أننا لا نجد ذلك قريباً.

 

فلسطين

وإلى فلسطين، حيث نجدّد عهدنا في يوم القدس العالمي الَّذي يأتي في آخر جمعة من شهر رمضان، بالالتزام بهذه القضيّة الأساس، وإبقائها حاضرة في الوجدان بكلّ أبعادها الدينيّة والقوميّة والسياسيّة، فلا تضيع في خضم التّسويات واللامبالاة والإحباط، أو تتحوّل إلى قضيّة تخصّ الشّعب الفلسطينيّ وحده..

 

وهنا سيسأل الكثيرون: ماذا نستطيع أن نفعل للقدس؟ فما لدينا يكفينا! إننا نستطيع أن نصنع الكثير لهذه القضيّة، في ظلّ كلّ هذا الواقع المتداعي، وفي الحدّ الأدنى، نستطيع أن نعمل على أن تبقى حاضرة في وجداننا، وأن نربّي الأجيال عليها.. أن نقف مع كلّ الّذين يخطون بنا نحو القدس من خلال مواجهتهم للمشروع الصّهيونيّ، وأن نقف مع الشّعب الفلسطينيّ، ونؤمّن له كلّ سبل الصّمود والمساعدة، ونبرّد الجبهات الدّاخليّة لحساب هذه القضيّة، وأن لا نغيّر البوصلة عنها.

 

إنّنا في مرحلة يراد فيها أن نتطبّع على أنَّ حدودنا هي حدود الطّائفة التي ننتمي إليها أو المذهب الذي ننتمي إليه، وأبعد من ذلك حدود الوطن، ولذلك صار مستهجناً الحديث عن القدس وفلسطين أو أي قضية تهمّ العالم العربيّ والإسلاميّ أو تهمّ العالم.

 

عيد الفطر 

وأخيراً، وبناء على المبنى الفقهيّ لسماحة السيّد(رض)، والّذي يعتمد على الأخذ بالحسابات الفلكيّة في تحديد بدايات الشّهور القمريّة، سيكون يوم الثلاثاء الخامس من شهر تموز، هو أوَّل أيام عيد الفطر، حيث أكّد علماء الفلك أنّ الهلال يولد نهار يوم الإثنين، حيث يُرى مساءً في عدد من مناطق أميركا الجنوبية التي نشترك معها بجزء من الليل، وإذا كان بعض الفلكيين يتحدثون أنه لا يُرى، فهم يقصدون غير هذه البلدان.

 

ونحن هنا، نتمنّى أن يكون العيد عيداً يتوحَّد فيه المسلمون، وتتوافق كلُّ المرجعيات الدينيّة على أساسٍ فقهيّ يوحِّد بدايات الشّهور القمريّة ونهاياتها، لما لذلك من تأثير إيجابي في علاقات المسلمين ببعضهم البعض، وإظهار لصورتهم الموحَّدة أمام العالم.. ولكنَّ هذا الأمر قد لا نتمكَّن من تحقيقه في هذه المرحلة، نظراً إلى التنوّع في الرأي الفقهيّ والاجتهاديّ..

ودائماً، نقول لكلّ الذي يختلفون في أوّل أيام العيد، إن اختلفتم في أوّل يوم من الشهر، فأكّدوا وحدتكم ولمّوا شملكم في اليوم الثاني، ولنسع جميعاً إلى تجاوز هذا الأمر، ليظلّ للعيد بهجته وفرحته.. سائلين المولى أن يتقبّل أعمالنا، وأن يعيده علينا وعلى أمّتنا بالخير والعافية.

 
 
المكتب الإعلامي لسماحة العلامة السيد علي فضل الله
التاريخ : الجمعة26 رمضان 1437هـ الموافق: 1 يوليو 2016م
 

Leave A Reply